الأوبرا الوطنية في واشنطن تدرس مغادرة مركز كينيدي بعد استيلاء ترامب وتراجع الدعم

آخر تحديث: الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 12:26 ص بتوقيت القاهرة

منى غنيم

قام "ترامب" بفصل مجلس الإدارة والكوادر فصلًا تعسفيًا واستبدلهم بآخرين تابعين له، ثم أعلن نفسه رئيسًا للمركز

تدرس دار الأوبرا الوطنية في واشنطن في الوقت الراهن احتمالية مغادرة مقرها الدائم في مركز كينيدي، الذي يُعد موطنها منذ افتتاح المركز الوطني للفنون الأدائية في الولايات المتحدة عام 1971.

وقالت المديرة الفنية للأوبرا، فرانشيسكا زامبيلو، إن هذا الاحتمال فُرض على دار الأوبرا فرضًا نتيجة لما وصفته بـ"عملية الاستيلاء" على المركز التي قام بها الرئيس الحالي، دونالد ترامب؛ إذ أعلن الرئيس نفسه رئيسًا للمؤسسة في فبراير الماضي، وأقال مجلس إدارتها وقيادتها، واستبدلهم بآخرين تابعين له.

وأشارت "زامبيلو" إلى أن مغادرة مركز كينيدي تُعد أحد الاحتمالات المطروحة بعد انهيار إيرادات شباك التذاكر وضياع ثقة المتبرعين عقب استيلاء "ترامب" على المركز، وقالت: "إننا نرغب في مواصلة العروض في مقرنا بمركز كينيدي، ولكن إذا لم نتمكن من جمع ما يكفي من الأموال أو بيع ما يكفي من التذاكر، فعلينا النظر في خيارات أخرى"، مضيفة: "لقد تضررت بشدة الركيزتان الأساسيتان اللتان تدعمان الشركة ماليًا بسبب عملية الاستيلاء تلك".

وكشفت أن مبيعات التذاكر انخفضت بنسبة 40% تقريبًا مقارنة بما قبل إعلان "ترامب" نفسه رئيسًا للمركز، وأن كثيرين قرروا مقاطعته. وتابعت: "أتلقى يوميًا رسائل احتجاج من الجمهور الذي كان مخلصًا لنا في السابق"، موضحة أن من بين تلك الرسائل ما يتضمن عبارات مثل: "لن أضع قدمي هناك طالما أن ’التهديد البرتقالي‘ موجود"، أو: "أما تعرفون التاريخ؟ أما تعرفون ما فعله هتلر؟ أرفض أن أمنحكم قرشًا واحدًا"، وأخرى تقول: "لن أعود أبدًا ما دام ترامب في السلطة".

وكانت عروض الأوبرا تحقق إشغالًا يتراوح بين 80% و90% من السعة قبل استيلاء "ترامب" على المركز، أما الآن فأصبحت لا تتجاوز 60%، وفي بعض الأحيان يلجأ الموظفون إلى توزيع تذاكر مجانية لتشجيع الجمهور على الحضور وخلق انطباع بامتلاء القاعة.

وبيّنت "زامبيلو" أن التبرعات الخيرية – وهي مصدر تمويل أساسي لدار الأوبرا – تراجعت أيضًا، وقالت: "لقد تحطمت ثقة المتبرعين، لأن كثيرين يشعرون بأنه إذا تبرعوا لمركز كينيدي فإنهم بذلك يدعمون دونالد ترامب"، وأضافت: "لقد أصبح المبنى ملوثًا بعد أن تم تسييسه من قبل الإدارة الحالية".

وأشارت إلى أن مجلس الأمناء السابق لم يكن ذا توجه سياسي؛ إذ كانت الأهمية بالنسبة له تكمن في قيادة مؤسسة كبيرة ومهمة، في حين تفتقر الإدارة الجديدة للمركز إلى الخبرة في الفنون. وأوضحت أن ريتشارد جرينيل، الذي عيّنه "ترامب" رئيسًا للمركز، شغل سابقًا مناصب في السياسة الخارجية، منها سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا.

كما أوضحت أن أقسامًا رئيسية – مثل التسويق والتطوير – جرى إفراغها من الخبرات والكوادر. وقالت: "وعدتنا الإدارة الجديدة بالمساعدة في إيجاد متبرعين جدد وزيادة المساهمات، لكن ذلك لم يتحقق"، نقلًا عن صحيفة الجارديان.

وأكدت أن الإدارة الجديدة لم ترفض أيًا من اختياراتها البرمجية، لكنها اقترحت تقديم أوبرا أكثر جماهيرية. وقالت: "نحن نقدم بالفعل في الموسم الحالي ’زواج فيجارو‘ و’عايدة‘ و’قصة الحي الغربي‘، لا أرى كيف يمكن أن نكون أكثر جماهيرية من ذلك".

وأضافت أن إدارة "ترامب" تتدخل في كل صغيرة وكبيرة؛ بدءًا من الحرص على وجود عناصر من ذوي البشرة السمراء في الفرقة من أجل تحقيق التنوع العِرقي، ووصولًا إلى أجور المغنين والعازفين التي يحاولون خفضها باستمرار. وذكرت أن "جرينيل" أصدر أمرًا بوجوب أن تكون كل العروض "صفرية الميزانية"، أي أن تُغطّى تكاليفها بالكامل من عائدات التذاكر والتبرعات، مضيفة: "لقد وصلنا إلى نقطة لا يمكننا فيها تقديم ميزانية صفرية دون تمويل خارجي ضخم أو دون التأكد من عودة جمهورنا على الأقل".

وأفادت "زامبيلو" بأن تراجع مبيعات التذاكر ينعكس على جميع أقسام المركز، بما في ذلك مواسم الحفلات الموسيقية والمسرحية، مشيرة إلى تحليل نشرته صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي أظهر انخفاض شباك التذاكر بنسبة 40% مقارنة بعام 2018، كما أوضحت أن أرقام شباك التذاكر لم تعد تُتداول داخليًا بين الفرق الإبداعية في المركز كما كان معمولًا به سابقًا ضمن تقارير العروض اليومية.

وكان "ترامب" قد أعلن نيته تولي رئاسة المؤسسة في 7 فبراير الماضي، فأقال مجلس الأمناء ثنائي الحزبين واستبدله بأشخاص من اختياره، ثم انتُخب بالإجماع رئيسًا بعد أيام، كما أُقيل رئيس المركز واستُبدل به "جرينيل".

وقد قوبلت هذه الخطوات بإدانة واسعة، كما قوبل نائب الرئيس جاي دي فانس وزوجته أوشا فانس – التي عيّنها "ترامب" في مجلس إدارة مركز كينيدي – بصيحات استهجان من الحاضرين عند حضورهما حفلاً لأوركسترا السيمفونية الوطنية في مارس الماضي.

وأشارت "زامبيلو" إلى أن الفنانين ظلوا مخلصين للأوبرا الوطنية في واشنطن، غير أنه في مارس الماضي انسحب الفريق الإبداعي في أوبرا الرفاق المسافرون – وهي قصة حب تدور في ظل حملة آيزنهاور ضد الموظفين المثليين في الخمسينيات – من البرنامج.

وحلّت محلها أوبرا المحنة للمؤلف روبرت وورد، المقتبسة من مسرحية آرثر ميلر التي تمثل مجازًا لحملات مطاردة الشيوعيين في عهد مكارثي.

وجدير بالذكر أن دار الأوبرا الوطنية في واشنطن تعد شركة مستقلة، لكنها ترتبط باتفاقية تعاون مع مركز كينيدي، تلتزم بموجبها بتقديم عدد معين من العروض في المبنى، وتشارك بعض الوظائف خلف الكواليس مثل التسويق والتطوير، كما تتلقى دعمًا ماليًا من المركز يتراوح بين 2 و3 ملايين دولار سنويًا.

وقد أُبرمت اتفاقية التعاون عام 2011، قبيل تولي "زامبيلو" منصب المديرة الفنية، بهدف تحقيق الاستقرار المالي للشركة، وتم تجديدها قبيل إعلان "ترامب" نفسه رئيسًا لمركز كينيدي.

وتبحث دار الأوبرا الآن عن أماكن بديلة في واشنطن العاصمة لموسمها القادم الذي يمتد من أكتوبر 2026 حتى مايو من العام التالي. ومع ندرة المسارح الملائمة لعروض الأوبرا الكبرى، يمكن الاستعانة أحيانًا بقاعات تستخدمها شركة شكسبير المسرحية في المدينة للعروض الأصغر حجمًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved