أرواح من غزة تسيطر على عقول صُناع الأفلام في مهرجان القاهرة للفيلم القصير

آخر تحديث: السبت 21 ديسمبر 2024 - 2:00 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

 تسيطر الأحداث الفلسطينية الواقعة في قطاع غزة على عقول صناع الأفلام الشباب في دول عربية مختلفة، وينعكس ذلك بقوة في عروض الأفلام المتاحة خلال فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير، في دورته السادسة.

 ويشهد المهرجان حضوراً مميزاً واهتماماً من الجمهور، وكثير منه يركز على الأفلام الفلسطينية ويهتم بمشاهدتها، وقد منحهم المهرجان جرعة مكثفة منها، سواء من خلال فيلم الافتتاح "برتقالة من يافا" الذي عرض مرتين في يومين مختلفين في برنامج الأفلام، أو الأفلام القصيرة الأخرى، التي نستعرض تفاصيل بعضها.

 تنوعت السرديات الدرامية حول الحرب في غزة، واستلهم صناع الأفلام القصيرة أفكار مختلفة وحاولوا التعبير عنها درامياً، في حالة تأثر واضح من الصٌناع بما يجري من قتل ودمار وتشريد في القطاع المحاصر.

 ففي فيلم "فقدان"، إنتاج المعهد العالي للسينما، وإخراج رامي الكساب، تدور الأحداث في 9 دقائق حول مجموعة من الفلسطينيين الهاربين من الموت إلى الصحراء بحثاً عن حياة جديدة بعيداً عن القصف المستمر والخوف القاتل، حتى يعثروا على منفذ جديد للحياة بعد أن دمر الاحتلال حياتهم.

وداخل سيارة تكدس الشباب والرجال والنساء بأوامر من المهربين، ولكن كل شيء لم يسير إلى الأفضل بل فقد كل منهم أشياء كثيرة للعبور في هذه الرحلة، ومنهم من سقطت رضيعتها من السيارة وفقدتها للأبد وآخر فقد آلته الموسيقية.

يركز المخرج رامي الكساب على لحظة مكثفة من عمر الأبطال وهي لحظة الفرار بكل قسوتها ومخاوفها وصعوبتها.

 أما في فيلم "قلوب صغيرة" للمخرجة مروة الشرقاوي، ركزت فيه على صوت آخر حاولت التعبير عنه في 5 دقائق فقط، وهي مدة الفيلم، وفيه تظهر أصوات أطفال فلسطينيين صغار يتحدثون عن أحلامهم ومخاوفهم ببساطة ورقة، تبتعد مروة عن السرد الدرامي التقليدي للقصة، وتكتفي بأصوات الأطفال في الخلفية –من خلال التعليق الصوتي- ولقطات سريعة لعيونهم وحركاتهم البريئة، وفي أحد اللقطات القصيرة شديدة التأثير في الفيلم تتحدث طفلة إلى قطتها وتطلب منها ألا تأكل جثمانها بعد أن تُقتل جراء القصف.

 وفي الفيلم التونسي " a lullaby unlike any other" للمخرجة أماني جعفر، تركز على لحظة مكثفة من الزمن في حياة بطلة الفيلم، التي تبدو شابة في العشرينيات من عمرها، وهي لحظة فقدان هاتفها الجوال أثناء سيرها في الشارع، وبحثها المحموم عنه لأنه يمثل كل ما تملكه من ذكريات ووسيلة تواصل مع عائلتها في غزة.

 تكتفي المخرجة بالتعبير البصري عن حالة التيه والضياع التي تعيشها البطلة، من خلال المظهر الخارجي المبعثر "الشعر والملابس" ومن خلال أيضاً التجول بلا وجهة ولا هدف في شوارع مزدحمة، والحياة تستمر من حولها ولكنها تتوقف في حالة انهيار عند ضياع الهاتف، وتعتمد الشخصية على التعبير البصري دون حوار يذكر أو مونولوج لها بل بالصمت فقط تظهر كافة الأحاسيس المضطربة، ويصاحب ذلك شريط صوت للعائلة أثناء حديثهم في الهاتف وعبر الرسائل المسجلة على تطبيقات التواصل.

 نقلت الأفلام الثلاث تنويعات من المشاعر عبر الشاشة، تحكي كل منها عن لحظة في أعمار الشخصيات، لحظات فارقة، ضمن سياق عام من الخوف يحيط بالجميع، ويمكن اعتبار الخوف رابط مشترك بينهم، فهو المسيطر على المجال العام بالإضافة إلى ضبابية المشهد الدموي الذي صنعه الاحتلال والذي لا يعلم أحد متى يتوقف.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved