كتاب الأستاذ هيكل «زيارة جديدة للتاريخ».. حين يصبح الماضي مفتاحا للحاضر والمستقبل

آخر تحديث: الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 4:30 م بتوقيت القاهرة

شيماء شناوي

- في ذكرى ميلاد الأستاذ هيكل.. «زيارة جديدة للتاريخ» كتاب يربط الماضي بالحاضر ويستشرف المستقبل

في ذكرى ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، أسطورة الصحافة العربية وصاحب البصمة الفريدة في قراءة التاريخ، التي تحل اليوم 23 سبتمبر، تعود إلينا أعماله الكبرى؛ لتؤكد مكانته ككاتب وصحفي ومؤرخ سياسي من طراز خاص.

ومن أبرز هذه الأعمال، كتابه «زيارة جديدة للتاريخ»، الصادر عن دار الشروق، كإحدى العلامات المهمة؛ لما يحمله من مزيج بين السيرة الذاتية السياسية للأستاذ والتحليل التاريخي العميق للأحداث.

وكتب هيكل، فصول هذا الكتاب عام 1985، وجاء بمثابة شهادة حية على أحداث وشخصيات كبرى التقاها خلال مسيرته الصحفية الطويلة؛ لم يقدمها كمجرد مقابلات عابرة، بل كقراءات معمقة في التاريخ من خلال صانعيه والمشاركين فيه.

ويتناول الكتاب، 7 لقاءات محورية مع شخصيات تركت بصمتها على القرن العشرين: الملك الإسباني خوان كارلوس، والزعيم السوفيتي يوري أندروبوف، والقائد برنارد مونتجمري، ورجل الأعمال الأمريكي ديفيد روكفلر، ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو، وشاه إيران الأخير محمد رضا بهلوي، والعالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين.

وعن اختياره لتلك الشخصيات دون غيرها، قال الأستاذ في مقدمة كتابه: «أعود إلى أحاديث رجال أتاحت لي ظروف حياتي وتجربتي أن ألتقي بهم، وأن أتابعهم، ثم إني وجدت عنهم من المذكرات والصور والخطابات ما يخصهم جاهزًا أمامي، وكلها تساعدني على تجديد المعرفة بهم، وعلى محاولة الغوص إلى أعماقهم، وكشف أسرارهم، ورؤية الأثر الذي تركوه في زمانهم وفيما بعده».

ما يميز الكتاب أن هيكل لم يكتف بسرد الوقائع، بل كشف عن تفاصيل إنسانية وكواليس لم تكن مطروحة من قبل؛ فهو يروي مثلا كيف تأخر عن موعد لقاء الملك خوان كارلوس نتيجة حواره مع رئيس وزرائه، أو كيف بدت البساطة في مظهر أينشتاين وملابسه رغم مكانته العلمية الرفيعة، وغيرها من اللمسات الإنسانية التي تجعل القارئ يرى الشخصيات كبشر لهم طباعهم وتفاصيلهم، لا كرموز تاريخية جامدة.

ويمضي هيكل، أبعد من الحوارات، فيقدم تحليلات دقيقة للقضايا الكبرى المرتبطة بكل شخصية؛ ككشفه عن ملامح شخصية أندروبوف داخل الكرملين، أو تحليله لنهج نهرو في بناء الهند الحديثة، مرورًا بتفسيره لأسباب سقوط الشاه الإيراني، وهو في ذلك لا يسجل فقط ما جرى، بل يربط الأحداث بسياقاتها ويستخلص منها ما يفيد الحاضر والمستقبل.

واختيار هيكل، لعنوان «زيارة جديدة للتاريخ» يعكس وعيه، بأن الأمر ليس مجرد تسجيل للحوارات، بل هو عودة متجددة للتأمل في التجارب والذاكرة، واستعادة الماضي لفهمه من منظور مختلف، ومن هنا تتجلى قوة الكتاب.

والكتاب المكتوب بلغة سلسة تتراوح بين الحكي والتوثيق، وتتخلله لحظات من النقد والتأمل، يجمع بين الدقة الصحفية والعمق الإنساني؛ فلا يقرأ كمجموعة لقاءات فحسب، بل كموسوعة صغيرة في تاريخ القرن العشرين.

ويبقى «زيارة جديدة للتاريخ»، ليس مجرد كتاب يرصد لقاءات مع قادة العالم، بل رحلة فريدة يقودها هيكل عبر دهاليز السياسة والفكر والإنسانية؛ رحلة تكشف عن خبايا الماضي وتفتح أفقًا للتفكير في الحاضر؛ ليبقى التاريخ حيا وفاعلا في وجدان القارئ.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved