سلاحف المتوسط تواجه خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر والبلاستيك
آخر تحديث: الأحد 11 مايو 2025 - 6:21 م بتوقيت القاهرة
دينا شعبان
• خبير بيئى يحذر من استخدام الديناميت فى البحر.. ومطالبات بتشديد الرقابة ومشاركة مؤسسات الدولة فى حماية الكائنات البحرية
على امتداد سواحل الضبعة ورأس الحكمة، توجد بقايا سلاحف بحرية نافقة ملقاة على الشواطئ، فى مشهد ينذر بالخطر تجاه تلك الكائنات التى لطالما كانت رمزًا للتوازن البيئى فى البحر المتوسط، إذ تواجه اليوم مصيرًا مأساويًا بفعل ممارسات بشرية مدمّرة، أبرزها الصيد بالديناميت، والشباك المهملة التى تتحول إلى مصائد قاتلة.
ورغم أن هذه الجرائم البيئية ليست وليدة اللحظة، فإن تصاعدها اللافت خلال الأشهر الأخيرة دفع خبراء الحياة البحرية إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من أن الكارثة لا تقتصر على نفوق الكائنات البحرية، بل تهدد بانهيار النظام البيئى والاقتصادى فى المنطقة الساحلية برمتها.
عبّر الدكتور أيمن طاهر، خبير الغوص والحياة البحرية، عن حجم الكارثة، إننا لا نتحدث فقط عن نفوق سلاحف، بل عن انقراض توازن بيئى بأكمله، مشددًا على أن السلاحف البحرية ليست مجرد كائنات هامشية فى المنظومة البحرية، بل عنصر جوهرى فى السلسلة الغذائية.
ويضيف طاهر لـ«الشروق»: «غياب السلاحف يعنى زيادة مفرطة فى أعداد قناديل البحر، واختفاء يرقات الأسماك، بما يهدد الثروة السمكية بشكل مباشر، ويضرب مصدر رزق الصيادين فى مقتل».
ويؤكد الخبير البحرى أن شواطئ الضبعة ورأس الحكمة تحولت إلى «مسرح يومى لجيف السلاحف»، بسبب الشباك التالفة التى لا تُجمع، والصيد بالديناميت الذى يدمّر الشعاب المرجانية ويقضى على كل ما فى طريقه.
ورغم وضوح التشريعات المصرية فى تجريم الصيد الجائر والاتجار بالكائنات البحرية المهددة، فإن غياب الرقابة الميدانية يُبقيها حبرًا على ورق. وتنص قوانين مثل قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، وقانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية رقم 146 لسنة 2021، وقانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 1983، على عقوبات صارمة تصل إلى الحبس والغرامة، لكن التطبيق العملى يظل ضعيفًا، ما يفتح الباب واسعًا أمام المخالفين.
من جانبه، أطلق الدكتور عاطف محمد كامل، خبير الحياة البرية وعضو الهيئة العلمية لاتفاقية «ساينس»، نداءً مماثلًا، وصفه بأنه أخير قبل فوات الأوان، مؤكدًا أن الشواطئ الممتدة بين الضبعة ورأس الحكمة على البحر الأبيض المتوسط تحولت إلى مقابر مفتوحة للسلاحف البحرية.
وقال عاطف لـ«الشروق»: «السلاحف تُقتل بطرق مأساوية، بعضها يختنق داخل الشباك التالفة، والبعض الآخر يلقى حتفه بالصيد بالديناميت، وهى ممارسات لا تُهدد الكائنات فقط، بل تضرب النظام البيئى بأكمله».
ويضيف: «الرقابة شبه منعدمة، ومتابعة كل مركب صيد أمر بالغ الصعوبة. هذا ما يجعل الجناة فى مأمن من العقاب، ويدفع بالنظام البيئى إلى حافة الانهيار».
يشدد عاطف على أن اختفاء السلاحف لا يحدث بمعزل عن منظومة الحياة البحرية، بل يؤدى إلى سلسلة من الاضطرابات، ويقول: «تزيد قناديل البحر، وتقل يرقات الأسماك، ويتراجع التنوع البيولوجى، وتضعف مرونة النظام البيئى، ما يهدد ليس فقط البحر، بل أيضًا حياة الإنسان، والأمن الغذائى، والاستقرار الاجتماعى للمجتمعات الساحلية».
ودعا خبير الحياة البرية إلى تحرك واسع وعاجل يضم جميع مؤسسات الدولة، قائلًا: «وزارة البيئة لا يمكنها المواجهة وحدها، ونحتاج إلى دعم من الوزارات وكذلك المحافظات الساحلية، فضلًا عن إشراك المجتمع المدنى، والغواصين، والمدارس، والإعلام فى جهود الإنقاذ».
وحدد عاطف مجموعة من المطالب العاجلة، جاء على رأسها «الوقف الفورى للصيد بالديناميت، ومراقبة أنشطة الصيد الجائر، واستبدال الشباك بأنوع أخرى، وإعلان مناطق بحرية محمية يُحظر فيها الصيد تمامًا، ودعم الصيادين ببدائل آمنة ومستدامة، إطلاق حملات توعية بيئية واسعة، وإنشاء شبكة إنذار مبكر لرصد الانتهاكات البحرية».