كيف جاء الضوء الأخضر الأمريكي لإسرائيل بتنفيذ الهجوم على إيران؟
آخر تحديث: السبت 14 يونيو 2025 - 12:15 م بتوقيت القاهرة
هدير عادل
لوّحت إسرائيل منذ فترة طويلة باستعدادها لشن ضربات على المنشآت النووية الإيرانية للقضاء على "التهديد الوجودي" ضدها.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعى لتأجيل هذه العملية العسكرية، مؤكدًا إمكانية التوصل لاتفاق مع طهران خلال المفاوضات التي جرت بين البلدين بشأن الملف النووي بوساطة عمانية.
ويوم الخميس الماضي، استبعد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن تشن إسرائيل هجوما على إيران دون الحصول على "ضوء أخضر" من واشنطن، قائلاً: "هذا السيناريو مستبعد برأيي".
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أمس الجمعة، تقريرًا تناولت فيه كيف قرر ترامب دعم الهجمات الإسرائيلية على إيران، بعدما عارض الأمر في أحد الأوقات.
مؤشرات على تحول موقف ترامب
خلال فعالية بمركز كينيدي، مساء الأربعاء، سحب السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام الرئيس الأمريكي جانبًا من أجل إجراء محادثة سريعة بشأن إيران.
وفي حين أثنى جراهام على الطريقة التي تتعامل بها إدارة ترامب مع الملف النوي بدون التسبب في خسائر بالأرواح، قال ترامب عن المفاوضات المتعثّرة مع طهران: "نعم، نحاول. لكن أحيانًا عليك فعل ما يجب فعله".
واستوعب جراهام العبارة بأنها إشارة من ترامب إلى احتمال وقوع ضربة إسرائيلية على عدوها القديم.
ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، جاء هذا اللقاء في منتصف أسبوع سيشهد تحول في موقف ترامب من محاول ثني إسرائيل عن شن هجوم على إيران إلى دعم ضرباتها الجوية المفاجئة على المنشآت النووية الإيرانية وكبار قادتها العسكريين، وهو تحوّل وصفته الصحيفة بـ"المفاجئ الذي أكد الآفاق المتآكلة للتوصل لاتفاق".
وقال ترامب، يوم الجمعة، إنه على دراية بخطط الهجوم الإسرائيلي، ودفع بأن العملية العقابية تجعل اتفاقًا نوويًا أكثر احتمالًا، رغم حديث إيران عن الانسحاب من الجولة السادسة من المفاوضات التي كان من المقرر انعقادها يوم الأحد.
وبدا ترامب أقل تفاؤلًا بكثير مطلع الأسبوع. وقال مسئولون أمريكيون إن ترامب استدعى، يوم الأحد الماضي، فريقه للأمن القومي إلى كامب ديفيد، وأخبرهم خلال نقاش بشأن الشرق الأوسط أنه يشعر بتشاؤم متزايد حيال إمكانية موافقة طهران على الاتفاق.
وكان ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستعدان للتحدث في اليوم التالي، وقال الرئيس الأمريكي إنه سيخبر نتنياهو بتأجيل أي هجمات حتى وصول الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف نهايتها.
وفي مارس، أرسل ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني رسالة حدد فيها مهلة شهرين بمجرد بدء المفاوضات للتوصل لاتفاق، وهي المهلة التي وصلت خط النهاية يوم الخميس.
لكن خامنئي رفض اقتراحا أمريكيا بالسماح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم مؤقتا في البلاد، إذا وافقت في نهاية المطاف على وقف عمليات الطرد المركزي المحلية.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، دائمًا ما كان يتردد في الخلفية ضغط نتنياهو لشن ضربات على المواقع النووية الإيرانية، وهو التهديد الذي كان يلوح في الأفق بشكل أكبر من أي وقت مضى.
وخلال مكالمة هاتفية مع نتنياهو، قال ترامب إنه يريد استمرار الدبلوماسية مع طهران لفترة أطول قليلًا، لكن حتى ترامب كان يفقد الثقة في استراتيجيته.
وقال مسئولون أمريكيون، إن نتنياهو أثار اعتراضه الذي غالبًا ما أعرب عنه حول أن إيران لن تعقد الاتفاق الذي يريده ترامب، وأن إسرائيل بحاجة إلى مواصلة الإعداد للضربات. وبدا أن ترامب استوعب الرسالة، بحسب "وول ستريت جورنال".
وكان نتنياهو يسعى لسنوات إلى درء المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة مع إيران بشأن برنامجها النووي، بحجة أن لا شيء سوى تدمير أجهزة الطرد المركزي الضخمة للتخصيب وغيرها من المرافق ما يمكنه ضمان عدم قيام طهران بتطوير قنبلة سرا.
ضوء أخضر مُبطّن
وأكد مسئولون مطلعون لـ"وول ستريت جورنال"، أن ترامب تحدث مع نتنياهو مجددًا، يوم الخميس، حيث أخبر الأخير الرئيس الأمريكي أنه آخر يوم في مهلة الـ60 يومًا لإبرام اتفاق مع إيران، وأوضح أنه لم يعد بإمكان إسرائيل الانتظار، مشيرا إلى أنه على إسرائيل الدفاع عن نفسها وتنفيذ الموعد النهائي الذي حدده ترامب بنفسه.
ورد ترامب على هذه الكلمات بالقول إن الولايات المتحدة لن تعترض الطريق، وفقًا لما قاله مسئولون بالإدارة الأمريكية لـ"وول ستريت جورنال"، لكنه أكد أن الجيش الأمريكي لن يساعد في أي عمليات هجومية.
وفي البيت الأبيض، قال ترامب للصحفيين، إنه لن يصف الهجوم بـ"الوشيك"، موضحًا أنه "شيء يمكن جدًا أن يحدث". وزعم أنه في حين تقترب الولايات المتحدة وإيران من إبرام اتفاق، يمكن للضربات الإسرائيلية أن تنهي الأمر.
وشنت إسرائيل عمليتها بينما كان ترامب في نزهة، مساء الخميس، على أرض البيت الأبيض مع أعضاء الكونجرس. وانضم لاحقًا إلى نائبه جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وغيرهما من كبار المسئولين، لمراقبة الأحداث من غرفة العمليات.
وقال روبيو، خلال بيان، إن إسرائيل نفذت الضربات أحاديًا، موضحا أن الولايات المتحدة لم تلعب دورًا في الهجوم، مقرا بأن إسرائيل أخطرت واشنطن بالعملية قبل البدء فيها.
وسرعان ما اعتبر ترامب، الذي بدأ الأسبوع بالتردد في شن هجوم على إيران، الضربات ناجحة، وأن بإمكانها دفع جهوده الدبلوماسية.