حصيلة أكثر دموية بالتاريخ الحديث منذ 1992.. صحفيون فلسطينيون استشهدوا على يد جيش الاحتلال

آخر تحديث: الإثنين 11 أغسطس 2025 - 4:50 م بتوقيت القاهرة

سلمي محمد مراد

يغادر الكثير من الصحفيين الفلسطينيين الميدان، ليس فقط للاعتقال أو حتى بكتم صوت الحقيقة التي ينقلوها عبر تهشييم كاميراتهم، بل حينما يستشهدوا على أرض قطاع غزة أو في الضفة الغربية، أو غيرها من مناطق دولة فلسطين المحتلة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر الغارات أو الرصاصات.

وتعتبر حصيلة استهداف الصحفيين الفلسطينيين في غزة هي الأكثر دموية بالتاريخ الحديث منذ بدء عمل اللجنة عام 1992، الأمر الذي يُعدّ نتيجة منطقية لبنية تقنية صارمة تعيد توصيف الصحفي وفقًا لاحتياجات العملية العسكرية، وتمنع المراقبة المستقلة من دخول مكان الجريمة.

ويتعمد الاحتلال جرائمه بحق الصحفيين، حيث استهدف خيمة للصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، مما أسفر عن استشهاد سبعة أشخاص بينهم خمسة صحفيين، وليست هذه هي الجريمة الأولى للاحتلال من هذا النوع.

فخلال 23 شهرًا تقريبًا، شهد العالم استشهاد عدد من الضحايا لم يكونوا مجرد مراسلين أو مصورين، بل شملوا رؤساء تحرير، ومقدمي برامج، وفنيين، ومساعدين، بجانب عدد كبير من الصحفيين الميدانيين الذين نقلوا الصورة الحية للعالم من قلب الميدان، وكثير منهم فقدوا حياتهم مع عائلاتهم بالكامل.

* عام 2023.. البداية الدامية

شهدت الشهور الأخيرة من عام 2023، خاصة من 7 أكتوبر وحتى نهاية ديسمبر، موجة عنيفة من عمليات القتل، ففي غضون أسابيع قليلة قُتل العشرات من الصحفيين في غزة أثناء تغطيتهم الميدانية أو داخل منازلهم، كما شهدت تلك الفترة ارتفاعًا يوميًا في أعداد الضحايا، إذ كان استهداف المنازل ومراكز الإعلام وسيارات الصحفيين أمرًا متكررًا.

ومن أبرز الأسماء التي استشهدت خلال هذه الفترة:

يوسف أبو دقة ـــ مراسل صحفي، استشهد مع أسرته في قصف منزله بخان يونس في 7 أكتوبر، ومحمد جرغون ـــ مراسل صحفي، استشهد في غارة جوية في 8 أكتوبر، كما استشهد في اليوم نفسه محمد أبو حطب ـــ صحفي، مع عائلته في رفح، ومحمد أبو حصيرة ـــ صحفي، واستشهد مع 42 من أفراد عائلته في قصف منزله بغزة يوم 22 أكتوبر، ومحمد أبو هربيد ــ مصور صحفي، استشهد في 24 أكتوبر في بيت حانون، ومصطفى ثابت ــ رئيس قسم الأخبار في إذاعة الأقصى، استشهد في 3 نوفمبر، وصالح الشيخ – صحفي في المكتب الإعلامي الحكومي، استشهد مع أسرته في 5 نوفمبر.

* الاستهداف لم يكن عشوائيًا

في عام 2024 ظلت وتيرة القتل مرتفعة، لكن شهد هذا العام استهداف صحفيين بارزين ومعروفين محليًا ودوليًا، إضافة إلى استشهاد عدد من الصحفيين أثناء البث أو التصوير الميداني، وبالتالي أكد هذا العام أن الاستهداف لم يكن عشوائيًا، إذ طالت الضربات شخصيات ذات تأثير كبير في توثيق الحرب ونقل صورها للعالم، ما أدى إلى تقليص قدرة المؤسسات الإعلامية على العمل.

* أبرز الضحايا في 2024:

حمزة الدحدوح – نجل وائل الدحدوح، وأحد المصورين في قناة الجزيرة، استشهد في يناير مع مجموعة من زملائه أثناء تغطية القصف في خان يونس، وخالد الغول – مخرج برامج في قناة الأقصى، استشهد في فبراير في قصف وسط غزة، وهيثم الحصني – صحفي ومراسل ميداني، استشهد أثناء تغطيته المباشرة في مارس، وهاني أبو رزق – مصور وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، استشهد في أبريل في شمال غزة، ووسيم موسى – صحفي ميداني، استُهدف مع فريقه في مايو أثناء توثيق الأضرار في رفح، وياسر مرتجى – مصور معروف دوليًا، استشهد في يونيو رغم ارتدائه سترة الصحافة.

* استمرار النزيف وطابع انتقائي للاستهدا

بحلول عام 2025، ورغم تزايد الإدانات الدولية وصدور تقارير حقوقية، لم يتوقف استهداف الصحفيين، بل سُجلت حالات اغتيال واستهداف مباشر حتى في فترات الهدنة، ورغم أن العدد الكلي للشهداء في هذا العام كان أقل من عام 2023، فإن الطابع الانتقائي للاستهداف برز بشكل أكبر، حيث طال شخصيات مؤثرة في العمل الإعلامي.

* أبرز الشهداء في 2025:

محمد الجديلي – صحفي في إذاعة صوت الشعب، استشهد في يناير في قصف منزله بمدينة غزة، وأحمد القرا – مراسل إذاعة الأقصى، استشهد في فبراير خلال تغطية ميدانية في خان يونس، وفداء شُراب – صحفية ومقدمة برامج، استشهدت مع أفراد عائلتها في مارس بعد قصف منزلها في رفح، وعلاء مرتجى – مصور صحفي مستقل، استشهد أثناء توثيق عمليات الإنقاذ في جباليا.

رحيل أنس الشريف وزملائه وتظل الأقواس مفتوحة

وبعد أن استهدف الاحتلال أسرة أنس الشريف في ديسمبر 2023، بعد تلقيه تهديدات قبل ذلك بشهر تقريبًا، ليلحق بهم اليوم ذلك الشهيد الذي أقسم في تشييع جثمان صديقيه الصحفيين إسماعيل ورامي الريفي أمام جموع المشيعين، أن الصحفيين سيكملون الطريق ويكشفون كل جرائم الاحتلال.

لكن لم يتركهم الاحتلال وشأنهم ليكملوا الطريق الذي رسمه هو ومن سبقوه من الصحفيين، وكشف مكتب الإعلام الحكومي في غزة عن أسماء الصحفيين الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية، وهم: أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، في استهداف مباشر.

وبحسب بيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الليلة، فإن باغتيال الاحتلال للصحفيين الخمسة يرتفع عدد الشهداء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر 2023، وحتى الآن إلى 237 صحفيًا.

بينهم مراسلون ومصورون ومحررون يعملون في وسائل إعلام محلية ودولية، فيما أُصيب آخرون، بعضهم بإعاقات دائمة، إضافة إلى اعتقال عدد منهم وتعرضهم للتعذيب والمعاملة المهينة، في انتهاك واضح للقانون الدولي.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved