هل فقد الدولار هيمنته على التجارة العالمية.. وما هو البديل؟
آخر تحديث: الثلاثاء 13 مايو 2025 - 2:22 م بتوقيت القاهرة
محمد فوزي
-
حسن علي: ترامب تسبب في فقدان الثقة في الدولار كعملة احتياطي مركزية
-
جودة عبد الخالق: لا بد من فك ربط الجنيه بالدولار واللجوء لسلة عملات أخرى
يرى اثنان من خبراء الاقتصاد، أن السياسة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ستؤدي إلى فقد الدولار هيمنته على التجارة العالمية، واهتزاز ثقة المستثمرين في العملة الأمريكية كملاذ آمن، وهو ما يُحدث تغيرات كلية في الاقتصاد العالمي، مشيرين في الوقت نفسه، إلى أنه لا يوجد عملة تستطيع أن تحل محل الدولار في الوقت الحال، كعملة احتياطي مركزية في جميع بلدان العالم.
جاء ذلك خلال ندوة أقامها مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية، أمس الاثنين، في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بعنوان "مستقبل الدولار ومصير العولمة".
وقال الدكتور حسن علي أستاذ الاقتصاد الفخري في جامعتي ولاية أوهايو، والنيل، إن هيمنة الدولار على حجم التجارة العالمية تقلصت إلى 59% حاليا، مقابل 77% في تسعينات القرن الماضي، متوقعا المزيد من التراجعات خلال الفترة المقبلة، في ضوء سياسات ترامب.
وأضاف أن أمريكا في ظل ولاية ترامب تفقد دور الريادة العالمية، والحمائية، متابعا: «ترامب هو أسوأ شيء حدث لأمريكا ويتعامل بعقلية المقاول في حل المشكلات الاقتصادية».
وذكر أن استخدام أمريكا للدولار كسلاح اقتصادي، أفقد العملة الأمريكية الثقة فيها لدى الدول والمستثمرين، موضحا أن السياسات الأمريكية أثناء وضع العقوبات الاقتصادية دفع إلى ضرورة وجود تكتلات إقليمية، تبحث عن بدائل أخرى للدولار، مثل العملات الرقمية والافتراضية.
ويقصد «علي» باستخدام الدولار كسلاح اقتصادي، بالسياسات التي تمنع الدول الواقع عليها عقوبات اقتصادية من استخدام نظام "السويفت" لتبادل العملات، أو تجميد العملة الأمريكية التي تملكها الدولة المُعاقبة، «لذلك نرى تكتلات جديدة مثل مجموعة "البريكس" تبحث عن إيجاد أنظمة بديلة للسويفت، وعملات تجارة أخرى غير الدولار».
ولفت إلى أن بعض الدول أصبحت تزيد من كميات الذهب في الاحتياطي النقدي الأجنبي لديها، بدلا من الدولار، وهو ما يُشير إلى زعزعة الثقة في العملة الأمريكية مؤخرا، رغم كونها ملاذا آمنا لمدة عقود.
ورغم تراجع هيمنة الدولار نسبيا، إلا أن "علي" يرى أنه لا يوجد عملة تستطيع أن تحل محل العملة الأمريكية في الوقت الحالي، لأنها تتمتع بعدة خصائص، تفقدها بقية العملات الأخرى.
وذكر أن الاقتصاد الأمريكي مازال هو الأكبر بين دول العالم، وهو ما يعطي العملة الأمريكية الهيمنة على التجارة العالمية، متابعا: «عملة الاحتياطي المركزي يجب أن يتوفر منها سيولة نقدية هائلة في بلدان العالم، لتجنب أي هزات سعرية تتعلق بحجم العرض، وهذا ينطبق على الدولار فقط».
وتابع: «أمريكا لن تتنازل عن كون الدولار هو العملة الرئيسية في الاقتصاد العالمي» مرجعا ذلك إلى حجم الفوائد التي تعود على الاقتصاد الأمريكي نتيجة أن الدولار هو صاحب الهيمنة العالمية.
وقال إن تكلفة طباعة الـ100 دولار تتراوح بين 0.40 إلى دولار واحدا فقط، ما يعني أن أمريكا تعطي هذه الورقة للعالم مقابل سلع وخدمات هائلة، يزيد ثمنها أضعاف أضعاف الدولار الواحد.
واتفق معه، الدكتور جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ووزير التضامن الأسبق، قائلا: «أمريكا تعيش الطور الخامس من حياة الأمم وهو طور الإسراف والتبزير»، موضحا أن الأمم والحضارات تمر بخمس أطوار، منذ البداية وحتى الانهيار، والاقتصاد الأمريكي في المرحلة النهائية من وجهة نظره.
وأضاف أن قوة الاقتصاد الأمريكي في تراجع باستمرار، مستدلا على ذلك بانخفاض معدلات الادخار إلى نحو 4%، فيما يتجاوز في الصين الـ40%.
وتابع: «طالما الاقتصاد الأمريكي في تراجع مستمر، سيتبعه انخفاض في قوة الدولار بكل تأكيد»، ولكنه يرى أن بدائل الدولار كعملة مركزية غير متاحة حاليا.
ويرى أن الاقتصاد العالمي يشهد تطورات جذرية، بسبب تراجع الحجم النسبي للاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى سياسات ترامب الغاشمة على حد وصفه، متخوفا من أن هذه السياسات تدفع العالم إلى أزمة اقتصادية طاحنة.
وبالإجابة عن سؤال، ماذا عن مصر في ظل هذه التطورات؟، يرى عبد الخالق أن المجتمع المصري يستهلك أكثر مما ينتج، وهو ما يعمق الأزمات الاقتصادية الحالية، ويزيد من حجم المديونية، وعجز الميزان التجاري.
وتابع: «علينا أن نفكر جديا في فك الربط بين الجنيه والدولار، وربط العملة الوطنية بسلة عملات رئيسية وليس العملة الأمريكية فقط»، مضيفا أنه يجب أن نتوخى الحذر من فتح الباب على مصرعيه للأموال الساخنة، والتي نفقدها سريعا مع وجود أي توترات اقتصادية أو جيوسياسية.