مع تجدد الجدل.. لماذا يصر ترامب على شراء جزيرة جرينلاند ولماذا ترفض الدنمارك بيعها؟

آخر تحديث: الإثنين 23 ديسمبر 2024 - 4:27 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

عاد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى إثارة الجدل مرة أخرى حول شراء الولايات المتحدة الأمريكية لجزيرة جرينلاند الدنماركية، التي تعد أكبر جزيرة في العالم، ليعيد رغبته الملحة المثيرة للجدل التي أثارها خلال فترته الأولى من جديد إلى الواجهة.

فقد كان شراء جزيرة جرينلاند من الدنمارك شغل ترامب الشاغل خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، وهي الفكرة التي ناقشها في البداية على انفراد ثم أكدها لاحقا بشكل علني.

ففي عام 2019، وبينما كان يخطط الرئيس الأمريكي ترامب لزيارة العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، صرح عدة مرات عن نيته حول شراء جزيرة جرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي ويغطي الجليد نحو 80 بالمئة من مساحتها.

وواجه ترامب حينها انتقادات عديدة حول تعاطيه مع قضية الجزيرة الدنماركية التي أعلن عن رغبته في شرائها وكأنها صفقة من صفقاته العقارية، ثم تراجعه عن زيارة الدنمارك لأنه لا يحتمل رفض طلبه من قبل حكومة كوبنهاجن، خاصة بعدما سخر سياسيين دنماركيين من الفكرة ورفضوها جملة وتفصيلا.

وبالرغم من كل ذلك، أعاد ترامب، أمس، إحياء رغبته خلال فترة ولايته الأولى بالحصول على جرينلاند من الدنمارك لصالح الولايات المتحدة، حيث ذكر ترامب الفكرة من جديد، في بيان أعلن فيه عن تعيين سفيرا جديدا له إلى الدنمارك.

وقال ترامب في البيان: "لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة الأمريكية أن امتلاك جرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة. سيقوم كين بعمل رائع في تمثيل مصالح الولايات المتحدة".

ولكن، لماذا يصر ترامب على شراء جزيرة جرينلاند الدنماركية؟

في عام 2019، وسط عاصفة الجدل بسبب رغبة الولايات المتحدة في شراء الجزيرة الدنماركية، كشفت صحيفة "نيويورك الأمريكية أن امتلاك جرينلاند سيكون أمرا لطيفا للولايات المتحدة لأن الجزيرة ترقد على كنز من المعادن النادرة، وهي الفئة التي تزداد هيمنة الصين عليها.

وذكرت الصحيفة أن الجزيرة لها أهمية أمن قومي للولايات المتحدة التي تحتفظ في أقصى شمالها بنظام إنذار صواريخ ومراقبة فضائية وميناء بحري في قاعدة ثول الجوية الواقعة على الساحل الشمالي الغربي للجزيرة.

وقد حاولت الصين مرارا وتكرارا الحصول على موطئ قدم في الجزيرة، لكن الدانمارك لم ترضخ حتى الآن، وفق ما نقلت "الجزيرة".

ما سر اهتمام الرئيس الأمريكي؟

وكشف تقرير نشرته مجلة "فوربس" الأمريكية، أيضا، عن سر اهتمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشراء جزيرة جرينلاند الدنماركية، والذي أثار ضجة واسعة في العالم.

وفي تقريرها، الذي نقلته "سكاي نيوز"، تساءلت مجلة "فوربس" عن السبب الذي يجعل ترامب مصرا على شراء الجزيرة الدنماركية، وعن الأسباب التي تجعل الدنمارك لا تفكر بذلك.

وأرجعت المجلة ذلك لأن جزيرة جرينلاند، ذاتية الحكم، تقع بين شمال المحيط الأطلسي والمحيط المتجمد الشمالي، وتكتسب اهتمام القوى العالمية، بما في ذلك الصين وروسيا، ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة جرينلاند موقعا استراتيجيا للأغراض العسكرية، حيث تبعد بأقل من 1600 كيلومتر عن القطب الشمالي.

ويضم الساحل الشمالي الغربي للجزيرة قاعدة "ثول" الجوية الأمريكية، التي توفر إمكانية إطلاق تحذيرات للصواريخ ومراقبة الفضاء.

كميات هائلة من المعادن وموارد الطاقة

ونقلت المجلة أن علماء وكالة "ناسا" أجروا تحقيقات فوق جرينلاند، في 2019، لمعرفة أثار موجات الحر التي ضربت عدة دول أوروبية عليها، حيث وجدوا أنه مع الانصهار الذي يمكن أن يحصل، يتوقع أن تصبح الكميات الهائلة من المعادن وموارد الطاقة، المتواجدة في جرينلاند، سهلة الوصول.

وتشمل موارد الطاقة في جرينلاند خام الحديد والرصاص والزنك والماس والذهب والنحاس واليورانيوم والنفط.

ووفقا لشبكة "بي بي سي"، فيقال إن الرئيس الأمريكي اهتم بجرينلاند، جزئيا، بسبب مواردها الطبيعية، مثل الفحم والزنك والنحاس وخام الحديد.

ولكن في حين أن جرينلاند قد تكون غنية بالمعادن، إلا أنها تعتمد حاليا على الدنمارك في تمويل ثلثي ميزانيتها، كما أنها تعاني من معدلات عالية من الانتحار وإدمان الكحول والبطالة.

خطوة جيوسياسية ذكية

وكشف شخصان مطلعان على المفاوضات لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن سر اهتمام ترامب بالجزيرة وهي "أهميتها للأمن القومي" بسبب موقعها، فلطالما رأت الولايات المتحدة أن الجزيرة مهمة استراتيجيا وأنشأت قاعدة جوية ومحطة رادار هناك في بداية الحرب الباردة.

ووصف النائب الجمهوري مايك جالاجر، فكرة ترامب بأنها "خطوة جيوسياسية ذكية"، وقال: "الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية ملحة في جرينلاند، وهذا يجب أن يكون على الطاولة"

لماذا ترفض الدنمارك بيع الجزيرة؟

ووفق"فوربس" فإن السبب الذي سيجعل الدنمارك ترفض عملية البيع، يعود إلى رغبة سلطات البلاد في استغلال هذه الموارد مستقبلا، على اعتبار أن الدولة ما تزال تدعم جرينلاند اقتصاديا.

وكانت الدنمارك قد استعمرت إبان القرن الثامن عشر الجزيرة التي تبلغ مساحتها مليوني كلم مربع والبالغ عدد سكانها 57 ألف نسمة، غالبيتهم من الإسكيمو.

وتعتمد على الاقتصاد الدنماركي، وسلطات الجزيرة معنية بشؤونها المحلية في حين تتحمل كوبنهاجن مسؤولية الدفاع والسياسة الخارجية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved