أسبوع القاهرة للمياه يدعو لاستخدام الحلول القائمة على الطبيعة في مواجهة تغير المناخ
آخر تحديث: الأربعاء 15 أكتوبر 2025 - 4:02 م بتوقيت القاهرة
محمد علاء:
وزير الري: تطبيق رقمي لتراخيص الشواطئ.. ومشروعات حماية جديدة بتقنيات مبتكرة
مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي: تغير المناخ أدى إلى صعوبة كبيرة في إدارة المياه
إيفاد: تغير المناخ يهدد بتقليل توافر المياه حتى 30% بالمناطق القاحلة
مسئول جامبي: تعزز الأمن الغذائي والمائي والصمود أمام الصدمات المناخية
خبيرة صينية: الفيضانات تمثل 63% من الكوارث الطبيعية
بكين خصصت 7 مليارات دولار لتجنب كوارث السيول وتطبيق الحلول القائمة على الطبيعة
مديرة المياه بمركز لاهاي: الحلول القائمة على الطبيعة فرصة لتحقيق السلام
وجود نظام بيئي صحي سيخفف من الإجهاد المائي ومخاطر الصراعات
دعا أسبوع القاهرة الثامن للمياه إلى التوسع في استخدام الحلول القائمة على الطبيعة في مواجهة تغير المناخ والإدارة المستدامة للموارد المائية.
وقال وزير الموارد المائية والري، الدكتور هاني سويلم، إن الحكومة تنفذ مشروعات جديدة باستخدام تقنيات حماية مبتكرة للشواطئ، تجمع بين الإجراءات الهندسية الصلبة والحلول المستندة إلى الطبيعة؛ بما يعزز جدوى وكفاءة منشآت الحماية ويشكل نموذجا يحتذى به للمشروعات المستقبلية.
وأكد سويلم، خلال جلسة بعنوان "حلول مستدامة للساحل الشمالي"، التي نظمتها مؤسسة DHI، أهمية التعامل مع المنطقة الساحلية بأكملها باعتبارها نظامًا مترابطًا واحدًا، وليس مجموعة من المشاريع المنفصلة، مع تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات لضمان الاستدامة في كل إجراء.
وأكد وزير الري ضرورة استناد المشروعات كافة لدراسات علمية دقيقة لحماية البيئة وتعزيز مرونة المناطق الساحلية على المدى الطويل، نظرًا لطبيعة الأعمال البحرية التي تعد منشآت بنية تحتية تتطلب تقييمات فنية دقيقة.
وشدد سويلم على حرص الوزارة على عقد اللجنة العليا لتراخيص الشواطئ بشكل دوري؛ لسرعة اتخاذ القرارات بشأن الطلبات المقدمة من المستثمرين والمواطنين لتنفيذ أعمال بالمنطقة الشاطئية، مشيرًا إلى إطلاق تطبيق رقمي للتراخيص في إطار السعي لحوكمة جميع إجراءات التقديم.
وفي جلسة أخرى بعنوان "حلول قائمة على الطبيعة لأنظمة المياه المستدامة"، قال السفير بيريك آرين، المدير العام للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه تحديات غير مسبوقة، حيث جعلت تغيرات المناخ من الفيضانات وموجات الجفاف مشاهد أكثر مأساوية؛ مما يؤثر على حياة الملايين من الأشخاص.
و أضاف آرين أن تغير المناخ أدى إلى صعوبة كبيرة في إدارة المياه، مشيرًا إلى أن برامج المنظمة تولي أهمية خاصة للعلاقة بين الغذاء والمناخ والمياه، وتضع حلولًا مبتكرة للنظم الزراعية.
وأوضح أن المنظمة تروج في منطقة آسيا الوسطى لاستخدام تكنولوجيات الري الحديثة من أجل الحفاظ على التربة والمياه، فضلاً عن ممارسات الري الرشيدة من أجل توقيف تدهور الأراضي الزراعية واستعادة التوازن في البيئة.
وأضاف: "وفي شمال إفريقيا، نعمل مع الشركاء الوطنيين والمنظمات الإقليمية من أجل تعزيز نظم الإنتاجية الزراعية وتحسين كفاءة استخدام المياه وتطوير نظم تطور المحاصيل والجذور".
وأشار إلى أن المنظمة تعمل على نشر النظم التي تسمح بتحسين إدارة المياه والزراعة، بالمشاركة مع شركاء آخرين مثل إيكاردا والبنك الإسلامي للتنمية والمنظمات الأممية.
وأكد آرين أهمية التركيز على الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تغير المناخ واستدامة الموارد المائية، مؤكدًا أن استخدام هذه الحلول ما زال محدودًا؛ لعدم توافر التمويل الكافي، والتشتت الحكومي والتجزئة، والفجوات الفنية.
ودعا إلى الدخول في شراكات متعددة الأطراف والربط بين وزارات البيئة والمياه والزراعة والتمويل؛ حتى تصبح الحلول القائمة على الطبيعة جزءاً لا يتجزأ من الأولويات الوطنية بدلاً من أن تكون جهوداً منعزلة.
وأكد أهمية اكتشاف نماذج التمويل المبتكرة التي تستفيد من رؤوس الأموال من القطاعين العام والخاص لتطبيق الحلول القائمة على الطبيعة.
كما شدد على أن الرابط بين المياه والابتكار والأمن الغذائي ليس مجرد تحدٍ فني، بل هو مسؤولية أخلاقية تتطلب جهودًا مشتركة.
وبدوره، قال بوبا سانيانج، الأمين الدائم لوزارة الثروة السمكية والموارد المائية الجامبية، إن الموارد المائية في بلاده تواجه ضغوطًا كثيرة، تشمل تدهور الأراضي وتغيرات المناخ وضعف القدرة على الصمود أمام مشكلاتها.
وأضاف سانيانج أن الحلول الهندسية وحدها لا تستطيع التغلب على هذه المشكلات؛ لذا اعتمدت جامبيا الحلول القائمة على الطبيعة كاستراتيجية مصاحبة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد استخدام الأراضي وإدارة المياه يتطلب تنسيقاً مع حماية النظم البيئية والتكيف المناخي، مشيرًا إلى أن الحلول القائمة على الطبيعة تحقق منافع متعددة تشمل حماية الأراضي الرطبة، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، ودعم التنوع البيولوجي، وبناء الصمود والمرونة أمام الصدمات المناخية.
ومن ناحيته، أكد نوفل تلاحيق، المدير الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، التزام الصندوق بدمج الحلول القائمة على الطبيعة في مشروعاته كافة.
وأضاف تلاحيق أن الصندوق يدرس المقاربات واسعة النطاق التي تستفيد من هذه الحلول لتطبيقها في المشروعات التي يمولها، كما يستثمر عبر التمويل السيادي لتوسيع نطاق هذه المقاربات في محفظته.
وأشار إلى تخصيص "إيفاد" 45% من الموارد المتاحة لديه في المنطقة لتمويل الإجراءات المناخية حتى عام 2027، ويوجه 30% من هذا التمويل المناخي نحو تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة.
وأضاف أن استراتيجية الصندوق تركز على إدارة المياه باعتبارها جوهر الإنتاجية الزراعية والتحول الريفي، مع إعطاء الأولوية القصوى لكفاءة استخدام المياه.
وأكد المدير الإقليمي لمنظمة إيفاد أن توافر المياه يمثل التحدي الأكبر للقطاع الزراعي، مشيرًا إلى أن أن 2.3 مليار شخص حول العالم يعيش في دول تعاني من الإجهاد المائي.
وأشار إلى أن المنطقة العربية، التي تضم 6% من سكان العالم، فإنها لا تحصل إلا على ما لا يزيد عن 1% من موارد المياه العذبة العالمية.
وأضاف أن قطاع الزراعة في هذه المنطقة يستخدم الغالبية العظمى من المياه المتاحة، بنسبة تصل إلى 83%.
وحذر تلاحيق من توقعات بأن يزيد الوضع سوءًا في المستقبل؛ إذ تتوقع دراسات أن يقلل تغير المناخ من توافر المياه بنسبة تتراوح بين 10 إلى 30% في المناطق القاحلة التي تتلقى ما بين 200 إلى 300 ملم من الأمطار سنويًا.
ولفت إلى أن بعض نظم الحراجة الزراعية قد تتسبب في تسرب المياه بنسبة تتراوح بين 20 إلى 50% وزيادة تآكل التربة والملوحة وتسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية.
ويرى تلاحيق أن الحلول القائمة على الطبيعة ستقلل التنافس على الموارد والصراعات والهجرة.
ومن جانبها، قالت مديرة برنامج المناخ والمياه والأمن الغذائي في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية (HCSS)، لورا بيركمان، إن الحلول القائمة على الطبيعة فرصة لتحقيق السلام.
وأضاف بيركمان أن المخاطر البيئية مصنفة من بين أعلى المخاطر وأكثرها ضررًا في العالم، وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي.
واستعرضت بيركمان خريطة لأدوات الإنذار المبكر العالمية، موضحة كيف أن المخاطر المرتبطة بالمياه لها علاقة وثيقة بالمخاطر المرتبطة بالأمن، ويمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار وإلى صراعات.
وقالت إنه منذ 2018، هناك ما يُعرف بشراكة المياه والسلام والأمن"، موضحة أن مهمة هذه الشراكة تحويل الدائرة المفرغة من الصراع والتحديات المرتبطة بالمياه والتنافس إلى شيء إيجابي"؛ فبدلًا من أن تؤدي تحديات المياه إلى الصراعات، يجب أن تؤدي إلى إدارة كفؤة للموارد المائية وتعاون أفضل ونتائج أفضل.
وأكدت أن المياه المتشاركة يمكن أن تؤدي إلى الكثير من الحلول، وتقاسم المياه يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التعاون.
وأضافت أن وجود نظام بيئي صحي سيخفف من الإجهاد المائي ومخاطر الصراعات، ويحمي الأراضي الرطبة ويقلل من الجفاف والفيضانات والتوتر.
وقالت زانغ شياولي، أستاذة بمركز أبحاث الحد من كوارث الفيضانات والجفاف في المعهد الصيني لأبحاث الموارد المائية والطاقة الكهرومائية، إن الفيضانات تمثل 63% من كل الكوارث الطبيعية.
وأكدت أن السيول العارمة، التي تتميز بسرعتها الشديدة، تسبب تحديات كبرى تؤدي إلى خسائر في الأرواح فضلاً عن الخسائر الاقتصادية، مما يستدعي وجود نظم فعالة لرصدها والإنذار المبكر بها.
وقالت زانغ شياولي إن الصين أطلقت منذ عام 2023 خطة للتنبؤ المبكر بالسيول العارمة، والتي وضعت إطارًا عامًا لإجراءات تجنب كوارث السيول العارمة، وجرى تطعيمها بالحلول القائمة على الطبيعة.
وأضافت أن إجمالي الاستثمار لتجنب وقوع السيول العارمة يقارب 42 مليار يوان صيني، أي ما يضاهي نحو 6 إلى 7 مليارات دولار أمريكي، مشيرة إلى أن هذا المشروع يتعلق بإجراء التحقيقات عن السيول العارمة، وتجنبها، ووضع نظم للإنذار المبكر لها، ووضع منصة ذات صلة.
وأشارت إلى أن الصين روجت في عام 2023 لنظرية "الخطوط الثلاثة للدفاع" في نظم رصد الفيضانات العارمة والإنذار المبكر بها.
وأوضحت أن هذه الخطوط تشمل: استخدام الرادارت للحصول على بيانات تنبؤية للرصد والإنذار المبكر، ثم استخدام محطات رصد تلقائية ومؤكدة للحصول على البيانات للرصد والإنذار المبكر، وأخيرا الرصد والإنذار المبكر من الموقع، والذي يُربط بمنازل الأشخاص لإخلاء المنازل في حالة وقوع سيول عارمة.
وأوضحت شياولي أن المنظومة الصينية تعتمد على بيانات الأرصاد الجوية التي يتم إرسالها قبل 24 ساعة من وقوع الكارثة للتحذير من السيول العارمة.
وأشارت إلى المنظومة الاجتماعية للإنذار المبكر والرصد للسيول العارمة التي تأخذ في الاعتبار المواطنين.
وأضافت: عند هطول الأمطار، تتلقى محطات الرصد المعلومات وتنقلها إلى المنصة، حيث يحدد لكل قرية حد أعلى لهطول الأمطار، وعند الوصول إلى هذا الحد، تحصل القرية على إنذار للمواطنين والمسؤولين عبر الرسائل النصية أو قنوات البث.
وقالت إن قائد القرية هو المسؤول عن إخلاء المواطنين في أثناء وقوع الكارثة، وتقسم كل قرية إلى درجات مختلفة (من الأولى وصولاً إلى الدرجة العشرين)، ولكل درجة قائد مسؤول عن خطة لإخلاء المواطنين، حيث يذهب "بيتاً بيتاً" للإخلاء بمجرد تلقي رسالة الإنذار.
وأضافت أنه في حال إخفاق منظومة الإنذار المبكر، تُستخدم منظومة في المكان لإطلاق أصوات وسرائن تنذر الأشخاص بوقوع السيول العارمة حتى يمكن لهم إخلاء المكان.
وأشارت إلى أنه منذ عام 2017، تجاوز عدد كوارث السيول العارمة المسجلة أكثر من 900 حدث.
وقالت إن الإنذارات الصادرة على مستوى المقاطعات تجاوزت 11 مليون إنذار، وبلغت الاستجابة من المسؤولين المحليين لهذه الإنذارات أكثر من مليوني استجابة، أما رسائل الإنذار للجمهور العام فتجاوزت 5 ملايين رسالة مُرسلة، مؤكدة أن هذا كله يعود بمنافع كبيرة في مجال التخفيف من حدة الكوارث.