البابا فرنسيس.. تاريخ من الدعوة للسلام والحوار ومواقف جريئة لنبذ العنف والحروب

آخر تحديث: الإثنين 21 أبريل 2025 - 11:24 ص بتوقيت القاهرة

آية أمان

عن عمر ناهز 88 عاماً، توفي اليوم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان بعد رحلة طويلة دعا فيها إلى التمسك بالسلام وإنهاء الحروب في العالم بخاصة في الشرق الأوسط، كما بدأ رحلة للحوار الحضاري، حيث أعاد الحوار وإنهاء الخصومة مع الأزهر الشريف في 2016، حتى توقيع وثيقة الأخوة الانسانية في 2021.

• من هو البابا فرنسيس؟

كان انتخاب البابا فرنسيس وهو الأول من الأمريكتين ثورة في تاريخ الكنيسة، حيث شهد ترحيبا واسعا على مستوى العالم باعتباره "حمالا رسالة المحبة التي ألهمت العالم منذ أكثر من ألفي عام" كما وصفه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حيث شهد عهده تقاربا واسعا للفاتيكان مع كل دول العالم والطوائف الدينية.

والاسم الأول للبابا كان خورخي ماريو بيرجوليو وينحدر من الأرجنتين، وترتيبه السادس والستين بعد المائتين، وتم انتخابه في أعقاب مجمع انتخابي في مارس 2013 هو الأقصر في تاريخ المجامع المغلقة.

ويعد البابا فرنسيس، أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا غريغوري الثالث (731 - 741)، كما أنه أول بابا راهب منذ غريغوري السادس عشر، وهو عضو في الرهبنة اليسوعية، ليكون بذلك أول بابا يسوعي، التي تعتبر من أكبر منظمات الكنيسة الكاثوليكية وأكثرها تأثيرًا وفاعلية.

وحتى بداية انتخابه للكرسي الباباوي، كان البابا فرنسيس عضوًا في مجمع العبادة الإلهية وانضباط الأسرار، وجمعية رجال الدين، وجمعية معاهد الحياة المكرّسة ومجتمعات الحياة الرسولية، والمجلس البابوي للأسرة واللجنة البابوية لأمريكا اللاتينية.

• ما أبرز مواقفه السياسية؟

قبل توليه الكرسي الباباوي، كان للبابا فرنسيس العديد من المواقف المعارضة للحكومة في الأرجنتين، ففي 2001 انتقد "برجوليو" طريقة تعامل الشرطة ووزارة الداخلية مع المتظاهرين.

وفي عام 2008 انتقد البابا السياسة الحكومية تجاه المزراعين ودعا لدعم الريف الأرجنتيني، وفي عام 2010 عارض بشدة قانونًا يتيح للمثلين الزواج وتبني الأطفال.

ودعا البابا المشرعين، ورؤساء الحكومات، والعاملين في مجال الصحة على تبني قوانين تحفظ حقوق الحياة منذ الحمل، ودعا للعمل وفق مبادئ الكنيسة الكاثوليكية بشأن الإجهاض وغيره من القضايا.

وخاض البابا صراع مع الحكومة الأرجنتينية قبل انتخابه في الفاتيكان بسبب معارضته زواج المثليين، حيث اتهمته الحكومة بإعادة تفكير الكنيسة للقرون الوسطى.

• ما أبرز المواقف الإنسانية؟

مستضعفي المجتمع

في عام 2007، استنكر بيرجوليو ما وصفه تسامح مجتمعنا مع الاعتداء على الأطفال و"التخلص من كبار السن"، ووصفه بأنه "إرهاب ديموغرافي"، وركز دعوته على أولوية المحبة المسيحية تجاه مستضعفي المجتمع.

العدالة الاجتماعية

انتقد البابا السياسات المؤدية إلى الفقر المدقع والهياكل الاقتصادية الظالمة التي تسبب عدم المساواة كبيرة، وتشكل انتهاكات لحقوق الإنسان.

حماية البيئة

أدان البابا "الاستغلال الجائر" للموارد الطبيعية وحث جميع البشر على أن يكونوا حراسًا للطبيعة.

المثلية الجنسية

دافع البابا عن تعليم الكنيسة الكاثوليكية الاجتماعية بخصوص المثلية الجنسية، قائلا: "إنّ الله خلق الإنسان، رجلاً وامرأة، وأعدهما جسديًا الواحد للآخر، في نظام قائم على العلاقة المتبادلة، يثمر في وهب الحياة للأولاد، لهذا السبب لا توافق الكنيسة على الممارسات المثلية، لكنّ المسيحيين مدينون لجميع البشر، بالاحترام والمحبة، بغض النظر عن توجههم الجنسي، لأنّ جميع البشر هم موضع اهتمام الله ومحبته".

الإجهاض والقتل الرحيم

في عام 2007 قدم بيرجوليو النسخة النهائية من البيان المشترك الصادر عن أساقفة أمريكا اللاتينية والذي نص على ضرورة قبول تعاليم الكنيسة ضد "جرائم نكراء" مثل الإجهاض والقتل الرحيم ووصف الحركة المؤيدة للإجهاض باعتبارها "ثقافة الموت"، وكان يعارض توزيع وسائل منع الحمل مجانًا في الأرجنتين.

• العلاقة مع الأزهر والأديان الأخرى

بعد انتخاب البابا، دعا البابا فرنسيس إلى تعزيز العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام، حيث كان له مساهمة فعالة في الحوار بين المسيحيين والمسلمين في الأرجنتين قبيل انتخابه في الفاتيكان.

مع انتخاب البابا فرنسيس في 2013، أرسل أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، تهانيه للبابا الجديد، وكان الأزهر قد قطع علاقاته مع الكرسي الرسولي في أعقاب حبرية بندكت السادس عشر.

وفي أول لقاء لفرنسيس مع سفراء نحو 180 دولة حول العالم، قال البابا إنه سيهتم «بشكل خاص، بالحوار مع المسلمين»، ورحب بحضور الكثير من القادة المدنيين والدينيين قداس تصيبه، وخلافًا للقانون الكنسي والتقليد قام البابا خلال استذكار غسل المسيح أرجل تلاميذه، قام البابا بالغسل حسب التقليد لاثني عشر شخصًا اثنان منهم مسلمين.

وفي 2013 استؤنف الحوار بين الفاتيكان والأزهر، بعد جلوس البابا فرنسيس على الكرسي الرسولي في الفاتيكان وزار سفير الفاتيكان بالقاهرة برونو موزاري، شيخ الأزهر أكثر من مرة.

وفي 2016 استقبل بابا الفاتيكان للمرة الأولى الشيخ أحمد الطيب، إمام الأزهر الكبير، وهي الزيارة التي كانت بمثابة نهاية خصومة استمرت لنحو خمس سنوات منذ أن أعلن الأزهر تعليق العلاقات مع الفاتيكان عقب مواقف البابا السابق بندكت السادس عشر، من تفجيرات الكنيسة القبطية في الإسكندرية مطلع 2011، اتهم فيها الإسلام بالعنف وطالب بحماية دولية للأقباط، ما اعتبره الأزهر تدخلا في الشأن الداخلي، كما كان للبابا السابق تصريحات ربط فيها بين الإسلام والعنف، مما أثار استياء الأزهر وجمّد على أثرها الحوار مع الفاتيكان.

ووقّع البابا فرنسيس والشيخ أحمد الطيب، إمام الأزهر الأكبر، في 4 فبراير 2019 في الإمارات وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشتركا، والمعروفة أيضًا باسم إعلان أبوظبي. وهو الإعلان الذي وثق لعدد من القرارات اتخذتها الأمم المتحدة منها إنشاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، لتحقيق تطلّعات الوثيقة.

وفي 2022 التقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، البابا فرنسيس، في مملكة البحرين، خلال ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، ورحب البابا وقتها بجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية وتعزيز السلام العالمي.

• مواقف البابا من الحروب في الشرق الأوسط والاعتداءات الدموية الاسرائيلية

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2023، كان للبابا فرنسيس مواقف متشددة ومنددة باستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة معتبراً أنها إبادة جماعية للفلسطينيين، وهو ما تسبب في استنكار اسرائيلي مستمر لمواقف الفاتيكان ضد دولة اسرائيل.

وانتقد البابا الممارسات الاسرائيلية القمعية بحق مسيحين فلسطين، وندد بمنع دخول بطريرك القدس لقطاع غزة مؤكداً أن ما يحدث في غزة يحمل خصائص الإبادة الجماعية.

وفي ديسمبر 2024 دعا البابا إلى إجراء تحقيق في الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين باعتبار أنها إبادة جماعية وهو اعتبره المراقبون للشأن الكنسي موقف جرئ ومثير للجدل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved