إدانات لاقتحام بن غفير زنزانته وتهديده.. قلق على حياة البرغوثي
آخر تحديث: الجمعة 15 أغسطس 2025 - 4:38 م بتوقيت القاهرة
إسطنبول/ الأناضول
أثار اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، زنزانة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي وتهديده في مشهد موثق، إدانات واسعة، وسط مخاوف على حياته.
وتأتي خطوة بن غفير اليميني المتطرف، غداة مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير على "الفكرة المركزية" لخطة إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك مهاجمة منطقة الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، التي بدأت الثلاثاء.
وظهر عضو اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" البرغوثي المعتقل منذ عام 2002، في مقطع مصوّر بثته وسائل إعلام عبرية الخميس، بهيئة هزيلة ووضع صحي متدهور، وذلك عقب اقتحام الوزير المتطرف زنزانته جنوب إسرائيل وتهديده، وفق ما وثقه المقطع الذي أثار تفاعلاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية.
وقالت "القناة 7 " العبرية الخاصة، مساء الخميس، إن بن غفير اقتحم قسم العزل الانفرادي الذي يقبع فيه البرغوثي، وقال له: "من يمس إسرائيل ويقتل أطفالنا أو نساءنا فسنمحوه، أنتم لن تنتصروا علينا".
ونشرت القناة مقطعا مصوّرا يظهر بن غفير، وهو يقتحم زنزانة البرغوثي، حيث بدا الأخير بجسد هزيل ويعاني وضعا صحيا متدهورا.
وقالت القناة إن زيارة بن غفير للسجن كانت لمتابعة تشديد ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين.
والبرغوثي، يعتبر من أبرز قادة الحركة الأسيرة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية وهو معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بخمسة مؤبدات.
حركة "فتح"
وحملت حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان صادر عن مفوضيّة الإعلام والثقافة والتعبئة الفكريّة التابعة لها، الجمعة، "حكومة الاحتلال الإسرائيليّ المسؤوليّة الكاملة عن حياة البرغوثي"، مؤكدة أنّ "تهديدات الاحتلال لن تفت من عضده وصموده وإرادته".
وأضافت أنّ "تهديد بن غفير للبرغوثي يعد انتهاكا سافرا لكافة المواثيق والتشريعات الدولية، وأهمها؛ اتفاقية جنيف الرابعة"، مؤكدة أن هذا التهديد "يأتي ضمن إجراءات قمعيّة ممنهجة تمارسها منظومة الاحتلال الاستعماريّة بحق أسرانا وأسيراتنا في المعتقلات بقيادة وزير متطرّف موصوم دوليا بالفاشيّة والإجرام".
ودعت الحركة "المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقيّة ذات الصلة إلى وقف انتهاكات منظومة الاحتلال الاستعماريّة تجاه أسرانا وأسيراتنا في المعتقلات، ومنهم البرغوثي".
مكتب إعلام الأسرى ووزارة الخارجية
وتعليقا على الحادثة، قال مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني في بيان، إن "تهجم بن غفير على البرغوثي داخل زنزانته مشهد يكشف عقلية الانتقام والتحريض التي تقود منظومة السجون الإسرائيلية".
كما أدانت الخارجية الفلسطينية اقتحام بن غفير سجن البرغوثي، واعتبرت تهديده "استفزازا غير مسبوق وإرهاب دولة منظم يندرج في إطار ما يتعرض له الأسرى".
وحمّلت الخارجية، في بيان، "الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن حياة الأسير مروان البرغوثي، وكافة الأسرى".
وقالت إنها "ستتابع هذا التهديد بكل جدية مع الصليب الأحمر الدولي والمجتمع الدولي ومنظماته ومجالسه المتخصصة"، مطالبة "بتدخل دولي عاجل وحقيقي لحمايتهم من بطش الاحتلال وتأمين الإفراج الفوري عنهم كافة".
نائب الرئيس الفلسطيني
بدوره، وصف حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، تهديد بن غفير للبرغوثي في سجنه، بأنه "قمة الإرهاب النفسي والمعنوي والجسدي".
وقال الشيخ في منشور عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية، إن "تهديد بن غفير للقائد مروان البرغوثي في سجنه قمة الإرهاب النفسي والمعنوي والجسدي الذي يمارس ضد الأسرى، وضرب للمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية".
وأضاف: "هذا يشكل انفلاتا غير مسبوق في سياسة الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين، ما يتطلب التدخل الفوري للمنظمات والمؤسسات الدولية لحمايتهم".
عائلة البرغوثي
عائلة البرغوثي أصدرت أيضا بيانا أعربت فيه عن "خشيتها من إعدامه داخل الزنزانة بقرار من بن غفير بعد تهديده في سجنه".
وقالت: "نحن مصدومون من تغير ملامح وجهه والإنهاك والجوع الذي يعيشه".
كما أعرب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية رائد أبو الحمص، عن "القلق على حياة مروان البرغوثي، واعتبر اقتحام زنزانته وتهديده تجاوزا لكافة الخطوط الحمراء".
وقال أبو الحمص في بيان، إن "وصول المتطرف بن غفير إلى زنزانة القائد أبو القسام (البرغوثي) بمثابة تهديد علني، وما صدر عنه من ألفاظ ونقاش بمضمونها وأسلوبها مؤشر خطير على النوايا التي يخفيها هذا العنصري المأزوم".
وأضاف: "بن غفير مارس تعذيب الأسرى أمام عدسات الكاميرا، وله أسبقيات كثيرة تعج بالحقد والعنصرية، وأن يتجرأ على قائد بحجم أبو القسام، فيه تجاوز لكافة الخطوط الحمراء، ونحن في حالة قلق على حياته".
بدوره، قال المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى، في بيان، إن البرغوثي يواجه "ظروفًا إنسانية بالغة القسوة في زنزانته الانفرادية، حيث فقد أكثر من نصف وزنه نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وسوء المعاملة".
وأضاف: "في الوقت نفسه، يواصل وزير أمن الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير تهديده بشكل مباشر، في محاولة لكسر إرادته وصموده".
المجلس الوطني الفلسطيني
كما حمل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح في بيان "حكومة الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها المتطرف بن غفير المسؤولية الكاملة عن حياة القائد مروان البرغوثي".
وقال فتوح إن "هذه الانتهاكات التي يتعرض لها البرغوثي تأتي ضمن الحرب الشاملة الدموية التي تستهدف شعبنا الفلسطيني وقيادته، وعدوان التطهير العرقي الذي تشنه حكومة اليمين الإرهابية على الاراضي الفلسطينية".
وطالب فتوح المؤسسات الحقوقية الدولية والصليب الاحمر "بالتدخل الفوري لحماية الاسرى والقائد الاسير مروان البرغوثي، وإلزام الاحتلال العنصري بالالتزام ببنود اتفاقية جنيف بشان معاملة الاسرى وحمايتهم باعتبارهم أسرى حرية، كما طالب جماهير شعبنا بالتظاهر رفضا لهذه الانتهاكات".
حركة حماس
بدورها، وصفت حركة "حماس" اقتحام بن غفير زنزانة البرغوثي وتهديده، بأنه "استعراض جبان يكشف فاشية الاحتلال وعداءه لكل القيم الإنسانية".
وأكدت في بيان أن "هذا العمل الإجرامي الخطير لن ينال من عزيمة وصلابة المناضل مروان البرغوثي، بل سيزيده إصرارا على مواصلة نضاله المشروع من أجل حرية شعبه وكرامته، وسيزيد من وحدة الحركة الأسيرة في مواجهة سياسات القمع والتنكيل الممنهج التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال".
ودعت إلى أوسع حالة تضامن وإسناد مع الأسرى، والوقوف في وجه جرائم إسرائيل، وتصعيد الضغط الشعبي لوقف الانتهاكات حتى نيلهم الحرية.
كما طالبت الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، وأحرار العالم، بالتحرك العاجل لتوفير الحماية للأسرى، ووقف سياسات القمع الممنهجة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
واعتقلت إسرائيل البرغوثي في أبريل 2002، وحكمت عليه بالسّجن المؤبد 5 مرات و40 سنة، بتهمة المسؤولية عن عمليات نفذتها مجموعات مسلحة محسوبة على حركة "فتح"، وأدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين.
والحكم "المؤبد" في إسرائيل غير محدد المدة، وإن كان من المتعارف عليه أنه يعني السجن مدى الحياة، لكن تل أبيب باتت تنتهج في السنوات الأخيرة سياسة احتجاز جثامين الأسرى حتى بعد وفاتهم داخل السجون.
ويعد البرغوثي أحد أبرز قيادات حركة "فتح"، وعضو لجنتها المركزية، ويقبع في سجن ريمون الإسرائيلي.
ومنذ تولي بن غفير مهامه وزيرا للأمن القومي نهاية 2022، شهدت أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل تدهورا ملحوظا، حيث لوحظ انخفاض كبير في أوزانهم نتيجة السياسات التي فرضها في السجون.
وفي 17 يوليو الفائت، تفاخر بن غفير بتجويع الأسرى الفلسطينيين، وقال صراحة في منشور عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية، إنه في منصبه "ليضمن حصول الإرهابيين على الحد الأدنى من الحد الأدنى (من الطعام)"، في إشارة إلى الأسرى.
ووفق معطيات سابقة نشرها نادي الأسير، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل 10 آلاف و800 حتى مطلع أغسطس الجاري، بينهم 49 أسيرة و450 طفلا، و2378 معتقلا يصنفون "مقاتلين غير شرعيين".
وأوضح النادي أن العدد الإجمالي لا يشمل المعتقلين في معسكرات تابعة للجيش الإسرائيلي ومنهم أسرى من لبنان وسوريا.
وبدعم أمريكي، تستمر إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية بغزة، حيث تمارس القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و722 قتيلا و154 ألفا و525 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 235 شخصا، بينهم 106 أطفال.
وبموازاة إبادة غزة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1014 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية