ارتفاع ملحوظ.. التجويع الإسرائيلي يحصد أرواح أجنة وخدج في غزة
آخر تحديث: الجمعة 19 سبتمبر 2025 - 3:24 م بتوقيت القاهرة
غزة / الأناضول
زيادة في حالات الإجهاض وموت الأجنة بسبب سوء تغذية الأمهات
غالبية الحوامل اللواتي أجهضن كن يعانين من فقر دم لنقص الحديد
شهر أغسطس سجل أعلى حصيلة مقارنة بالأشهر الماضية
والدة طفل مريض: سوء التغذية الحاد سبب إصابته بنقص في البروتين
والدة طفلة 4 سنوات: لا تمشي ولا تتكلم ووزنها لا يزداد ونموها متوقف
داخل ثلاجة الموتى في "مستشفى ناصر" جنوب قطاع غزة، سُجيت جثامين 4 أجنة و3 أطفال خدج فقدوا حياتهم يوم الاثنين، في مشهد يعكس مأساة الفلسطينيين جراء التجويع الإسرائيلي الممنهج والحصار المشدد الذي حرم هؤلاء وأمهاتهم من الوصول للغذاء والدواء والرعاية المناسبة.
هذا المشهد، عده مسئول طبي فلسطيني مؤشرا خطيرا على تزايد وفيات سوء التغذية وارتفاع الإجهاض بين الحوامل بفعل التجويع الإسرائيلي رغم الرفض الدولي.
ووفق وزارة الصحة بغزة، يعاني آلاف الفلسطينيين، بينهم أطفال، من سوء تغذية حاد منذ أن شددت إسرائيل حصارها في مارس الماضي وأغلقت المعابر مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات.
وتسمح إسرائيل أحيانا بدخول كميات شحيحة جدا من المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين ولا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.
ويقول فلسطينيون إن المساعدات المسروقة تباع بأسعار مرتفعة تفوق قدرتهم الشرائية، بعدما حولتهم الإبادة إلى فقراء.
ومنذ 20 يوليو الماضي، حين بدأت وزارة الصحة تسجيل الوفيات وحتى الاثنين، ارتفعت حصيلة ضحايا سوء التغذية منذ 7 أكتوبر 2023 من 86 حالة، إلى 435 حالة بينهم 147 طفلا.
وبذلك، يكون معدل زيادة وفيات سوء التغذية ارتفع بنسبة 394% منذ 20 يوليو الماضي، في حين قفز معدل زيادة وفيات الأطفال عن حاجز 90 بالمئة.
في 22 أغسطس 2025، أعلنت "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" التي تضم مؤسسات دولية، المجاعة بمدينة غزة، وتوقعت امتدادها إلى دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر المقبل.
وتحت وطأة المجاعة، حذرت متحدثة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" تيس إنجرام، في 7 سبتمبر الجاري من تفاقم المجاعة بمدينة غزة، وامتدادها إلى وسط القطاع في غضون أسابيع إذا لم يتم التدخل واتخاذ إجراء عاجل.
وفي مقابلة مع الأناضول، قالت إنغرام: "الأهالي يبحثون بيأس عن طعام وماء، التقيت بآباء وأمهات يمسكون يدي باكين ويسألون متى سيصل الطعام؟ هل سيبقى طفلنا على قيد الحياة حتى ذلك الحين؟ الوضع كارثة كاملة".
زيادة في الإجهاض
بدوره، قال أحمد الفرا، مدير مبنى الأطفال والولادة في "مستشفى ناصر" للأناضول، إن المستشفى شهد مؤخرا تزايدا في حالات الإجهاض وموت الأجنة بسبب سوء تغذية الأمهات الناتج عن سياسة التجويع الإسرائيلية.
وأوضح أن معظم الأمهات اللواتي أجهضن كن مصابات بفقر دم بسبب سوء التغذية، مشيرا إلى أن 70 بالمئة من أصل 55 ألف حامل في غزة يعانين منه.
وأضاف أن سوء التغذية يقترن أيضا بـ"الوضع النفسي السيئ للحوامل" الناتج عن استمرار الإبادة والظروف القاسية للنزوح المتكرر، ما يزيد من مخاطر الإجهاض.
ولفت إلى أن المستشفى استقبل الجمعة الماضي سيدة أجهضت في شهرها السابع، بعد نزوحها من مدينة غزة في ظروف مأساوية وتعرضها للإرهاق الشديد.
وأشار إلى أن الحوامل يعانين من نقص المكملات الغذائية والفيتامينات بسبب إغلاق إسرائيل المعابر وصعوبة الوصول إلى المستشفيات، ما يزيد من مخاطر الإجهاض.
ومرارا، حذرت وزارة الصحة من مخاطر نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية بسبب الإغلاق الإسرائيلي شبه الكامل للمعابر أمام المساعدات خاصة الطبية باستثناء كميات شحيحة.
تحذير من ارتفاع الوفيات
وحذر المسئول من ارتفاع وفيات سوء التغذية في سبتمبر الجاري بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد أمام المساعدات الإغاثية.
وأضاف أن وفيات سوء التغذية تضاعفت في أغسطس، ومن المتوقع استمرارها في سبتمبر، موضحا أن المساعدات لا تلبي سوى 10 بالمئة من الاحتياج وتفتقر للبروتينات والألبان.
وأشار الفرا إلى أن عيادة المستشفى كانت تستقبل يوميا 20–30 حالة سوء تغذية قبل إغلاق المعابر، وارتفع العدد حاليا إلى 120–140 بينها عشرات بالحالة الحادة.
وحذر من أوضاع كارثية في "مستشفى ناصر" بسبب الاكتظاظ، ما اضطره لوضع المرضى في الممرات.
الطفل قاسم.. سوء تغذية حاد
الطفل قاسم زنون، أحد الأطفال المصابين بسوء التغذية حاد، يرقد على فرشة أرضية في "مستشفى ناصر"، حيث تبرز أضلاعه وعموده الفقري.
والدة قاسم (لم تذكر اسمها) تقول إن سوء التغذية تسبب بإصابة طفلها بـ"نقص في البروتين" الذي تسبب بفقدانه للكتلة العضلية وضعف بالنمو واضطرابات في وظائف عدة أعضاء حيوية، في ظل منع إسرائيل إدخال أدوية.
واكتشف الأطباء إصابة الطفل بحساسية القمح التي فاقمها سوء التغذية ونقص الأدوية، بحسب والدته.
وأضافت: "طفلي بحاجة إلى طعام خاص بمرضى حساسية القمح، لكنه غير متوفر في الأسواق"، جراء الحصار الإسرائيلي.
وناشدت الأم تسهيل علاج طفلها خارج غزة خشية فقدانه، بعد أن توفيت شقيقته بالأعراض نفسها، دون ذكر تفاصيل.
الطفلة أرجوان: توقف النمو
في ذات القسم، ترقد الطفلة أرجوان الدهيني (4 سنوات) بجسد نحيل لا يزيد وزنه عن 5 كيلو غرامات، مصابة بسوء تغذية حاد.
حنين أبو عدوان، والدة أرجوان تقول إن سوء التغذية تسبب بإصابة طفلتها بنقص في البروتين والبوتاسيوم وحموضة في الدم إضافة لخلل في قنوات الكلى.
وأوضحت الأم أنها منذ عام ونصف تقضي أوقاتا طويلة في المستشفى على أمل تحسن الحالة الصحية لطفلتها لكن دون جدوى.
وتابعت: "رغم أن عمرها 4 سنوات، إلا أنها لا تمشي ولا تتكلم، ووزنها لا يزداد، نموها متوقف تماما".
إضافة إلى ذلك، فإن الطفلة عانت مؤخرا من تقشر في الجلد بما يشبه الحرق، فيما لم يتم تشخيص حالتها بعد، وفق قول والدتها.
وطالبت بضرورة نقل طفلتها للعلاج بالخارج في أقرب وقت، متسائلة مستنكرة: "هل ننتظر حتى تموت؟".
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، منذ 7 أكتوبر 2023، خلّفت 65 ألفا و141 شهيدا، و165 ألفا و925 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 435 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.