كيف يؤثر الشطب الاختياري للشركات على البورصة؟.. محللون يجيبون
آخر تحديث: الثلاثاء 14 يناير 2025 - 4:51 م بتوقيت القاهرة
سارة حمزة
يرى عدد من المحللين أن الشطب الاختياري للشركات من البورصة سيؤثر سلبا على السيولة في السوق، ويخفض قيمة رأس المال السوقي، كما يقلل جاذبية السوق للمستثمرين الأجانب، وهناك من يرى أن الشطب الاختياري مؤشر جيد ويعطي فرصة لقيد أدوات جديدة كالصناديق الاستثمارية.
-الشطب الاختياري مؤشر جيد وفرصة لقيد أدوات جديدة
قال سمير العلايلي، رئيس مجلس إدارة شركة إنفيستا كابيتال للاسثتمارات المالية ورئيس جمعية ملائكة الأعمال، إن الشطب الاختياري للشركات مؤشر جيد ويعني أن البورصة تعمل بشكل صحيح، كما أنه يساهم في إتاحة المجال لقيد أنواع مختلفة من الشركات والصناديق الاستثمارية.
وأضاف العلايلي في تصريحاته لـ"الشروق"، أن البورصة المصرية تفتقر إلى قيد الصناديق العقارية أو صناديق الاستثمار المباشر، موضحا أن الاستثمار العقاري في مصر دائما ما يوجه مشكلة في السيولة، بمعنى أن مالك العقار يستغرق وقت طويل لبيعه واستراد أمواله، لكن الصناديق العقارية يمكن الاستثمار فيها بمبالغ قليلة ويمكن التخارج منه بشكل سريع.
وأكد العلايلي أن السوق المصري برغم العديد من المشكلات التي يواجها الإ أنه في المركز الثاني بعد السوق السعودي على مستوى الأسواق العربية من حيث أحجام التداول، وتأتي البورصة المصرية على مستوى القارة الإفريقية، أيضا بالمركز الثاني بعد جنوب إفريقيا.
وأشار العلايلي إلى ضرورة وضع قواعد لقيد الشركات الناشئة وتسهيل قيدها بالبورصة لأن هناك شركات أحيانا تعتبر مبهمة وغير مفهومة وقيدها يساهم في إيضاح رؤية ومعرفة تلك الشركات.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت شركة حديد عز الشطب الاختياري من بورصتي مصر ولندن، وأرجعت ذلك إلى 3 أسباب تشمل ارتفاع المخاطر في ضوء ما تشهده الصناعة من تقلبات ناتجة عن انتشار الإجراءات الحمائية في أوروبا، وتجنب تداعيات تقلبات سعر السهم، ورفع الضغوط عن المستثمرين وسط نظرة مستقبلية تتسم بالمخاطر نتيجة زيادة الفوائض الإنتاجية من الصلب عالميًا.
وفي أكتوبر 2024، كشفت شركة "دومتي" في إفصاح للبورصة عن تلقيها عرض شراء إجباري من شركة "آرلا فودز" الدنماركية للاستحواذ على كامل أسهمها بنسبة 100% بتقييم مبدئي غير ملزم بنحو 8.9 مليار جنيه بسعر بـ31.48 جنيه للسهم الواحد، وتعتزم الشركة الدنماركية شطب "دومتي" من البورصة .
-القيمة الحقيقية للشركات حاليا أعلى بكثير من "السوقية"
قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن الوقت الحالي هو وقت الاستحواذات لأن القيمة الحقيقية للشركات حاليا أعلى بكثير من القيمة السوقية، ما يدفع الشركات لشطب أسهمها.
وأضاف حسن في تصريحاته لـ"الشروق"، أنه مع تحقيق الشركات معدلات نمو وأرباح جيدة خلال الفترة الماضية، ومع ضعف حالة البورصة فالوقت مناسب لأصحاب الشركات لاسترداد شركاتهم، مؤكدا أن أسعار شطب الأسهم أعلى من سعرها بالسوق بنسب تتراوح بين 20% و70% ما يدل على تدني قيم الأسهم بالسوق، لذلك نشهد عمليات الشراء من قبل المساهمين.
ويرى حسن أن عملية شطب الشركات الكبرى سيكون لها أثر سلبي على السوق، خاصة أنه لم يقابلها طروحات بنفس القيمة خلال الوقت الراهن ما يخفض من قيمة رأس المال السوقي ويتسبب في تراجع السيولة ويعرض السوق لضغط بيعي من قبل المستثمرين الأجانب.
ولفت إلى أن الوقت الحالي وقت استحواذات وليس وقت طروحات، مستبعدا أن يكون القطاع الخاص قادرا على طرح شركات بالبورصة خلال الفترة الحالية، مضيفا أن الشركات التي تم شطبها بعد إتمام عمليات الاستحواذ لأنها أصبحت غير متوافقة مع قواعد القيد التي تشترط ألا تقل نسبة الأسهم حرة التداول عن 10%.
وأضاف أن مساهمة البورصة في الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2008 كان تصل إلى 90%، لكن بنهاية العام الماضي بلغت 15% فقط، لذلك لرفع مساهمتها مرة أخرى يجب أن تستقر السياسة الاقتصادية من قبل الحكومة، بالإضافة إلى إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية ووضع محفزات ضريبية للشركات المقبلة على الطرح بالبورصة، وزيادة حصص طرح الشركات الحكومية وتنفيذها بشكل سريع والبدء بشركات قوية.
وخلال مؤتمر صحفي السبت الماضي، قال أحمد الشيخ رئيس البورصة، إن "الحكومة عندما طرحت حصتها في عدد من الشركات كانت النتيجة هي شطب الشركات من البورصة، ضاربا المثال بشركتي "الدخيلة" و"باكين"، موضحا أن الحكومة عندنا طرحت حصصها في هذه الشركات، زاد نصيب المستثمر الاستراتيجي إلى أكثر من 20% فاضطر إلى تقديم عرض شراء إجباري وشطب الشركة في النهاية"، مشيرا إلى أنه من المفترض أن يكون طرح الحصص الحكومية في الشركات لسوق المال إيجابيا على السوق ولكن يحدث عكس ذلك.
وقال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة النعيم، إن أبرز أسباب التي تدفع الشركات للشطب الاختياري أن هناك من يرغب في تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى مثل التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل أو تنفيذ عمليات إعادة هيكلة أو تجنب الضغوط التنظيمية المتزايدة التي تفرضها هيئة الرقابة المالية على الشركات المدرجة أو تسهيل عملية استحواذ من قبل شركة أخرى .
وأضاف النمر في تصريحاته لـ"الشروق"، أنه عندما يتم الاستحواذ على شركة مدرجة فإن الشركة المستحوذة غالبًا ما تقوم بشطبها من البورصة لتجنب تكاليف الإدراج المزدوج وتبسيط هيكل الملكية.
ويرى النمر أن الشطب الاختياري يؤدي إلى تقليل عدد الشركات المدرجة، ما يقلل من خيارات الاستثمار المتاحة للمستثمرين ويؤثر سلبًا على حجم التداول، كما أنه يؤدي إلى انخفاض السيولة ما يصعب من عمليات شراء وبيع الأسهم بسهولة وبأسعار عادلة، كما أن بعض المستثمرين يرون أن عمليات الشطب مؤشر على ضعف أداء الشركة أو وجود مشاكل مالية، مما يؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين في السوق بشكل عام.
وأوضح النمر أن الشطب يؤدي إلى انخفاض قيمة المؤشرات الرئيسية للبورصة، ما يؤثر على أداء السوق بشكل عام ما يوسع الفجوة بين السوق المصري والأسواق المنافسة، كما أن السوق يصبح أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب.
وكانت آخر الشركات التي أعلن عن شطبها اختياريا "باكين" في سبتمبر 2023، بعد أن استحوذت شركة الأصباغ الإماراتية على نسبة 80.66% من أسهم رأس مال باكين بسعر 39.80 جنيه للسهم بقيمة إجمالية 770.456 مليون جنيه خلال مايو من نفس العام.
من جانبه يرى محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن من أسباب الشطب الاختياري هي ضعف التسعير وتوقعات مستقبلية إيجابية، محدودية الخيارات، سهولة الاستحواذ.
وأضاف عبدالحكيم في تصريحاته لـ"الشروق"، أنه كلما زاد رأس المال السوقي للشركات المدرجة في البورصة كنسبة من الناتج المحلي، كان ذلك مؤشرا جيدا على ديناميكية تمويل المشروعات، وتوفير البدائل الاستثمارية من ناحية أخرى، قد يكون مناسبا لحالتنا حاليا في مصر ألا تنخفض مساهمة البورصة من الناتج المحلي الإجمالي عن 20%.