إعلان المجاعة في غزة.. ما التداعيات القانونية على إسرائيل؟

آخر تحديث: السبت 23 أغسطس 2025 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

سوزان سعيد

أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، في بيان رسمي – بالتعاون مع التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي – دخول قطاع غزة رسميًا في مرحلة المجاعة، لتصبح محافظة غزة أولى المناطق المتضررة، مع توقع اتساع الكارثة لتشمل دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر 2025.

ويأتي هذا الإعلان ليكشف كذب ادعاءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي أنكرت مرارًا تعرض سكان القطاع للتجويع، في وقت تؤكد فيه الأرقام الصادمة سقوط 271 فلسطينيًا ضحايا الجوع، بينهم 112 طفلًا، وفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

أمام هذه التطورات، يطرح الإعلان الأممي أسئلة جوهرية: ما المسؤولية القانونية التي تتحملها إسرائيل أمام المجتمع الدولي؟ وما الإجراءات الممكنة لمحاسبتها على استخدام التجويع كسلاح حرب؟ وهل تملك المؤسسات الدولية آليات فعالة لفرض دخول المساعدات وإنهاء الحصار؟

* إدخال المساعدات بالقوة

أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، في تصريحات لـ"الشروق"، أن إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة يفتح العديد من الملفات القانونية الخطيرة ضد إسرائيل، والتي يمكن استثمارها لإنهاء المجاعة ومحاسبتها دوليًا في الوقت نفسه.

وأوضح مهران أن إعلان المجاعة يبرر قانونيًا التدخل الإنساني حتى دون موافقة مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن مبدأ "المسؤولية عن الحماية" يسمح للمجتمع الدولي بالتدخل عسكريًا لحماية المدنيين من الجرائم الجماعية. ولفت إلى أن سوابق التدخل في كوسوفو وليبيا تؤكد أن الضرورة الإنسانية تبرر تجاوز القيود القانونية التقليدية.

* عقوبات رادعة من مجلس الأمن تعترضها فيتو أمريكي

وأشار مهران إلى أن الإجراءات القانونية المتاحة ضد إسرائيل تشمل إصدار قرارات ملزمة من مجلس الأمن لوقف الحصار فورًا، وإحالة ملفها إلى المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية شاملة، وتعليق عضويتها في المنظمات الدولية، بل وحتى السماح بالتدخل العسكري الإنساني لضمان إدخال المساعدات بالقوة إذا لزم الأمر.

إلا أنه أكد أن "الفيتو" الأمريكي سيظل العقبة الأكبر، إذ يمكنه تجميد جميع القرارات السابقة وإفراغها من مضمونها.

* ضغط من المجتمع الدولي

وعن آليات الضغط، أوضح مهران أن المجتمع الدولي يملك أدوات قوية، منها العقوبات الاقتصادية الفردية التي تفرضها الدول بشكل مباشر، ومقاطعة المؤسسات الإسرائيلية أكاديميًا وثقافيًا ورياضيًا، إلى جانب الضغط على الشركات متعددة الجنسيات لقطع علاقاتها مع إسرائيل، وتجميد الأصول والاستثمارات الإسرائيلية في البنوك الدولية.

* أدلة قاطعة على تعمد إسرائيل تجويع سكان غزة

وحول إثبات تسبب إسرائيل في المجاعة، أكد مهران أن الأدلة واضحة ولا تحتاج إلى اعتراف إسرائيلي، مشيرًا إلى وثائق الأمم المتحدة التي تظهر منع الاحتلال دخول المساعدات الغذائية، وتدمير المخابز والمزارع، وقطع المياه والكهرباء، فضلًا عن تصريحات مسؤولين إسرائيليين حول سياسة "الضغط على غزة وإجبار سكانها على الاستسلام".

وأضاف أن هذه الأدلة الموثقة تكفي لإثبات "النية الإجرامية" في استخدام التجويع كسلاح حرب.

* اتهام إسرائيل بجرائم حرب

وأوضح مهران أن إسرائيل ستواجه أمام المحكمة الجنائية الدولية تهما خطيرة، تشمل جريمة التجويع القسري للمدنيين – وهي جريمة حرب صريحة – إضافة إلى جرائم ضد الإنسانية نتيجة استهداف السكان المدنيين بشكل ممنهج، وربما تهمة الإبادة الجماعية إذا ثبتت النية في تدمير الشعب الفلسطيني جسديًا.

* التجويع جريمة لا تسقط بالتقادم

ولفت الخبير في القانون الدولي إلى وجود سوابق قانونية مشابهة، مثل محاكمة مسؤولين في يوغوسلافيا السابقة لاستخدامهم الحصار والتجويع ضد المدنيين، ومحاسبة قادة في رواندا وسيراليون على جرائم مماثلة. وأكد أن المحاكم الدولية تعتبر التجويع المتعمد للمدنيين جريمة لا تسقط بالتقادم.

وختم مهران بأن إعلان المجاعة في غزة "حوّل القضية من منطقة صراع إلى مسرح جريمة دولية"، محذرًا من أن التقاعس عن استغلال هذه الفرصة القانونية يعني ضياع أقوى أداة متاحة لمحاسبة إسرائيل وإنقاذ الشعب الفلسطيني.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved