المخرجة ليلى عباس تقترب من حياة الفلسطيني في فيلمها شكرا لأنك تحلم معنا
آخر تحديث: الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:28 ص بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
بدأت سينما زاوية في عرض أولى أفلام برنامج أيام القاهرة السينمائية، وهو الفيلم الفلسطيني "شكرا لأنك تحلم معنا" للمخرجة ليلى عباس، وهذه المرة الثانية التي يعرض الفيلم في مصر، بعد عرضه في مهرجان الجونة السينمائي، في نوفمبر الماضي، وحصد جائزة أفضل فيلم روائي عربي طويل مناصفة مع فيلم "ماء العين" في المهرجان.
خاض الفيلم رحلة في المهرجانات العالمية، وحصد عددا من الجوائز من بينها جائزة الكسندر الفضية من مهرجان سالونيكي السينمائي باليونان، وكان عرضه العالمي الأول في مهرجان لندن السينمائي خلال الدورة 68 في أكتوبر 2024.
الفيلم إنتاج مشترك بين فلسطين وألمانيا وقطر، كما تلقى تمويلا ودعما من جهات عدة مثل صندوق مهرجان البحر الأحمر، ومهرجان الجونة، ومهرجان روتردام، والصندوق العربي للثقافة والفنون "بيروت".
للوهلة الأولى عندما نذكر عبارة فيلم فلسطيني يتبادر إلى ذهن المتفرج أنه ربما عمل عن المقاومة أو القصف أو الحدود التي يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين في الداخل المحتل أو المعتقلين، وما إلى ذلك من أفكار، لأن الكثير من الأفلام الفلسطينية تركز بالطبع على هذا المضمون للواقع شديد القسوة الذي يعيشه المواطن الفلسطيني، ولكن نادرا أن نرى حياة هذا الفلسطيني من الداخل، بعيدا عن الاحتلال ولو قليلا، وذلك ما تقدمه ليلى عباس في فيلمها.
وتدور الأحداث في إطار اجتماعي شائك، يتمثل في رفض الموروث الذي تفرضه تفسيرات الشريعة الإسلامية، الذي يقضي أن نصيب الذكر من الميراث ضعف نصيب الأنثى، والفيلم يحتج بوضوح على هذا إلى جوار احتجاج عام حول قضية المواريث وسيطرة الذكر على الميراث.
يظهر الاحتلال الإسرائيلي في الفيلم كشبح في الخلفية بعيدا عن مضمون الفيلم من خلال 3 مشاهد فقط، الأول عبر شاشة التلفاز، والثاني والثالث يرتبط بالشباب المراهقين الذين يحاولون الاعتراض على تدخلات الاحتلال في رام الله "حيث تدور الأحداث".
ويمكن النظر إلى هذه النقطة من منظور إيجابي، حيث يخرج الإسرائيلي من المعادلة الدرامية ونرى حياة الفلسطيني وأفكاره وهمومه ومشاكله وطقوسه عن قرب، يعتبر الفيلم فرصة للاقتراب من الفلسطيني كفرد بعيدا عن كونه شخص خاضع للاحتلال.
تبدأ الأحداث بشكل فعلي مع وفاة الأب، وفي هذه اللحظة تفكر نورا "ياسمين المصري" في الحفاظ على ميراثها في البنك من مشاركة شقيقها الذي يعيش في أمريكا، وتطرح على شقيقتها مريم "كلارا خوري" أن تزور توقيع والدها على شيك بالمبلغ الكلي الذي يملكه الأب المتوفي، وتعترض مريم في البداية على هذا الاقتراح، لكن نورا تُصر وتقنع شقيقتها بالأمر، اعتراضا منهما على تقاسم الأخ المنعزل عنهما للمبلغ، وتخوض الاثنتان رحلة للعثور على حل للعثور على المال.
يتمتع الفيلم بأسلوب سردي بسيط يظهر الهدف منه واضحا، والحبكة تسير في هذا الاتجاه، لذلك تصب جميع المشاهد نحو تطور الأحداث دون إقحام مشاهد أو خطوط درامية إضافية، بل تعتمد المخرجة على شخصيات محددة رئيسية وجميع الشخصيات الثانوية تساهم في تحريك الحدث لا في تشتيته، كما أن الدلالات البصرية والحوارية واضحة تركز على امتعاض الشخصيات من سيطرة الذكر على الميراث، دون مواربة أو تستر تحت رمزيات معقدة، على سبيل المثال المشهد الذي تتوجه فيه مريم ونورا إلى خالهما، وأثناء دخولهما إلى المنزل تتهكم مريم عندما ترى لوحة معدنية كتب عليها "هذا من فضل ربي"، ونعلم فيما بعد أن هذا الخال قد جار على حق شقيقته "والدة نورا ومريم".
وتصلح قضية الفيلم أن تكون خارجة من أي مجتمع عربي إسلامي، لذلك حكايته قد تتشابك مع أي متفرج في أي مكان وقع عليه ظلم فيما يتعلق بأمور الميراث والاستيلاء على الحقوق، وينتصر الفيلم للمرأة في هذا السياق ويبرر فعلها في الحصول على المال، وربما ذلك يعد سلاح ذو حدين إذ يجعل الفيلم لا يرتبط ببيئة معينة ولكنه يدخل في صراع واضح مع تفسيرات الشريعة في المجتمع الإسلامي، ورغم وضوح فكرة الفيلم فهو لم يقع في فخ الحوارات الطويلة الخطابية التي تنتقد المجتمع الذكوري أو التمييز على أساس الجندر، رغم أنه يتشابك كليا مع هذه الأفكار ولكنه لا يجعلها منطوقة على لسان الشخصيات لأن الشخصيات لا تتحمل أن تكون بهذا الأسلوب، وفقاً للسياق الدرامي الذي وضعت فيه، لأن إحدى الأختين لم تكمل دراستها بسبب الزواج والحمل والثانية تعمل في صالون تجميل.
ويتزامن عرض الفيلم في سينما زاوية مع تصدر قضية الميراث وأحقية الأعمام في ميراث الأب في حالة إنجابه لفتيات فقط، وأصبحت هذه القضية من الأمور المثارة على منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا بعد انتشار مقطع فيديو لمجموعة من الرجال يعتدون بالضرب على شقيقهم بعد كتابة نصيبه في المنزل لبناته.