خبراء: الاستثمارات فى البنية التحتية والإسكان محرك رئيسى للطلب على الصلب فى الدول العربية

آخر تحديث: السبت 11 أكتوبر 2025 - 6:00 م بتوقيت القاهرة

عفاف عمار

• محمود محيى الدين: قطاع الحديد والصلب العمود الفقرى للتنمية الاقتصادية والنمو الصناعى يواجه تحديات اقتصادية وجيوسياسية
• عالية المهدى: التشييد والبناء يمثلان 52% من الطلب العالمى على الصلب

أكد خبراء وصناع قرار ان الاستثمارات فى البنية التحتية والإسكان، هما المحرك الأكبر للطلب على الصلب فى الأسواق العربية على المدى القريب؛ ومن الضرورى وجود جداول مشاريع متوقعة ومستقرة للحفاظ على استدامة صناعات الصلب المحلية.

وتناول الخبراء ضرورة تحفيز نشاط الإسكان الخاص والمشاريع التجارية من خلال تعزيز أسواق الرهن العقارى، وتوفير أراضٍ عبر إصلاحات التخطيط والتنظيم، وتسريع إجراءات الموافقات، وتقديم حوافز ضريبية أو دعم مباشر للمطورين العقاريين لبناء مساكن بأسعار مناسبة ومتوسطة.

اضافو ان قطاعا البناء والصناعة فى القطاع الخاص يُعد من العناصر الحيوية، ولكنهما مقيدان بسبب صعوبة الوصول إلى التمويل، وتخصيص الأراضى، والتعقيدات البيروقراطية. إن تسهيل إجراءات الرهن العقارى، وتبسيط التصاريح، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص سيسرّع من زيادة الطلب الخاص على الصلب.

شارك فى الجلسة التى انعقدت على هامش مؤتمر الصلب العربى دكتورة عالية المهدى العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إدوارد جيمس، رئيس المحتوى والبحوث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - MEED، بندر عبدالله السليم، رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد - السعودية، د سفيان شايب ستى مدير عام مساعد - AQS - الجزائر.

قامت الجلسة بتسليط الضوء على حجم الاستثمارات العربية فى البنية التحتية والإسكان، ودورها فى توليد الطلب على المنتجات النهائية من الصلب، وأسباب بقاء صناعة الصلب دورية وراكدة فى بعض الأسواق. وذلك بهدف استكشاف حجم ونطاق الاستثمارات فى البنية التحتية والإسكان فى الدول العربية وتأثيرها المباشر على الطلب على الصلب، وتحليل الاتجاهات الحالية والتوقعات المستقبلية فى استهلاك الصلب المرتبط بمشاريع البناء والبنية التحتية، ودراسة مخاطر تركّز الطلب فى المشاريع الضخمة الممولة من القطاع العام، والأنماط الدورية أو الركود الناتجة فى صناعات الصلب المحلية.

وأكدت دكتورة عاليا المهدى، ان صناعة الصلب لها روابط خلفية مع صناعات مثل التعدين والطاقة وروابط أمامية مع صناعات أخرى مثل التشييد والبناء والصناعات التحويلية. أوضحت ان صناعة الصلب تمثل 1.4% من إجمالى الناتج المحلى العالمي.

أوضحت ان هناك ارتباطا واضحا بين النمو فى معدلات إنتاج الصلب وبين النمو فى الناتج المحلى الإجمالى، مع وجود فوارق بين الدول النامية والمتقدمة نظرًا لتباين المراحل التنموية التى تمر بها كلا المجموعتين من البلدان. ولكن من الواضح ان الدول سريعة النمو مثل الهند وفيتنام مثلًا معدل نمو إنتاج الصلب يفوق معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى لوجود توسعات فى مجالات العمران والإسكان والتصنيع.

وبحسب المهدى فان القطاعات المولدة للطلب على صناعة الصلب هى التشييد والبناء والبنية التحتية بنسبة 52% من إنتاج الصلب.

اشارت الى ان مصدر الطلب على منتجات الصلب يتراوح ما بين القطاعين الحكومى والخاص إلا أن الملاحظ ان الطلب الحكومى على الصلب عادة ما يكون قويًا لفترة محدودة ثم يختفى، وبالتالى فإن القطاع الخاص هو المحرك الطبيعى والمستدام لصناعة الصلب، و كلما زاد تنوع الاقتصاد وأنشطته كلما زاد متوسط نصيب الفرد من استهلاك الصلب.

وشددت المهدى على أن التحديات التى تواجه صناعة الصلب تتركز فى ضعف معدل نمو الصناعة، تزايد الطاقات الإنتاجية الفائضة، تباطؤ الصادرات العالمية من الصلب، وتراجع نسبة الصادرات إلى إجمالى ناتج الصلب عالميًا.

فيما أكد بندر عبدالله السليم، رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد، أن السعودية بدأت صناعة الصلب فى منتصف الستينيات، وانطلقت فى منتصف الثمانينيات مع أول مجمع صناعى متكامل ووصلت الآن لأكثر من 9 ملايين طن طاقة إنتاجية، لتنتج 150 مليون طن خلال الـ40 سنة الماضية.

وأكد مساهمة صناعة الصلب فى خلق الفرص الوظيفية، ونمو القطاع الخاص لأن الحديد هو أكثر المعادن استهلاكًا وطلبًا من العديد من الصناعات الأخرى.
وشدد على نية السعودية زيادة طاقتها الإنتاجية لتصل إلى 30 مليون طن سنويًا لتلبية الطلب المتزايد.

ويرى إدوارد جيمس أن هناك الكثير من مشروعات إنتاج الصلب، وأنها فى تكاثر وتوسع، وهى مرتبطة بالنمو فى العديد من المشروعات التى تزيد من الطلب على الصلب لا سيما البنى التحتية والتشييد وقطاعات النقل لا سيما فى السعودية والإمارات.

وشدد على وجود آفاق إيجابية مستقبلية كبيرة فى الطلب على منتجات الصلب، لاسيما مع وجود ممكنات مثل النمو السكانى، النمو فى الطلب على المياه والطاقة، المناسبات الرياضية المستقبلية، ومشروعات الإسكان، والمشروعات الكبرى.

أما سفيان شايب ستى مدير عام مساعد - AQS - فرأى أن البنية التحتية والإسكان، هما محركات رئيسة للنمو الصناعى، وأن المشاريع العملاقة وإعادة الإعمار فى بعض الدول سوف تستهلك ملايين الأطنان من الصلب.

إلا ان هذا يرتبط بصفة كبيرة على ميزانية الدولة ومخصصاتها فى ظل القيود المتزايدة لخفض الإنفاق. وأشاد بالتجربة التركية، حيث أكد أن تمكين القطاع الخاص أثر إيجابًا على نمو قطاع الصلب فيها.

ونادى بدور أكبر للقطاع الخاص، فضلًا عن مراجعة السياسات النقدية والقوانين الحالية، لا سيما ما يخص منع القطاع الخاص من الاستثمار فى بعض القطاعات الاقتصادية.

من جانبه أكد الدكتور محمود محيى الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء رفيعى المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمية، أن قطاع الحديد والصلب العربى يمر بلحظة تحول عميقة ويشهد مزيجًا من التحديات التى تستلزم تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي. مؤكدا أن القطاع فى حاجة إلى سرعة مواكبة الثورة التكنولوجية والانتقال الأخضر. وقد شارك محيى الدين فى الجلسة الرئيسية للقمة العربية الثامنة عشرة للحديد والصلب التى يعقدها الاتحاد العربى للحديد والصلب فى مسقط.

قال محيى الدين، إن قطاع الحديد والصلب الذى يعد العمود الفقرى للتنمية الاقتصادية والنمو الصناعى يواجه تحديات اقتصادية وجيوسياسية تتسم بتفتت الأسواق العالمية، وتراجع حرية التجارة لصالح سياسات وطنية صناعية وتجارية أكثر تشددًا وانغلاقًا على نحو يقيد قدرة الدول النامية على النفاذ إلى الأسواق العالمية.

وأضاف أن الثورة الرقمية والتحول الأخضر فرضا تحديات أخرى على قطاع الحديد والصلب، فعلى الصعيد التكنولوجى يشهد القطاع عالميًا إعادة صياغة لطرق الإنتاج عن طريق المصانع الذكية وتقنيات التعدين المتطورة، وعلى مستوى أهداف المناخ يشهد القطاع ضغوطًا عالمية من أجل التحول إلى الحياد الكربونى، والتى دفعت الدول والتكتلات الاقتصادية مثل الاتحاد الأوروبى إلى فرض آليات مقيدة لحرية التجارة، أبرزها آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) التى سيبدأ العمل بها مع بداية العام المقبل 2026 رغم أنها تعد إجراءً أحاديًا يتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية وكذلك الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.

قال محيى الدين، إن تعزيز القدرة التنافسية والابتكار لدى قطاع الحديد والصلب العربى يتطلب الاستثمار المشترك فى البحث والتطوير حول تكنولوجيا الصلب الأخضر والرقمنة وكفاءة الطاقة، وإنشاء مراكز إقليمية للتميز لتدريب الكفاءات ومشاركة أفضل الممارسات، وتشجيع المشروعات المشتركة بين شركات الصلب العربية لتحقيق وفورات الإنتاج وتعزيز المنافسة عالميًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved