تحقيق جديد يكشف مجزرة ارتكبها الاحتلال بحق 90 مدنيا في غزة دون مبرر

آخر تحديث: الإثنين 24 فبراير 2025 - 1:10 م بتوقيت القاهرة

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن تفاصيل جديدة حول مجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال، ضد عائلة «جحا»، أسفرت عن استشهاد نحو 90 مدنيًا، بينهم 71 امرأة وطفلًا، وإصابة العشرات، جراء استهداف منزلهم بشكل متعمد ودون إنذار مسبق أو أي ضرورة عسكرية، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.

وقال الأورومتوسطي في تحقيق نشره اليوم الإثنين، إنه تم استهداف مبنى عائلة جحا ضمن الهجوم العسكري واسع النطاق الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في المناطق الشرقية من مدينة غزة، فور انتهاء فترة الهدنة الأولى في أوائل شهر ديسمبر 2023.

وتركز هذا الهجوم آنذاك على الأحياء والمناطق السكنية المكتظة، بما في ذلك حي الشجاعية، ومنطقة الشعف حيث يقع مبنى عائلة «جحا».

وكشف الأورومتوسطي أن الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت صباح 6 ديسمبر 2023، منزل عائلة «جحا» في حي التفاح شرقي مدينة غزة، والذي يتكوّن من مبنيين متلاصقين، بقنبلة واحدة على الأقل، في قصف مباغت ودون أي تحذير مسبق، ما أدى إلى تدميره بالكامل وتسويته بالأرض فوق رؤوس جميع ساكنيه، في واحدة من أفظع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في القطاع.

ووفقًا لنتائج لتحقيق، كان المنزل يؤوي نحو 117 شخصًا لحظة الاستهداف، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، بينهم سكانه الأساسيون وعدد من أقربائهم الذين نزحوا قسرًا من منطقة الزيتون القريبة.

وأسفر القصف عن مقتل غالبية من كانوا داخل المنزل، بينما أُصيب آخرون، وتم انتشال بعضهم بصعوبة من تحت الأنقاض، في حين أُلقي آخرون خارج المبنى بفعل شدة الانفجار.

وبلغ عدد المصابين ما لا يقل عن 17 شخصًا، تراوحت إصاباتهم بين كسور وجروح وحروق، فضلًا عن حالات بتر للأطراف.

وتسبب الانفجار العنيف في تمزق أجساد العديد من الشهداء وتناثر أشلائهم في الشارع، حيث تجمعت على شكل أكوام، بينما قُذفت أجزاء منها إلى أسطح المباني المجاورة بفعل شدة الانفجار.

وتم انتشال جثامين نحو 56 شخصًا من تحت الركام، فيما لا تزال جثامين أكثر من 34 آخرين عالقة تحت الأنقاض.

وواجه السكان تحديات هائلة في عمليات الإنقاذ، خاصة مع انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت آنذاك، مما جعل من المستحيل تقريبًا التواصل مع فرق الدفاع المدني أو سيارات الإسعاف.

وفي ظل غياب أي استجابة رسمية، اضطر أفراد من عائلة «جحا» وسكان المنطقة إلى التدخل بأنفسهم، مستخدمين أيديهم وأدوات يدوية بسيطة لمحاولة انتشال الضحايا من تحت الأنقاض.

وفي إطار تحقيقاته، أجرى فريق المرصد الأورومتوسطي كشفًا ميدانيًّا لمكان وقوع مجزرة عائلة «جحا» عدة مرات لتوثيق حجم الدمار وطبيعة الأسلحة المستخدمة، وجمع الشهادات الميدانية من الشهود والناجين، وتحليل سياق الهجوم ضمن الهجمات الأوسع التي طالت المنطقة.

كما أجرى الفريق مقابلات مع تسعة ناجين من المجزرة، إلى جانب شهود عيان من سكان المنطقة للحصول على معلومات دقيقة حول الحادثة وظروف وقوعها.

واستعان في فريق المرصد الأورومتوسطي في تحقيقه بصور ومقاطع مصورة قدّمها شهود عيان، إضافة إلى تحليل صور جوية وصور الأقمار الصناعية التي توثق حالة المبنى والمنطقة المحيطة به قبل الهجوم وبعده.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ تحقيقه خَلُّص إلى عدم وجود أي أدلة على وجود أهداف عسكرية داخل منزل عائلة «جحا» أو في محيطه، سواء قبل الهجوم أو أثناءه، بما في ذلك منشآت عسكرية أو عناصر مسلحة.

وأشار التحقيق إلى أن أسلوب تنفيذ هذا الهجوم، وتوقيته، ونوع الذخائر المستخدمة، وما خلّفه من آثار تدميرية عشوائية وواسعة، خاصة مع انتفاء أي ضرورة عسكرية تبرره، يجعله انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب وواجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة، التي تُلزم إسرائيل قانونيًا باحترامها في جميع الظروف دون استثناء.

وبناءً على ذلك، قال الأورومتوسطي إن استهداف عائلة «جحا» وما انطوى عليه من أفعال تشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، يشكل مجموعة من «جرائم الحرب» ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين والأعيان المدنية.

عدا عن كونه يشكل مجموعة من «جرائم ضد الإنسانية» مكتملة الأركان، كونها أتت في إطار الهجوم العسكري الواسع النطاق والمنهجي الذي تشنه إسرائيل ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.

علاوة على ذلك، فإن استهداف منزل عائلة جحا، إلى جانب استهداف 436 ألف منزل وتدميرهم كليًا وجزئيًا، وبما يقدر بنحو 92% منازل قطاع غزة، ومقتل أكثر 54 ألف فلسطيني غالبيتهم من سكانها داخلها، إلى وجود نمط متكرر ومنسق من الهجمات العسكرية قائم على خطة منهجية لا يمكن تبريرها بأي دواعي للضرورة العسكرية تستهدف المدنيين الفلسطينيين وقتلهم بشكل مباشر ومتعمد وجماعي، إلى جانب تدمير المنازل والملاجئ بشكل منهجي وواسع النطاق، كونهما أدوات متكاملة تستهدف تحقيق نفس الهدف؛ وهو القضاء على الفلسطينيين في القطاع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved