الروبوتات المفخخة.. القاتل الصامت الذي يفتك بالغزيين

آخر تحديث: الأحد 21 سبتمبر 2025 - 12:40 م بتوقيت القاهرة

أحمد علاء

"النار من فوقهم، عدوهم يفتك بهم، الجوع نال منهم، المجهول في انتظارهم".. معادلة يجد مئات آلاف الغزيين وتحديدًا بمدينة غزة أنفسهم محاصرين بين ويلاتهم مع تكثيف العدوان بوتيرة ربما لم تسبقها وتيرة.

يُدخِل جيش الاحتلال الإسرائيلي أسلحة فتاكة تلو الأخرى، وهو يضغط على الغزيين في مخطط بات يُجمَع على أنه يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم.

- الروبوتات المفخخة.. نيران ترتعد لها القلوب

الضغط الحالي على مدينة غزة، يُوصف بأنها غير مسبوق، لا سيما مع توسع جيش الاحتلال في عدوانه وتحديدًا باستخدام الروباتات المفخخة، التي تحشر الغزيين بين براثن نيران يرتعد قلب من يرى مشاهدها، وتُسقط أعدادًا من الشهداء، ربما تكون أضعاف ما يتم إعلانه وإحصاؤه.

 

لم يجد جيش الاحتلال الكثير من العناء وهو يجهز أعدادًا هائلة من الروبوتات المفخخة، فالآليات العسكرية التي أُعطبت - في الأغلب بفعل ضربات المقاومة - بات الاحتلال يستغل خروجها عن الخدمة لتفجيرها عن بعد.

يزرع جيش الاحتلال كميات مهولة من المتفجرات داخل هذه الروبوتات، ثم يطلقها في شوارع مدينة غزة، ويتحكم فيها عن بُعد. لا يستغرق الأمر وقتًا طويلًا بعد وضعها في المنطقة المستهدفة حتى يحدث انفجار ربما لم يره الغزيون في أقسى فترات العدوان الغاشم.

 

- سماء غزة.. حمراء بفعل الروبوتات

انفجار روبوت مفخخ يكفي أن يحوِّل السماء إلى اللون الأحمر، وكفيل أن يحول أجساد من يتواجد بالمكان إلى أشلاء يصعب حتى جمعها، لدرجة أن غزيين كثر اختفوا - وفق شهادات زويهم - جراء تفجير هذه الروبوتات.

يروي شهود عيان على الأرض، وبينهم علم الغول وهو يعمل متطوعًا في بعض الأحيان للمساعدة في انتشال جثامين الشهداء، أن المباني تُنسف بالكامل أو تصبح وكأنها مفرّغة جراء أي انفجار لروبوت مفخخ.

 

هذا السلاح الإسرائيلي الفتاك مسح عائلات فلسطينية بالكامل عن الوجود، بحسب الغول الذي تحدث لقناة بي بي سي، بأن أعدادًا كثيرة من الشهداء أو بالأحرى من بقايا أشلائهم لا تزال تحت الأنقاض ويصعب إن لم يكن مستحيلًا انتشالها.

تل الهوى، الزيتون، الشيخ رضوان، حي الصبرة وجباليا وربما غيرها وأكثر هي جميعها مناطق مستهدفة بهذا التوسيع للعدوان الإسرائيلي في محاولة لدفع السكان إلى النزوح منها وحشرهم في مساحة ضيقة من جنوب القطاع.

- روبوتات بقوة زلازل

يفجر الاحتلال الإسرائيلي 17 عربة مفخخة يوميا في غزة. يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وثق خلال الأسبوع الماضي تفجير جيش الاحتلال نحو 120 عربة مفخخة بنحو 840 طنًا من المتفجرات وسط الأحياء السكنية في مدينة غزة.

"تفجير عربة مفخخة محملة بما يتراوح بين ستة وسبعة أطنان من المتفجرات يعادل تقريبًا كمية الطاقة التي يطلقها زلزال طبيعي بقوة 3.7 درجات على مقياس ريختر".. مشهد مروع يلخصه المرصد الأورومتوسطي.

 

- مغادرة تحت وطأة القصف.. ونزوح عكسي

هول العدوان على مدينة غزة دفع بعض السكان للمغادرة. يوثق المكتب الإعلامي الحكومي عدد من غادروا بـ270 ألف مواطن تحت وطأة القصف.

لكن في الوقت نفسه، يقول المكتب إنّ أكثر من 900 ألف فلسطيني ما زالوا صامدين في مدينة غزة وشمالها، رافضين بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب.

 

الأكثر من ذلك هو تسجيل حالات هجرة عكسية. يوضح المكتب أن طواقمه وثقت عودة؛ إذ عاد أكثر من 22 ألفًا إلى مناطقهم الأصلية داخل مدينة غزة حتى ساعات ظهر أمس السبت، بعد أن نقلوا أثاثهم ومقتنياتهم لتأمينها في الجنوب، ثم عادوا لمدينتهم بسبب انعدام أدنى مقومات الحياة في الجنوب.

- الروبوتات المفخخة.. ما المَخزى عسكريًّا؟

تحدثت «الشروق» إلى اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، عن سبب توسع جيش الاحتلال الإسرائيلي في استخدام الروبوتات المفخخة بكثرة في الآونة الأخيرة.

يقول الحلبي، إنَّ الروبوتات المفخخة عبارة عن آليات ذاتية الحركة وموجهة تضم متفجرات، ويمكن التحكم فيها عن بعد (ما يعني أنه لا حاجة لتدخل بشري عن قرب لتحريك الروبوت).

يُرجع هذا الأمر إلى أن جيش الاحتلال يحاول تفادي إدخال قوات برية إلى هذه المناطق تفاديًّا لتسجيل خسائر في صفوفه، ولذلك يتم الاعتماد على هذه الروبوتات لتوسيع نطاق التدمير.

 

يفسر الحلبي سبب الدمار الهائل وكثرة الضحايا من جراء هذه الروبوتات، بأنها تكون صغيرة الحجم و

يكون من الصعب رصدها لا سيما في ظل تراكه الأنقاض والدمار بأرجاء القطاع، ما يجعل هذه الروبوتات تؤدي الغرض الذي وضعه جيش الاحتلال لا سيما من حيث إحداث رقعة تدميرية كبيرة.

يربط الحلبي هذا الأمر، بالمخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين قسرًا من مناطقهم، قائلًا إن التوسع في استخدام الروبوتات وإحداث دمار هائل يبعث برسالة للسكان بأنه لا حياة لهم بهذه المناطق ما يُجبرهم على المغادرة

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved