ترامب يهدد بالحرب.. لماذا استولت أمريكا على قناة بنما عام 1989؟

آخر تحديث: الإثنين 23 ديسمبر 2024 - 11:22 ص بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

عادت أجراس الخطر تدق معلنة حربا محتملة حين هدد الرئيس الأمريكي الفائز بالانتخابات دونالد ترامب بمصادرة قناة بنما، إذا لم تتوقف بنما عن التعاون مع الصين.

ويبدو أن وسائل الإعلام العالمية قد تناست ما حدث ليلة 20 من ديسمبر عام 1989، حينما فتحت قاذفات سبيكتور الأمريكية أبواب الجحيم على قناة بنما في أعنف قصف أمريكي منذ حرب فيتنام لاحتلال القناة الاستراتيجية وبسط السلطان الأمريكي عليها بقوة النار، في واقع ليس بالبعيد عن تهديدات ترامب رغم مرور 36 عاما.

وتسرد جريدة الشروق واقعة غزو بنما على يد الجيش الأمريكي والتي تشبه كثيرا حرب العدوان الثلاثي لاحتلال قناة السويس لتوضيح ما يمكنه فعله الجيش الأمريكي إذا رغب في مصادرة بنما كما يهدد دونالد ترامب.

-قناة بنما: ولادة من رحم الاحتلال

قناة بنما هي ممر ملاحي استراتيجي يشق القارة الأمريكية بين نصفيها الشمالي والجنوبي، بينما يصل بين المحيطين الهادي والأطلسي لتسهيل حركة التجارة وشحن البضائع على مستوى العالم.

وشرعت الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ حفر قناة بنما في دولة كولومبيا عام 1903، وحين واجهت معارضة كولومبية احتل الجيش الأمريكي القناة كما أعلن عن دولة مستقلة باسم بنما لتصبح القناة ملكية أمريكية ممنوع على الشعب البنمي الاستفادة منها؛ ما أدى لموجة نضال تحرري من السيطرة الأمريكية تم تتويجها بمعاهدة بين الرئيس البنمي الشهير عمر تراخس والرئيس الأمريكي رونالد ريجاهن، تنسحب أمريكا بموجبها من القناة عام 2000، وخلال تلك السنوات يتم رفع مستوى التحكم البنمي في القناة.

-أمريكا ومبررات ما قبل الاحتلال

سبق الغزو الأمريكي تولي مانويل نورييغا الموالي للأمريكيين رئاسة دولة بنما، ولكن الحكومة الأمريكية التي عمل مانول مع مخابراتها مسبقا اتهمته بالتورط في تجارة المخدرات بعد مزاعم من صحيفة نيويورك تايمز تبع تلك الموجة من الاتهامات اتجاه مانويل لتلقي الدعم من دول شيوعية كدولة كوبا ونيكاراغوا وحتى ليبيا إبان حكم معمر القذافي، وذلك وفقا لكتابي العلاقات الأمريكية الدولية منذ سنة 1897، والعمليات الأمريكية العسكرية في بنما.

وشهدت بنما منذ التعاون مع الدول الشيوعية موجة انقلابات فاشلة بلغ عددها 3 محاولات انقلاب، وقد اتهم مانويل الأمريكيين بالوقوف خلفها لينتهي ببنما الحال لإعلان الحرب على الولايات المتحدة بقرار برلماني يوم 15 سبتمبر 1989 ليتم اعتقال 4 جنود أمريكيين متهمين بالتجسس.

-ليلة أضاءت فيها القنابل الأمريكية سماء بنما

 


وقرر الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب إطلاق العملية العسكرية المسماة بالقضية العادلة للسيطرة على قناة بنما، والقبض على الرئيس البنمي، وبدأ التنفيذ ليل 20 ديسمبر 1989 من خلال هجوم 27 ألف جندي أمريكي و300 طائرة حربية، تشمل طائرات النايت هوك، ومروحيات الأباتشي، والتي أغارت على مطار بنما الدولي، ومقر قيادة الجيش البنمي، ومنشأة عسكرية هامة مطلة على القناة، وفقا للمؤرخة باتريشيا بيزورنو.

وأبدى الجيش البنمي ذو الـ16 ألف جندي مقاومة للهجوم الأمريكي أسفرت عن إسقاط 4 مروحيات أمريكية ومقتل 4 جنود مارينز وجرح 16 منهم خلال الليلة الأولى للهجوم، في كمين محكم أعده البنميون بحسب مكتب تأريخ قيادة الجيش الأمريكي.

واعتقل الأمريكيون خلال أسبوعين من القتال، الرئيس البنمي مانويل، حيث تم اقتياده في طائرة أمريكية للمحاكمة بالولايات المتحدة، وبالتزامن أقام الحرس الوطني معسكرات اعتقال بالشوارع للقبض على جنود الجيش البنمي والمدنيين أيضا وفقا لموقع جارد نيوز.

وقام الجيش الأمريكي بتنصيب رئيسا للجمهورية والذي أدى القسم تحت حراسة أمريكية مشددة في الليلة الأولى للغزو.

-ضحايا العنف العسكري المفرط

 

وأسفر القصف الأمريكي عن 1000 قتيل مدني، وفقا لمذكرة عسكرية أمريكية رسمية منشورة بكتاب التاريخ الخفي لأمريكا في بنما، وكذلك تم تشريد 20 ألف من المواطنين البنميين بفعل تدمير منازلهم خلال القصف العنيف، وفقا للمرصد المسيحي، لتعوض أمريكا لاحقا كل أسرة بـ6000 دولار لشراء بيوت جديدة.

وأصدرت الأمم المتحدة خلال العدوان قرارا بالإجماع يدين الغزو الأمريكي وصوتت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على قرار يلزم أمريكا بالانسحاب العسكري، غير أن أمريكا وحليفتيها بريطانيا وفرنسا استخدمتا الفيتو لحجب القرار، وفقا لتقرير فيربيتيم.


وتعتمد بنما يوم 20 من ديسمبر من كل عام لتنكيس الأعلام وتذكر العدوان الأمريكي الذي حمل اسم القضية العادلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved