وزير الخارجية: مصر ترى في اتفاق إيران ووكالة الطاقة الذرية رسالة أمل لإمكانية الحوار حتى في أصعب الظروف

آخر تحديث: الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 11:23 م بتوقيت القاهرة

هايدي صبري

- عراقجي: إيران تشكر مصر وتؤكد حماية سيادتها وأمن منشآتها النووية مع استمرار التعاون مع الوكالة الدولية

- جروسي يشيد بدور مصر في استضافة المباحثات مع إيران ويؤكد خطوات عملية نحو تنفيذ اتفاقية منع الانتشار النووي

 

أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة أن الاتفاق الذي تم توقيعه اليوم في القاهرة، بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمثل خطوة مهمة نحو استئناف التعاون الفني بين الجانبين ويبعث رسالة أمل للمجتمع الدولي بأن الحوار والتفاهم لا يزالان ممكنين حتى في أصعب الظروف.

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية مساء اليوم الثلاثاء مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، في قصر التحرير.

ورحب الوزير عبد العاطي في مستهل المؤتمر بنظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية، مشيراً إلى التوقيت الدقيق الذي تمر به منطقتنا حيث تتقاطع التحديات الأمنية والسياسية مع قضايا حساسة وعلى رأسها الملف النووي الإيراني والتعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأشار إلى أن عراقجي وجروسي شرفا في وقت سابق اليوم باستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي لهما، كل في مقابلة ثنائية، ثم في لقاء مشترك.

وأعرب عن سعادته بالترحيب بوزير الخارجية الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في زيارتهما المشتركة إلى مصر في هذه المرحلة الحرجة والتي تأتي انعكاساً لحجم التعاون المثمر والإيجابي. وأشار إلى أن مصر أكدت منذ عقود أنها تقف دائماً إلى جانب تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

وقال الوزير عبد العاطي إنه وانطلاقاً من المبدأ الراسخ الذي تؤمن به مصر دائماً بالعمل على الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي وخفض التصعيد والتوتر في المنطقة، فقد تابعت مصر باهتمام بالغ التطورات الأخيرة في العلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف أن مصر حرصت بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم جهود خفض التصعيد والتهدئة وتكثيف المساعي لإعادة التهدئة في المنطقة بعيداً عن أي مواجهات قد تنعكس سلباً على أمن المنطقة بل والعالم أجمع.

وأشار وزير الخارجية إلى أننا شهدنا خلال الأسابيع الماضية توتراً ملحوظاً خاصة مع تفعيل بعض الآليات الدولية وما ترتب عليها من مواقف متباينة، إلا أنه ورغم هذه الأجواء استمرت الجهود المصرية والإقليمية لاستئناف الاتصالات بين الجمهورية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف وزير الخارجية أن الجانبين أبديا إرادة واضحة للحوار والتوصل إلى تفاهمات عملية تتيح استعادة الثقة المتبادلة. وأعلن أن القاهرة قد استضافت اجتماعاً إقليمياً مهماً بين وزير خارجية إيران ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث تم التوقيع على اتفاق إجراءات استئناف التعاون بين الجانبين والذي يمثل إطاراً عملياً جديداً لاستعادة التعاون بين إيران والوكالة وتعزيز الثقة المتبادلة.

وقال عبد العاطي إنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق العام بعد مشاورات مكثفة بين إيران والوكالة خلال الأسابيع الماضية، مشيراً إلى أن مصر تعرب في هذا الصدد عن تقديرها البالغ وتثمينها، وهو ما نقله الرئيس اليوم للإرادة المشتركة والجادة والجهود المضنية التي قام بها الجانب الإيراني والوكالة الدولية للتوصل إلى هذا الاتفاق، الذي نأمل أن يكون نقطة انطلاق حقيقية نحو مرحلة جديدة في العلاقات بين الجانبين تتسم بمزيد من الشفافية في التعامل مع القضايا الفنية ومعالجة الشواغل الأمنية المشروعة لجميع الأطراف وبما يسهم في خلق مناخ يتيح نزع فتيل التوتر وإعطاء الدبلوماسية المساحة التي تحتاجها، وذلك انطلاقاً من القناعة المصرية بأهمية دعم منظومة عدم الانتشار ونزع السلاح النووي وأنه لا حلول عسكرية للأزمات.

وأكد وزير الخارجية أن مصر ترى أن توقيع اتفاق اليوم إنما يعكس إرادة حقيقية من جانب إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية للعودة إلى مسار التعاون الفني، وفي الوقت ذاته رسالة أمل إلى المجتمع الدولي مفادها أن التفاهم والحوار لا يزالان ممكنين حتى في أحلك الظروف وأكثرها تعقيداً.

وشدد الوزير عبد العاطي على أننا ندرك أن التحديات لم تنته بعد وأن الطريق لا يزال طويلاً، فالأتفاق الذي تم التوقيع عليه اليوم هو بداية لمسار يتطلب التزاماً جاداً من الجميع رغم صعوبة الظروف.

من جهته، أعرب وزير الخارجية الإيراني عن شكره لمصر والرئيس عبد الفتاح السيسي على قيادته الحكيمة، ولوزير الخارجية بدر عبد العاطي على كل ما قام به من جهد. وقال عراقجي: "قبل الحديث عن الاتفاق أشعر بالالتزام نحو الحديث عن العدوان الغاشم على الدوحة". وأدان الهجوم قائلاً: "ندين هذه الأعمال العدوانية بأشد العبارات ونتضامن مع الشعب الفلسطيني ودولة قطر ونتقدم بأحر التعازي لأسر الضحايا وكذلك لقطر، وندعو مجلس الأمن والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فعلية لوقف النظام الإسرائيلي عن ارتكاب الفظائع في غزة، ولإيقاف هذا النظام الذي يشكل تهديداً للسلم والأمن العالميين".

وقال إن اليوم خطوة عظيمة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني من خلال الدبلوماسية. وأضاف أنه برغم العمليات الإجرامية فإن إيران لا تزال راسخة في مواقفها وحقها في تعزيز التعامل مع الوكالة الدولية. وقال إن الفظائع التي حدثت في يونيو الماضي واستهدفت المنشآت النووية الإيرانية هي عمليات إجرامية وغير قانونية، موضحاً أن الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي يجب أن يقعا تحت طائلة القانون الدولي بسبب الخسائر المادية والبشرية.

وتابع: إيران لن تنسى أبداً هذه الفظائع، لافتاً إلى أن هذه الأفعال كان لها أثر سلبي في التعاون مع الوكالة. وقال إنه لا يمكن الاستمرار بهذا الشكل في ظل استهداف المنشآت النووية وتدميرها، موضحاً أن إيران قامت بتعليق العمل مع الوكالة بناء على موافقة المجلس الأعلى الإيراني بما يعكس سيادة إيران وكرامتها وحماية أراضيها وأمنها والحفاظ على إنجازاتها النووية.

وقال إنه في ظل هذه التهديدات المستمرة فإن هذا العمل ليس خيارنا ولكنه تداعيات مباشرة للعدوان الغادر ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولا توجد أي دولة يمكن أن تستمر في العمل بطريقة طبيعية عندما يتم استهداف البنى التحتية النووية بشكل متعمد.

وأضاف أن الإطار العام الحالي بين إيران والوكالة الدولية مخطط لظروف معينة لا يعتبر متجاوباً بشكل عملي مع هذه المواقف بسبب إسرائيل وأفعالها الإجرامية، ولهذا السبب انخرطت إيران والوكالة الدولية في عدد من المحادثات المكثفة التي تهدف إلى إنشاء نموذج جديد فيما يتعلق بتنفيذ الضمانات الإيرانية من أجل تمكين الاستمرار في التعاون.

وأشار إلى أن هذه المفاوضات والمحادثات تم تنفيذها بالتفاهم المشترك أن الضمانات والأنشطة ذات الصلة لابد من حمايتها طالما أن النظام الإيراني يتم تناول مخاوفه بشكل جدي. وأوضح أنه اليوم ومدير وكالة الطاقة الذرية قاما بجولة جديدة من المفاوضات من أجل إنهاء هذه التفاهمات المشتركة من أجل ضمان التعهدات الإيرانية فيما يتعلق بهذه العمليات التي حدثت ضد المنشآت النووية الإيرانية.. وتمكنا من إنهاء هذا الاتفاق.. ويمكننا أن نقول إن هذه الخطوات العملية فيما يتعلق بالضمانات وتنفيذها تعد متسقة تماماً مع المجلس الإيراني والبرلمان وتشريعاته.. وتناول كل هذه الشواغل والمخاوف الإيرانية.. وقدم إطار عمل لاستكمال التعاون لحماية حقوقنا.

ولفت إلى أن الاتفاق ينص على بعض النماذج الخاصة بالتعاون بما يعكس الموقف الأمني الذي تواجهه إيران وكذلك الوكالة الدولية ومتطلباتها الفنية، وهذا يضمن أن يستمر بين الطرفين بطريقة تحترم السيادة الإيرانية. وقال إن التعاون بيننا لا يجب أن ينفصل عن الواقع على الأرض وحماية أمن مواطنينا.. ورسالة إيران واضحة بأن إيران لن تقوض حقوقها وسيادتها وأمنها وفي نفس الوقت فإن إيران تظهر المسؤولية التامة بالوصول إلى اتفاق من أجل استمرار التعاون مع الوكالة الدولية برغم الأعمال الغادرة.

وأضاف أن المجتمع الدولي والوكالة يجب أن يدينوا هذه الأعمال الغادرة، مؤكداً أنه في حالة أي أعمال ضد دولته وفي حالة إعادة فرض قرارات مجلس الأمن فإن إيران ستعتبر هذه الخطوات العملية منتهية.

من جانبه، قدم جروسي الشكر لمصر على استضافتها المباحثات في ذلك التوقيت وفي ظل الظروف الأمنية المعقدة والكثير من الفعاليات التي تذكرنا بأهمية الحفاظ على الأمن والسلم وهو مبدأ عام يتطلب أن يتم تحويل الأمر لخطوات ملموسة.

وأشار جروسي إلى أن ما تم تحقيقه لا يمكن أن يكون اتفاقاً عاماً، لكنها وثيقة فنية تشير إلى كيفية استعادة التفتيش اللازم داخل إيران وفق اتفاقية منع الانتشار النووي وبما يتوافق مع اتفاقية الضمانات، وعلى المجتمع الدولي أن يستمع ويتفهم أن الظروف التي حدثت في يونيو الماضي صعبة ومعقدة بالنسبة لإيران.

وأضاف أن هناك ما يعرف بفن الوصول إلى السلام وهو مبدأ راسخ ونحاول تخطي الصعوبات والعودة للسلام والأمن والالتزامات الدولية. وأوضح أن إيران قد اتخذت عدداً من الخطوات التي نحترمها ولدينا بعض الضمانات وعمليات إجرائية لتنفيذها ولابد من الجلوس والتفاهم المشترك لتحقيق الهدف المشترك للوصول إلى تنفيذ الاتفاقيات الدولية الهامة مثل اتفاقية منع الانتشار النووي.

وتابع: "هذه خطوة في الطريق الصحيح ولكن لا يزال هناك الكثير من الأمور التي لا يزال علينا تنفيذها بحسن نية ويمكن للبعض تقديم يد العون لنا". وقدم جروسي الشكر للدولة المصرية لتقديم الدعم والإعداد لهذه الجلسات وأن تكون الحافز والدافع لعقدها، وأقدم الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لما قدمه للوصول إلى الاتفاق في هذه الأوقات العصيبة وقد عملت بنصائحه، مضيفاً أن اليوم هو يوم هام وقد وصلنا إلى الاتفاق على الكثير من الإجراءات التي يمكن أن نحققها سوياً للوصول إلى تطبيق الاتفاقيات والسير معاً وليس على الأبواب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved