شتاء قاسٍ يهدد أوروبا وسط مخاوف من إمدادات الغاز الطبيعي
آخر تحديث: الثلاثاء 14 يناير 2025 - 3:49 م بتوقيت القاهرة
محمد المهم ووكالات
• بلومبرج: مصر عرضة للخطر مع تحولها لمستورد للغاز واحتياجها إلى عشرات الشحنات
يشهد العالم سباقًا محمومًا على الغاز الطبيعي، حيث تواجه أوروبا صعوبات في ضمان مخزون كافٍ للشتاء المقبل، رغم انخفاض الأسعار مؤخرًا.
واستنزفت موجة البرد الأخيرة المخزون، كما زاد وقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا من الأزمة أيضا.
وخلال تعاملات اليوم، هبطت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 4% لتصل إلى 3.78 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
وتضع الأزمة الدول الفقيرة الناشئة في آسيا وأميركا الجنوبية في خطر الخروج من السوق بسبب ارتفاع الأسعار.
ولأول مرة منذ أن فاقمت الحرب الروسية في أوكرانيا أزمة الطاقة، تواجه أوروبا خطر عدم تحقيق أهداف تخزين الغاز للشتاء المقبل، ما يهيئ الساحة لسباق محموم للحصول على الإمدادات قبل أن تبدأ السعة الإنتاجية الجديدة للغاز الطبيعي المسال في تخفيف الأزمة العام المقبل.
ورغم امتلاك أوروبا لاحتياطيات كافية لتجاوز الشتاء الحالي، وانخفاض الأسعار منذ بداية السنة الحالية، إلا أن المخزون يتناقص بسبب موجة الطقس البارد التي اجتاحت القارة نهاية الأسبوع.
كما تقلصت خيارات الإمدادات منذ بداية العام مع توقف عمليات نقل الغاز عبر خطوط أنابيب روسيا عبر أوكرانيا بعد انتهاء اتفاقية العبور.
قال فرانسيسكو بلانش، خبير استراتيجي في السلع الأساسية في "بنك أوف أميركا": "ستشهد أوروبا بالتأكيد فجوة طاقة العام الجاري. هذا يعني أن كل الغاز الطبيعي المسال الإضافي الذي سيدخل السوق العام الحال سيستخدم لتعويض هذا النقص في الغاز الروسي".
ولتلبية الطلب المتوقع، ستحتاج أوروبا إلى استيراد ما يصل إلى 10 ملايين طن إضافية من الغاز الطبيعي المسال سنوياً ، أي بزيادة حوالي 10% عن 2024، وفق ما ذكره سول كافونيك، محلل الطاقة في شركة "إم إس تي ماركي" (MST Marquee) في سيدني.
وقد تساعد المشاريع الجديدة لتصدير الغاز في أمريكا الشمالية في تخفيف نقص المعروض في السوق، لكن ذلك يعتمد على مدى سرعة تشغيل هذه المنشآت وزيادة إنتاجها.
ومع قلة الخيارات لإعادة ملء المخزونات استعداداً للشتاء المقبل، ستحتاج أوروبا إلى شحنات الغاز الطبيعي المسال، ما يعني سحب جزء منها من آسيا، موطن أكبر المستهلكين في العالم.
وعلى وقع مدى تطور الطلب، قد يسفر التنافس عن زيادة الأسعار إلى مستويات لا تستطيع دول مثل الهند ومصر وبنجلاديش تحملها، علاوة على أنها ستشكل ضغطاً على تعافي اقتصاد ألمانيا.
وما زالت عقود الغاز المستقبلية في أوروبا، التي تؤثر عادة على أسعار الغاز الطبيعي المسال الفورية في آسيا، ما أعلى 45% تقريباً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وتُتداول العقود بنحو 3 أضعاف مستوياتها ما قبل الأزمة حتى الآن خلال 2025.
قال جايسون فير، رئيس وحدة تحليل المعلومات التجارية العالمية في شركة الوساطة بمجال الطاقة "بوتن أند بارتنرز" (Poten & Partners ) في هيوستن: "سيتفاقم ارتفاع الأسعار إذا استُنزف مخزون منطقة آسيا والمحيط الهادئ أيضاً، ما سيقود لمنافسة على الشحنات".
ولا يعد إيجاد بدائل للغاز أمراً سهلاً لجميع المرافق والقطاعات، ما يشكل تحدياً خاصاً لألمانيا التي كانت تعتمد على روسيا لتلبية أكثر من نصف إمداداتها من الغاز قبل الغزو الروسي لأوكرانيا خلال 2022.
وتعتبر مصر أيضاً عرضة للخطر. فبعد أن فاجأت السوق العام الماضي بتحولها من مُصدر للغاز الطبيعي المسال إلى مستورد نتيجة انقطاعات التيار الكهربائي خلال الصيف، رفعت البلاد مشترياتها إلى أعلى مستوى منذ 2017، وفق بيانات تتبع شحنات جمعتها بلومبرج. ومن المرجح أن تحتاج مصر إلى عشرات الشحنات العام الحالي لمواجهة حرارة الصيف.
وبالنسبة لبائعي الغاز الطبيعي المسال، الذين يستفيدون بالفعل من الأسعار المرتفعة، تمنحهم الأزمة فرصاً جديدة، ففي بعض الحالات، قد يتمكن المنتجون من زيادة سعتهم الإنتاجية كما حدث خلال أزمة 2022، بحسب أوجان كوسي، المدير الإداري في شركة الاستشارات "أكسنتشر"(Accenture).
وتعتمد التوقعات إلى حد كبير على سرعة تشغيل منشآت الإنتاج الجديدة.
وخلال العام الماضي، كان النمو محدوداً إذ أوقفت مصر الصادرات، وعانت محطة الغاز الطبيعي المسال الروسي الجديد "أركتيك إل إن جي 2" (Arctic LNG 2) من عقوبات أمريكية، وفق لورا بيج من شركة البيانات قطاع الطاقة "كبلر".
وما زالت روسيا ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ولكن قدرة البلاد على الحفاظ على صادراتها تبقى موضع تساؤل، خاصة بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على منشأتين صغيرتين الجمعة الماضية. هذه العقوبات، إلى جانب تأخر مشروع "أركتيك إل إن جي 2" الرئيسي بسبب نقص المعدات والخدمات الرئيسية، قد تؤخر اكتماله تماماً لمدة تتراوح من عامين إلى ثلاثة أعوام، بحسب كلوديو ستوير، مستشار الطاقة وعضو هيئة التدريس في مؤسسة "آي إتش آر دي سي" التعليمية في بوسطن.
ورغم أن الطقس المعتدل في آسيا خفف الطلب، إلا أن شح المعروض في الأسواق يزيد من خطر التقلبات الناتجة عن الظروف الجوية القاسية أو مشكلات الإمدادات. وبرزت هشاشة جانب الإنتاج بسبب تعطل بعض المنشآت في أستراليا وماليزيا العام الماضي.
لكن هناك أمل في تحسن الوضع قريباً. بداية من 2026، من المتوقع أن تبدأ المشاريع المتأخرة بنهاية الأمر في شحن الوقود. في ذلك الوقت، ربما تتحول الأسواق التي تعاني من نقص المعروض إلى أسواق تتمتع بالوفرة، وفق توقعات شركة "جيفريز فاينانشال غروب" (Jefferies Financial Group).