بعد الهجوم على قطر.. نتنياهو يستهجن الانتقادات الدولية ولا يستبعد تكرارها أو توجيه ضربات في دول أخرى
آخر تحديث: الخميس 11 سبتمبر 2025 - 9:34 ص بتوقيت القاهرة
القاهرة - د ب أ
في مواجهة عاصفة الانتقادات الدولية ورسائل التضامن التي بعثت بها الدول المجاورة لقطر وغيرها بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قادة حركة حماس في الدوحة، لم يسع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتخفيف من وطأة انتهاك سيادة الدولة الخليجية، بل استهجن تلك المواقف ولوح بتكرار الهجوم في قطر أو أي مكان آخر.
وفي تصريحات شديدة اللهجة، قال نتنياهو: "أقول لقطر ولجميع الدول التي توفر ملاذا للإرهابيين إما أن تطردوهم أو تقدموهم للمحاكمة لأنه إذا لم تفعلوا ذلك فسوف نفعله بأنفسنا".
وفي تحول لافت وكأنه اكتشف للتو وجود العديد من قادة حماس في قطر، اتهم نتنياهو الدوحة بإيواء "الإرهابيين" وأنها "توفر لقادتهم الفيلات الفاخرة وتعطيهم كل شيء".
وعقد نتنياهو مقارنة بين محاولته القضاء على قادة حماس في قطر وما فعلته الولايات المتحدة بعد تعرضها لهجمات 11 سبتمبر 2001، قائلا: "فعلنا بالضبط ما فعلته أمريكا عندما طاردت إرهابيي القاعدة في أفغانستان وبعدها قتلوا أسامة بن لادن (زعيم التنظيم) في باكستان... الآن دول العالم المختلفة تدين إسرائيل. يجب أن تخجل من نفسها، ماذا فعلت بعد أن قتلت أمريكا أسامة بن لادن؟ هل قالت ياله من شيء فظيع حدث لأفغانستان أو باكستان؟ لا لقد صفقوا. يجب أن يصفقوا لإسرائيل على تمسكها بتلك المبادئ وتطبيقها".
وفي مؤشر على تصاعد الأزمة بين قطر وإسرائيل، استنكرت الدوحة تصريحات نتنياهو، ووصفتها بأنها "محاولة مشينة لتبرير الهجوم الجبان الذي استهدف الأراضي القطرية، إضافة إلى التهديدات الصريحة بانتهاكات مستقبلية لسيادة الدولة".
وأكدت وزارة الخارجية القطرية أن استضافة المكتب السياسي لحماس تمت في إطار جهود الوساطة التي طلبت من دولة قطر، من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن نتنياهو "يدرك تماما أن لهذا المكتب دورا محوريا في إنجاح العديد من عمليات التبادل والتهدئة التي حظيت بتقدير المجتمع الدولي، وأسهمت في التخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين الذين يواجهون ظروفا إنسانية مأساوية منذ السابع من أكتوبر 2023".
واعتبرت أن "محاولة نتنياهو الإيحاء بأن قطر كانت تؤوي وفد حماس سرا لا تفهم إلا كمسعى يائس لتبرير جريمة أدانها العالم أجمع"، مستنكرة "المقارنة المغلوطة" بملاحقة تنظيم القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر.
وشنت قطر هجوما لاذعا على شخص نتنياهو، واصفة إياه بأنه "يعتمد على خطاب متطرف لحشد الأصوات الانتخابية"، وأنه "مطلوب للعدالة الدولية ويواجه عقوبات متزايدة يوميا، ما يعمق من عزلته على الساحة العالمية".
وسلط الإعلام الإسرائيلي بطبيعة الحال الضوء على تصريحات نتنياهو، فاعتبرتها صحيفة يسرائيل هيوم رسالة "تهديد" لتركيا أيضا، التي تستضيف عددا من قادة وكوادر حماس.
كما أشارت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية إلى أن نتنياهو لم يستبعد تركيا في تهديداته التي جاءت في وقت لا تزال تبعات فشل الهجوم في تحقيق أهدافه بتصفية قادة حماس تلقي بظلالها على المشهد الداخلي في إسرائيل، حيث تجرى مراجعة الجوانب الاستخباراتية واختيار الذخائر المستخدمة، وفقا لهيئة البث الإسرائيلية.
وركزت شبكة سي إن إن الإخبارية على أن الضربة الإسرائيلية تعد "هجوما غير مسبوق"، مشيرة إلى أنها "أول ضربة تتبناها إسرائيل علناً ضد دولة خليجية"، كما لفتت إلى أن قطر حليف للولايات المتحدة ووسيط رئيسي في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ومفاوضات تحرير الرهائن "مما يعرض المحادثات للخطر".
وفي مقابلة حصرية، دعا رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للشبكة الأمريكية إلى تقديم نتنياهو إلى العدالة، مضيفا أنه يأمل في "رد جماعي" من حلفاء المنطقة.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "منذ بدء الحرب بعد 7 أكتوبر، يحاول وبشكل منهجي للغاية، تقويض أي فرصة للاستقرار وأي فرصة للسلام" واصفا الهجوم الإسرائيلي على الدوحة بأنه "إرهاب دولة".
ونقلت هيئة الإذاعة الرسمية الكندية (سي بي سي) عن توماس جونو، الخبير في السياسة الشرق أوسطية بجامعة أوتاوا، أنه بعد الهجوم الإسرائيلي المفاجئ بات "أحد الخيارات هو أن تبتعد قطر عن دورها في الوساطة، وتحديدا فيما يتعلق بحماس"، مما قد يقود قيادة الحركة إلى الانتقال بعد ذلك إلى تركيا أو إيران، وهي نتيجة "ستجعل المفاوضات في نهاية المطاف أكثر صعوبة".
ويرى مراقبون أن تداعيات الضربة الإسرائيلية في قلب العاصمة القطرية لن تنعكس على تضاؤل فرص إبرام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن وإنهاء الحرب، على المدى القريب على الأقل فحسب، بل ستفتح بابا واسعا للنقاش بشأن ما إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدى إسرائيل في الاندماج في محطيها الإقليمي وإبرام المزيد من اتفاقيات التطبيع، لاسيما أن التطورات الأخيرة تأتي في ظل تحول ملموس في مواقف بعض الدول التي وقعت مؤخرا على مثل هذه الاتفاقيات كدولة الإمارات.
كما تطرح العديد من التساؤلات بشأن قدرة إسرائيل على مواجهة تبعات احتكام قادتها لمبدأ القوة وعدم حتى الاكتراث بموقف المجتمع الدولي حيال ممارساتها، لاسيما قبل أيام من مؤتمر حل الدولتين المزمع عقده في نيويورك ومع تزايد التوجهات المؤيدة للفلسطينيين والمنتقدة للسياسات الإسرائيلية.