من فاتن أمل حربي إلى فات الميعاد.. لماذا لا تنفد شعبية دراما الأحوال الشخصية؟

آخر تحديث: الثلاثاء 22 يوليه 2025 - 10:29 ص بتوقيت القاهرة

رنا عادل

مع تصدّر مسلسل "فات الميعاد" قوائم الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT منذ عرض حلقاته الأولى وحتى الآن، يعود الحديث مجددا عن سحر التيمة الاجتماعية المرتبطة بالطلاق والنفقة والحضانة، وقدرتها الدائمة على جذب انتباه الجمهور وإثارة النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لدى من لا يتابع المسلسل مباشرة.

في "فات الميعاد"، لا يظهر الطلاق كإجراء قانوني فحسب، بل يفتح أبواب صراع طويل بين الزوجين حول حقوق كل طرف في حضانة الأطفال ومسؤوليات رعايتهم بعد الانفصال. تعيش البطلة (أسماء أبو اليزيد) أزمة نفسية ومشكلات مستمرة بعد طلبها الطلاق من زوجها (أحمد مجدي)، إذ تجد نفسها في مواجهة ضغوط اجتماعية قاسية ومحاولات انتزاع حضانة طفلتها منها، بينما يسعى الزوج بدوره للحفاظ على حضوره في حياة ابنته؛ ليصبح الطلاق ساحة معركة جديدة حول الأطفال، لا مجرد نهاية لعلاقة زوجية، ويطرح المسلسل شكلًا من أشكال العنف غير المعلن داخل العلاقات، ويسأل: هل الانفصال حل، أم بداية صراع جديد؟

بين مسلسل وآخر.. دراما الأحوال الشخصية تتكرر على الشاشة

الأمر لا يقتصر على "فات الميعاد" وحده؛ ففي السنوات الأخيرة، ناقشت مسلسلات مثل "فاتن أمل حربي" و"تحت الوصاية" و"برغم القانون" و"حسبة عمري" قضايا قريبة من كل بيت: النفقة، الحضانة، الولاية التعليمية، حقوق المطلقة، قضايا الرؤية، وحتى تزوير وثائق الزواج وما يترتب عليه من مآسٍ.

في "تحت الوصاية"، تناول المسلسل قضية الولاية المالية على القُصّر بعد وفاة الأب، وإجراءات إدارة أموال الأبناء بين الأم والمجلس الحَسَبي. بينما في "حسبة عمري"، طُرحت مسألة حقوق الإقامة في منزل الزوجية وما يترتب عليها من تبعات قانونية عقب تصاعد الخلافات وطرد الزوجة من المنزل، وفي مسلسل برغم القانون"، سُلط الضوء على قضية تزوير وثائق الزواج والولادة، وما ينتج عنها من صعوبات قانونية تتعلق بإثبات النسب واستخراج الأوراق الرسمية، أما "فاتن أمل حربي"، فناقش قضايا الأحوال الشخصية المرتبطة بالطلاق، مثل الحضانة والولاية التعليمية للأبناء.

الأحوال الشخصية.. صراع مستمر داخل المجتمع والدراما

يرتبط هذا التفاعل الكبير بحقيقة أن قوانين الأحوال الشخصية في مصر ملف مشتعل منذ سنوات، مع شكاوى من صعوبة تنفيذ أحكام الرؤية، وتعقيد إجراءات الطلاق والنفقة، وطول فترة التقاضي، بجانب اتهامات بغياب التوازن بين حقوق الرجل والمرأة.

وشهدت السنوات الأخيرة محاولات متكررة لتعديل القانون، كان أبرزها إعلان لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية في يناير الماضي الانتهاء من المسودة الجديدة استعدادًا للنقاش المجتمعي، وسط انقسام بين من يرى أن التعديلات تدعم حقوق الأطفال والنساء، وآخرين يخشون من تأثيرها على حقوق الأب.

هل يكفي تناول قضية مهمة لصناعة عمل جيد؟

وأوضحت الناقدة السينمائية علياء طلعت في تصريحات لـ"الشروق"، أن الجمهور يتفاعل بشدة مع هذه الأعمال لأن قضايا الزواج والطلاق والنفقة تمس تفاصيل حياته اليومية، سواء في قصص يسمعها من الآخرين أو في تجاربه الشخصية، ولهذا ينجذب المشاهد لهذه المسلسلات ويتابعها حتى عبر النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي، دون مشاهدة الحلقات أحيانًا.

لكن علياء تؤكد أن طرح قضايا مهمة لا يعني بالضرورة إنتاج عمل فني متكامل، مشيرة إلى أن "تحت الوصاية" كان أكثر تماسُكًا فنيًا والأقرب لتقديم معالجة ناضجة لأنه ركّز على نقطة محددة بوضوح، بينما وقعت أعمال مثل "فات الميعاد" و"برغم القانون" في خطأ متكرر، وهو محاولة عرض جميع المشكلات مع قوانين الأحوال الشخصية في مسلسل واحد، وهو ما يشتت البناء الدرامي ويفقد العمل عمقه.

وذكرت أن بعض هذه المسلسلات تعتمد على جاذبية القصص لزيادة المشاهدات رغم وجود مشكلات فنية واضحة، مثل ضعف الحوارات أو بطء نمو الشخصيات، بالإضافة إلى الاعتماد على شخصيات أحادية البُعد يظهر فيها طرف مثالي للغاية وطرف شرير للغاية بشكل سطحي، دون تقديم مناطق رمادية تعبّر عن الطبيعة البشرية المعقدة.

وتضيف علياء أنه مع احترامها الكبير لأهمية هذه القضايا كامرأة، لا يجب أن نتجاهل أهمية الجودة الفنية للعمل، ولا يصح أن نعتبر استعراض المشاكل الاجتماعية كافيًا وحده لصناعة عمل درامي جيد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved