وزير الخارجية بدر عبدالعاطي يتحدث لـ«الشروق» من أجواء غرب إفريقيا: نراهن على الشراكة فى إفريقيا ودور أكبر للقطاع الخاص

آخر تحديث: السبت 26 يوليه 2025 - 7:47 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ عماد الدين حسين

• لدينا شح فى المياه.. ومستقبلنا فى إقامة مشروعات زراعية بالخارج خصوصا فى إفريقيا
• جارٍ العمل لإطلاق شركة مشتركة لاستصلاح الأراضى فى إفريقيا
• نقف مع الدولة السودانية ومؤسساتها .. ولن نسمح أو نقبل بتقسيم السودان
• تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه
• المزايدة على دور مصر فى غزة محاولة بائسة وفاشلة
• علاقاتنا مع السعودية راسخة ولا يمكن لأى طرف النيل منها
• تفعيل المجلس التنسيقى الأعلى بين القاهرة والرياض قريبا
• شبعنا من الكلام الإثيوبى المعسول.. ونريد اتفاقا قانونيا ملزما بشأن سد النهضة
• نرحب بدور الرئيس ترامب كصانع للسلام فى كل الأزمات بما فيها أزمة السد الإثيوبى
• نحتفظ بحقنا فى الدفاع الشرعى عن النفس ومصالحنا المائية إذا حدث أى ضرر طبقا للقانون الدولى
• لابد من توقيع العقوبات على من يعارض أو يضع العراقيل أمام الانتخابات فى ليبيا
• الحديث عن فيتو أمريكى غربى حول وجود قوات مصرية بالصومال غير صحيح
• رسالتنا واضحة للجميع: لن نسمح بأى وجود عسكرى لدولة غير مشاطئة على البحر الأحمر

رافقت وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبدالعاطى فى رحلة مهمة إلى خمس دول فى إفريقيا هى نيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر ومالى والسنغال، إضافة إلى تشاد خلال الأسبوع الماضى. هدف الرحلة هو فتح أسواق جديدة أمام الصادرات والاستثمارت المصرية واصطحب الوزير معه وفدا من نحو ٣٠ من رجال الأعمال المصريين فى معظم التخصصات برئاسة شريف الجبلى رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب.

وخلال السفر من نيامى عاصمة النيجر إلى باماكو عاصمة مالى مساء الأربعاء الماضى حاورتُ وزير الخارجية عن هذه الرحلة وفلسفة التوجه إلى إفريقيا اقتصاديا والعقبات التى تحول دون ذلك، إضافة للأوضاع فى السودان وليبيا والقرن الإفريقى.

وبطبيعة الحال لم يكن ممكنا عدم التطرق إلى العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة حيث كرر الوزير الموقف المصرى المبدئى بأن تهجير الفلسطينيين من القطاع خط أحمر، لن تسمح مصر بحدوثه، وأن المزايدة على دور القاهرة تجاه الأشقاء الفلسطينيين محاولة «بائسة وفاشلة».

كما وصف عبدالعاطى إعلان إثيوبيا دعوة مصر لافتتاح سد النهضة بـ «العبث»، مشددا على أنه لا يمكن رهن مصالح المصريين بوعود أو تصريحات شخصية، ومؤكدا احتفاظ مصر بحقها فى الدفاع الشرعى عن نفسها وعن مصالحها المائية طبقا لقواعد القانون الدولى إذا حدث أى ضرر.

وشدد وزير الخارجية فى الحوار الموسع الذى امتد لنحو الساعة أيضا على رسوخ وصلابة العلاقات المصرية السعودية، معلنا أنه سيتم تفعيل المجلس التنسيقى الأعلى بين البلدين قريبا.. وإلى نص الحوار:

● «الحل فى إفريقيا» هذا التعبير استوقفنى كثيرا، ما الفارق بين ما بدأناه فى إفريقيا فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر ثم الدور البارز للدكتور بطرس غالى فى الشئون الإفريقية حينما كان يشغل منصب وزير الدولة للشئون الخارجية وما نفعله الآن؟

ـــــ بالتأكيد هناك عناصر ثبات وعناصر تغير، هناك أمور وتطورات إقليمية ودولية كثيرة حدثت. إفريقيا اليوم لم تعد إفريقيا فى الخمسينيات والستينيات وحتى فى السبعينيات، لقد جرت مياه كثيرة والأوضاع السياسية الدولية أصبحت تتسم بالسيولة وعدم اليقين وأيضا الأوضاع على مستوى القارة الإفريقية تتسم بقدر كبير من عدم الاستقرار. ولكن يظل العنصر الأساسى الحاكم للسياسة الخارجية المصرية أن القارة الإفريقية والبعد الإفريقى هما أحد المحاور الأساسية والدوائر الرئيسية للسياسة الخارجية المصرية.

وبالتأكيد حينما تكون هناك إرادة سياسية وتوجيهات من القيادة السياسية بالاهتمام بالقارة فكل الدولة بمؤسساتها تندفع وتعمل على الاهتمام بهذه القارة العظيمة والغنية.

أنا لم آتِ بالجديد ولكن هى توجيهات مستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسى بإيلاء الاهتمام الأكبر إلى القارة الإفريقية، والآن اللغة لم تعد كما كانت من قبل علاقة بين مانح ومتلقٍ ولكن أصبحت علاقة المصالح المشتركة والكل رابح من هذه العلاقة.

والكل ينظر بعين الاعتبار إلى مصر كدولة كبرى فى القارة الإفريقية وما حققته من إنجازات كبيرة على مدى العقد المنصرم فى قضية التحديث والتنمية، خاصة فيما يتعلق بالبناء والتشييد، والجديد هنا أن الشركات المصرية أصبح يشار لها بالبنان.

فى الماضى كان دور شركات القطاع العام والمملوكة للدولة هو الأساس، وهذا لم يعد كافيا، نحن نتحدث الآن عن نماذج جديدة فى الأعمال والاستثمار مختلطة حيث الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأيضا الشراكة بين القطاع الخاص المصرى ونظرائه فى الدول الإفريقية المستهدفة مسألة جديدة ومهمة جدا.

● خلال الجولة الحالية فى دول غرب إفريقيا كان الحديث عن الشركات المصرية حاضرا فى جميع محطات الجولة، ماذا عن مجالات عمل تلك الشركات؟

ـــــ لدينا 4 قطاعات ذات أولوية بالنسبة للدول الإفريقية وأيضا بالنسبة لمصر وقد حققنا فيها إنجازات مهمة وأصبحنا نركز حاليا على تبادل المنافع كما ذكرت، القطاع الزراعى وهو قطاع له أولوية لأنه يخدم الأمن الغذائى فى الدول الإفريقية ويؤمّن الأمن الغذائى فى مصر، فلدينا شح وندرة فى المياه وبالتالى مستقبلنا فى الزراعة فى الخارج ولذلك نطور شراكات بين القطاع العام والخاص فى مصر، وندرس تأسيس شركة تساهم فيها الدولة وشركات متخصصة من القطاع الخاص تنفذ مشروعات كبرى لاستصلاح الأراضى، خاصة فى دول إفريقية لديها مناطق هائلة قابلة للاستصلاح وبها موارد مستدامة نستطيع زراعة محاصيل تحتاج مياها وفيرة مثل الأرز والذرة والصويا وأيضا القطن، ونتبادل المنافع ونستطيع أن نأخذ حصة من هذه المحاصيل بعد إنتاجها فى هذه الدول الإفريقية الشقيقة ثم تأخذ هى الحصة المتبقية وهذا نموذج جديد. وأيضا التبادل السلعى (سلع مقابل سلع) ومشروعات مقابل سلع ونوسّط بنوكا أو مؤسسات تمويلية لتقييمها وهذا يخفف من أزمة العملة الأجنبية بالتأكيد.

وبالإضافة إلى قطاع الزراعة يأتى قطاع البنية التحتية، فشركة مثل المقاولون العرب معروفة بالاسم لدى قادة ومسئولى الدول، لقد التقيت رؤساء النيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا ومالى والسنغال ووزير خارجية تشاد، فى ست محطات بتلك الجولة الكل يعرف الشركة وإسهاماتها، فجميع الطرق التى سلكناها فى غينيا الاستوائية ونيجيريا بتنفيذ من الشركة لما تتمتع به من كفاءة وجودة فى التسليم وتوفير سعر تنافسى مقابل شركات عالمية وأوروبية أخرى، فنحن منافس قوى جدا. بالإضافة إلى ذلك قطاعات إدارة الموارد المائية والأدوية وأيضا الصناعات العسكرية والأمنية لدينا منتجات متميزة وهناك تعاون مع هذه الدول.

● ما أبرز الشركات المصرية الأخرى العاملة فى إفريقيا؟

ـــــ لدينا شركة أوراسكوم وهى شركة كبرى ومعروفة بالاسم فى إفريقيا، وكذلك هناك شركة السويدى إليكتريك التى تعمل فى مجالات متعددة مثل المعدات الكهربائية والزراعة، وقد رافقتنى الشركة فى زيارتى للجزائر حيث لديها مشروع طموح لزراعة القطن هناك، وأيضا فى تونس.

يوجد كذلك شركات مثل شركة سامكريت فى البنية التحتية والتشييد، وشركات تابعة لوزارة البترول تعمل فى التعدين وهو قطاع واعد، حيث تعمل فى الذهب بالنيجر والفوسفات فى موريتانيا، ومن هنا يمكننا عقد شراكات بحيث نحصل على إنتاج هذه المواد الخام مقابل إقامة مشروعات أو تقديم سلع لتلك الدول.

أيضا هناك جهاز مستقبل مصر وشركات كبرى فى الزراعة، وهى شركات واعدة تستطيع أن تستثمر، ولدينا نماذج ناجحة من دول أخرى فى مجال الزراعة ويمكن الاستفادة من تلك التجارب، وحاليا هناك تفكير فى تأسيس شركة كبرى تضم استثمارات من الحكومة المصرية والقطاع الخاص، حتى يتم تشجيع القطاع الخاص ضد المخاطر، ولدينا آلية هى الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار والتى تستطيع حماية المستثمر والتاجر الصغير والمتوسط الحجم فى تقديم ضمانات ضد مخاطر الاستثمار أو التجارة حال فقدانه صفقة تجارية تستطيع الوكالة تعويضه.

● هل أى شركة متاح لها الاستفادة من مظلة الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار؟

ـــــ يمكن لأى شركة صغيرة أو متوسطة تعمل فى منطقة تهم الأمن القومى المصرى الحصول على هذه الضمانة، ونبدأ هنا بمنطقة حوض النيل والقرن الإفريقى ثم منطقة الساحل الإفريقى.

● البعض يقول إن هناك تحديات للاستثمار فى إفريقيا حيث غياب الأمن أحيانا والتوترات السياسية والإرهاب تدفع عددًا كبيرًا من المستثمرين للابتعاد عن القارة، كيف يمكن معالجة هذا الأمر؟

ــــــ الحل الأمثل كما ذكرت هو دخول الدولة المصرية كشريك وتقديم ضمانات ضد المخاطر السياسية والأمنية وهذه مسألة مهمة جدا، أيضا القطاع الخاص بطبيعته يتحمل مخاطر، هناك نوعان من الشركات؛ شركات كبرى مثل أوراسكوم والسويدى والمقاولون العرب قادرة على تحمل المخاطر، لكن الشركات الأخرى الأصغر تحتاج الوكالة الخاصة بالضمانات.

نرى أن هناك دولا بها تغيرات سياسية حادة وعدم استقرار ولكن هناك شركات أجنبية موجودة وتستحوذ على السوق لأن فى النهاية حتى مع التغييرات السياسية والأمنية التى تحدث وعدم الاستقرار لكن، فى النهاية، هناك حرصا على الاقتصاد لأن أى نظام جديد يتولى الحكم مصلحته الأساسية أن تكون فيه نتائج اقتصادية وبالتالى تحقيق الرفاهية لشعبه.

● البعض يرى أنه لا يليق أن يبلغ حجم التبادل التجارى لمصر مع 53 دولة إفريقية 9.8 مليار دولار فقط، ما تعليقك؟

ــــــ بكل تأكيد هذا لا يرتقى لمستوى أولوية الدائرة الإفريقية فى دوائر السياسة الخارجية المصرية، فإذا كنا نريد التصنيع والتصدير فالسوق الإفريقية هى المكان الذى يمكننا المنافسة فيها والمجال الحيوى لنا، وبالتالى لا بد من المزيد من العمل ودخول الدولة كطرف من ناحية الضمانات فى التجارة والاسثمار وزيادة الوعى فى القطاع الخاص.

هذه الزيارات التى نجريها وتضم وفدا من الشركات تزيد الوعى لديها بالفرص والتفاعل بينها وبين نظرائها فى القارة الإفريقية، كلما شجعت الدولة سيقدم القطاع الخاص على الدخول فى المشروعات والشراكات وهذه مسألة أمن قومى، لأن وجودنا الشامل فى القارة الإفريقية هو هدف استراتيجى بحد ذاته.

● ماذا عن وجودنا الاقتصادى فى دول حوض النيل والقرن الإفريقى؟

ـــــ بالتأكيد هناك بعض الدول مثل السودان وجنوب السودان عندما تهدأ وتستقر الأوضاع فالشركات المصرية سيكون لها الدور الأكبر فى جهود إعادة الإعمار خاصة فى السودان الشقيق.

لدينا تواجد قوى للغاية فى دولة جيبوتى الشقيقة ولأول مرة فى تاريخ العلاقات يتم فتح فرع لبنك مصر هناك، وأيضا فى قطاع الطيران هناك خط مباشر وهذا يشجع على التجارة والاستثمار.

أيضا لدينا تواجد قوى فى تنزانيا حيث بناء سد «جوليوس نيريرى»، ولنا تواجد فى أوغندا التى أعتزم زيارتها قريبا بتوجيهات رئاسية لعقد مشاورات بصيغة (2+2)؛ أى وزراء الخارجية والرى فى البلدين الشقيقين، ولدينا وجود قوى هناك فى مجال الأمصال وهو مشروع استراتيجى للقاحات خاصة بالماشية.

والثروة الحيوانية هناك العمود الأساسى للاقتصاد الأوغندى، وللأسف حدثت أوبئة كادت تقضى على هذه الثروة، ونحن نصنع لقاحات ضد الحمى القلاعية ولدينا أيضا نشاط فى مجال صناعة الأدوية، ولدينا شركات فى الصناعات الغذائية فى كينيا، ولأول مرة فى تاريخ العلاقات، يفتتح البنك التجارى الدولى «سى آى بى» فرعا هناك، وهو سيكون المدخل لشرق إفريقيا، وحتى أشقاؤنا فى دول أخرى من الشمال الإفريقى طلبوا الدخول لهذه السوق من خلال هذا البنك المصرى.

ولدينا كذلك وجود قوى فى رواندا ومركز «مصر رواندا – مجدى يعقوب للقلب» وهذا سيكون المركز الطبى لمنطقة شرق إفريقيا كلها لتوفير الرعاية الطبية مجانا.

● هل ما زال لدينا أى أعمال فى إثيوبيا؟

ـــــ الشركات ليست لها جنسية ولكن الكل يتوقف على الجانب الإثيوبى، ومرهون بتوفر الإرادة لدى الجانب الإثيوبى، وتظل القضية الوجودية لمصر قضية المياه وهى ليست عصية على الحل إذا توافرت الإرادة السياسية وحسن النية لدى أديس أبابا.

وللأسف الشديد 13 عاما من المفاوضات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنه لم تكن هناك إرادة سياسية للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم، فهم لهم الحق فى التنمية ولكن لنا الحق فى الحياة والوجود.

● أعلنت إثيوبيا مؤخرا دعوة مصر والسودان لحضور افتتاح السد، هل سنلبى تلك الدعوة؟

ـــــ هذا عبث لأن السد تم إنشاؤه بإجراءات أحادية ضد قواعد القانون الدولى الخاصة بالإخطار المسبق والتوافق ومراعاة الجوانب الفنية ومعاملات الأمان، ولم تأخذ بعين الاعتبار الشواغل المائية لكل من مصر والسودان باعتبارهما دولتى المصب.

● رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد تحدث أيضا خلال الإعلان عن تلك الدعوة عن استعداد بلاده للتفاوض، هل هذه مجرد تصريحات إعلامية؟

ـــــ نريد أن تقترن الأقوال بالأفعال، شبعنا من الأقوال والكلام المعسول، نريد أفعالا على الأرض باتفاق قانونى ملزم.

● إلى أية درجة مصر متفائلة بالتصريحات المتتالية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن قضية السد الإثيوبى؟

ــــــ أعتقد أنكم اطلعتم على التدوينة الصادرة عن الرئيس السيسى والتى تعكس الموقف المصرى، بطبيعة الحال، نرحب بتصريحات الرئيس ترامب وبالدور الذى يقوم به كصانع للسلام فى الأزمة الأوكرانية وأزمة غزة وفى كل الأزمات، بما فيها السد الإثيوبى وكما تعلم كنا قاب قوسين أو أدنى فى عام 2019 للوصول إلى اتفاق ولكن التخاذل حدث من الجانب الإثيوبى الذى انسحب ولم يوقع على هذا الاتفاق الذى كان اتفاقا عادلا ومنصفا، وقام بصياغته البنك الدولى بالتعاون مع وزارة الخزانة الأمريكية.

● هل مشكلتنا مع إثيوبيا تتعلق فقط بالسد أم بالسدود الأخرى التى تعتزم بناءها؟

ـــــ بالتأكيد السد الحالى لا بد من اتفاق قانونى ملزم، فلا يمكن أن نرهن مصالح 110 ملايين مصرى و10 ملايين من اللاجئين لأهواء أو تصريحات أو وعود شخصية، لا بد من اتفاق قانونى ملزم، أى إجراءات أو إعلانات أخرى سيتم مواجهتها بكل حسم وقوة.

الموقف المصرى واضح، بالنسبة لأى سدود فهى مرفوضة رفضا كاملا وقد أعلنا موقفنا أن المسار التفاوضى وصل إلى طريق مسدود وأن مصر تحتفظ بحقها فى الدفاع الشرعى عن نفسها وعن مصالحها المائية طبقا لقواعد القانون الدولى إذا حدث أى ضرر.

● ماذا سنفعل إذا فوجئنا بأنهم يبنون سدودا أخرى؟

ـــــ كما ذكرت، الموقف المصرى واضح وسيكون حازما، هناك رفض كامل ومطلق لأى إجراءات أحادية.

● أعربت لوزير خارجية النيجر عن استعداد مصر لدعم دول الساحل الإفريقى الثلاث فى التدريب العسكرى، نريد إلقاء الضوء على هذه المسألة؟

ـــــ نحن نتحدث هنا عن بناء القدرات والتدريب بهدف مكافحة الإرهاب، وهو هدف أساسى نتشارك فيه، فمصر التى عانت من ويلات الإرهاب تقف قلبا وقالبا إلى جانب الأشقاء الأفارقة بشكل عام ودول الساحل الثلاث فى جهودها الحثيثة لدحر الإرهاب الذى يتفشى للأسف الشديد فى منطقة الساحل لذلك استجبنا لطلبات الدول الشقيقة الثلاث لتوفير التدريب داخل الأكاديميات العسكرية.

● هل هناك أمل قريب فى إمكانية وقف إطلاق النار واستقرار الأوضاع فى السودان؟

ــــــ بالطبع قلوبنا تدمى لما يحدث فى السودان، جهد مصر بالتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة ينصب باتجاه الوقف الفورى لهذه الحرب العبثية، فلا بد من وقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات وإطلاق عملية سياسية شاملة لا تقصى أحدا لبناء المستقبل السياسى لسودان موحد جديد. وسيكون هناك قريبا اجتماع وزارى شديد الأهمية حول السودان، ومصر ستكون حاضرة فيه مع الدول المهمة والمؤثرة سواء على المستوى العربى أو الدولى للعمل على وضع حد لهذه الحرب.

● ما ذكرته يصب فى خانة الأمنيات، البعض يقول إن السودان عمليا مقسم.. هل هذا الأمر سيستمر أم هناك فرصة لحسم الأمور عسكريا من جانب الجيش السودانى؟

ــــــ لا توجد حلول عسكرية للأزمات فى منطقتنا وهذا ينطبق على الحالة السودانية والأزمة الليبية، والأزمة السورية والأوضاع فى لبنان واليمن، ومصر أعلنت ذلك مرارا وتكرارا من واقع خبراتها المتراكمة والسودان ليس استثناء من هذه القاعدة، ونطالب بأن يجلس الفرقاء السودانيون مع بعضهم البعض وكما تذكر فى شهر يوليو 2024، عقدنا مؤتمر القاهرة الأول للقوى السياسية والمدنية السودانية ونتطلع لعقد النسخة الثانية وكان هناك توافق على خارطة طريق لإنهاء الأزمة، وأؤكد لن يستطيع أى طرف حسم الحرب لصالحه، نقف مع الدولة السودانية ومؤسساتها، ولن نسمح أو نقبل بتقسيم السودان، ولكن كما ذكرت الحل هو حل سياسى من خلال سودان ديمقراطى جديد موحد معاصر يشمل ويتسع للجميع سواء قوى سياسية أو مدنية أو مسلحة، الجميع لابد أن يتشارك طالما لا يوجد أى وجود أجنبى أو مرتزقة، وإنما السودان للسودانيين فقط.

● البعض يتحدث عن فيتو أمريكى غربى ضد وجود قوات مصرية فى الصومال، عبر ورقة تمويل القوة متعددة الجنسيات لمحاربة الإرهاب.. ما قولك؟

ــــ هذا كلام غير صحيح، بالتأكيد مصر ستشارك بقوة وفاعلية فى قوات الاتحاد الإفريقى فى الصومال «الأوصوم»، وهناك توافق ودعم من الدول الأوروبية والأطراف الدولية المختلفة لمشاركة مصر لأننا سنذهب هناك للحفاظ على وحدة الصومال ولمساعدته على دحر الإرهاب وهزيمة تنظيم الشباب الإرهابى، وحاليا نحن فى المراحل النهائية للمحادثات مع الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على الجوانب اللوجيستية لنشر القوات المصرية فى القطاعات المحددة بالتنسيق الكامل مع الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة.

● هل هناك عدد محدد للقوات المصرية؟

ـــــ هذه أمور لوجيستية يتم تناولها مع الصومال الشقيق وسوف نكون هناك جنبا إلى جنب مع القوات الموجودة من دول أخرى وعلى رأسها القوات الأوغندية والجيبوتية.

● هل القوات الإثيوبية ستستمر فى الصومال؟

ــــ هذا أمر يعود إلى الجانب الصومالى.

● الرئيس التركى رجب طيب أردوغان توسط بين الصومال وإثيوبيا ويقال إنه أقنع الصومال بوجود ميناء لإثيوبيا فى أراضيها بدلا من الميناء فى صوماليلاند، ومصر أعلنت أكثر من مرة أنه لا يمكن السماح لأى دولة غير متشاطئة على البحر الأحمر أن تطل عبر ميناء مدنى أو عسكرى، ماذا سيكون موقفنا إذا نُفذ هذا الاتفاق؟

ـــــ نتشاور بشكل مستمر مع أشقائنا فى الصومال وأصدقائنا فى تركيا، والرسالة المصرية واضحة للجميع؛ لن نقبل ولن نسمح بأى وجود بحرى عسكرى لأية دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهذا كلام واضح تماما وأى أفكار أو أى طموحات عكس ذلك لن نسمح بها.

● إلى متى ستظل الأمور مجمدة فى ليبيا؟

ـــــ نتحدث مع المبعوثة الأممية وهى الآن باتت أكثر اقتناعا بسلامة الطرح المصرى وضرورة التحرك فى اتجاه الانتخابات، بالتوازى والعمل على توحيد المؤسسات الليبية خاصة المؤسسات الأمنية، ومن يعارض أو يضع العراقيل أمام الانتخابات لابد من توقيع العقوبات عليه.

● هناك مشكلة بنيوية فى القارة الإفريقية تتعلق بالهشاشة السياسية والهوية ما زالت قبلية وفكرة الدولة الوطنية لم ترسخ، وبالتالى هذا يؤثر على الاستثمارات وغيرها، ما العمل؟

ـــــ هذا الطرح مبالغ فيه ولا يعكس الواقع بطبيعة الحال، إفريقيا اليوم ليست كإفريقيا التى يتم تصويرها فى وسائل الإعلام خاصة الغربية، فهذه السردية خاطئة ولا تعكس الواقع فهناك تجارب إفريقية عظيمة وناجحة، ودول استطاعت أن تضاعف نموها الاقتصادى ونجحت فى بناء نماذج يقاس عليها، مثل غانا ورواندا وغيرهما.

وإفريقيا حاليا لم تعد تقبل أسلوب الوعظ والإرشاد وإنما هناك نماذج وطنية يتعين دعمها والبناء عليها، ومصر حريصة كل الحرص على أن تكون لديها شراكات مع الدول الإفريقية لبناء الدولة الوطنية ومؤسساتها والرئيس السيسى منذ توليه مهام منصبه عام 2014 وهو يقول دائما إن المحك الأساسى فى القارة الإفريقية والمنطقة العربية والشرط الأساسى لتحقيق النمو هو الدولة الوطنية ومؤسساتها، فإذا غابت الدولة وتفككت مؤسساتها لن تكون هناك أوطان ولا تقدم ولا تنمية، وأعتقد الآن هناك وعى كبير بهذه الرؤية، ونحن نسعى لنقل خبراتنا لأشقائنا لأن مصر هى النموذج الأمثل للدولة الوطنية باعتبارها أقدم دولة فى التاريخ.

● نعبر من إفريقيا إلى آسيا وهناك تقارير تتحدث عن أن هناك بعض «سحابات الصيف» فى العلاقات المصرية السعودية، ما مدى صحة ذلك؟

ـــــ هذا كلام خاطئ تماما لا يعكس الواقع، فالعلاقة المصرية السعودية علاقة أبدية وتاريخية وصلبة وراسخة، وهناك إرادة سياسية بين قيادتى البلدين بالعمل على دفع هذه العلاقات، ونحن نرفض رفضا مطلقا وكاملا كل من يحاول الاصطياد فى الماء العكر أو الإساءة لهذه العلاقات، ونؤكد أن هذا لن ينجح.

وكانت هناك زيارة كريمة من أخى العزيز وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان، وأعتزم أيضا قريبا زيارة إلى بلدى الثانى السعودية، فالعلاقة بين مصر والسعودية ممتدة والمصالح متشابكة وأستطيع أن أقول بكل أريحية واطمئنان إن العلاقة قوية وصلبة وهناك إرادة ورغبة مشتركة من البلدين، قيادة وحكومة وشعبا، لمزيد من تفعيل وتطوير هذه العلاقات، فلدينا المجلس التنسيقى الأعلى سيتم تفعيله قريبا بعد تعيين أمين عام من الجانب المصرى ونظيره من الجانب السعودى وهذا المجلس سيرتقى بالعلاقة، خاصة أنه برئاسة الرئيس السيسى وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، كما ستكون هناك زيارات متبادلة وتفاعل مشترك، وقد تم الانتهاء من اتفاقية حماية الاستثمار بعد فترة طويلة من المفاوضات، وكل هذا يعكس حرصا مشتركا على مزيد من تطوير العلاقات.

● مَن مِن مصلحته الاصطياد فى الماء العكر فى العلاقات بين مصر والسعودية؟

ــــ هناك أطراف تحرض خاصة الجماعة الإرهابية، ولا يمكن بحال من الأحوال لأى طرف سواء مصريًا أو سعوديًا أو طرفا ثالثا أن ينال من هذه العلاقات الأبدية.

● نسمع يوميا عن اقتراب اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة لكنه لا يحدث، هل هناك اتفاق قريب أم لا؟

ــــ المباحثات وصلت إلى مراحل متقدمة والجهد المصرى لا يتوقف مع أشقائنا فى قطر والتنسيق مع الولايات المتحدة، وتمت حلحلة العديد من القضايا المعلقة ويتبقى إحدى القضايا ونعمل على حلحلتها قدر الإمكان ونتحرك مع الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى لبذل أقصى درجات الضغط لسرعة التوصل لهذا الاتفاق لأن الوضع الإنسانى وصل إلى مراحل كارثية غير مسبوقة فى تاريخ الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وأيضا فى تاريخ العالم المتمدين الذى يرفع لواءات حقوق الإنسان واحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وللأسف المجتمع الدولى سقط بامتياز فى هذا الامتحان بأن يسمح لهذه الجرائم المستمرة أن تحدث تحت مرأى ومسمع من العالم.

وأقول أيضا هنا إن نفس الأطراف التى تحاول تعكير صفو العلاقات مع دول شقيقة تحاول من خلال منصاتها الإعلامية الكاذبة أن تنال من الدور المصرى وتقول لماذا معبر رفح مغلق؟! وقلناها مرارا وتكرارا إن معبر رفح مفتوح من الجانب المصرى على مدى 24 ساعة خلال أيام الأسبوع السبعة، والشاحنات تقف على مدى كيلومترات تنتظر، ولكنهم للأسف الشديد يروجون للأكاذيب.

كما أن بعض الذين لديهم نوايا حسنة لا يدركون حقيقة الوضع على الأرض، و75% من المساعدات التى دخلت إلى غزة كانت عن طريق مصر وبأموال المصريين أنفسهم وبالتالى من يزايد على الدور المصرى يقوم بمحاولة بائسة وفاشلة.

ونحن نشرح لمن لديهم نوايا حسنة أن المعبر له منفذان؛ أحدهما من الجانب المصرى حيث لدينا آلاف الشاحنات تنتظر الدخول، لكن إسرائيل التى احتلت الجانب الفلسطينى من معبر رفح تتعنت وترفض دخول المساعدات، وهى المسئولة قانونيا بموجب اتفاقيات جنيف الأربع والقانون الدولى الإنسانى باعتبارها قوة الاحتلال عن نفاذ المساعدات الأساسية، لكنها تقوم بالتجويع فى انتهاك سافر للقانون الدولى.

وأود أن أشير هنا إلى أن هناك 5 معابر تربط قطاع غزة، لماذا لا يتحدثون عن فتح المعابر من الجانب الإسرائيلى، لماذا التركيز فقط على الجانب المصرى، لذلك هذه محاولة مكشوفة ومغرضة للنيل من مصر، لكن مصر فوق الجميع وأياديها البيضاء على أشقائها الفلسطينيين واضحة كل الوضوح.

● هل سقط مخطط التهجير من قطاع غزة أم لا؟

ـــــ التهجير خط أحمر كما ذكرنا ولن نسمح بحدوثه، والخطة العربية الإسلامية تضمن إعادة بناء القطاع دون الحاجة لخروج أى من سكانه.

● هذا موقفنا، لكن هل تعتقد أن مخطط التهجير سقط من الجانب الأمريكى والإسرائيلى؟

ـــــ أتحدث عن جانب المجتمع الدولى وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحادين الإفريقى والأوروبى، واليابان والصين وروسيا وأيضا عن الجانب الأمريكى، حيث إننى على تواصل مستمر ويومى مع المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط.

● هل فرص منع التهجير قوية؟

ـــــ بالتأكيد طبعا، مصر حريصة بمجرد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة أن تتم الدعوة إلى مؤتمر القاهرة الدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار، وسيكون بمشاركة دولية كبيرة لتنفيذ الخطة العربية الإسلامية ووأد هذا المخطط الذى لن نسمح بحدوثه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved