الطريق إلى النوم يبدأ من المائدة.. أنظمة غذائية تساعدك على راحة ليلية عميقة

آخر تحديث: الأربعاء 10 سبتمبر 2025 - 10:42 ص بتوقيت القاهرة

سوزان سعيد

لا شيء يعادل ليلة هادئة ينعم فيها الشخص بنوم هانئ، يرتاح عقله وجسده من أعباء يوم عمل شاق، وتتجدد خلايا جسمه، ليستيقظ في الصباح يشعر بالطاقة والنشاط، اللذان يمكنانه من العمل والإنجاز طيلة اليوم.

ولكن هل تعلم أن نظامك الغذائي بأكمله يتحكم بشكل كبير في جودة نومك؟ كما أن تناولك لبعض الأطعمة دون غيرها، يساعدك على راحة ليلية عميقة؟ يجيب التقرير التالي على هذه الأسئلة ووفقًا لـBBC.

ابحث عن الأطعمة الغنية بالتربتوفان

في دراسة أُجريت عام 2024 في إسبانيا، سُئل أكثر من 11 ألف طالب عن عادات نومهم ونظامهم الغذائي، الربع الذي استهلك أقل كمية من التربتوفان يوميًا كانت نتائج نومه أسوأ بكثير وخلص الباحثون إلى أن انخفاض تناول التربتوفان ارتبط بارتفاع خطر الإصابة بالأرق.

وأشار الباحثون إلى أن تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة أعلى من التربتوفان قد يُحسّن جودة النوم، والسبب هو أن التربتوفان يعتبر بمثابة مقدمة للسيروتونين، الذي يتحول بعد ذلك إلى ميلاتونين.

أظهرت بعض الأبحاث أيضًا أن تناول الحليب الدافئ، والمرتبط إلى حد كبير بثقافتنا كمصريين، يُساعد على البدء في النوم، نظرًا لاحتوائه على مستويات عالية من التربتوفان المستخدم لإنتاج هرمون"الميلاتونين" المسئول عن النوم، حيث ينظم دورة النوم والاستيقاظ، وتنتج أجسامنا كميات أكبر منه لاحقًا في اليوم، مع حلول الظلام.

يمكننا الحصول على الميلاتونين مباشرةً من الأطعمة، مثل البيض والأسماك، بالإضافة إلى المكسرات والبذور.

النظام الغذائي ككل وليس ما تأكله قبل النوم

أشارت أستاذة الطب الغذائي في معهد التغذية البشرية بجامعة كولومبيا في نيويورك، إلى أن تناول وجبات غنية بالسكريات والنشويات والدهون المشبعة، بالإضافة إلى افتقارها للعناصر الغذائية المفيدة طيلة اليوم، لن يحد من تأثيره تناول كوب من عصير الكرز الحامض أو الكيوي أو الحليب، موضحة أن استخلاص العناصر الغذائية المستخدمة في إنتاج المواد الكيميائية العصبية التي تعزز النوم من الطعام، يحتاج للكثير من الوقت، لذا من المهم التركيز على ما نتناوله طوال اليوم لأنه المسئول عن تحسين جودة النوم أو العكس.

النظام الغذائي النباتي لنوم أفضل

وفقًا لأستاذة مساعدة في علوم التغذية بجامعة ميشيجان في الولايات المتحدة، أظهرت الأبحاث أن النظام الغذائي الذي يعزز النوم يتضمن الكثير من الحبوب الكاملة ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى البروتينات الخالية من الدهون بما في ذلك الأسماك.

وفي دراسة أجرتها عام 2021 حول العلاقة بين النوم والنظام الغذائي، وجدت أن الأشخاص الذين تناولوا المزيد من الفاكهة والخضروات كل يوم على مدى ثلاثة أشهر تحسن نومهم بشكل كبير.

ولكن ما زال الجدل قائمًا حول ما إذا كان النظام الغذائي يحسن جودة النوم، أم أن الأشخاص الذين يحصلون على قدر كاف من النوم يختارون أطعمة مفيدة.

وجدت الدراسة أيضًا أن النساء كن أكثر عرضة بمقدار الضعف لتحسن أعراض الأرق بعد تناول ثلاث حصص إضافية أو أكثر من الفاكهة والخضروات يوميًا، والسبب في ذلك هو أن الفاكهة والخضروات، بالإضافة إلى اللحوم ومنتجات الألبان والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة والبقوليات، تحتوي عمومًا على نسبة عالية من حمض التربتوفان الأميني الأساسي.

تقلل الأنظمة الغذائية النباتية أيضًا من الالتهابات في الجسم، على سبيل المثال، ما يحسن من جودة النوم وفقًا للأبحاث.

تحتوي أيضًا الأنظمة الغذائية الغنية بالنباتات على المغنيسيوم، والذي قد يساعد في الحصول على نوم جيد ليلاً.

العلاقة بين المغنيسيوم والنوم

المغنيسيوم عنصر غذائي موجود في الأنظمة الغذائية الغنية بالنباتات، وقد يُساعد على النوم الجيد ليلا، لأنه يُساعد على خفض هرمون التوتر الكورتيزول، الذي يُهدئ الجهاز العصبي.

يُنصح معظم البالغين فوق سن الثلاثين بتناول حوالي 420 ملليجرام من المغنيسيوم يوميًا.

يتوفر المغنيسيوم في العديد من الأطعمة، بما في ذلك الخضراوات الورقية الخضراء، مثل السبانخ، بالإضافة إلى البقوليات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة.

ومع ذلك، يعاني الكثير من الناس من نقص هذا العنصر الغذائي، ويرجع الخبراء ذلك إلى اعتماد الكثير من الأشخاص للنظام الغذائي الغربي (قليل النباتات، وغني بالأطعمة فائقة المعالجة)، بالإضافة إلى أن ممارسات الزراعة المكثفة تقلل من كمية المغنيسيوم في التربة التي تنمو فيها المحاصيل.

في دراستها التي أجريت عام 2024، اختبرت أستاذة علوم التمارين الرياضية في جامعة جاكسونفيل بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة، تأثيرات زيادة تناول المغنيسيوم على الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم، إذ تناولوا مكملات المغنيسيوم لمدة أسبوعين قبل ساعة من النوم، بينما تناولوا خلال أسبوعين آخرين حبة دواء وهمي، وقُيسَ نومهم باستخدام جهاز تتبع يوضع على الجسم، كما أبلغوا عن مدى شعورهم بالراحة أثناء النوم.

وُجد أن نوم المشاركين العميق ونوم حركة العين السريعة تحسن بشكل أكبر عند تناول المغنيسيوم، مقارنةً بتناول الدواء الوهمي، ومن المتوقع أن يستمر هذا التأثير لأكثر من أسبوعين، ولكن لا يمكن الجزم بذلك.

وبالرغم من أن مكملات المغنيسيوم عالية الجودة يمكن أن تساعد الناس على النوم بشكل أفضل، إلا إنها ليست علاجًا لكل شيء.

وجدت دراسة أجريت في 2017 أن تناول مكملات المغنيسيوم اليومية أدى إلى تحسن كبير في الاكتئاب والقلق، بغض النظر عن عمر الشخص أو جنسه أو شدة اكتئابه، ومن المعروف أن هذه الأمراض ترتبط بشكل كبير بالأرق وتسبب انخفاض جودة النوم.

تناول الأغذية الغنية بالتربتوفان مع الألياف

يجب تناول الأطعمة الغنية بالتريبتوفان، مع كربوهيدرات غنية بالألياف، مثل الحبوب الكاملة أو البقوليات، ما يسمح بالهضم السليم ويصل إلى الدماغ، حيث يُحسّن النوم.

وجد بحث أن تحسين النوم ارتبط باتباع نظام غذائي غني بالألياف، والتي تلعب دورًا حاسمًا في التخمير البكتيري في أمعائنا، كما تُظهر الدراسات وجود العديد من الآليات المفيدة المحتملة التي يمكن أن تفسر قدرة الأمعاء السليمة على تحسين النوم، من خلال محور الأمعاء والدماغ.

توقيت الوجبات

أشارت مجموعة صغيرة من الأبحاث إلى أن تناول الوجبات في وقت مبكر من اليوم، بدءًا من وجبة الإفطار، يرتبط بتحسين جودة النوم، ووفقًا للباحثين فإن إشارات وقت تناول الطعام تُعدّ طريقةً أخرى لإخبار أجسامنا بالوقت.

وجدت الأبحاث أيضًا أن تناول الوجبة الأخيرة قبل موعد النوم مباشرةً قد يسبب الأرق، وربما يعود ذلك إلى أن المخ يعتقد أن تناول الطعام يعني أن الوقت لازال مبكرًا، لذا نبقى مستيقظين في السرير.

لذا لتحسين جودة نومك، يفضل التوقف عن تناول الطعام قبل النوم ببضع ساعات، وخاصة عدم تناول أكبر كمية من السعرات الحرارية قبل النوم، عندما يكون هناك فصل واضح بين الليل والنهار، يصبح من الأسهل على الدماغ إدراك أن الوقت قد حان للنوم.

طقوس وجبة إفطار تساعد على نوم أفضل

وجدت إحدى الدراسات أن تناول وجبة إفطار غنية بمنتجات الألبان في ضوء النهار الساطع قد يكون أكثر فائدة للنوم من تناولها في غرفة ذات إضاءة خافتة، ويرجع السبب وفقًا للباحثين إلى أن تناول الطعام في ضوء النهار يسمح لأجسامنا بإنتاج المزيد من الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يساعدنا على النوم ليلًا.

يبدأ الدماغ نشاطه كل صباح، والتعرض للضوء في الصباح الباكر مهم لإعادة ضبط ساعتنا البيولوجية.

عوامل أخرى تتحكم في النوم

لا شك أن النظام الغذائي الذي يتبعه الشخص يؤثر بشكل كبير في جودة نومه، إلا أن الباحثين يؤكدون أيضًا أن مستوى النشاط البدني الذي نمارسه خلال اليوم، وصحتنا العقلية، بالإضافة إلى مدى تعرضنا للضوء والظلام، تساعد كثيرًا في الحصول على راحة ليلية عميقة.

ولفت الخبراء إلى أهمية التمييز بين قلة النوم واضطرابات النوم، مثل الأرق أو انقطاع التنفس أثناء النوم، إذ يتطلب اضطراب النوم إجراء فحص وعلاج، بالإضافة إلى تحسين النظام الغذائي.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved