نائب رئيس حكومة لبنان: إسرائيل تضرب بكل الاتفاقات عرض الحائط
آخر تحديث: الجمعة 19 سبتمبر 2025 - 3:30 م بتوقيت القاهرة
بيروت / الأناضول
لبنان يجند كل قدراته الدبلوماسية والسياسية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية
الجيش اللبناني سيباشر تنفيذ خطة حصر السلاح
عاكفون على وضع اتفاقية قضائية مع دمشق لمعالجة قضية الموقوفين
قال طارق متري نائب رئيس الوزراء اللبناني، إن إسرائيل تضرب بكل الاتفاقات عرض الحائط، وتواصل عملياتها العدائية في خرق لاتفاق إطلاق النار مع حزب الله، مشيرا إلى أن بيروت ملتزمة بحصر السلاح في يد الدولة.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع متري، بينما تواصل تل أبيب انتهاكاتها في لبنان، أحدثها الخميس، حيث شن الجيش الإسرائيلي 5 غارات استهدفت بلدات ميس الجبل وكفر تبنيت ودبين وبرج قلاوي في محافظة النبطية والشهابية بقضاء صور جنوبي البلاد.
موقف لبناني واضح
وقال متري، إن "العمليات العدائية الإسرائيلية مستمرة، وهذا مخالف لكل القرارات الدولية، وخاصة اتفاق وقف إطلاق النار" في 27 نوفمبر 2024.
وأكد أن "إسرائيل تضرب بالاتفاقات والقانون الدولي عرض الحائط، ولا تقيم أي اعتبار لسيادة لبنان، ولما تعهدت به حين وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار".
وفيما يتعلق بموقف بلاده إزاء ذلك، قال متري: "لبنان موقفه واضح وصريح، حيث يجند كل قدراته الدبلوماسية والسياسية من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية".
وعن موقف المجتمع الدولي، لفت متري إلى أن "الضغط لم يكن قويا بالقدر الكافي لإرغام إسرائيل على وقف الأعمال العدائية".
وأشار إلى أن "إسرائيل ومع ما تقوم به من إبادة في غزة (منذ 7 أكتوبر 2023) واعتداءات طالت عدة دول، لا تستجيب لأي ضغط ولا تستمع لأحد".
وشدد على أنه "رغم غطرسة القوة الإسرائيلية، فإن موقف لبنان واضح، ومساعيه الدبلوماسية والسياسية مستمرة".
وفي أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
ورغم التوصل في نوفمبر 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 4 آلاف و500 مرة، ما أسفر عما لا يقل عن 271 شهيدا و611 جريحا، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ للاتفاق تحتل إسرائيل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.
حصر السلاح
وفيما يتعلق بملف حصر السلاح، قال متري: "بغض النظر إذا كانت هناك ضغوط خارجية أم لا، ولكن هناك رغبة دولية بمعالجة قضية حصرية السلاح بيد الدولة".
متري شدد على أن "الحكومة ملتزمة بحصرية السلاح، وباتفاق الطائف الذي نصّ على بسط سلطة الدولة على أراضيها".
و"اتفاق الطائف" وقعته قوى لبنانية بمدينة الطائف السعودية عام 1989، لإنهاء حرب أهلية استمرت 15 عاما.
وبموجبه أُعيد توزيع السلطات بين الطوائف لتعزيز المشاركة السياسية، ونص على "نزع سلاح المليشيات وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها".
في السياق، أشار متري إلى أن "الجيش اللبناني سيباشر تنفيذ خطة حصر السلاح ويقدم تقارير شهرية بشأن ذلك".
وعن استمرار رفض حزب الله تسليم السلاح، قال متري: "لا أعتقد أن حزب الله يريد المواجهة مع الجيش اللبناني، ولا الأخير يبحث عن مواجهة أيضا".
وفي 5 أغسطس الماضي، أقر مجلس الوزراء حصر السلاح، بما فيه سلاح "حزب الله"، بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك خلال الشهر نفسه، وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
وفي 5 سبتمبر الجاري، أقرت الحكومة خطة الجيش، وقررت الإبقاء على مضمونها والمداولات بشأنها "سرية"، لكن أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم، أكد مرارا أن الحزب لن يسلم سلاحه إلا في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإيقاف عدوانها على البلاد، والإفراج عن الأسرى وبدء إعادة الإعمار.
وفي 19 يونيو الماضي، قدم المبعوث الأمريكي توماس باراك ورقة مقترحات إلى الحكومة اللبنانية، تضمنت نزع سلاح "حزب الله" وحصره بيد الدولة.
ويتم حصر السلاح مقابل انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية تحتلها في جنوب لبنان، إضافة إلى الإفراج عن أموال مخصصة لإعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة، وفقا للمقترح.
علاقات خارجية
ومتحدثا عن علاقات بيروت الدولية، قال متري إن "تركيا بلد صديق، وله تاريخ طويل بالعمل مع لبنان".
واستذكر "الدعم التركي عام 2006 (عندما شنت إسرائيل حربا على لبنان)، والتسهيلات التي قدمها الأتراك للبنانيين".
وعلى الصعيد السياسي، قال إن "تركيا تدعم سيادة لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية"، مشددا على أن "العلاقة مع أنقرة لا تشوبها شائبة".
وأضاف: "هناك مباحثات بيننا بشأن قضايا مشتركة (لم يحددها)، ويجب معالجتها من أجل توثيق العلاقات، ونحن ملتزمون بذلك".
وأشار إلى أنه "سيُنظَّم مؤتمر لدعم الجيش اللبناني (لم يحدد الزمان والمكان)، ومن الطبيعي أن تشارك تركيا فيه، وإذا كان هناك استعداد من أنقرة لمساعدة الجيش اللبناني، فلا أعتقد أنه سيمانع".
وعن العلاقات مع دمشق، قال متري إنها "تمضي في طريق جيد جدا، والثقة بين الطرفين كبيرة، ونعمل على تعزيزها، وهناك قضايا أثيرت في اللقاءات نعمل على معالجتها، أبرزها قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية".
كما لفت إلى أن "مسألة ترسيم الحدود ظلت من القضايا العالقة، إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بين بيروت ودمشق بخصوصها، رغم محاولات متكررة".
وتشهد الحدود بين البلدين منذ سنوات جدلا متكررا بشأن تهريب الأشخاص والبضائع، فيما يبرز ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية بوصفه أحد القضايا الشائكة بين الجانبين.
وأشار متري إلى أن "هناك اتفاقات لبنانية سورية موقعة بعهد النظام السوري البائد، وكلها يُعاد النظر فيها، وربما نبقي على بعضها ونعدّل أخرى، ونلغي بعضها الآخر".
وأردف: "ذهب وفد إلى دمشق برئاسة رئيس الوزراء نواف سلام (في أبريل الماضي)، ومن الطبيعي أن تُرد لنا الزيارة على مستوى عال".
المعتقلون السوريون
وبخصوص قضية المعتقلين السوريين في لبنان، قال متري: "ما أُثير في وسائل الإعلام غير صحيح (بشأن وجود خلاف، ورفض لبنان تسليم بعض الموقوفين)، وإخواني في سوريا عبّروا عن أهمية هذه القضية بالنسبة لهم، واقترحوا معالجة الأمر من ناحيتين: قانونية وسياسية".
وأوضح أن "المعالجة لهذا الملف لا يمكن أن تكون معالجة سياسية فقط، بل هي معالجة قانونية أولا، ولكي نستطيع معالجة هذه القضية على الصعيد القانوني، علينا أن نضع اتفاقية تعاون قضائي بين البلدين".
وتابع في هذا السياق: "نحن عاكفون على وضع هذه الاتفاقية، وعندما تُقرّ، تصبح معالجة هذه القضية أسهل، وسيتم هذا الأمر خلال فترة وجيزة".
وتشير تقديرات إلى أن عدد السوريين في السجون اللبنانية يبلغ نحو 2575 معتقلًا، ما يشكّل قرابة ثلث عدد السجناء في لبنان، وفقًا لجريدة "الديار" اللبنانية نقلا عن لجنة السجون في نقابة المحامين.
ولا يُصنَّف السجناء السوريون ضمن فئة واحدة، فبعضهم سُجن بسبب مواقفهم السياسية، وآخرون بتهم تتعلق بالإرهاب أو بمحاربة الجيش اللبناني، وغيرهم لأسباب جنائية، فضلًا عمّن اعتُقلوا بسبب الإقامة غير القانونية، ولأسباب أخرى.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، تبذل الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع جهودا مكثفة لإنهاء الملفات العالقة، لا سيما مع دول الجوار، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار.