العمال المهاجرون الكمبوديون يواجهون مستقبلا غامضا مع عودتهم إلى الوطن بسبب الصراع الحدودي مع تايلاند

آخر تحديث: الخميس 14 أغسطس 2025 - 10:34 ص بتوقيت القاهرة

كامرينج (كمبوديا) - (أ ب)

يتدفق مئات الآلاف من العمال المهاجرين الكمبوديين عائدين من تايلاند، بينما تعمل الدولتان على الحفاظ على وقف إطلاق النار في الاشتباكات المسلحة على طول حدودهما المشتركة.

وتصاعدت التوترات بين البلدين بسبب نزاعات على جيوب من الأراضي الممتدة على طول الحدود البالغ طولها 800 كيلومتر (500 ميل). وأسفرت اشتباكات استمرت خمسة أيام في يوليو عن مقتل ما لا يقل عن 43 شخصا وتشريد أكثر من 260 ألفا في كلا البلدين بجنوب شرق آسيا.

ويبدو أن وقف إطلاق النار الهش، الذي توسطت فيه ماليزيا بدعم من الولايات المتحدة والصين، ما زال صامدا بينما يحاول المسؤولون معالجة القضايا الجوهرية وراء النزاع. ودفع هذا الوضع كثيرا من العمال المهاجرين العائدين إلى كمبوديا للتساؤل عن كيفية تدبر أمورهم بعد أن تركوا وظائف كانت تمكنهم من إرسال المال إلى عائلاتهم.

كري فارت، عامل دواجن / 56 عاما/ قال إنه بدأ في حزم أمتعته بعد أن قرأ منشورا لرئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت على فيسبوك، يحث فيه المهاجرين على العودة إلى كمبوديا.

وأضاف وهو جالس على عتبة باب ممسكا حقيبتين كبيرتين ومروحة كهربائية ضخمة: "لا أعلم ما إذا كانت المعارك ستتوقف حقا، ومع تقلص عدد الكمبوديين في تايلاند، شعرت بالقلق. لم أرغب في أن أكون آخر مهاجر كمبودي في تايلاند".

وتابع قائلا: "لقد أصابني الخوف بسبب النزاع الحدودي"، مشيرا إلى أنه كان واحدا من آلاف الكمبوديين الذين تدفقوا كتفا إلى كتف عبر بوابة داونج الدولية الأسبوع الماضي، حاملين حقائب ملونة، وأجهزة كهربائية وحتى آلات جيتار، تحت حرارة بلغت 40 درجة مئوية.

وقال: "الكثير ممن أعرفهم من الكمبوديين العاملين في تايلاند فروا. كل يوم كان المزيد منا يهرب".

وتتعدد أسباب فرار الكمبوديين من تايلاند. فقد أفاد نشطاء حقوقيون بأن بعض العمال المهاجرين تعرضوا لهجمات من عصابات شبان تايلانديين، بينما أثارت شائعات غير مؤكدة الذعر بين آخرين، مفادها أن الحكومة الكمبودية ستصادر أراضيهم وتسحب جنسياتهم إذا لم يعودوا إلى وطنهم بحلول منتصف أغسطس.

وتقدّر وزارة العمل والتدريب المهني في كمبوديا أن 2ر1 مليون كمبودي كانوا يعملون في تايلاند عندما بدأت النزاعات الحدودية في التصاعد في يونيو. وبحسب تقديرات الوزارة، فقد عاد إلى كمبوديا نحو 780 ألفا، أي نحو 65% منهم، وفق ما قاله المتحدث باسم الوزارة، سون ميسا.

وأكد المتحدث أن بإمكان هؤلاء العثور على وظائف في بلادهم بنفس مستوى الأجور والمزايا، لكن كثيرا ممن دفعهم الفقر أو تغير المناخ للعمل في تايلاند أبدوا شكوكهم.

وقالت توك هوي / 26 عاما / والتي تركت وظيفتها في مصنع جلود جنوب بانكوك كانت تمكنها من إرسال 70 دولارا إلى 100 دولار شهريا إلى والديها: "الآن بعد أن عدت، لن يكون هناك دخل لفترة من الوقت، وهذا سيضع أسرتي في موقف صعب للغاية".

وأضافت: "أنا آخر إخوتي غير المتزوجين، ما يعني أن مسؤولية إعالة والدي تقع علي. لا أعرف كيف سأتمكن من القيام بذلك الآن بعد أن عدت".

وأشارت إلى أن مشاحنات بسيطة بين العمال الكمبوديين والتايلانديين في المصنع، إلى جانب توسلات والدتها الليلية لها بالعودة، كانت من الأسباب التي دفعتها لاتخاذ قرار الرحيل، لكن الحاسم كان تصريح رئيس الوزراء الكمبودي السابق المؤثر هون سين، والد رئيس الوزراء الحالي، الذي قال إن تايلاند تستعد لغزو.

وقالت: "الآن بعد أن عدت، ماذا سأفعل لأكسب قوتي؟".

ويؤدي العمال المهاجرون دورا حيويا في قطاعات الزراعة والبناء والصناعات التحويلية في تايلاند، كما أنهم يرسلون إلى بلادهم ما يقارب 3 مليارات دولار سنويا، وفق بيانات وزارة العمل.

وقال ناثان جرين، أستاذ مساعد في الجغرافيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن فقدان هذا الدخل قد يكون مدمرا للأسر التي تعتمد عليه لسداد ديون كبيرة. وأضاف: "مثل هذه النزاعات تُظهر مدى هشاشة سبل عيش المهاجرين في كمبوديا".

ودعت "حركة الخمير من أجل الديمقراطية"، وهي منظمة مناصرة بالخارج، الحكومة إلى تأجيل سداد القروض وتقديم حوافز للشركات لتوظيف المهاجرين العائدين. وقالت رئيسة الجماعة، مو سوتشوا: "من دون ضمانات اقتصادية، لن تتمكن أسر المهاجرين العائدين من سداد ديونها، وستكون المؤسسات المالية على أعناقهم. نحن نتحدث عن أفقر الفقراء الذين سيُحرمون من مصادر الدخل".

من جهته، قال مينج ييم، الذي كان يحاول إيقاف سيارة أجرة بينما يراقب أمتعته، إنه تمكن من إرسال 20 ألف بات (حوالي 600 دولار) لعائلته أثناء عمله مديرا في مصنع مطاط بإقليم تشونبوري شرق تايلاند. وأوضح الرجل / 32 عاما / أن أكثر من 90% من الكمبوديين العاملين في المصنع غادروا.

وأضاف مينج ييم أنه يتوقع أن تكون عائلته بخير، لكن لن تتمكن من الادخار كما كان الحال عندما كان يعمل في تايلاند، معبرا عن تشاؤمه بشأن عودة الأمور إلى طبيعتها. وقال: "كمبوديا وتايلاند تحتاجان بعضهما البعض لتحقيق الازدهار، لكن في الوقت الحالي يبدو أننا ببساطة لا نستطيع التفاهم. آمل أن نتمكن من العمل في تايلاند مجددا يوما ما، لكن من يدري، ربما أكون قد تقاعدت بحلول الوقت الذي نتوقف فيه عن القتال".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved