زراعة أقطاب كهربائية في أدمغة مدمني الكحول والمواد الأفيونية لمكافحة الإدمان

آخر تحديث: الأحد 16 مارس 2025 - 12:05 م بتوقيت القاهرة

عبد الله قدري

يستعد الجراحون لإجراء تجربة تهدف إلى زرع أقطاب كهربائية داخل أدمغة مدمني الكحول والمواد الأفيونية، في محاولة لاختبار استخدام النبضات الكهربائية للحد من الرغبة الشديدة في تناول المشروبات الكحولية والمخدرات، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.

تُستخدم هذه التقنية حاليًا لمساعدة المرضى في التحكم ببعض أعراض مرض باركنسون والاكتئاب والاضطراب الوسواسي القهري، ويستعد فريق من الأطباء والباحثين من جامعتي كامبريدج وأوكسفورد وكلية كينغز في لندن لاستخدام التحفيز العميق للدماغ بهدف تقليل رغبات المدمنين وتعزيز قدرتهم على ضبط النفس.

وصرحت البروفيسورة فاليري فون، الباحثة الرئيسية في المشروع وأستاذة الطب النفسي بجامعة كامبريدج، أن "التحفيز العميق للدماغ يعمل مثل جهاز تنظيم ضربات القلب"، مضيفةً: "تمامًا كما نستخدم جهازًا لتنظيم الإيقاع الكهربائي غير الطبيعي في القلب، نعتقد أنه يمكننا استخدام زراعة دماغية لتعمل كمنظم كهربائي يُعيد الإيقاع الطبيعي للدماغ، المرتبط بالإدمان، ستكشف هذه التجربة ما إذا كانت هذه الفكرة قابلة للتطبيق".

بحسب الجارديان، شهدت السنوات الأخيرة تزايد استخدام الأقطاب الكهربائية في علاج اضطرابات الدماغ، حيث تم تركيبها لأكثر من 250 ألف شخص للسيطرة على أعراض حالات مختلفة، في حالة مرض باركنسون، يتم إرسال نبضات كهربائية إلى مراكز الحركة في الدماغ، مما يساعد في وقف الأعراض مثل الرعشات والحركات اللاإرادية.

وأشارت عدة دراسات تجريبية حديثة إلى إمكانية توسيع نطاق استخدام هذه التقنية لعلاج مدمني الكحول والمواد الأفيونية، ويعمل العلماء حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة لأول تجربة سريرية كاملة للتحفيز العميق للدماغ، بهدف تقييم مدى إمكانية استخدامها لمواجهة أزمة الإدمان المتزايدة في المملكة المتحدة ودول أخرى.

تعاني المملكة المتحدة من مشكلة إدمان واسعة، حيث يعتمد مئات الآلاف من الأشخاص على الكحول، ويحتاج ربعهم تقريبًا إلى علاج من القلق والاكتئاب والمشكلات الصحية المصاحبة، كما يُعد الإدمان على المواد الأفيونية أزمة صحية خطيرة، حيث ترتبط ما يقرب من نصف حالات التسمم الدوائي المميت بهذه المواد، مثل الهيروين والمورفين.

وتوضح البروفيسورة فون، أن الإدمان لا يؤثر فقط على المدمن نفسه، بل ينعكس أيضًا على أسرته، بما في ذلك والديه وإخوته وزوجته وأطفاله، مؤكدةً أن "الإدمان ليس مجرد اضطراب فردي"، كما أشارت إلى أن المدمنين غالبًا ما يصبحون غير قادرين على العمل ويواجهون خطر الجرعات الزائدة، مما يجعل المشكلة قضية اجتماعية خطيرة.

تتضمن التجربة، التي تحمل اسم "Brain-Pacer"، اختيار 6 مدمنين على الكحول و6 آخرين على المواد الأفيونية، ويشترط أن يكون كل منهم قد عانى من الإدمان لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ومر بـ3 حالات انتكاس على الأقل، بالإضافة إلى تلقيه علاجات تقليدية مثل الأدوية أو العلاج النفسي.

وسيتم تنفيذ التجربة في مستشفى أيدنبروك في كامبريدج ومستشفى كينغز كوليدج في لندن، حيث سيتم زرع أقطاب كهربائية دقيقة في مواقع محددة داخل الدماغ لكل مشارك.

وبالنسبة للمدمنين، سيتم استهداف المناطق العصبية المرتبطة بالمكافأة والتحفيز واتخاذ القرار، وستُربط هذه الأقطاب بجهاز توليد نبضات كهربائية يُزرع في الجسم، غالبًا في منطقة الصدر، والذي سيرسل نبضات كهربائية تهدف إلى تعديل النشاط العصبي المُحفّز للإدمان.

ووفقًا للبروفيسورة فون، فإن الهدف من هذه التقنية هو "تقليل رغبة الشخص في التعاطي وزيادة قدرته على التحكم في نفسه عبر إرسال هذه النبضات الكهربائية".

ستكون التجربة عشوائية، حيث لن يتم تشغيل الإشارات الكهربائية طوال الوقت، مع تسجيل نشاط الدماغ للمدمنين، ويأمل الفريق في أن تساعد التجربة في تطوير علاجات جديدة للإدمان، بالإضافة إلى تحسين الفهم العلمي للآليات العصبية المسئولة عن الرغبة الشديدة في تناول الكحول والمخدرات.

من جانبه، صرّح البروفيسور كيومارس أشكان، أستاذ جراحة المخ والأعصاب في مستشفى كينغز كوليدج والمشرف الجراحي على الدراسة، بأن التحفيز العميق للدماغ يُعد تقنية جراحية قوية يمكنها تغيير حياة المرضى، وأضاف: "إذا استطعنا إثبات فعاليتها في علاج هذا المرض شديد التعقيد، فسيكون ذلك تقدمًا كبيرًا يحمل فائدة هائلة للمرضى والمجتمع".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved