جثامين متحللة و25 شاهد إثبات.. بدء محاكمة سفاح المعمورة
آخر تحديث: الأحد 25 مايو 2025 - 3:10 م بتوقيت القاهرة
عصام عامر
وسط إجراءات أمنية مشددة، وصل "ن.ال.إ.غ"، 52 عامًا، المتهم بقتل 3 أشخاص، عمدًا بعد خطفهم بالتحايل والإكراه، وسرقتهم، في القضية المعوفة إعلاميا بـ"سفاح المعمورة"، إلى محكمة جنايات الإسكندرية، اليوم الأحد.
كما حضر إلى المحكمة؛ هيئة الدفاع عن المجني عليهم، وكذلك دفاع المتهم؛ استعدادًا لبدء أولى جلسات محاكمته.
وتنظر الدائرة الأولى بمحكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة المستشار محمود عيسى سراج الدين، وعضوية المستشارين: تامر ثروت شاهين، ومحمد لبيب دميس، وعبد العاطي إبراهيم صالح، وسكرتير المحكمة، حسن محمد حسن، القضية، التي تبدأ جلستها الإجرائية بإثبات حضور المتهم، وهيئة الدفاع، والمدعين بالحق المدني، ثم تلاوة ممثل النيابة العامة لنص أمر الإحالة، بعدها تبدأ المرافعات.
وتعود وقائع القضية، التي تضم 25 شاهد إثبات، وفقا لنص التحقيقات التي وردت بأمر الإحالة وتحقيقات النيابة العامة التي تحمل رقم 9046 لسنة 2024 جنايات ثانٍ المنتزه، إلى تلقي مدير أمن الإسكندرية، عدة إخطارات تفيد بقتل المتهم، المجني عليهم.
والضحايا وفقًا لترتيب توقيت العثور على جثثهم تباعًا هم: "منى.ف.ث"، ربة منزل، كانت زوجة المتهم، وحينما شكت في سلوكه خنقها حتى الموت، و"تركية.ع.ر"، 63 عامًا، ربة منزل، كانت موكلته ببعض القضايا قتلها بخنقها واستولى على متعلقاتها، و"محمد.إ.م"، 60 عامًا، مهندس، كان بينهما تعاملات قانونية، وحاول إرغامه على التنازل عن أملاكه ولامتناعه؛ قتله بسلاح أبيض "سكين" وسرقه.
• غيرة زوجية
وكشفت التحقيقات التي جرت مع المتهم بشأن المجني عليها "منى" عن أنه تزوجها عامين، بعد قصه حب استمرت سنة، ولأنها كانت تغير عليه بشدة، ولشكها في سلوكه تشاجرت معه، وطردته من المنزل، ويوم الحادث طالبته بالطلاق، فانهال ضربا على رأسها، ثم خنقها حتى فارقت الحياة، ولعدم كشف الواقعة غطى جثتها بمادة شمعية عازلة حتى لا تفوح رائحتها، ثم لفها بقماش أبيض داخل كيس نايلون، ووضعها في صندوق خشبي، وبعد مرور 8 أشهر، لم يتمكن من دفن عظامها، كون الحادثة وقعت في شقة بالطابق الثالث، وعندما ارتكب الجريمة الثانية نقل الجثمان إلى جوار جثة الضحية الثانية، ودفنها في حفرة بإحدى غرف شقة المعمورة المستأجرة، وأغلقها بقفل معدني.
وكشفت تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها، أن الجثة في حالة تعفن رمي منتشر، ويظهر عليها إسوداد الجلد وتسلخ البشرة، مع تحلل وتآكل معظم الأنسجة الرخوة للوجه والرأس، حتى بدت عظام الجمجمة واضحة، ولوحظ بروز العين اليمنى مع بقائها مفتوحة، بينما العين اليسرى مغلقة، كما وُجدت مناطق دُكنة في مقدم الجانب الأيمن من العنق دون وجود علامات حيوية.
وتبين وجود كسر بنحو نصف سنتيمتر في الجزء الأيمن من العظم اللامي، وتشير مثل هذه الإصابة إلى أنها ناتجة عن ضغط قوي متواصل في تلك المنطقة بجسم راضٍ، كخنق أو ما شابه.
• خلاف على الأتعاب
وعن المجني عليها الثانية "تركية" فأظهرت التحقيقات أنها كانت تعيش بمفردها "دون زوج أو أبناء" في منزل الأسرة بمنطقة الطابية، التابعة لدائرة قسم شرطة ثانٍ المنتزه، وأن المتهم تعمد خسارة القضية التي كانت وكلته فيها ضد سمسار، وذلك للضغط عليها، واستهداف أموالها المودعة في بطاقتها المصرفية، حيث كانت تمتلك بطاقتين: إحداهما لحساب التوفير، والأخرى لصرف المعاش، وكانت تحتفظ بهما وبرقمهما السري في حافظتها.
وبعدما حدثت بينهما مشادة كلامية قررت حرمانه من باقي أتعاب القضية، فأصر على أن تزوره بمكتبه وقتلها وسحب الأموال الموجودة في حساباتها المصرفية، بعد أن استولى على هاتفها المحمول، وبطاقتها البنكية، وذلك شهر أغسطس 2024.
وكشفت تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليها أن الجثة في حالة تعفن رمي منتشر، مع وجود مناطق دُكنة في الأنسجة الرخوة المحيطة بتجويفي الفم والأنف، وخلو منطقتي البطن والصدر والحوض من الأعضاء الداخلية، ما يشير إلى وجود طعنات سابقة، وتنشأ مثل هذه الإصابات نتيجة ضغط مباشر على مناطق حيوية باستخدام جسم راضٍ، كحال محاولة سد الفتحات التنفسية، كما وُجدت إصابة على هيئة ازدياد في دُكانة الأنسجة الرخوة حول فتحتي الأنف والفم، ما يُشير إلى وجود ضغط تسبب في سد المسالك التنفسية الخارجية، وهو ما أدى إلى الوفاة.
• جثمان مشطور إلى نصفين
وأما المجني عليه الثالث "محمد" فأشارت التحقيقات إلى أنه كان يعيش بمفرده، ومُحرر محضر بتغيبه منذ 3 سنوات بقسم شرطة ثانٍ الرمل، وعثر عليه مشطور لجزئين، ومغطى بطبقة من الخرسانة، بالشقة الواقعة في شارع 7 منطقة 45، وكانت تربطه علاقة عمل بالمحامي منذ عام 2021، حيث أوهمه بقدرته على حل نزاع قضائي خاص به، وبيع منزله الكائن في منطقة المندرة بضعف قيمته، بجانب تغيير سيارته، وذلك بعد أن عرض عليه مستندات الملكية "عثر عليها لاحقًا"، بينما السيارة فقد اختفت، وتم العثور عليها أيضًا لاحقًا.
وأوضحت التحقيقات أنه ولتنفيذ الجريمة، أعد المتهم سلاحًا أبيض "سكينًا"، وحاول إجبار المجني عليه للتنازل عن العقار السكني، وسيارته، تحت التهديد، واستولى على الكارت البنكي وسحب منه مبالغ مالية كبيرة، ثم أتلف هاتفه المحمول، بعدما أرسل لأسرته رسائل توحي بأنه سيتزوج من أجنبية وينتقل إلى شرم الشيخ، كما أجبره على الاتصال بهم ليطمئنهم بصوته، تحت تهديد السلاح، وذلك لإبعاد الشبهات عنه.
وأضافت التحقيقات أنه وعندما رفض المجني عليه التنازل عن ممتلكاته، اعتدى عليه المتهم بالضرب، وسدد له طعنة بسلاح أبيض "سكين" في الفخذ الأيسر أودت بحياته جراء شدة النزيف، وبعد ذلك صنع صندوقًا خشبيًا، ووضع الجثمان في أكياس بلاستيكية كبيرة، وحفر حفرة داخل الوحدة السكنية، دفنه فيها، وأهال عليه التراب ومواد البناء، ثم أغلق العين بجنزير وقفل معدني، وظل الجثمان داخلها 3 أعوام.
وكشفت تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجني عليه أن الجثة في طور التحلل والتعفن الرمي الشديد، مع ظهور تلونات رمية داكنة، وتآكل واضح في الجلد والأنسجة الرخوة في مواضع متعددة، حتى بدت معظم عظام الجثة ظاهرة، ووجود ملابس بها عدة قطع مستوية الجواف بأبعاد مختلفة، مع تلوثات حمراء اللون، ووُجدت مناطق أكثر دُكانة عند أعلى الفخذ الأيسر، مع بروز لعظمة الفخذ وآثار وحشية بأبعاد 5×10 سنتيمتر، ويرجح أن تلك الإصابة ناتجة عن جرح قطعي غائر، صاحبته تهتكات في الأوعية الدموية الرئيسية في المنطقة، مما أدى إلى نزيف دموي جسيم يُفضي إلى الوفاة.
• متهمون شركاء
وكانت النيابة العامة، قررت تجديد حبس 5 أشخاص آخرين متورطين في ذات القضية وهم: "س.ث.ا"، و"ص.ع.هـ"، و"ن.ر.ص"، و"ع.م.ا"، و"م.م.ف"، 15 يومًا على ذمة التحقيقات؛ لاتهامهم بالتستر على جرائم القتل؛ فهم المسئولون عن كشف أول جثتين، وذلك أثناء مساومة المتهم الرئيسي على مبلغ مالي نظير عدم إبلاغ الشرطة، حيث أن بعضهم كان يعمل معه، والبعض الأخر تربطهم به علاقة صداقة.
وقررت جهات التحقيق، إخلاء سبيل "ب.ح"، صاحب معرض السيارات الذي ألقي القبض عليه للاشتباه في علاقته بالمتهم، واستبعاده من التحقيقات والتهم الموجهة إليه، وذلك بعد استجوابه لمدة أسبوع.
وصرفت جهات التحقيق، النجار الذي تم استدعائه، وذلك بعد التوصل إليه بأنه من صنع الصندوق الخشبي "التابوت" الذي وضعت فيه الجثة الثانية، لاستجوابه حول علاقته بالمتهم وملابسات طبيعة طلب التصنيع، لعدم ثبوت شيء عليه.
وعملت الأجهزة الأمنية، خلال مدار 4 أشهر على جمع التحريات حول ملابسات الوقائع المتهم في ارتكبها "المحامي" وفحص الشقق التي يُبلغ تباعًا بأنه سبق واستأجرها على مستوى محافظات الجمهورية، إذ وصل عددها إلى 28 شقة.
وأحالت النيابة العامة المتهم محبوسًا للمحاكمة الجنائية؛ لاتهامه بخطف وقتل وإخفاء جثث وسرقة 3 أشخاص "سيدتان ورجل" بينهم زوجته، بعد أن عثر عليهم داخل شقتين منفصلتين كان يستأجرهما في منطقتي المعمورة البلد، و45 بالعصافرة.
وجاء ذلك بعدما قرر قاضى محكمة المنتزه الجزئية، تجديد حبس المتهم 45 يوما إضافيًا على ذمة التحقيقات، وذلك بعد تجديد حبسه 15 يومًا لمدة 3 مرات متتالية؛ لاتهامه بارتكاب واقعتي قتل عمدًا مع سبق الإصرار، مقترنتي بجنايتي خطف بالتحايل والإكراه، بقصد تسهيل ارتكاب واقعتي سرقة، وقتل زوجته عمدًا مع سبق الإصرار.
وأظهرت نتائج تحليل البصمة الوراثية الـDNA والتي أجراها الطب الشرعي للعينات المأخوذة من الجثث الـ3 التي عثر على أصحابهم مدفونين داخل شقتين كان يستأجرهما المتهم جاءت متطابقة مع العينة المأخوذة من أسرهم، وصرحت النيابة بإعادة دفن رفات جثامين 2 منهم في الإسكندرية، والثالثة في القاهرة.