هل تنقذ القواعد الجديدة للاتحاد الأوروبي الحيوانات الأليفة من سوء المعاملة؟

آخر تحديث: الخميس 19 يونيو 2025 - 12:07 م بتوقيت القاهرة

بروكسل - (د ب أ / إي إن آر)

يتزايد الطلب على اقتناء الحيوانات الأليفة ذات الفراء، مثل القطط والكلاب في أنحاء الاتحاد الأوروبي، وكانت فترة جائحة كوفيد - 19 شهدت الزيادة الأحدث في هذا الإطار.

وتختلف معايير رعاية الحيوانات في الدول الأعضاء الـ27 بالتكتل، وسط مخاوف بشأن تزايد التجارة غير القانونية للحيوانات الأليفة.

وبحسب بيانات الاتحاد الأوروبي لعام 2021، يمتلك مواطنو التكتل أكثر من 72 مليون كلب، وأكثر من 83 مليون قطة.

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوروبارومتر" في عام 2023، أن 44% من الأوروبيين لديهم حيوانات أليفة، أو حيوانات ترافقهم. وتصل قيمة تجارة القطط والكلاب وحدها إلى حوالي 1.3 مليار يورو (1.51 مليار دولار) سنويا.

ودعا 74% من المشاركين في استطلاع إلى مزيد من الحماية لرفاهية الحيوانات الأليفة، مما هي عليه الحال الآن.

ويبدو أن مواطني الاتحاد الأوروبي على استعداد تام للعثور على حيوانات أليفة بأسعار رخيصة، رغم المخاطر التي ينطوي عليها ذلك.

وفي عام 2023، قالت المفوضية الأوروبية، في اقتراحها الأولي بشأن رفاهية القطط والكلاب: "تؤدي التربية دون المستوى والتجارة غير القانونية إلى مشاكل مهمة فيما يتعلق برفاهية الكلاب والقطط، ورفاهية مالك الحيوانات الأليفة المحتمل".

ويتم شراء العديد من هذه الحيوانات، وبيعها، عبر الإنترنت.

وبحسب المفوضية الأوروبية، تمثل السوق الإلكترونية - بما يشمل المبيعات غير القانونية – حوالي 60%.

وفي أي وقت من الأوقات، يتم عرض حوالي 438 ألف كلب، و80 ألف قطة للبيع في الاتحاد الأوروبي، مما يجعل من الصعب اكتشاف عمليات الاحتيال.

ويؤدي عدم اتساق التشريعات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى وجود ثغرات تستغلها شبكات التجارة غير القانونية، دون هوادة.

وبحسب منظمة "فور بوز" المعنية بالرفق بالحيوان، لا يمكن تتبع مصدر 79% من الكلاب المعروضة للبيع في أنحاء أوروبا للوصول إلى أي مصادر قانونية يمكن التحقق منها.

وقالت رئيسة الجمعية البيطرية الكرواتية ليا كريسزينجر، إن لا أحد يلتفت للتوصيات بشأن شراء الكلاب الموجودة في ملاجئ الحيوانات المهجورة، ومن المربين المسجلين.

ويشتري كثيرون، الحيوانات الأليفة من خلال الإعلانات عبر الإنترنت؛ بسبب انخفاض أسعارها، ويعاني العديد من الجراء التي تُشترى بهذه الطريقة من مشاكل صحية خطيرة.

من أطلق سراح الكلاب؟

وشق اقتراح المفوضية طريقه عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وتوصل مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى موقف مشترك في يونيو 2024.

واعتمدت لجنة الزراعة بالبرلمان الأوروبي، الأسبوع الماضي، موقفها الخاص بشأن معايير تربية القطط والكلاب، وإيوائها والتعامل معها، وذلك بأغلبية 35 صوتا، مقابل صوتين، وامتناع 9 أعضاء عن التصويت.

وكان الهدف من ذلك يكمن في تحسين إمكانية التتبع والشفافية، خاصة في عمليات شراء القطط والكلاب عبر الإنترنت.

ويتضمن الاقتراح، تحديد هوية الكلاب والقطط المتداولة وتسجيلها بشكل إلزامي، كما يتضمن أيضا تنظيم مدى قرب الحيوانات من بعضها البعض للسماح بتربيتها، والمدة التي يجب أن تبقى فيها الحيوانات الصغيرة مع أمهاتها، وعدد المرات التي يمكن فيها تربية الإناث.

ومن المقرر طرح الاقتراح التشريعي للتصويت في جلسة عامة للبرلمان الأوروبي، من المرجح عقدها في يونيو الجاري، أو الشهر المقبل.

وإذا ما جرى اعتماد الاقتراح من قبل البرلمان الأوروبي بأكمله، يمكن بدء المفاوضات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومع المفوضية.

رفاهية الحيوان في مواجهة الروتين

ولاقى الاقتراح، ردود فعل متباينة، حيث أشاد البعض بالأثر الإداري المحدود الذي سيحدثه على المربين والبائعين، في حين انتقده آخرون لإنه لم يصل إلى مدى كاف لمكافحة التجارة غير المشروعة في الحيوانات الأليفة.

وقالت التشيكية فيرونيكا فليسيونوفا العضوة والمُقررة بالبرلمان الأوروبي: "هذا الاقتراح خطوة واضحة ضد التربية غير القانونية والاستيراد غير المسؤول للحيوانات من خارج الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، فإنه يحترم تماما الملاك العاديين والمربين المسئولين الذين لا يجب أن تثقل اللوائح التنظيمية كاهلهم دون مبرر".

وحثت الجمعية البيطرية الكرواتية، أعضاء البرلمان الأوروبي في البلاد على دعم اللائحة، حيث قالت تاتيانا زاجيتش، رئيسة قسم الأخلاقيات بالجمعية، إن هناك الكثير من الأموال في السوق السوداء للكلاب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلالات الشعبية.

ويستغل المربون غير القانونيين، إناث الكلاب التي تتكاثر بشكل متكرر، ويفصلون الجراء عن أمهاتها في وقت مبكر للغاية، ويبيعونها وهي مريضة، وتكون في الغالب مصابة بعيوب وراثية.

وأضافت زاجيتش: "عندما لا تستطيع إناث الكلاب أن تلد، يتم التخلي عنها أو تركها تموت".

وتشمل القاعدة التي اقترحتها المفوضية هؤلاء الذين يقومون بتربية أو بيع الحيوانات- لكنها لا تسري على مالكي الكلاب والقطط من القطاع الخاص، ومارست عدة دول أعضاء ضغوطا من أجل هذا الاستثناء.

وقال عضو البرلمان الأوروبي النمساوي المحافظ ألكسندر بيرنهوبر: "منعنا اللوائح التفصيلية غير الضرورية من تعقيد الحياة اليومية لمالكي الكلاب والقطط".

ووصف استثناء قطط الحقل (قطط المزرعة) من اللوائح بأنه "نجاح كبير.. يوفر على العديد من المالكين تكاليف غير ضرورية وجهدا بيروقراطيا غير ضروري".

ومن ناحية أخرى، انتقد مواطنه وعضو البرلمان الأوروبي من حزب الخضر النمساوي توماس ويتز عناصر التخفيفات الواردة في النص، وقال: "لن يتم، بهذه الطريقة، إيقاف تجارة الحيوانات غير المشروعة إلا على استحياء".

الرقمنة الدقيقة

وبمقتضى الاقتراح، يتعين أن تكون جميع الكلاب والقطط التي يحتفظ بها المربون والبائعون، وأيضا في الملاجئ، أو المعروضة للبيع أو التبرع عبر الإنترنت، قابلة للتعريف بشكل فردي باستخدام الرقائق الإلكترونية.

وقال أعضاء البرلمان الأوروبي، إنه يجب تسجيل الكلاب والقطط المزودة بشرائح إلكترونية، في قواعد البيانات الوطنية، وأيضا تخزين المعلومات في قاعدة بيانات على مستوى الاتحاد الأوروبي، تقوم عليها المفوضية الأوروبية.

ويريد البرلمانيون، توسيع نطاق هذه القواعد لتشمل الحيوانات التي تدخل الاتحاد الأوروبي من دولة ثالثة.

وقواعد الرقمنة الدقيقة موجودة بالفعل في العديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ولكن التنفيذ غير كامل.

يشار إلى أن النموذج الإسباني لتعقب الحيوانات الأليفة- مرتبط بقواعد بيانات مناطق الحكم الذاتي في البلاد- فعال للغاية لدرجة أن المفوضية الأوروبية اتخذت منه نموذجا لخططها الخاصة في هذا الشأن.

والرقمنة الدقيقة إلزامية، ومن خلال الشبكة الإسبانية لتحديد هوية الحيوانات الأليفة، يمكن في البلاد تحديد موقع الحيوان المفقود في أي موقع خارج المكان الذي تم تسجيله به.

ويحظر قانون حماية حقوق الحيوان ورفاهيته في إسبانيا بيع الحيوانات الأليفة في المحال التجارية، ما لم يتم ذلك مباشرة من خلال المربين المسجلين، كما يمنع مغادرة الحيوانات منشأة التربية ما لم يكن لكل حيوان من يتبناه أو يشتريه بشكل نهائي.

وفي ألمانيا يوجد نقيض ذلك، حيث يجب فقط في بعض الولايات الاتحادية الـ16 أن تكون الكلاب مزودة بشرائح إلكترونية.

أما بالنسبة للقطط، فهناك تباين واسع، حيث تشترط بعض البلديات أن تكون في الهواء الطلق فقط مزودة بشريحة إلكترونية، والقاعدة الشاملة الوحيدة هي أن يكون الكلب أو القط مزودا برقاقة إذا تم نقله عبر حدود الاتحاد الأوروبي.

وفي فرنسا، يتم التعرف فحسب على نصف القطط المنزلية التي يبلغ عددها حوالي 17 مليونا، عن طريق الرقاقة أو الوشم، رغم أن هذا الوسم إلزامي، كما هو الحال بالنسبة للكلاب، وحتى بالنسبة للقوارض الأليفة.

وأعربت سيسيل جاردينو وهي طبيبة بيطرية ورئيسة تحليل البيانات لدى شركة "إنجينيوم أنيماليس"، التي تدير قاعدة بيانات وطنية لتحديد هوية الحيوانات الأليفة، عن أسفها، وقالت: "لا يزال لدينا معدل تعريف منخفض للغاية" بالنسبة للقطط.

ويمكن أن يؤدي امتلاك كلاب أو قطط غير مسجلة، ولدت بعد أول يناير 2012 إلى غرامة قدرها 750 يورو.

وتهدف قاعدة البيانات الوطنية لتحديد هوية الحيوانات الأليفة، والتي تم تقديمها كأكبر قاعدة بيانات في هذا الشأن على مستوى أوروبا، إلى ضمان المراقبة الصحية ومكافحة الاتجار بهذه الحيوانات، وسرقتها والتخلي عنها.

ومع ذلك، يظل تطبيق وإنفاذ القانون أمرا أساسيا لمكافحة جميع أشكال إساءة معاملة الحيوانات.

وفي بلغاريا، على سبيل المثال، خلال الفترة بين عامي 2019 و2024، تم إحالة 318 شخصا للمحاكمة بتهمة العنف ضد الحيوانات، بحسب الادعاء العام، وقد صدرت أحكام بحق تسعة منهم فقط بالسجن، في حيت تلقى نحو 274 آخرون أحكاما مع وقف التنفيذ، أو الوضع تحت المراقبة، أو دفع غرامة.

وخلال مؤتمر حول قضية إساءة معاملة الحيوانات، عقد في العاصمة صوفيا خلال شهر مايو الماضي، قال مفوض الاتحاد الأوروبي للصحة والرفق بالحيوان أوليفر فارهيلي، إنه جرى اعتماد أول قواعد خاصة بالاتحاد الأوروبي في هذا الأمر قبل 50 عاما.

ويتعين الانتظار الآن لنرى ما إذا كانت أحدث أفكار الاتحاد الأوروبي، بعد مرور نصف قرن، سوف تؤدي إلى اتخاذ تدابير فعالة في هذه المسألة على مدار المفاوضات التي تجرى في بروكسل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved