الباليوم وخاتم القديس بطرس.. كيف سيجري تنصيب بابا الفاتيكان الجديد؟
آخر تحديث: الجمعة 9 مايو 2025 - 8:39 م بتوقيت القاهرة
محمد حسين
موعد التنصيب
حدد الفاتيكان موعد قداس التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر ليقام في ساحة القديس بطرس، يوم الأحد 18 مايو الجاري، وذلك في بيان رسمي أصدره اليوم الجمعة.
وانتُخب البابا ليو الرابع عشر في اليوم الثاني من انعقاد مجمع الكرادلة، حيث أجمعت غالبية الثلثين على اسمه؛ أي إنه حصد 89 صوتًا على الأقل، لكن نظرًا للسرية المطلقة المحيطة بالمجمع المغلق، لا يُفصح عن تفاصيل العملية الانتخابية.
الرموز المقدسة في المراسم
الباليوم
في تفاصيل مراسم التنصيب البابوي، تبرز رموز ذات دلالات لاهوتية عميقة تتجاوز البعد الاحتفالي وتعبّر عن جوهر الخدمة البابوية. من أبرز هذه الرموز "الباليوم"، وهو وشاح أبيض مصنوع من صوف الخراف يُوضع على كتفي البابا ليذكّره بأن مهمته الأساسية هي رعاية القطيع، أي المؤمنين. ويُستمد هذا الرمز مباشرة من صورة المسيح كـ«الراعي الصالح»، ويُمنح الباليوم للبابا وحده ولرؤساء الأساقفة في العالم الكاثوليكي، ويُعد علامة على سلطته الروحية الجامعة.
خاتم القديس بطرس
أما الرمز الثاني فهو "خاتم الصياد"، أو "خاتم القديس بطرس"، الذي يُصنع خصيصًا لكل بابا جديد، ويحمل نقشًا يصوّر بطرس الرسول وهو يُلقي شبكته في البحر، في إشارة مباشرة إلى دعوته الأولى من قبل المسيح.
ويُعتبر الخاتم رمزًا للسلطة الروحية والارتباط بسلسلة الخلافة الرسولية، وبعد انتهاء حبريته، سواء بالوفاة أو الاستقالة، يُدمّر الخاتم رسميًا لإغلاق صفحة البابا الراحل، في طقس يؤكّد أن السلطة البابوية ليست ملكًا شخصيًا، بل خدمة زمنية، بحسب الموسوعة الكاثوليكية.
مشاركة شعبية واسعة
الجمهور.. شريك في الحدث
لا يقتصر مشهد التنصيب على الطقوس الرسمية فحسب، بل يحضر فيه الشعب الكاثوليكي حضورًا رمزيًا قويًا، خاصة في ساحة القديس بطرس.
يُوزّع على الحاضرين كتيّبات القداس بلغات متعددة، وتُنصب شاشات ضخمة لنقل وقائع المراسم، فيما يُسمح للمشاركين بترديد التراتيل والصلاة الجماعية، ما يُضفي طابعًا شعبيًا واسعًا على الحدث. وتُترجم كلمة البابا الفورية إلى أكثر من 40 لغة، وتُبث المراسم عبر قنوات دولية وإذاعات ومحطات رقمية، ليصل الحدث إلى أكثر من مليار مشاهد في أنحاء العالم، وفقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
الخطاب الافتتاحي.. مؤشرات أولى
ومن المرتقب أن يلمّح أول خطاب للبابا الجديد إلى توجهاته، إذ لطالما كانت الكلمة التي يُلقيها البابا خلال القداس الافتتاحي مؤشرًا أوليًا على المسار الذي سيتبعه في حبريته.
ففي عام 2013، ركّز البابا فرنسيس في عظته الأولى على «الرحمة، والفقراء، والبيئة»، وهي ثلاثية شكّلت ملامح برنامجه اللاحق.
أما سلفه بنديكت السادس عشر، فقد أكد في كلمته الأولى على أصالة الهوية الكاثوليكية، في مواجهة تيارات العولمة والعلمنة.
وفي هذا السياق، ينتظر المراقبون كلمة البابا ليو الرابع عشر خلال التنصيب، لرصد إشاراته الأولى في قضايا الإصلاح داخل الفاتيكان أو مواقفه من الأزمات الأخلاقية والسياسية، بحسب تحليل مركز الدراسات الدينية بجامعة جورجتاون.
مهام صعبة وتحديات معاصرة
تنصيب وسط تحديات كبرى
ويتزامن تنصيب البابا ليو مع مشهد عالمي بالغ التعقيد، يواجه فيه العالم تصاعدًا في النزاعات، وتراجعًا في الحريات الدينية، فضلًا عن تحديات داخلية تطال مصداقية الكنيسة.
ومن بين أبرز الملفات المطروحة: معالجة قضايا الاعتداءات الجنسية داخل المؤسسة، ودعوات إصلاح دور المرأة في الكنيسة، ومواقف البابا من قضايا اجتماعية شائكة مثل المثلية.
كما تشهد الكنيسة الكاثوليكية تحولًا ديمغرافيًا يتمثل في تراجع حضورها في أوروبا مقابل نموها في أفريقيا وأميركا اللاتينية، ما يضع البابا الجديد أمام اختبار صعب: كيف يجمع بين الإرث التقليدي ومتطلبات العصر، وفقًا لتقارير مؤسسة "فيس دي ستات" الإيطالية.