صناع الفن يرسمون مسار مستقبل الدراما المصرية.. تحقيق

آخر تحديث: الأربعاء 19 مارس 2025 - 6:59 م بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ حاتم جمال الدين

محمد فاضل: نثمن اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بالدراما.. وحان الوقت لفتح حوار مفتوح بين المعنيين بهذه الصناعة

أيمن سلامة: التصحيح يبدأ من استعادة الكاتب المثقف المؤمن بقضايا وطنه ولا يكتب فقط لإرضاء المشاهد

محمد الباسوسى: البعد عن إنتاج مسلسلات منقولة عن أعمال أجنبية ليس لها علاقة بقيم وثوابت مجتمعنا

مجدى صابر: إعادة النظر فى سطوة النحم على كل عناصر العمل الدرامى

 

أعلن الكاتب أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عن عقد مؤتمر بعنوان «مستقبل الدراما فى مصر»، أبريل المقبل فى مبنى ماسبيرو.

جاء قرار رئيس «الوطنبة للإعلام» استجابة للرؤية التى طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال حديثه بحفل إفطار القوات المسلحة، والتى تقضى بضرورة تعزيز القيم فى صناعة الدراما والسينما، وضرورة مواجهة موجات العنف والجريمة وتعاطى المخدرات، وإشعال الصراع المجتمعى، وترويج الابتذال اللفظى والانحراف السلوكى، وتدمير قيم العائلة.

وأكد المسلمانى أن المؤتمر سيتضمن دعوة الكتّاب والمخرجين والمنتجين وعلماء النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وسيتم رفع توصياته للمؤسسات المعنية، مشيرا إلى أن التليفزيون المصرى سيسترشد بالرؤية الرئاسية فى تقديم المحتوى اللائق فكريا وقيما ووطنيا، بعد عودته للإنتاج الدرامى هذا العام، فى إطار استراتيجية (عودة ماسبيرو).

دعوة المسلمانى ومن قبلها الرؤية التى طرحها الرئيس السيسى كانت موضع اهتمام واسع فى الأوساط الفنية؛ حيث رأى فيها صناع الفن والدراما فرصة ذهبية لتصحيح مسار صناعة الفن فى مصر، وإعادة ترتيب دفاعات قوة مصر الناعمة واستعادة أمجاد العصر الذهبى لتأثير الدراما المصرية فى الشارع المصرى، وامتداده فى محيطها.. وفى السطور التالية نرصد بعض الرؤى، وأهم المحاور التى ينتظر طرحها على مائدة الحوار.

فى البداية ثمن المخرج محمد فاضل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بالدرما، وتأثيرها فى المجتمع المصرى، مؤكدا على أهمية فتح حوار مفتوح بين المعنيين بهذه الصناعة.

وأشار فاضل إلى توصيات مؤتمر «الإبداع مستقبل مصر»، والذى دعا إليه الكاتب الصحفى الراحل ياسر رزق، رئيس مؤسسة أخبار اليوم فى عام 2014.

وقال إن المؤتمر خرج بالكثير من التصورات والحلول لمشاكل صناعة الفن والإعلام، وتم إرسالها إلى الجهات المعنية، داعيا الكاتب أحمد المسلمانى لمراجعة تلك التوصيات والانطلاق منها فى مؤتمر ماسبيرو المنتظر.

وقال السيناريست أيمن سلامة رئيس جمعية كتاب الدراما إن بداية عودة الدراما إلى مسارها الصحيح يبدأ من استعادة الكاتب المثقف، الذى يؤمن بأهمية دوره، ويؤمن بقضايا وطنه، كما يؤمن بأن الله سيحاسبه على كل كلمة يكتبها قلمه.

وأضاف نحن بحاجة لمؤلفين لا يكتبون لإرضاء المشاهد، وإنما يكتبون من أجل رفع ثقافة المجتمع؛ تماما كما فعلت أم كلثوم عندما غنت «الأطلال»، وعبد الحليم عند تقديمه «قارئة الفنجان» فى مجتمع كانت نسبة الأمية فيه 80%، لنجد الفلاح البسيط الذى لا يعرف القراءة والكتابة يردد أبياتا من قصائد الشعر العربى الفصيح، ويترجم معانيه.

وعن القضايا التى يحتاج المجتمع لمعالجتها على شاشة الدراما المصرية، قال سلامة: المجال مفتوح والقضايا كثيرة والمهم أن نراعى الله وتقاليد قيم المجتمع ومصالح الوطن فيما نقدمه.

وأضاف: يجب على المؤلف أن يتعامل بحساسية شديدة فيما يخص تلك القيم، فهو هنا مثل جراح المخ والأعصاب الذى يستخدم مشرطه لعلاج المرض بحرص ووعى شديدين لأن نتائج الأخطاء تكون وخيمة، وعلى هذا النحو ينبغى أن يتعامل الكاتب مع عقل المتلقى الذى يصدر له الأفكار والقيم.

وأكمل سلامة: نحن بحاجة لدراما تناقش أفكارا تتعلق بالانتماء وحب الوطن، ومسلسلات تتحدث عن شخصيات تاريخية وعن الإسلام الوسطى، ومشكلات الهوية فى ظل عصر الإنترنت، والتركيز على القيم الأخلاقية عبر تقديم النماذج السوية فى المجتمع.

وأشار رئيس جمعية المؤلفين إلى تجربة العظيم إسماعيل ياسين، والذى قدم فى أعماله الشخصية الطيبة، واستطاع أن يحببنا فى فعل الخير، من خلال الشخصيات التى جسدها، والتى لم يظهر فيها كذوبا أو سكيرا أو ما شابه ذلك، لأنه كان يعلم أن بين جمهوره أطفال.

ومن ناحيته أكد السيناريست محمد الباسوسى على أهمية الدعوة التى أطلقها رئيس الوطنية للإعلام لمناقشة مستقبل الدراما، معربا عن أمله فى دعوة كل المعنيين بالصناعة، وفى مقدمتهم كتاب الدراما الحقيقيين، وخبراء فى الاجتماع وعلم النفس ممن لهم علاقة بالفن، لإقامة حوار جاد على أرض الواقع بعيدا عن التنظير.

وأوضح أن بداية استعادة الدرما لمسارها الصحيح يبدأ من المؤلف، والذى يجب أن يكون على وعى بالمجتمع الذى يكتب عنه، وتفاصيل وأبعاد القضية التى يتناولها، وأن يكون على علم بأن العمل الذى يكتبه سيدخل بيوت الناس وستشاهده الأسرة المصرية بمختلف أعمارها. 

وعلق بقوله إن حرية الإبداع لا تعنى الخروج عن الأدب، ونقل ألفاظ الشوارع والمقاهى كما هى لشاشة التليفزيون.

 وطالب الباسوسى بضرورة إعادة النظر فيما تعرضه شاشة الدراما فى الفترة الأخيرة، والبعد عن إنتاج مسلسلات منقولة عن أعمال أجنبية ليس لها أى علاقة بقيم وثوابت مجتمعنا المصرى، والتى ينقلها مؤلفون هواة بلا وعى أو رؤية، مشددا على أنه ليس ضد فكرة «تمصير» الأعمال الأجنبية المهمة، وتقديمها بصياغتها تناسب ثقافة وقيم المجتمع المصرى.

وأضاف: «لسنا ضد تقديم مواطن الخلل فى المجتمع والتنبيه للظواهر السلبية، ولكن يجب أن يكون هناك توازن فى تناول الصراع بين الخير والشر، والذى يعد مصدرا أساسيا لتقديم دراما قوية، وأن يكون صياغات مشاهد الشر فى العمل الدرامى تناولا جميلا كما علمنا أساتذتنا الكبار، حتى لا نساهم فى نشر القبح عبر أعمالنا الفنية».

ومن ناحيته يرى السيناريست مجدى صابر أن ملف علاج الدراما المصرية يجب أن يسير على ثلاثة محاور أساسية، وأولها عودة الكتاب الكبار إلى مواقعهم فى صناعة الدراما.

وعلق قائلا: «إنه لا يليق أن يتم استبعاد الكبار أصحاب الخبرات من كتاب الدراما، وهو استبعاد غير مفهوم ولا مبرر، خاصة وأن أعمالهم كانت علامات فى صناعة الدراما العربية، ومنذ سنوات لا نرى لهم أية أعمال على الشاشة، بشكل يبدو كما لو كان مقصودا».

وأضاف: «الدراما تبدأ من النَص، بينما أصبحت معظم الأعمال المعروضة على الشاشة تعتمد على ورش الكتابة، عناصرها فى أغلب الأحيان من الشباب قليل الخبرة، ليس لهم تراكمات وخبرات بقضايا مجتمعاتهم، أو الرؤى التى تمكنهم من طرح معالجات للقيم الإيجابية، ومن هنا تغلب على المسلسلات المعروضة أجواء البلطجة والمخدرات، والألفاظ الخارجة».

أوضح مجدى صابر أن المحور الثانى من محاور إصلاح الدراما ينصب على ضرورة إعادة النظر فى سطوة النحم على كل عناصر العمل الدرامى.

وقال: «كنا طول الوقت نبدأ العمل من عند المؤلف الذى يضع الفكرة ويكتب النص، وتوجه به لجهة الإنتاج التى تختار المخرج الذى يرشح مع المؤلف ومسئولى الإنتاج لاقى عناصر العمل بما فيها الأبطال، وخلال السنوات الأخير انقلب الحال حيث تبدأ شركات الإنتاج بالتعاقد مع النجم ثم البحث عن مؤلف يكتب للنجم عملا تفصيليا على هواه، ومن هنا خرجت دراما البطل الأوحد، الفتوة والبلطجى والنجم الذى تقع فى حبه 4 أو 5 بنات، لتصبح الدراما على هذا النحو عامل مكمل لتلك الحالة المصطنعة، والتى صدرت العنف والابتزال لشاشة الدراما».

ويشير مجدى صابر إلى المحور الثالث والذى أصبح من العناصر المهمة فى منظومة الإنتاج، وهى الإعلان، منتقدا تغول الإعلانات على الدراما، والتى أفسدت متعة التتابع والمشاهدة، وفصلت المتلقى عن متابعة تفاصيل العمل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved