تحدي غير مسبوق في هرم سنفرو.. كيف عبره رجال الإسعاف المصريون؟

آخر تحديث: الأربعاء 22 أكتوبر 2025 - 12:43 م بتوقيت القاهرة

منى زيدان

• إنقاذ سائحة إسبانية من الموت المحقق في أعماق التاريخ

في قلب صحراء دهشور الهادئة، حيث تمتزج الرمال بأسرار الحضارة القديمة، خاض فريق من رجال الإسعاف المصري تجربة استثنائية لا تتكرر كثيرًا.

مهمة إنقاذ غير مألوفة، جرت فصولها بين الممرات الحجرية العميقة داخل هرم سنفرو المنحني، أحد أروع الأهرامات في مصر.

نداء عاجل من داخل الهرم

بدأت القصة باتصال عاجل إلى الخط الساخن 123: “سائحة مصابة داخل هرم سنفرو بدهشور".

تحرك المسعف أحمد علي حمودة وزميله فني القيادة علي حسن عبد المجيد على الفور، مزودَين بحقائب الإسعاف، نحو موقع البلاغ. لكن لم يخطر ببال أحدهما أن المهمة ستقودهما إلى مواجهة واحدة من أعقد بيئات العمل في العالم.

وبحسب ما نشرته هيئة الإسعاف، فعند وصولهما إلى الموقع، سمعا صرخات استغاثة قادمة من مدخل الهرم المرتفع عن سطح الأرض.

صعدا وهما يتوقعان أن يجدا المصابة عند المدخل، غير أن المفاجأة كانت أن السائحة تقبع في أعماق الهرم نفسه، على بعد عشرات الأمتار في ممر ضيق ومنحدر.

إلى أعماق لم يطأها إنسان

يمتد مدخل هرم سنفرو المنحني بزاوية ميل تبلغ نحو 26 درجة، عبر منحدر خشبي بطول يقارب ثمانين مترًا يؤدي إلى حجرات داخلية مظلمة ومغلقة.

هناك، كانت السائحة الإسبانية مستلقية بعد سقوطها أثناء نزولها الممر، وقد أصيبت باشتباه كسر في القدم.

بدأ المسعفان رحلة النزول بين الجدران الحجرية الصامتة والهواء الثقيل، في ممرات تتسع بالكاد لمرور شخص واحد. ومع كل خطوة إلى الأسفل، ازداد الشعور بالرهبة والتحدي، لكنهما واصلا مهمتهما مدفوعَين بالواجب والإنسانية.

عملية إنقاذ في ظروف استثنائية

بمجرد الوصول إلى المصابة، قدّما الإسعافات الأولية السريعة لتثبيت القدم ومنع تفاقم الإصابة.

لكن الجزء الأصعب لم يكن في العلاج، بل في رحلة الصعود مجددًا إلى الخارج.

ثبتا السائحة على لوح التثبيت الطبي (البوردة الصلبة)، واستخدما الحزام العنكبوتي لتأمينها بإحكام، ثم بدآ عملية الصعود عبر المنحدر الحاد، بمعاونة عدد من حراس المنطقة الأثرية.

كانت العملية أقرب إلى مهمة إنقاذ داخل كهف أثري ضيق، تتطلب توازناً دقيقًا وصبرًا كبيرًا لتفادي أي انزلاق أو سقوط.

الخروج إلى الضوء

استغرقت الرحلة وقتًا بدا أطول من المعتاد، وسط حرارة خانقة ونقص في الأكسجين، لكن العزيمة غلبت الصعوبة. ومع اقترابهم من فتحة الهرم، بدأ الضوء يتسلل شيئًا فشيئًا، كإشارة خلاص بعد صراع طويل مع الحجر والظلام.

وعلى عتبة الهرم، خرج الفريق أخيرًا إلى الهواء الطلق، وقد تكللت المهمة بالنجاح.

تنفست السائحة الصعداء، شاكرة الفريق الذي أعاد إليها الأمان وسط واحدة من أكثر بيئات الإنقاذ صعوبة.

تجربة إنسانية استثنائية

لم تكن المهمة مجرد عمل إسعافي اعتيادي، بل درس في الاحتراف والإنسانية والتفاني.

فقد واجه رجال الإسعاف ظروفًا فريدة في مكان لا يشبه أي موقع آخر، وأثبتوا أن الاستجابة السريعة والتدريب الجيد يمكنهما تجاوز حتى العقبات التي خلفها الزمن في أعماق الأهرامات.

بهذا النجاح، أضاف المسعفون المصريون فصلًا جديدًا في سجل العمل الميداني، جمع المهنية والشجاعة في مواجهة ما يبدو مستحيلًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved