عامان من الإبادة الإسرائيلية.. غزة بلا مآذن ومساجدها التاريخية مدمرة (تقرير)

آخر تحديث: الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 9:09 ص بتوقيت القاهرة

غزة - الأناضول

- خلال عامين من الإبادة الإسرائيلية لم تقتصر الغارات الجوية والقصف المدفعي على الأحياء السكنية والمنشآت المدنية، بل امتدت لتشمل معالم دينية تشكل جزءا أصيلا من هوية القطاع وذاكرته
- الجيش الإسرائيلي دمر أكثر من 835 مسجدا بشكل كلي وما يزيد عن 180 جزئيا، وذلك من أصل 1244 مسجدا في القطاع، وفق بيانات رسمية

لم تستثن حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ عامين، البشر ولا الحجر، واستهدفت بآلتها التدميرية المآذن والمساجد التاريخية والأثرية التي شكلت لقرون رمزا لهوية القطاع وعمقه التاريخي.
فإلى جانب آلاف الضحايا المدنيين والمنازل التي تحولت إلى ركام، امتد الاستهداف إلى المساجد والمآذن، لتجد نفسها اليوم بين الأنقاض.
فكثير من هذه المساجد التي تعود لعصور مملوكية وعثمانية تحولت إلى ركام، وأخرى أصيبت بأضرار جسيمة، في استهداف يهدد الإرث الديني والتاريخي للقطاع.

** أبشع أنواع القصف

ووفق أحدث إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، دمر الجيش الإسرائيلي أكثر من 835 مسجدا بشكل كلي، وما يزيد عن 180 جزئيا، وذلك من أصل 1244 مسجدا في القطاع.
وفي هذا الإطار يرصد مراسل الأناضول أبرز المساجد المستهدفة إسرائيليا منذ بداية حرب الإبادة في 8 أكتوبر 2023:

* المسجد العمري الكبير

يُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
يضم 38 عمودا من الرخام الجميل والمتين، ما يضفي أناقة للمسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب.
في تاريخه الطويل، تحول الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني.
كما تعرض لدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورمم لاحقا عام 1925، قبل أن يستهدفه القصف الإسرائيلي في الحرب الحالية.
وقال أحد رواد المسجد العمري للأناضول: "المسجد تعرض لأشرس هجمة بشرية"، مضيفا: "تدميره فاجعة لنا، هو جزء من غزة وفلسطين".

* مسجد السيد هاشم

يقع في حي الدرج شرقي مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي ارتبط اسمه بالمدينة "غزة هاشم".
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته مقاتلات إسرائيلية في حرب الإبادة الدائرة حاليا.

* مسجد كاتب ولاية

يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بمدينة غزة، وتقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1309 و1341 للميلاد.
تعرض لقصف مدفعي إسرائيلي خلال الحرب الدائرة حاليا وهو خلّف فيه أضرارا جسيمة.

* مسجد ابن عثمان

ثاني أكبر المساجد الأثرية في مدينة غزة بعد الجامع العمري الكبير، وتبلغ مساحته نحو 2000 متر مربع.
يقع المسجد في حي الشجاعية بشارع مربّع السوق، ويُعتبر نموذجا بارزا للعمارة المملوكية بما تحمله من عناصر معمارية وزخرفية مميزة.
وقد أُنشئ الجامع على مراحل متعددة خلال العصر المملوكي.
شيد الجامع على يد أحمد بن عثمان، الذي وُلد في مدينة نابلس ثم نزل إلى غزة وسكنها، حيث بنى المسجد واتخذه موطناً لعبادته.
عُرف الرجل بصلاحه وذاعت بين الناس كراماته، وتوفي في غزة عام 1402 للميلاد.
ويضم الرواق الغربي للمسجد قبر الأمير سيف الدين يَلْخُجا الذي تولى نيابة غزة عام 1445 للميلاد وتوفي فيها عام 1446، ودُفن في الجامع نفسه.

* مسجد علي بن مروان

من الجوامع المشهورة في مدينة غزة، ويقع في حي التفاح خارج السور الشرقي للمدينة القديمة.
يمتد الجامع على مساحة تقارب 320 متراً مربعاً، ويعود تاريخه إلى العصر المملوكي.
سُمّي الجامع نسبة إلى الرجل الصالح الشيخ علي بن مروان، الذي يوجد ضريحه أسفل القبة الملحقة بالمسجد.
ويجاور الجامع مقبرة حملت اسمه، وتضم شواهد قبور تُعتبر وثائق تاريخية مهمة من الدرجة الأولى.
أُنشئ المسجد عام 1371م، وخضع عبر القرون لعدد من التجديدات والإضافات، ما جعله يحتفظ بمكانته الدينية والتاريخية في ذاكرة أهل غزة، لكنه لم يسلم من آلة الدمار الإسرائيلية في الحرب الحالية.

* مسجد الظفر دمري

يقع في الطرف الشرقي للبلدة القديمة بحي الشجاعية، وتبلغ مساحته 600 متر مربع، ومدخله يُعد من أجمل المداخل التذكارية بشكله المعقود على هيئة حدوة الفرس.
وسُمي بهذا الاسم نسبة لمؤسسه شهاب الدين الظفر دمري، ويحتوي المسجد على لوحة منقوشة بالحجر الرملي حيث تشير إلى أن عام تأسيسه هو 1361م، لكن هذا التاريخ الفريد لم يجعله يسلم من الدمار الإسرائيلي.

* جامع المحكمة (الجامع البردبكية)

يقع في حي الشجاعية بغزة القديمة، حيث تبلغ مساحته 546 مترا مربعا، وقد بُني في الأصل ليكون مدرسة عام 1455م على يد الأمير بردبك الدوادار في أيام الملك الأشرف أبو النصر إينال.
يتكون المبنى من ساحة مكشوفة تتوسط مجموعة من الغرف والمرافق، وسُمي "جامع المحكمة" نظرا لاستخدامه مقرًا للمحكمة الشرعية في العصر العثماني، ويعد أحد المساجد التاريخية المهمة التي دمرت في حرب الإبادة الحالية.

* مسجد الست رقية

يقع شرقي مدينة غزة بحي الشجاعية، بني على مساحة 174 مترا مربعا، ويتكون من إيوان ومحراب، دمرتهما إسرائيل في حرب الإبادة الحالية.
سُمّي نسبة إلى السيدة التي ارتبط اسمها به، وقيل إنها زوجة أحد حكام غزة في العهد العثماني، وقيل إنه منسوب إلى رقية بنت أحمد المدفونة قرب جامع علي بن مروان.

* مسجد الشيخ عثمان قشقار

من أقدم المساجد الأثرية في مدينة غزة، بُني عام 1223م، وتبلغ مساحته 70 مترا مربعا فقط.
سُمّي باسم الشيخ عثمان قشقار، ويُقال إنه من أصل عجمي أو ألباني.
على بابه قطعة رخام منقوشة بتاريخ تأسيسه، ما يجعله من أعرق المساجد في المدينة، ورغم ذلك لم يسلم من آلة الدمار الإسرائيلية.

* مسجد خان يونس الكبير

هو أكبر مساجد مدينة خان يونس جنوبي القطاع، تم تشييده عام 1928م، ثم جرت له أعمال توسعته وبناء مئذنة عام 1954م، حيث شكلت لجنة لدعم بناء المسجد من مجموعة من وجهاء المدينة.
مساحته حوالي 3300 متر مربع، ويتكون من مكان مغلق يسمى صحن المسجد وتبلغ مساحته حوالي 900 متر مربع، وفي الخارج ساحة المسجد وبعض الغرف الخدمية والتي تشمل بقية المساحة.
تعرض المسجد للقصف الإسرائيلي في الحرب الحالية ما أدى إلى تدميره.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و173 شهيدا، و169 ألفا و780 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved