بولندا تختار رئيسا جديدا الأحد المقبل في ظل تزايد المخاوف بشأن المستقبل
آخر تحديث: الجمعة 16 مايو 2025 - 11:34 ص بتوقيت القاهرة
د ب أ
تجرى بولندا بعد غد الأحد انتخابات رئاسية في ظل حرب مستمرة في أوكرانيا وضغوط الهجرة على الحدود والتخريب الروسي في أنحاء المنطقة والشكوك بشأن الالتزام الأمريكي نحو أمن أوروبا.
ويبدو أن مسألة الأمن في الانتخابات الرئاسية المقبلة في بولندا تلوح في الأفق بشكل كبير. وكذلك الحال بالنسبة للتساؤلات بشأن قوة البلاد كديمقراطية ومكانتها في الاتحاد الأوروبي.
ومن بين المهام الأكثر أهمية للرئيس الجديد الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، التي تعتبر بصورة كبيرة أساسية لبقاء دولة تقع في منطقة متزايدة الاضطراب.
وسيدلي الناخبون في بولندا البالغ عدد سكانها 38 مليون نسمة بأصواتهم لاختيار من سيخلف الرئيس المحافظ أندريه دودا، الذي تنتهى فترة رئاسته الثانية والأخيرة ومدتها خمسة أعوام في أغسطس المقبل.
وفي ظل وجود 13 مرشحا، من غير المرجح أن يحقق أي من المرشحين فوزا حاسما في الجولة الأولى. وبدا بعض المرشحين غير جادين أو أنهم مبالغون في اتجاهاتهم ، حيث أعربوا بصورة علنية عن آراء موالية للرئيس الروسي فلادمير بوتين أو معادية للسامية. وقد استمرت مناظرة تلفزيونية هذا الأسبوع لنحو أربع ساعات. وهناك دعوات لرفع عتبة التأهل لخوض السباق الرئاسي.
ومن المتوقع بصورة كبيرة إجراء جولة إعادة في الأول من يونيو المقبل، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى احتمالية أن تجرى الجولة بين رافال ترزاسكوفسكى، عمدة وارسو و المؤرخ المحافظ كارول نوروكي المدعوم من حزب القانون والعدالة، الذي حكم بولندا من 2015 إلى 2023.
ويمنح الموقع الجغرافي لبولندا الانتخابات أهمية إضافية. ففي ظل وجودها على الحدود مع جيب كالينينجراد الروسي وبيلاروس وأوكرانيا التي تخوض حربا، بالإضافة إلى عدة حلفاء غربيين- تشغل بولندا موقعا مهما على طول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) كما أنها تمثل مركزا لوجستيا مهما للمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وتتصاعد المخاوف من أنه في حال تمكن روسيا من بسط سيطرتها في حربها بأوكرانيا، فإنها قد تستهدف دولا أخرى قامت بتحرير نفسها من سيطرة موسكو منذ 35 عاما. وفي ظل هذه العوامل، سوف تشكل الانتخابات السياسة الخارجية لوارسو في لحظة تتصاعد فيها التوترات المحيطة بالوحدة عبر الأطلسي والدفاع الأوروبي.
ويؤيد المرشحان البارزان في الانتخابات استمرار الانخراط العسكري الأمريكي في أوروبا. ويركز ترزاسكوفسكى بصورة أكبر على تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، في حين يبدى نوروكي تشككا تجاه بروكسل ويروج لأجندة قومية.
ويذكر أنه عندما كان حزب القانون والعدالة يتولى مقاليد السلطة، اصطدم بصورة متكررة مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي بسبب الاستقلال القضائي وحرية الاعلام والهجرة.
وعلى الرغم من أن بولندا دولة برلمانية، فإن الرئاسة تحظى بنفوذ كبير. فالرئيس يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة ويتمتع بحق النقض ويعمل على تشكيل السياسة الخارجية، كما يقوم بدور رمزي في الخطاب الوطني.
وفي ظل حكم دودا، تبنى مكتب الرئاسة بصورة كبيرة الأجندة المحافظة لحزب القانون والعدالة. ومنذ أن تولى الائتلاف الوسطي برئاسة رئيس الوزراء دونالد توسك السلطة في أواخر 2023، عرقل دودا إصلاحات رئيسية تهدف لاستعادة الاستقلال القضائي وإصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وقال ياتسك كوهارتسك رئيس معهد العلاقات العامة البحثي في وارسو" المخاطر هائلة بالنسبة للائتلاف الحاكم والمهتمين بمستقبل الديمقراطية البولندية".
وأضاف "هذا يتعلق بالإصلاح الديمقراطي واستعادة حكم القانون- ويمكن أن يحدث ذلك فقط من خلال التعاون من جانب الرئيس المقبل".
وأوضح أن الانتخابات محورية أيضا بالنسبة لحزب القانون والعدالة، وقال " ربما يتوقف مستقبل الحزب كقوة سياسية مهيمنة على نتيجة الانتخابات".
وتعهد كل من ترزاسكوفسكى ونوروكي بدعم أوكرانيا والحفاظ على علاقات دفاعية قوية، ولكن رؤيتهما بالنسبة لبولندا تختلف بصورة كبيرة فيما يتعلق بدور الاتحاد الأوروبي والسياسة الاجتماعية الداخلية.
ويعد ترزاسكوفسكي - 52 عاما، مرشحا رئاسيا سابقا و أحد رموز حزب المنصة المدنية الوسطي الذي يقوده توسك. وتستند حملته على برنامج انتخابي موال لأوروبا، كما تعهد بالدفاع عن الاستقلال القضائي وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية.
ويصفه أنصاره بأنه رجل معتدل يمثل بولندا عالمية ومنفتحة على العالم الخارجي. ويتحدث ترزاسكوفسكي لغات أجنبية، كما شارك في مسيرات لمجتمع السحاقيات والمثليين ومزدوجي الميول والمتحولين جنسيا، كما يعمل على التقرب من الناخبين الأصغر سنا والذين يعيشون في المناطق الحضرية. وتبرز آراء ترزاسكوفسكي التقدمية تطورا لحزب المنصة المدنية المحافظ.
ومن ناحية أخرى، يمثل نوروكي - 42 عاما، تحول حزب القانون والعدالة الذي يدعمه إلى اليمين بصورة أكبر في ظل تصاعد الدعم لمعسكر اليمين.
ويترأس نوروكي، الذي لا يعد عضوا بحزب القانون والعدالة، معهد النهضة الوطنية الحكومي، الذي يحقق في الجرائم التي تعود للحقبة النازية والشيوعية. وحظي بإشادة من المحافظين لتفكيكه تماثيل تعود للعهد السوفيتي، كما يدافع عن التعليم الوطني، ولكنه يواجه انتقادات لعدم تمتعه بالخبرة واستغلاله للمشاعر المناهضة لألمانيا وغيرها. كما أنه تورط في بعض الفضائح.
وكان نوروكي قد التقى مطلع هذا الشهر بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض- وهي لحظة رمزية رحبت بها وسائل الإعلام التابعة لحزب القانون والعدالة، ووصفتها بأنها دليل على أنه سيكون أفضل رجل للحفاظ على قوة العلاقة مع أمريكا. ويرى المنتقدون هذا اللقاء تدخلا من جانب إدارة ترامب.