ليلى موسى ممثلة قسد في مصر لـ «الشروق»: الاتفاق بين سوريا الديمقراطية والشرع ينهي عهد الوصايات
آخر تحديث: السبت 15 مارس 2025 - 10:28 م بتوقيت القاهرة
حوار – محمد خيال:
- قواتنا لن تندمج كأفراد فى الجيش السورى.. والمناقشات هدفها تحديد آليات المشاركة وليس الانصهار
- «قسد» الأكثر عددا وتسليحا وتدريبا تليها المجموعات الموالية للشرع
- تسليم النفط والمعابر لإدارة دمشق مرهون بمخرجات اللجان
- نتجه نحو نظام لا مركزى لإدارة سوريا.. ونظام الحكم القديم لا يتلاءم مع طبيعة مجتمعنا
- الحديث عن إدارة ماهر الأسد ومظلوم عبدى لتمرد الساحل أكاذيب تروجها تركيا
-لدينا 58 جنسية فى مخيمات «داعش» .. وأمريكا تمارس ضغوطا على الدول لتسلم رعاياها
فى تطور لافت على الساحة السورية، أُعلن الإثنين الماضى عن اتفاق بين الرئيس السورى، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدى، لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية فى شمال شرقى سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية، فى خطوة تهدف فى ظاهرها إلى إنهاء الصراعات الداخلية ووضع البلد الممزق منذ 14 عاما على طريق الاستقرار.
وجاء الاتفاق فى مرحلة شديدة الحساسية، خاصة فى ظل الأحداث الساخنة التى شهدها الساحل السورى والمواجهات العنيفة هناك.
ويكتسب الاتفاق أهمية خاصة فى ظل ما تمتلكه «قسد» من قوات نظامية وتسليح متطور نسبيا، وكذلك سيطرتها على منابع النفط والغاز السوريين، وعدد من المعابر الهامة مع العراق.
وفى هذا الإطار حاورت «الشروق»، الدكتورة ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية فى مصر للوقوف على تفاصيل الاتفاق وآليات تنفيذه، وفرص نجاحه.
وإلى نص الحوار:
< كيف سيتم تطبيق الاتفاق خلال الفترة المقبلة؟
ــــ تم التوافق على البنود التى يمكن تسميتها بالإطار العام، والتى تعتبر ثوابت للغالبية العظمى للسوريين، أما آليات التطبيق، فكان الاتفاق واضحا بشأنها بمنح مهلة حتى نهاية العام الحالى وبموجبها سيتم تشكيل لجان تتباحث فى الأمور الخدمية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وبناء على الحوارات والنقاشات والنتائج التى ستتمخض عن تلك اللجان سيتحدد شكل الاتفاق وتنفيذه.
< هل هناك مدى زمنى محدد لتفعيل الاتفاق؟
ــــ المفترض دخول المرحلة الثانية المتعلقة بتشكيل اللجان بمجرد توقيع الاتفاق الذى جرى بين الجنرال مظلوم عبدى، وأحمد الشرع.
< إلى أى مدى يمكن أن ينهى هذا الاتفاق الأزمة السورية وحالة السيولة السياسية والأمنية؟
ــــ خلال التوقيع على الاتفاق كان هناك أمران أساسيان تم التأكيد عليهما، وهما وقف إطلاق النار على كامل الجغرافيا السورية وعدم السماح بدخول حرب أهلية جديدة، أما النقطة الثانية فكانت السماح بعودة المهجرين إلى أماكن سكنهم، مع التأكيد على وقف حالة الشحن المذهبى والعقائدى التى جرت مؤخرا لأن هذه الأمور تسهم فى ضرب النسيج المجتمعى والسلم الأهلى وحالة الاستقرار فى البلاد.
كما أن الاتفاق من حيث المبدأ مهم من أجل تحقيق الاستقرار فى المنطقة كونه سيجلب معه حالة الانتعاش والتنمية الاقتصادية لسوريا. بالإضافة إلى أنه سيقود إلى توحيد الجهود فى مكافحة الإرهاب، فالاتفاق هو عملية متكاملة، كون دمشق لا يمكن أن تحقق كل هذه الأمور بمعزل عن مناطق شمال شرق سوريا، التى بها نموذج وتجربة عسكرية وسياسية واقتصادية قائمة أثبتت نجاحها على مدار الأزمة السورية، كما أن تجربة قوات سوريا الديمقراطية فى مكافحة الإرهاب تجربة عظيمة لابد من تطويرها بما يخدم عملية الاستقرار فى سوريا ككل.
إضافة إلى أن الوصول لحالة التناغم بين السوريين سيسهم بدرجة كبيرة فى قطع الطريق أمام التدخلات الخارجية والوصاية التى تسعى بعض الدول لفرضها على سوريا ومن ثم نتخلص من عهد الوصايات.
• هل قوات سوريا الديمقراطية ستندمج وفقا للاتفاق مع الجيش السورى ككتلة واحدة تمثل منطقة جغرافية محددة، أم ستندمج كأفراد يتم توزيعها على كافة أفرع وأسلحة الجيش السورى الجديد الذى يتم تكوينه؟
ــــ من حيث المبدأ قوات سوريا الديمقراطية أكدت أكثر من مرة أنها لن تندمج كأفراد لكن أيضا من المبكر أن نحكم على الموضوع طالما أن هناك لجانا ستتباحث فى آليات الدمج والمشاركة فى الجيش السورى وليس فى عملية الحل والانصهار كما يتم الترويج.
وهنا يجب الإشارة إلى كون قوات سوريا الديمقراطية تعد فى الوقت الراهن القوات النظامية الأكثر عددا والأعلى كفاءة وتدريبا ومهنية وتسليحا حيث يبلغ عددها 100 ألف مقاتل، ويليها من حيث العدد مع فارق التدريب والكفاءة للقوات الموالية للشرع.
< ألا ترون أن هذه الرؤية تثير المخاوف بشأن تقسيم سوريا على أسس عرقية ومذهبية فى ظل استمرار سيطرة مكونات بعينها على مساحات من الأرض؟
ــــ أريد أن أؤكد أن كافة الأمور ستكون مرتبطة بالتفاهمات السياسية التى ستتم، نحن اليوم نتحدث عن شكل الحكم، وكيف سيكون الدستور السورى، وبنية النظام القادم كيف ستكون، وهل سيكون نظاما مركزيا كالسابق، وأعتقد هنا أنه من الصعب أن يكون فى سوريا الجديدة نظام مركزى بشكله القديم، فنحن متجهون إلى نظام حكم لا مركزى، وبالتالى هذا النظام اللامركزى هل سيكون على أساس لا مركزيات موسعة أم على أساس إدارات محلية، أم على أساس فيدرالى؟ أعتقد أن الشكل النهائى سيتحدد بناء على الحوارات بين السوريين، لاختيار نظام حكم بما يتلاءم مع خصاص المجتمع السورى.
ووفق هذا النظام الذى سيتم الاتفاق عليه ستتحد باقى الأمور الأخرى مثل توزيع عوائد الثروات وشكل الجيش.
< بشكل أكثر وضوحا.. أنتم لا تتبنون نظام حكم مركزيا كما كان فى عهد أسرة الأسد؟
ـــ نحن نرى أن النظام المركزى كان أحد الفواعل والأسباب الرئيسية، التى أدت لتفجير الأزمة السورية، لعدم ملاءمته مع خصائص المجتمع السورى، ولكى نعالج التداعيات التى سببها لابد من نظام حكم بديل متمثل فى اللامركزية، وتحديد الشكل النهائى سيكون خاضعا لمناقشات السوريين أنفسهم.
لا نريد أن نغفل هنا أنه على مدار 14 عاما مضت كانت سوريا مقسمة على أرض الواقع، حيث كان هناك 4 أنواع من الحكومات تدار فى الجغرافيا السورية بأنظمة حكم مختلفة، وبالتالى نحن اليوم فى حاجة للحفاظ على وحدة الشعب السورى.
ومن خلال تجربتنا فى مناطق شمال شرق سوريا، صنعنا نموذجا مصغرا معبرا عن الحالة السورية، حيث تضم تلك المناطق عددا كبيرا من المكونات العرقية والثقافية والمذهبية، وقد أثبت نموذج اللامركزية الذى طبق فى تلك المنطقة نجاحه وإن كانت هناك بعض النواقص والأخطاء التى يمكن تداركها.
• هل تعتقدون أن النظام السورى الحالى بقيادة الشرع جاد فى احتواء الجميع وتحقيق حالة الوحدة أم أن هذه مناورة فقط فى ظل الضغوط الداخلية والخارجية المفروضة عليه؟
ـــــ من حيث التصريحات المعلنة هى إيجابية، لكن هناك ممارسات تمت على أرض الواقع سببت امتعاضا وعدم قبول لدى السوريين ومنها آلية تشكيل اللجان ومؤتمر الحوار الوطنى والآلية التى تم بها عقد المؤتمر، وكذلك مؤتمر النصر، والآلية التى تم بها تشكيل الجيش، وحاليا الدستور.
لكن دعونا ننتظر مخرجات التفاهمات سواء التى جرت بين الشرع والجنرال مظلوم عبدى، أو تلك التى جرت بين دمشق والسويداء، وننتظر ترجمتها على أرض الواقع ووفق ذلك يمكننا وقتها أن نحكم ما إذا كان النظام جادا أم أنه يناور فقط.
< بالعودة للاتفاق بين الشرع والجنرال عبدى، كيف سيتم خلال الفترة المقبلة إدارة ملف آبار النفط والغاز وكذلك المعابر والمطار الواقعة فى شمال شرق سوريا؟
ـــــ بداية ليس صحيحا ما تم الترويج له بأنه جرى التوافق على تسليم تلك الموارد فى الوقت الراهن، ففى حقيقة الأمر لا يوجد أية تفاصيل تم الاتفاق عليها وبناء عليه فإن الصيغة النهائية لإدارة هذه الثروات بحاجة للنتائج النهائية لحوارات اللجان.
< هل تعتقدون أن الاتفاق يقطع الطريق أمام تركيا لشن عمليات عسكرية فى الأراضى السورية؟
ـــــ حينما يكون هناك اتفاق سورى - سورى، وتكون قوات سوريا الديمقراطية جزءا من الجيش السورى، لن يكون لدى تركيا الذريعة التى كانت تتذرع بها، لكن تظل النقطة الأخرى والأهم مرتبطة بحل القضية الكردية فى الداخل التركى، فتركيا كانت تتدخل فى سوريا بحجة محاربة حزب العمال الكردستانى، لكن الجميع يعلم أن ذلك كان يحدث فى إطار تهرب أنقرة من أزماتها الداخلية وتصدير أزماتها للخارج، فبالتالى عندما يتم حل القضية الكردية بالسبل السياسية والدبلوماسية فى الداخل التركى لن يصبح هناك أى ذريعة لتركيا للتدخل فى سوريا.
• هل تطرق الاتفاق الموقع بين الشرع وسوريا الديمقراطية لملف سجون داعش ومخيمات أسر التنظيم بالمناطق الخاضعة لنفوذ المجلس، وخضوعها لإدارة دمشق؟
أعتقد أن هذا أيضا من الملفات التى تحتاج لحوار أكثر بشأنها، كون هذه مسألة رغم محليتها إلا أنها تكتسب أهمية دولية كبيرة، خاصة أن مكافحة التنظيم تمت بالشراكة بين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولى لمكافحة «داعش»، وبالتالى من المبكر الحديث عن مصير تلك السجون والمخيمات حاليا.
< على ذكر البعد الدولى.. هل جرت أية محادثات بينكم وبين الدول التى لديها رعايا يحملون جنسياتها فى تلك السجون والمخيمات؟
ــــــ مبدئيا يوجد فى المخيمات والسجون عناصر لتنظيم «داعش» من 58 جنسية، بشكل عام النقاشات منذ القضاء على ما تسمى بـ«الخلافة» فى 23 مارس 2019، وتدور حول البحث عن آليات وإقامة محاكم دولية لعناصر التنظيم، والنقطة الأخرى، تبنى الدول لرعاياها من نساء وأطفال عناصر التنظيم.
وخلال السنوات الماضية هناك عدد من الدول تسلمت رعاياها، لكن لا تزال هناك حالة رفض للعديد من الدول لتسلم رعاياها المتواجدين سواء فى المخيمات أو السجون ومن بين تلك الدول إسبانيا وروسيا وألمانيا، وعربيا تسلم العراق الآلاف وكذلك السودان تسلم رعاياه، إضافة إلى السلطة الفلسطينية، وهنا أيضا لابد من الإشارة لكون الإدارة الأمريكية تمارس ضغوطا كبيرة على الدول لتسلم رعاياها المتواجدين فى المخيمات فى إطار حلحلة تلك الأزمة.
< هل طلبت مصر تسلم عناصر التنظيم الذين يحملون الجنسية المصرية أو دار نقاش رسمى بينكم وبين القاهرة بشأنهم؟
ــــ مصر لم تطلب تسلم عناصر التنظيم الهاربين فى سوريا، وهناك نقاشات جرت بيننا وبين المسئولين فى مصر فى هذا الشأن وزودناهم بقوائم الأسماء.
< مؤخرا كانت هناك اتهامات موجهة لمجلس سوريا الديمقراطية، بالانخراط فى محاولة انقلاب على نظام الشرع فما هو ردكم على تلك الاتهامات؟
ــــــ ما يتردد فى هذا الإطار يأتى فى ضمن حرب إعلامية تمارسها تركيا بترديد اتهامات ضد سوريا الديمقراطية والتحريض عليها. ومن ثم فإن ما تردد عن أن ماهر الأسد كان يدير العملية مع الجنرال مظلوم عبدى فى الساحل السورى، كل ذلك غير صحيح ولا يوجد أى شىء من هذا القبيل.
إن استراتيجية قوات سوريا الديمقراطية منذ اليوم الأول لتأسيسها قائمة على عدم الانخراط فى أى صراع مع أى فصيل سورى، كما أن عقيدتنا العسكرية هى فقط الدفاع والتأمين وليس الهجوم.
< تلاحقكم أيضا اتهامات أخرى بمد علاقات وتنسيق مع إسرائيل والاستقواء بهم فكيف تتعاملون مع هذه الاتهامات؟
ـــــ هذه اتهامات باطلة، ولكن نتفهم أنها تأتى فى محاولة لدغدغة المشاعر لدى عامة الشعب وإثارتهم ضد قوات سوريا الديمقراطية ومناطق شمال شرق سوريا. وهنا يجب أن أؤكد فى المقابل على أننا نتعامل بصراحة ونعبر عن موقفنا بشكل واضح بأننا مع إقامة علاقات مع جميع الدول دون استثناء على قواعد حسن الجوار وبما يخدم مصلحة الشعب السورى فى المقام الأول، حتى تركيا بكل موقفها العدائى، أكدنا مرارا وتكرارا بأنه ليس لدينا أى مشكلة فى إقامة علاقات معها على أساس حسن الجوار.