غزة تحت حصار التجويع كسلاح حرب.. معابر مغلقة وأجساد تنهار والأوضاع تلامس حدود الكارثة
آخر تحديث: الإثنين 21 يوليه 2025 - 5:27 م بتوقيت القاهرة
رنا عادل
في غزة، يتحول الحق في الحصول على الغذاء إلى معركة يومية من أجل البقاء. فلم يعد الخوف من القصف وحده ما يطارد الناس، بل أصبح صوت المعدة الخاوية أكثر إيلامًا من دوي الانفجارات، وبينما يقف العالم متفرجًا، يتحول الجوع إلى سلاح يهدد حياة أكثر من مليون طفل، بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال".
ومع مرور كل يوم، يقترب هذا الجوع من حدوده القصوى، ويبقى السؤال: متى يعترف العالم بأن ما يحدث في غزة لم يعد مجرد أزمة غذاء؟
- ما هي المجاعة ومتى تُعلن؟
المجاعة حالة طارئة تُعلن رسميًا عندما يصل الجوع إلى مستويات تهدد الحياة على نطاق واسع. وطبقًا للأمم المتحدة، هناك ثلاثة شروط محددة لإعلان المجاعة:
20% من السكان يعانون من جوع شديد.
30% من الأطفال يعانون من الهزال أو النحافة الشديدة.
ارتفاع معدل الوفيات ليصل إلى وفاة واحدة يوميًا لكل 10,000 بالغ، أو حالتين يوميًا لكل 10,000 طفل.
ويُعلن عادة عن المجاعة بناءً على تصنيف النظام المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) وتحليل شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWSNET)، إلا أن الإعلان يظل قرارًا سياسيًا رغم خطورة الأرقام، ولا يفرض التزامات قانونية على الأطراف، لكنه يسلط الضوء على ضرورة التدخل السريع.
- كيف يلتهم الجوع الجسد حتى النهاية؟
تقول منظمة الصحة العالمية: "بين الجوع الشديد والموت، دائمًا ما يُصاب الإنسان بمرض ما."
فالجوع الشديد لا يعني مجرد ألم في المعدة، بل يدمر جهاز المناعة ويجعل الجسم عرضة لأمراض مثل الكوليرا والملاريا والالتهاب الرئوي.
ومع نقص الطعام، يبدأ الجسم باستهلاك مخزون الطاقة: أولًا الكربوهيدرات، ثم الدهون، وأخيرًا البروتين الموجود في العضلات.
وفي هذه المرحلة، يضعف الجسم، تقل الحرارة، وتنهار المناعة. يشعر الشخص بالوهن الشديد، ويصعب التركيز، وتبرد الأطراف، وعندما يبدأ الجسم بأكل عضلاته، بما فيها عضلة القلب، يصبح الموت قريبًا، حيث تبدأ التشنجات، وتضعف ضربات القلب، ويتوقف الجسد بصمت، بعد رحلة طويلة مع الجوع.
- غزة قبل الحرب: أزمة ممتدة
حتى قبل اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، كان قطاع غزة يواجه أوضاعًا اقتصادية صعبة:
68% من الأسر عانت من انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، مع اعتماد كبير على المساعدات.
بلغ معدل الفقر 61% بنهاية 2022.
وصلت نسبة البطالة إلى 45%.
هذه الأرقام تعكس هشاشة الوضع المعيشي في القطاع، حيث كان السكان يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء حتى قبل تصاعد النزاع، وفقًا لتحليل للأمم المتحدة.
- غزة الآن: الجوع أكثر شراسة
منذ مارس 2025، ومع اشتداد الحرب، تدهورت الأوضاع بشكل غير مسبوق، حيث أغلقت سلطات الاحتلال المعابر بشكل شبه كامل، مع دخول عشرات الشاحنات فقط يوميًا، بينما يحتاج القطاع إلى 500 شاحنة على الأقل لتلبية الاحتياجات الغذائية والطبية. كما تضاعفت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وأصبح حليب الرضع على وشك النفاد، ما يزيد من المخاطر على حياة الأطفال.
في الوقت نفسه، أعلنت الأونروا أنها تمتلك مساعدات تكفي سكان غزة لثلاثة أشهر، لكنها عاجزة عن إدخالها بسبب القيود المفروضة على المعابر.
- أرقام مقلقة: الجوع يهدد حياة الصغار
وتشير بيانات اليونيسيف إلى أن: 112 طفلًا يدخلون المستشفيات يوميًا للعلاج من سوء التغذية والهزال، و620 حالة وفاة بسبب الجوع، بينهم 70 شخصًا منذ يونيو الماضي.
ومع ارتفاع أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق، وصل سعر كيلو الدقيق إلى 50 دولارًا، وأصبح الحصول على رغيف الخبز تحديًا يوميًا، بينما بيع السكر بالجرام كالذهب، ووصل سعر الكيلو إلى 1000 دولار. في حين أصبحت بعض الأسر بحاجة إلى 150 دولارًا يوميًا للحصول على وجبة واحدة، وفقًا لوسائل إعلام عربية.
- نتنياهو: الاتهامات بالتجويع كذب وافتراء
تنفي إسرائيل أنها تتعمد تجويع السكان، مؤكدة أن هدفها هو منع وصول الموارد إلى حماس، بينما يصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاتهامات بأنها "كذب وافتراء".
في المقابل، تشير تقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن التجويع يصبح جريمة حرب عندما يُستخدم كسلاح مباشر ضد المدنيين من خلال تعطيل وصول الغذاء، وليس كنتيجة عرضية للنزاع.
القانون الدولي يعتبر التجويع جريمة حرب
اتفاقيات جنيف 1949 والبروتوكول الإضافي 1977 تحظر استخدام التجويع كأداة حرب ضد المدنيين.
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 يجرّم تجويع السكان المدنيين عمدًا.
قرار مجلس الأمن 2417 (2018) يدين استخدام الجوع كسلاح، ويربط بين النزاعات المسلحة وخطر المجاعة.
- متى تُعلن الأمم المتحدة المجاعة في غزة رسميًا؟
وأوضحت تقارير لوسائل إعلام عربية، توافر الشروط الفنية لإعلان المجاعة في غزة، فأكثر من 20% من السكان يواجهون مستويات جوع شديدة، وأكثر من 30% من الأطفال يعانون من الهزال وسوء التغذية، وتُسجّل وفيات يومية بسبب الجوع.
ومع ذلك، يبقى الإعلان الرسمي من الأمم المتحدة معلقًا رغم هذه المؤشرات، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من اقتراب المجاعة، ما لم يتم السماح بإدخال المساعدات بشكل عاجل ودون قيود.