معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة
آخر تحديث: الخميس 18 سبتمبر 2025 - 2:01 م بتوقيت القاهرة
احتضنت قاعة «أوفو أرينا ويمبلي» في لندن، مساء أمس الأربعاء، حفلًا خيريًا ضخمًا بعنوان «معًا من أجل فلسطين»، والذي يعد الأحدث ضمن سلسلة فعاليات مؤيدة للفلسطينيين في العاصمة البريطانية التي شهدت موجة من المسيرات والمظاهرات منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين.
وجمع الحفل - الذي شهد مشاركة عدد كبير من الفنانين والموسيقيين- بين العروض الموسيقية المؤثرة، والرسائل الإنسانية التي ألقتها شخصيات بارزة، بهدف تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
الأمسية تخللتها ذكريات مؤلمة وتكريم مؤثر للأطباء والصحفيين الفلسطينيين، ولآلاف الأرواح البريئة التي أزهقت في الحرب.
وكان الفنانون الفلسطينيون نجوم الأمسية بلا منازع، فقد شارك في الحفل المغنية ناي البرغوثي، والملحن وعازف العود فرج سليمان، والفنانة ملك مطر، التي نجت من عدة هجمات إسرائيلية، وعكست بأعمالها الفنية المؤثرة آثار الحرب في غزة.
وأكد الموسيقي البريطاني الشهير بريان إينو، الذي تولى دور المنتج التنفيذي للحفل، أن الهدف من تنظيمه هو مواجهة ما يجري في غزة، والتأكيد على قدرة الفنانين على دعم المجتمعات وكشف الظلم وتخيّل مستقبل أفضل.
وقال إينو لوكالة «فرانس برس» إنه لم يكن أي مكان ليقبل باستضافة فعالية تحمل كلمة «فلسطين» في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
لكن الأمور تغيرت، وفق إينو، الذي أضاف: «اعتقدت إسرائيل أن تجويع شعب بأكمله سيكون مقبولا للجميع.. أعتقد أن هذا غيّر آراء الناس».
وانتقد في كلمته رفض «بي بي سي» مؤخرًا عرض فيلم وثائقي مميز عن العاملين في مجال الصحة في غزة لأن بثه كان سيؤثر على «نظرة التحيز».
وقال إينو إن جبن «بي بي سي» الأخير هو نتيجة لـ«جدار الخوف» الذي بناه مؤيدو سياسة الحكومة الإسرائيلية، المصمَّم لمعاقبة الفنانين الذين قد تشكّل قصصهم ثقافة مختلفة، ثقافة لديها القدرة على تغيير السياسات جذريًا، لكن هذا الخوف يتراجع.
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
وشهد الحفل مشاركة مؤثرة من النجم البريطاني بيندكت كامبرباتش، الذي ألقى قصيدة الشاعر الراحل محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، مترجمة إلى اللغة الإنجليزية.
وقرأ النجم البريطاني مقطع القصيدة الذي يقول:
عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ
الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى
فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ.
وخلال الحفل، هتف الحشد الذي لوّح كثر منه بالأعلام الفلسطينية، للمقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، والتي واجهت انتقادات لاذعة من إسرائيل وبعض حلفائها.
وألقت ألبانيز - التي فرضت عليها إدارة ترامب عقوبات مؤخرا - خطابًا مؤثرًا، أكدت فيه أن «إسرائيل تواصل التدمير والقتل واحتلال الأراضي في فلسطين».
واتهمت الحكومات بمختلف أنحاء العالم إما «بغض الطرف أو التواطؤ في هجمات إسرائيل على غزة»، مستشهدة باستمرار صفقات توريد السلاح لتل أبيب واستضافة المسئولين الإسرائيليين.
من ناحية أخرى، حظي الناجي من الهولوكوست ستيفن كابوس، والبالغ من العمر 88 عامًا، بتصفيق حارّ من الحضور، مما أكّد أن الليلة الماضية لم تكن قاصرة على المشاهير.
وتحدث كابوس، عن أوجه التشابه بين محنة الفلسطينيين والأهوال التي شهدها أثناء إقامته في ظل النظام النازي عندما كان طفلاً.
وأضاف: «أُدرك معنى أن تُسلب كرامتك، وأرضك، ووطنك، ولهذا السبب أظلّ ثابتًا على التزامي تجاه الشعب الفلسطيني. نضالهم من أجل الحرية والعدالة والعودة ليس منفصلًا عن نضالي، إنه جزء من نفس الصرخة من أجل الإنسانية».
وعبّرت الممثلة فلورنس بيو، المرشحة لجائزة الأوسكار، في كلمتها عن مشاعر العديد من النجوم الآخرين المشاركين في الحفل، داعيةً الجمهور إلى التعبير عن آرائهم.
وقالت: «الصمت في وجه هذه المعاناة ليس حيادًا، بل تواطؤ. والتعاطف لا ينبغي أن يكون بهذه الصعوبة، وما كان ينبغي أن يكون بهذه الصعوبة أبدًا».
أما الممثل الأمريكي ريتشارد جير، فتعرض لاستهجان الجمهور عندما ذكر اسم «ترامب»، ووصفه بأنه «الشخص الوحيد» الذي يمكنه إنهاء معاناة الفلسطينيين.
وتزامن انعقاد الحفل مع الزيارة التي يجريها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى المملكة المتحدة، وسط إجراءات أمنية مشددة ومظاهرات واسعة في لندن عبرت عن رفض زيارته.
وأشار إلى أن «ترامب، يمكنه في يوم واحد أن يوقف كل هذا الجنون»، مضيفًا: «نتنياهو بحاجة ماسة للولايات المتحدة، ولكن إذا كان (ترامب) يريد جائزة نوبل للسلام، فهذه هي الطريقة للحصول عليها».