الضوء بين العلاج والتهديد.. كيف يقي الأحمر من السكري والزهايمر بينما يربط الأزرق بالسرطان؟

آخر تحديث: الأربعاء 24 سبتمبر 2025 - 5:54 م بتوقيت القاهرة

سوزان سعيد

انتشر في الآونة الأخيرة الاتجاه لاستخدام مصابيح الـ"LED"، بديلًا عن المصابيح ذات الإضاءة الحمراء، ما يدعم هذا التوجه هو الرغبة في ترشيد استهلاك الكهرباء، وتقليل استخدام الطاقة، خاصة الوقود الأحفوري - والذي لا يزال حتى الآن هو المصدر الرئيسي لإنتاج الكهرباء في معظم دول العالم- للحفاظ على البيئة والحد من التأثير السلبي لتغيرات المناخ.

ولكن عند التطرق إلى الجانب الصحي، فإن الأمر يختلف كثيرًا، ووفقًا لـ"ديلي ميل" البريطانية، وجد الباحثون أن تسليط الضوء الأزرق المنبعث من مصابيح الـ"LED" قد يسبب العديد من الأمراض، بدءًا من السكري والقلق، مرورًا باضطرابات النوم، وانتهاءً بالسرطان، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟

● يجيب التقرير التالي على هذا السؤال:

مخاطر الضوء المنبعث من مصابيح الـ"LED"

يخشى عدد من الخبراء من أن يؤدي التعرض للضوء الأزرق، والذي يصدر من مصابيح LED الحديثة، إلى جانب شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية، إلى زيادة معدلات السمنة والقلق والعمى وبعض أنواع السرطان.

أشارت دراسة نُشرت هذا العام في مجلة "التقارير العلمية" إلى أن الفئران المعرضة لمستويات عالية من الضوء الأزرق، عانت من السمنة والقلق بشكل كبير.

ووجدت أيضًا دراسة أجراها معهد برشلونة للصحة العالمية عام 2020 على 2000 شخص، ونُشرت في مجلة "علم الأوبئة"، أن الأشخاص الذين يتعرضون لأعلى مستويات الضوء الأزرق الليلي لديهم خطر أعلى بنسبة 60% للإصابة بسرطان الأمعاء، والذي يُعتقد أنه نتيجة لاضطراب النوم.

ويرجع ذلك إلى أن الضوء الأزرق، والذي ينبعث من مصابيح الـ"LED"، يعتبر مستوى عالي الطاقة من الضوء، وعند التعرض له بكثافة، فإنه يسبب اختلالًا في إفراز هرمون الميلاتونين، الذي نعتمد عليه لتنظيم النوم، ما يؤدي إلى اضطرابات النوم، إلى جانب الإضرار بشبكية العين. فيما توفر المصابيح الكهربائية المتوهجة القديمة، التي تصدر الضوء الأحمر ولم تعد مستخدمة لتقليل استهلاك الطاقة، نفس طيف الضوء مثل أشعة الشمس.

لماذا الضوء الأحمر مفيد والأزرق مضر؟

يعتقد بعض الخبراء بوجود علاقة إيجابية بين الضوء الأحمر والميتوكوندريا التي تولد الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة داخل أجسامنا، وتكون بمثابة بطاريات مشحونة، إذ يحتوي الضوء الأحمر على الفوتونات الحاملة للطاقة الضرورية لشحن المواد الكيميائية داخل الميتوكوندريا، مما يعزز طاقتها ويمكنها من العمل.

بينما يعمل الضوء الأزرق على تفريغ شحن بطاريات الخلايا داخل الجسم "الميتوكوندريا"، وفقًا لجلين جيفري، أستاذ علم الأعصاب في معهد طب العيون بجامعة لندن.

وأضاف أن مصابيح LED تُعاني من نقصٍ شبه كامل في الضوء الأحمر، بينما تُصدر الكثير من الضوء الأزرق، ما يؤثر سلبًا على عمل الميتوكوندريا، ويكون بمثابة تفريغ لشحن بطاريات الخلايا داخل الجسم.

وأشار إلى أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات أظهرت معدل تعافٍ أفضل بكثير من السكتة الدماغية عند التعرض للضوء الأحمر بدلاً من الأزرق، وذلك بسبب التأثيرات على الميتوكوندريا في خلايا المخ.

الضوء الأحمر يحسن النظر عند كبار السن

تتضاءل طاقة الميتوكوندريا مع التقدم في السن، ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل الضمور البقعي الجاف المرتبط بالعمر، وهو السبب الرئيسي لفقدان البصر بين كبار السن، إذ تموت خلايا الشبكية الحساسة للضوء تدريجيًا، والتي تكون ضرورية للرؤية المركزية ورؤية التفاصيل. ولا يوجد علاج لهذه الحالة، وقد تنجم المشاكل عن انخفاض إنتاج الطاقة بواسطة الميتوكوندريا في خلايا شبكية العين، مما يؤدي إلى توقفها عن العمل بشكل صحيح.

ولذلك أجازت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في مطلع هذا العام استخدام الضوء الأحمر في علاج التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD)، كما نشرت مجلة "ريتنا" العام الماضي تجربة خضع فيها المرضى لـ6 جلسات علاج للعين بالضوء الأحمر، تتعرض بموجبها كل عين للضوء الأحمر لمدة خمس دقائق، كل أربعة أشهر، وبعد مرور 13 شهرًا شهد حوالي 55% من المرضى تحسنًا ملحوظًا في الرؤية بمقدار 5 أحرف على الأقل على مقياس فحص البصر القياسي. وتُجرى حاليًا دراسة أوسع نطاقًا للتأكد من صحة هذه النتائج.

كشفت أيضًا دراسة قام بها البروفيسور جيفري، نُشرت عام 2020 في مجلة "علم الشيخوخة"، أن التعرض للضوء الأحمر العميق لمدة 3 دقائق يوميًا يمكن أن يحسن بشكل كبير من ضعف البصر الذي يصاحب التقدم في العمر.

اعتمدت الدراسة على 24 متطوعًا سليمًا، طلب منهم تسليط ضوء أحمر بطول موجي محدد يبلغ 670 نانومترًا على عيونهم وهي مغلقة، إذ يستطيع الضوء الأحمر النفاذ عند إغلاق العين، لمدة 3 دقائق يوميًا على مدار أسبوعين، ولوحظ تحسن قدرة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا على الرؤية في الضوء الخافت بشكل ملحوظ، إلى جانب اكتشاف الألوان بنسبة تصل إلى 20%.

الضوء الأحمر لعلاج السكري من النوع 2

وجد البروفيسور جيفري أن العلاج بالضوء الأحمر قد يحارب ارتفاع السكر الضار لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2.

شملت دراسته، المنشورة في مجلة "الفوتونيات الحيوية" العام الماضي، تعريض جلد ظهور 15 مريضًا للضوء الأحمر لمدة 15 دقيقة، قبل إعطائهم مشروبًا سكريًا وقياس مستويات السكر في الدم على مدار ساعتين.

أظهرت النتائج انخفاضًا في ارتفاعات السكر، وكذلك مستويات السكر الكلية، مقارنةً بمن تناولوا المشروب السكري ولم يتعرضوا للضوء الأحمر.

فسر البروفيسور جيفري ذلك بأن الميتوكوندريا تحتاج إلى سكر الدم للحصول على الطاقة اللازمة لشحن بطارياتها، وعند تعريضها للضوء الأحمر فإنها تعمل بجهد أكبر وبالتالي تأخذ المزيد من سكر الدم، مما يؤدي إلى انخفاض مستواه في الدم، وهو ما يحمي الشخص من الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

علاج الزهايمر والخرف بالضوء الأحمر

يُستخدم الضوء الأحمر أيضًا لعلاج الزهايمر، إذ يعتمد علماء في الجامعة التقنية بالدنمارك على تقنية تقوم بتسليط ضوء متقطع عبر العينين لتحفيز موجات "جاما" المفيدة في أدمغة المرضى والتي تُنشّط خلايا الدماغ المسؤولة عن تدمير اللويحات الأميلويدية السامة المرتبطة بمرض الزهايمر.

أشارت أيضًا نتائج التجارب السريرية المبكرة إلى أن المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر الخفيف إلى المتوسط والذين تعرضوا للأضواء لمدة 30 دقيقة يوميًا لمدة 3 أشهر شهدوا تحسنًا في قدرات الكلام والذاكرة.

كيف نحصل على الضوء الأحمر ونحافظ على الطاقة

يمكن الحصول على الضوء الأحمر بطريقة سهلة وبسيطة، إذ وفقًا للبروفيسور جيفري، فإن الفوائد الصحية المتعددة التي يوفرها الضوء الأحمر يمكن الحصول عليها من خلال التعرض لضوء الشمس لمدة ساعة يوميًا للتمتع بصحة جيدة، وهو ما يعادل التنزه في حديقة عامة.

وأضاف أن النباتات تمتص الضوئين الأزرق والأحمر لاستخدامهما في عملية التمثيل الغذائي، فيما تعكس الأشعة تحت الحمراء بقوة لحمايتها من ارتفاع درجة حرارتها، ويكون هذا الضوء المنعكس مفيدًا للإنسان تمامًا مثل الضوء الأحمر. لذا من الأفضل بكثير التواجد في بيئات طبيعية بدلاً من الأماكن المغلقة التي تحاكي الطبيعة مثل المولات والمنتزهات الصناعية، ولكنها لا تحتوي على الضوء الأحمر والضوء المنعكس الذي توفره الأشجار الطبيعية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved