زخم سينمائي كبير في الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي بعد عودته لمنطقة جدة
آخر تحديث: السبت 14 ديسمبر 2024 - 11:22 م بتوقيت القاهرة
خالد محمود
- أفلام مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحلق لمساحة أكبر من الحرية
- رئيس قسم البرمجة الدولية في المهرجان: لم أطلب من أي مخرج حذف جزء من أفلامه
- أفتاب: أحاول دائمًا اختيار أفلام تتجاوز الحدود
يحمل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الكثير مما يستحق الوقوف أمامه، حيث أصبح الحدث الطموح، لا سيما أنه يعد أول مهرجان وسوق سينمائي متكامل في السعودية، وبات سريعًا أحد المركز الرئيسية لصناعة السينما في المنطقة، والترويج لها كمنصة خاصة مما يشهده من اتفاقات على تسويق وتوزيع وصناعة أعمال سينمائية عربية جديدة.
وشهدت الدورة الرابعة من المهرجان حالة زخم سينمائي كبير بعد عودته لمنطقة جدة التاريخية.
ويقول كليم أفتاب، رئيس قسم البرمجة الدولية في المهرجان، إن الوطن هو الموضوع المناسب لدورة هذا العام، حيث يعمل المهرجان بشكل متزايد كمنصة رئيسية للسينما الإفريقية والعربية والآسيوية، وأصبح تأثيره الآن طوال العام من خلال عمل مؤسسة البحر الأحمر السينمائي.
وأوضح: "نحن نركز على ما يمكننا تحقيقه كمؤسسة وليس فقط كمهرجان"، مضيفًا أن 11 من أصل 122 فيلمًا عرضت في نسخة هذا العام تم تطويرها داخل منظومة البحر الأحمر، بما في ذلك فيلم الافتتاح "ضي"، وهو إنتاج مشترك سعودي مصري.
ويؤكد أفتاب، أن المهرجان يحظى بمكانة خاصة على رادار صناع الأفلام الدوليين، مما جعل استضافة العرض الأول لفيلم "نابولي-نيويورك" لجابرييل سالفاتوريس، استنادًا إلى سيناريو فيديريكو فيليني، وكذلك عرض أفلام مثل فيلم الإثارة الديستوبي "40 فدانًا" لـ RT Thorne، والذي كان عرضه العالمي الأول في تورنتو، وفيلم "Familiar Touch" لسارة فريدلاند، والذي فاز بثلاث جوائز في فينيسيا، وفيلم "Black Dog" للمخرج جوان هو، والذي فاز بجائزة نظرة خاصة بمهرجان كان السينمائي.
وتابع: "تقليدياً، كانت الأفلام الضخمة تأتي من الهند ومصر وهوليوود، ومن كوريا، من خلال موسيقى البوب الكورية، وتمكنا من جذب اهتمام الجمهور بأفلام مختلفة، مثل الأفلام النيجيرية "طريق الحرية"، و"أسطورة الملكة المتشردة في لاجوس"، أو الفيلم الوثائقي المكسيكي "حالة الصمت"، حيث أمكننا فتح فرص جديدة للجمهور وصناع الأفلام".
وعندما سُئل أفتاب عما إذا كانت الرقابة تشكل مشكلة في اختياره للأفلام، أوضح: "لم أطلب قط من أي مخرج حذف جزء من أفلامه في البرنامج الدولي، أحاول دائمًا اختيار أفلام تتجاوز الحدود، ولكننا نريد أيضًا أن نكون جسرًا بين الثقافات، أتخذ خياراتي بناءً على ما أشعر أنه سيثير حماس الجمهور، بشكل عام، أنا مهتم بعرض الأفلام التي يمكن أن تُعرض أيضًا في الدوائر التجارية، لكن هذا لا يحد من اختياراتي أبدًا للمشاركة في الاختيار الرسمي، واستشهد بأمثلة مثل فيلم "لقتل حصان منغولي" الذي يثير قضايا النزاعات الحدودية بين منغوليا والصين".
كما استشهد بالفيلم الإيراني "6 صباحًا" الذي يتناول مسألة سيطرة الدولة، والفيلم الصيني "صديقي آن ديلي" الذي يدور حول التعامل مع الصدمات، والدراما الاجتماعية البنجلاديشية "سابا" حول حقوق المرأة، وفيلم الرأس الأخضر "هانامي" الذي يدور حول إغراءات الهجرة.
واستطرد: "بالنسبة لي، فإن الفيلم الذي يجسد تمامًا الفروق الدقيقة المرتبطة باختيار هذا العام هو الفيلم الأفغاني "أغنية سيما" للمخرجة رويا سادات،" كما يوضح. "لأنه يقول إن حقوق المرأة ربما تطورت بشكل أكبر في ظل النظام الروسي، وأن التدخل الجيوسياسي الأمريكي أدى في الواقع إلى تراجع حقوقها."
ويرى أفتاب أن الأفلام من أفريقيا وآسيا والعالم العربي تشكل مجالات رئيسية محتملة لنمو السينما، سواء من حيث النجاح في المهرجانات أو شباك التذاكر.
واختتم: "أشعر أن بعض الأعمال التي يقوم بها البحر الأحمر، وخاصة في إفريقيا، وما نتطلع إلى القيام به في آسيا، يوفر منصة للأصوات التي ستقدم نظرة بديلة للعالم، وأعتقد أن هذا سوف يصبح أكثر إثارة للاهتمام مع مرور السنين".
وفيما يخص اختيارات المهرجان لهذا العام، فإن ما يقرب من نصف الأفلام إما عروض عالمية أو دولية أولى من 80 دولة، حيث تشمل هذه الدول دولة الرأس الأخضر الواقعة في غرب إفريقيا والتي يمثلها فيلم الواقعية السحرية "هانامي" للمخرجة دينيس فرنانديز، وبنجلاديش مع فيلم "سابا" للمخرج مقصود حسين، والذي يدور حول امرأة شابة هي الراعي الوحيد لأمها المصابة بالشلل النصفي في دكا.
وضمت الأفلام الستة عشر التي عرضت إقليمياً في مسابقة البحر الأحمر فيلم "إلى أرض مجهولة" للمخرج الدنماركي الفلسطيني مهدي فليفل، والذي عُرض في أسبوعي المخرجين في كان، وفيلم "الطريق الأحمر" للمخرج التونسي لطفي عاشور، والذي يصور نفسية مجروحة لراعي شاب، وفيلم "عائشة" للمخرج التونسي مهدي برصاوي، والدراما الساخرة الجريئة "صيفي" التي تتناول خطباً دينية محظورة من إخراج وائل أبو منصور.
وتشكل الأفلام من المملكة العربية السعودية نمطا جديدا بمهرجان البحر الأحمر، والتي تضم خمسة أفلام تعرض لأول مرة عالمياً تستكشف التغيرات المجتمعية في المملكة.
ومن الأمثلة على ذلك فيلم "هوبال"، الدراما الرمزية الجديدة للمخرج السعودي عبد العزيز الشلاحي الفائز بجائزة الجمهور، ويتتبع الفيلم عائلة بدوية أجبر أفرادها من قبل رب الأسرة على العيش في عزلة في الصحراء بسبب الخوف من مرض معدٍ خلال تسعينيات القرن العشرين عندما بدأت السعودية في الانفتاح على العالم الخارجي.
ومن بين الأعمال الدرامية الاجتماعية السعودية الأخرى في هذا القسم "سائقي وأنا"، وهو أول عمل للمخرجة السعودية عهد كامل التي تدربت في نيويورك.
ويحكي الفيلم قصة سلمى - فتاة سعودية شابة ومتميزة ومتمردة - وسائقها الإفريقي قمر، الذي ترك عائلته وانتقل إلى جدة لكسب لقمة العيش.
فيما تدور أحداث الفيلم في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، ويرى "سائقي وأنا" أن الاثنين "يشكلان صداقة غير متوقعة يتم اختبارها عندما تبدأ في قيادة السيارة" أوائل التسعينيات، فتتوالى سلسلة من الأحداث التي تهز أساس الأسرة ويجدونها في صراع بين الحياة والموت.
كما أن هناك أيضًا الساخر الاجتماعي "ليل نهار"، من إخراج المخرج عبد العزيز المزيني، الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والسعودية، والمزيني هو المخرج والمنتج وراء المسلسل التلفزيوني السعودي الشهير "مسامير"، والذي غالبًا ما يوصف بأنه النسخة السعودية من "ساوث بارك".
واتهمت النيابة العامة السعودية المزيني بالترويج للتطرف من خلال المسلسل الكرتوني، فضًا عن أنه من الأعمال العربية المذهلة فيلم الدراما الكوميدية "الصف الأمامي" للمخرج الجزائري الشهير مرزاق علواش، والذي يدور حول نزاع يندلع بين الأمهات اللائي يتنافسن على أفضل مكان على الشاطئ؛ وفيلم "عبده وسنية" للمخرج المصري عمر بكري، وهو فيلم صامت بالأبيض والأسود عن زوجين مصريين يهاجران إلى مدينة نيويورك بحثًا عن علاج للعقم دون أن يكون لديهما أي فكرة عن الحياة الأمريكية الحديثة.
من جهتها صرحت شيڤاني بانديا مالهوترا، المديرة الإدارية لمؤسسة البحر الأحمر السينمائية المنظمة للحدث، بأن المهرجان "كان من المفترض دائمًا أن يقام في منطقة جدة التاريخية، وقد فعل ذلك في نسخته الافتتاحية، ولكن فقط كهيكل مؤقت، بينما تم تشييد ساحة ثقافية، كما تُعرف بها خمس دور سينما وقاعة كبيرة تستضيف عروضًا متتالية من الصباح الباكر إلى وقت متأخر من الليل.
وتضيف مالهوترا: "سيوفر المكان الجديد فهمًا أفضل لما يريده الجمهور السعودي بعد سبع سنوات من رفع الحظر الديني على السينما حسبما ذكرت لـ"فارايتى".