دافع عن طالب مؤيد لفلسطين.. تفاصيل وأسباب اعتقال محامي لبناني من مطار ديترويت بالولايات المتحدة
آخر تحديث: السبت 19 أبريل 2025 - 3:10 م بتوقيت القاهرة
-أمير مقلد للأناضول: استجوابي كان بمثابة "محاولة واضحة لترهيبي عن تولي قضايا مماثلة
استهدفت لأني احتج على العدوان على قطاع غزة
سأواصل الدفاع عن هؤلاء الطلاب المؤيدين للقضية الفلسطينية "بكل فخر"
طالما قيل لنا إن أمريكا بلد الحرية لكن ما نراه الآن يناقض ذلك تمامًا
في واقعة اعتبرها تعكس وجها جديدا للولايات المتحدة تغيب عنه كل معاني الحريات، كشف المحامي والحقوقي ذي الأصول اللبنانية أمير مقلد، تفاصيل اعتقاله من مطار ديترويت بالولايات المتحدة واستجوابه على يد وحدة تابعة لوزارة الأمن الداخلي، يطلق عليها "التدخل التكتيكي لمكافحة الإرهاب"، على خلفية دفاعه عن طالب مؤيد لفلسطين.
وفي حديث للأناضول، قال مقلد، إن توقيفه واستهدافه في مطار ديترويت بولاية ميشيغان الأمريكية في 6 أبريل الجاري، "متعمد" بسبب دفاعه عن طالب جامعي اعتُقل إثر مشاركته في تظاهرة داعمة لفلسطين داخل جامعة ميشيغان عام 2024.
وأشار إلى إن توقيفه واستجوابه الذي استمر لمدة ساعتين في المطار بمثابة "محاولة واضحة لترهيبه وثنيه عن تولي قضايا مماثلة".
وأضاف أن الولايات المتحدة "تمرّ بمرحلة اختبار للقيم"، فيما تمارس الحكومة ضغوطا متزايدة لاختبار حدود الحقوق والحريات.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة في يناير 2025، تم استهداف عدد من الطلاب ذي الأصول العربية وآخرين سواء بالتوقيف والاعتقال أو إلغاء التأشيرات، لتضامنهم مع الفلسطينيين، وتنظيمهم احتجاجات ضد حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأعلن ترامب مرارا وعدد من مسئولي إدارته أنهم سيعملون على إنهاء ما أسموه بـ"حالة التسامح مع معاداة السامية في الجامعات الأمريكية".
-توقيف واستجواب مفاجئ
وحول تفاصيل ذلك اليوم، قال مقلد إنه كان عائدا مع أسرته من عطلة في جمهورية الدومينيكان، عندما أوقفته سلطات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية داخل مطار ديترويت، حيث أخبره عناصر من وحدة تسمى "وحدة التدخل التكتيكي لمكافحة الإرهاب"، بأنه سيخضع للاستجواب.
وتابع: "كانت تلك المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذه الوحدة، بعدها شعرت أنني أُعامل بشكل مختلف، فقط بسبب هويتي كمسلم وعربي - أمريكي".
وأشار مقلد الذي يعمل بالمحاماة منذ 15 عاما إلى أنه بمجرد نقله إلى غرفة الاستجواب، بدأ المحققون بالحديث عن عمله في المحاماة، وأخبروه بأنهم يعرفون أنه يتولى "قضايا ذات حساسية عالية" في إشارة لقضايا الدفاع عن بعض الطلاب المؤيدين لفلسطين.
وأردف، "أدركت حينها أنني مستهدف تحديدا بسبب تلك القضايا، ولا سيما دفاعي عن الطالب الذي وُجهت له تهم جنائية فقط لأنه احتج على العدوان على قطاع غزة".
وخلال الاستجواب طلب المحققون من مقلد فتح هاتفه المحمول، وتزويدهم برمز الدخول، وهو ما رفضه بدعوى أن هاتفه يحتوي على معلومات تخص موكليه، لكنه وافق لاحقًا على السماح لهم بالاطلاع على دليل الهاتف لتجنب مصادرة الجهاز، حسبما أفاد للأناضول.
وتابع: "طرحوا علي أسئلة تخص 3 إلى 5 أشخاص في قائمة اتصالاتي، ثم تركوني أخرج من المطار بعد ساعتين من التوقيف".
-حملة تخويف لمناصري فلسطين
وفي السياق، صنف مقلد ما حدث معه بأنه يندرج ضمن "حملة تخويف تستهدف المحامين والنشطاء المناصرين لفلسطين".
وقال، "أعتقد أن هدفهم كان واضحا، وهو إخافتي وردعي عن مواصلة هذا النوع من القضايا".
لكنه أكّد أنه لن يتراجع عن مواقفه، بل على العكس، سيواصل الدفاع عن هؤلاء الطلاب "بكل فخر"، وزاد بالقول: "سأتابع قضايا أكثر، لأنني أؤمن بأن العدالة ليست امتيازا بل حق".
-اختبار للحريات
وفي معرض حديثه عن وضع الحريات في الولايات المتحدة بعد تولي ترامب السلطة، عبّر مقلد عن قلقه المتزايد، قائلا: "طالما قيل لنا إن أمريكا بلد الحرية، ولكن ما نراه الآن يناقض ذلك تمامًا".
وتابع: "الحكومة باتت تستهدف الأفراد ليس لارتكابهم جرائم، بل لمجرد تعبيرهم عن آرائهم"، لافتا إلى أن لإدارة الأمريكية الحالية "تدفع الأمور إلى أقصى مدى، في محاولة لمعرفة إلى أي حدّ يمكنها انتهاك حقوقنا".
ووصف مقلد ما آلت إليه أوضاع الحريات بالولايات المتحدة بأنها "مقلقة للغاية"، متابعا "أنا معتاد على التعامل مع السلطات ضمن عملي في مجال حقوق الإنسان والدفاع الجنائي، لكن هذه هي المرة الأولى التي أُعامل فيها بهذه الطريقة على الصعيد الشخصي، كان ذلك مزعجا على نحو خاص، خاصة بالنسبة لعائلتي التي شعرت بالخوف الشديد أثناء توقيفي".
وتعود خلفية هذه الواقعة إلى تكليف مقلد بالدفاع عن طالب في جامعة ميشيغان تم توقيفه إثر مشاركته في تظاهرة لدعم لفلسطين عام 2024.
ويُعتقد أن استدعاءه للتحقيق في المطار جاء على خلفية هذا التمثيل القانوني، ضمن مناخ تشهده الولايات المتحدة من تضييق على الأصوات المنتقدة للسياسات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأكد مقلد أن المعاملة السيئة والتوقيف اللذين تعرض لهما "ليسا معزولين" عن هذه القضية، بل يأتيان ضمن سياق أوسع من التضييق على حرية التعبير، لاسيما فيما يتعلق بمناصرة الحقوق الفلسطينية.
وفي 25 مارس، اعتقلت السلطات الأمريكية طالبة الدكتوراه التركية رميساء أوزتورك، في ولاية فيرمونت.
وفي 9 مارس، اعتقلت السلطات الأمريكية أيضا الناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي قاد احتجاجات تضامنية بجامعة كولومبيا العام الماضي، تنديدا بالإبادة الجماعية في غزة.
كما كان الباحث الهندي في جامعة جورج تاون، بدر خان سوري، مطلوبا للترحيل بزعم نشر "دعاية حماس ومعاداة السامية"، لكن القاضية الأمريكية باتريشيا توليفر جايلز أوقفت القرار.
يذكر أن الاحتجاجات الداعمة لفلسطين والتي بدأت في جامعة كولومبيا انتشرت في أكثر من 50 جامعة في البلاد، واحتجزت الشرطة على إثرها أكثر من 3100 شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.