من الرياض إلى بغداد: كيف حاولت القمم العربية وقف الإبادة الإسرائيلية في غزة؟

آخر تحديث: الأحد 14 سبتمبر 2025 - 2:04 م بتوقيت القاهرة

سوزان سعيد

يعد المشهد السياسي الحالي للشرق الأوسط هو الأكثر تعقيدًا منذ سنوات طويلة، إذ تنفذ إسرائيل منذ هجومها في السابع من أكتوبر 2023 على قطاع غزة، حملة إبادة جماعية ممنهجة على سكان القطاع بدعم أمريكي مطلق، تستخدم فيه كل أشكال العدوان، بدءًا من القصف الجوي والمدفعي، والذي أودى بحياة حوالي 65 ألف شهيد، و170 ألف وجريح، بالإضافة إلى نزوح جميع السكان البالغ عددهم 2 مليون فلسطيني، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

كما تستهدف قناصة الاحتلال طالبي المساعدات عن طريق مؤسسة غزة الإنسانية والتي تديرها كل من إسرائيل والولايات المتحدة، ليقترب عدد شهداء لقمة العيش من 3000 شهيد وحوالي 20 ألف مصاب، بالإضافة إلى شهداء التجويع، والذي وصل عددهم إلى 420 شهيدًا من بينهم 30 طفلاً، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

ما زاد الأمر سوءًا هو مطالبة سلطات الاحتلال للفلسطينيين بمغادرة القطاع، بالإضافة إلى الإعلان عن احتلال غزة بالكامل باقتحامها بريًا وهو ما تنفذه قوات الاحتلال بالفعل حاليًا، مما ضاعف من أعداد الضحايا، بالإضافة إلى معاناة سكان القطاع المنكوب مع النزوح القسري منذ بداية الحرب.

في ظل هذا المشهد المرتبك، لم تقف الدول العربية والإسلامية مكتوفة الأيدي، تكتفي بالتصريحات، بل بادرت إلى عقد العديد من القمم العربية والإسلامية والتي تمخض عنها العديد من القرارات.


ويرصد التقرير التالي أهم القمم العربية والإسلامية التي عقدت منذ 7 اكتوبر2023 وحتى الآن، وأهم القرارات التي تمخضت عنها، وفقًا لموقع جامعة الدول العربية.

 

1-قمة الرياض الطارئة 2023: استجابة سريعة للوضع المأساوي بالقطاع

بادرت المملكة العربية السعودية بالدعوة لهذه القمة الطارئة، والتي عقدت في 11 نوفمبر 2023، أي بعد حوالي شهر من العدوان الإسرائيلي على القطاع، في استجابة للوضع الإنساني المأساوي داخل قطاع غزة، والذي اتسم باستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين وقصف المنازل والمستشفيات وانهيار البنية التحتية من شبكات مياه شرب وصرف صحي وكهرباء ووقود، بالإضافة إلى إغلاق إسرائيل للمعابر وعدم السماح بدخول المساعدات، ما زاد الوضع سوءًا داخل القطاع.

-إدانة الجرائم الإسرائيلية

حرصت القمة على تغطية كل الجوانب الإنسانية والقانونية والسياسية التي تضمن آليات للضغط على الجانب الإسرائيلي، واستكمال محاسبته قانونيًا في المحكمة الجنائية الدولية، على جرائم الحرب، وسياسيًا واقتصاديًا، وعسكريًا بعدم دعمه بالأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى التأكيد على أن ما يحدث في القطاع هو إبادة جماعية للمدنيين وليس دفاعًا عن النفس كما يدعي الاحتلال،بالإضافة إلى رفض قاطع ونهائي لكل أشكال التهجير القسري أو الطوعي للفلسطينيين داخل القطاع.

-دعم القضية الفلسطينية

وعن القضية الفلسطينية أكدت القمة أن السلام العادل والشامل لن يتحقق بدون حل الدولتين، مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى التشديد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للقضية الفلسطينية.

-دعم الشعب الفلسطيني

وعن تخفيف معاناة سكان قطاع غزة طالبت القمة بكسر الحصارعن غزة فورًا، وإدخال المساعدات الإنسانية، من غذاء، دواء، وقود، ودعم جهود مصر لإدخال المساعدات إلى غزة، بشكل مستدام وفوري، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ودعوة المنظمات الدولية للمشاركة في عمليات الإغاثة، ودعم "الأونروا"، كما طالبت القمة بإعادة إعمار القطاع.

وعن المجتمع الدولي، طالبت مجلس الأمن بقرارات إدانة ملزمة للجرائم الإسرائيلية داخل قطاع غزة، تضمن وقف العدوان.

2- قمة البحرين 2024: المطالبة بنشر قوات دولية في فلسطين المحتلة

عقدت قمة البحرين الـ33 في البحرين 16 مايو2024، في دورة الانعقاد العادية لجامعة الدول العربية، والتي اعتبرت فرصة لمناقشة الوضع المتفجر داخل قطاع غزة على مدار عام ونصف وقت إطلاق القمة.

-نشر قوات حفظ سلام دولية في فلسطين المحتلة

أكد البيان الختامي لقمة البحرين على توصيات مؤتمر الرياض، وهي وقف العدوان الإسرائيلي على غزة فوراً وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطق القطاع، بالإضافة إلى اقتراح نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التأكيد على رفض أي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني.

-إدانة السيطرة على معبر رفح ومنع إنفاذ المساعدات

أدان البيان أيضًا امتداد العمليات الإسرائيلية لمدينة رفح الجنوبية وسيطرتها على معبر رفح، والهجمات على قوافل المساعدات الأردنية وطالب بتحقيق دولي ضد هذه الاعتداءات.

-دعم القضية الفلسطينية وتحسين أوضاع الدول العربية

دعم البيان الختامي القضية الفلسطينية، وحث مجلس الأمن الدولي إلى إعادة النظر في قراره الصادر بشأن الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية في جلسته بتاريخ 18 أبريل 2024.

ركزت قمة البحرين في بيانها الختامي أيضًا على تحسين الأوضاع في الدول العربية، وعلى رأسها سوريا، مطالبًا بضرورة إنهاء الأزمة السورية بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، بالإضافة إلى التشديد على تحسين الوضع الصحي والتعليمي في الدول العربية وإيجاد بيئة مناسبة لتطوير اللقاحات في المنطقة العربية.

3- قمة القاهرة "الطارئة"2025: إجماع عربي على رفض التهجير ودعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة

عقدت في القاهرة في 4 مارس 2025، بعد تصريحات متكررة من الرئيس دونالد ترامب يطالب فيها مصر والأردن باستضافة الفلسطينيين في قطاع غزة، حتى انتهاء أعمال إعادة إعمار القطاع، ولم تكن تصريحات ترامب هي الولى، فقد صرح أكثر من مسئول إسرائيلي بذلك، بل وأنشأت إسرائيل منظمة لتسهيل الهجرة الطوعية للفلسطينيين خارج قطاع غزة.

-خطة مصرية لإعمار غزة دون الحاجة لتهجير الفلسطينيين

ركز البيان الختامي لقمة القاهرة على التأكيد على الإجماع العربي على دعم خطة إعادة إعمار قطاع غزة والتي تتيح للشعب الفلسطيني البقاء على أرضه دون تهجير، مع الترحيب بأي مقترحات أو أفكار من المجتمع الدولي لضمان نجاح هذه الخطة، والتي يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع خطة أكبر للسلام.

-دعم القضية الفلسطينية

ركز البيان الختامي على تطلع مصر للعمل مع الأشقاء العرب والرئيس "ترامب" والمجتمع الدولي من أجل تبني خطة تهدف إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وإنهاء جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبما يضمن أمن واستقرار شعوب المنطقة وإقامة الدولة الفلسطينية.

4- قمة بغداد 2025: العراق يحتضن قضايا العرب بعد غياب 13 عامًا

عقدت القمة العربية الـ34 في بغداد عاصمة العراق، في 17 مايو 2025.

وتعد الأولى بعد غياب للعاصمة العراقية عن استضافة مؤتمرات الجامعة لمدة 13 عامًا، إذ عقدت قمة بغداد التي سبقت نظيرتها الحالية في 2012.

-حضور محدود وغياب معظم القادة العرب

اقتصر حضور قمة بغداد على 8 قادة فقط وهم الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، رئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس جزر القُمر مباي محمد، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بالإضافة إلى الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، الذي تستضيف بلاده القمة.

كما حضر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.

وغاب كل من ملوك ورؤساء السعودية والإمارات، والكويت، والبحرين والمغرب، والأردن، بالإضافة إلى رؤساء تونس والجزائر، وعمان، ولبنان، وسوريا، وليبيا، وجيبوتي، والسودان.

-دعم للقضايا الفلسطينية والعربية

ركزت القمة على مركزية القضية الفلسطينية ومطالبة بوقف فوري للنار في غزة، وتجديد رفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني، ودعم الخطة العربية الإسلامية بشأن إعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وحث المجتمع الدولي بالضغط من أجل وقف إراقة الدماء في غزة.

لم يقتصر اهتمام قمة بغداد على القضية الفلسطينية فقط، كالمؤتمرات السابقة، بل ركز بيانها الختامي على دول عربية أخرى تشهد أوضاعًا جيوسياسية متوترة، مثل إدانة الاعتداءات الصهيونية على سوريا، والمطالبة بإيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع في السودان.

 

-قصف الدوحة يستدعي قمة طارئة جديدة

لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على فلسطين المحتلة سواءًا قطاع غزة أو الضفة الغربية، بل نفذت قوات الاحتلال الكثير من عمليات القصف والاعتداء المتكررة على كل من لبنان وسوريا، تحت ذريعة القضاء على قيادات حزب الله في البلدين، ولكن ما يعد حدثًا استثنائيًا خارج الأطر المعتادة هو قصف قوات الاحتلال لوفد حماس القائم بالتفاوض في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء الماضي، والذي أسفر عن مقتل 5 من قيادات حماس، بالإضافة إلى وكيل عريف قطري، ليعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن قطر ستستضيف القمة العربية الإسلامية الطارئة غدًا الاثنين، والتي تُعقد في ضوء التطورات الأخيرة بالمنطقة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved