خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا
آخر تحديث: السبت 26 يوليه 2025 - 5:19 م بتوقيت القاهرة
الأناضول
قال عدد من الخبراء والدبلوماسيين الإسرائيليين، إن العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل ستتفاقم ما دامت تواصل هجماتها على قطاع غزة، في ظل المأساة الإنسانية المتصاعدة.
وأوضح الخبراء، أن استمرار هذه السياسة لا يلحق الضرر بصورة إسرائيل عالميًا فحسب، بل قد يعرّضها لتداعيات دبلوماسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة.
*تصاعد الانتقادات السياسية والمجتمعية ضد إسرائيل
وبحسب مراسل وكالة الأناضول، تتصاعد الانتقادات السياسية والمجتمعية في الساحة الدولية ضد إسرائيل منذ نحو 22 شهرًا من التصعيد المتواصل في قطاع غزة.
ودفعت تلك الأوضاع بعض الدول الغربية إلى اتخاذ مواقف أكثر حدة، كان أبرزها اعتراف دول مثل إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا بدولة فلسطين، فيما أعلنت فرنسا نيتها اتخاذ الخطوة ذاتها قريبًا.
وردًا على هذه الخطوات، سحبت إسرائيل سفراءها من عدد من هذه الدول، وأغلقت سفارتها في إيرلندا، كما لوحت بإمكانية سحب سفيرها من فرنسا.
ورغم ذلك، يرى الخبراء أن إسرائيل لن تتمكن من اتخاذ خطوات مماثلة تجاه دول مثل بريطانيا وكندا وأستراليا في حال اعترفت بدولة فلسطين، لما لذلك من تبعات سياسية ودبلوماسية كبيرة.
*صدمة كبرى للمجتمع الإسرائيلي
ألون لييل، القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية السابق لدى أنقرة وسكرتير وزارة الخارجية السابق، قال إن ما يشغل المجتمع الإسرائيلي ليس فقط ردة فعل حكومته، بل الكيفية التي سيتأثر بها داخليًا نتيجة تلك المواقف الدولية.
وأضاف أن اعتراف دول دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل فرنسا وبريطانيا بفلسطين، سيكون بمثابة صدمة كبيرة للمجتمع الإسرائيلي، وقد يسهم في الدفع باتجاه منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، رغم إمكانية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض.
وأشار لييل، إلى أن الدول الغربية تتجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين كبديل عن فرض عقوبات على إسرائيل، وهو خيار محفوف بالمخاطر بالنسبة لها من النواحي الأمنية والاستخباراتية والاقتصادية.
ورأى أن هذه الاعترافات، حتى وإن لم تُغيّر شيئًا على الأرض، فإنها ترفع من معنويات الفلسطينيين وتشكّل ضربة رمزية قوية للإسرائيليين.
وأكد أن السفر إلى الخارج أصبح صعبًا جدًا بالنسبة للإسرائيليين بسبب ردود الفعل الغاضبة في كثير من دول العالم، كما بدأت قطاعات من المجتمع الإسرائيلي تدرك أن ما يحدث في غزة غير مقبول دوليًا، وأن كلفته على إسرائيل باتت باهظة، سواء من حيث سمعتها أو اقتصادها أو علاقاتها الخارجية.
*تدهور غير مسبوق في صورة إسرائيل
من جانبه، رأى الدبلوماسي المتقاعد ومستشار الرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز، ناداف تامير، أن إسرائيل كلما واجهت ضغوطًا خارجية، زادت من معاقبتها للفلسطينيين، في محاولة لإحباط أي توجه دولي لإقامة دولة فلسطينية. وأوضح أن استمرار المأساة في غزة تسبب في تدهور غير مسبوق في صورة إسرائيل، وعمّق من عزلتها.
وقال تامير إن من يتحدثون عن كراهية العالم لإسرائيل يتجاهلون الحقيقة، فالمجتمع الدولي لا يعارض وجود إسرائيل، بل يرفض الاحتلال وسياساته.
وأضاف أن الاعتراضات التي تواجهها إسرائيل في الضفة الغربية لا توازي حجم الغضب الدولي تجاه ما يجري في غزة، لكنه أشار إلى أن المظالم في المنطقتين هي السبب الرئيس في تدهور سمعة إسرائيل عالميًا.
واتهم تامير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم الاكتراث بردود الفعل الدولية ما دام يتمتع بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه أشار إلى أن هذا الارتباط يُضعف صورة إسرائيل، إذ إن ترامب شخصية يصعب التنبؤ بمواقفه ولا يمثل إجماعًا دوليًا.
*دوافع أيديولوجية مجنونة
من ناحيته، قال إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تركّز على البقاء السياسي، وتتحرك بناءً على دوافع أيديولوجية وصفها بـ"المجنونة".
وأوضح أن هذا التوجه يسبب تآكلًا في المؤسسات الديمقراطية داخل إسرائيل، ويزيد من عزلتها في المجتمع الدولي، كما يؤثر على علاقاتها مع الدول العربية والغربية على حد سواء.
ورأى زيسر أن الاعتراف الفرنسي بفلسطين قد يشجّع دولًا أخرى على اتخاذ الخطوة نفسها، لكنه استبعد أن يؤدي ذلك إلى تغيير جوهري على الأرض، لأن إسرائيل لا تزال الطرف المسيطر والمحتل. وحذّر من أن استمرار الهجمات في غزة يفاقم هذه العزلة، في ظل غياب أي استراتيجية سياسية واضحة لدى الحكومة الإسرائيلية.
وعلى الصعيد الميداني، تواصل إسرائيل هجماتها على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 203 آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وترك آلاف المفقودين، ومئات آلاف النازحين، بجانب مجاعة تسببت في مقتل كثيرين، وسط دعم أمريكي متواصل، وتجاهل لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الحرب.
*تعميق عزلة إسرائيل دوليا
وأكد الخبراء الثلاثة أن المشاهد المتكررة لأطفال يعانون المجاعة في غزة، واستمرار الإبادة، سيساهمان في تعميق عزلة إسرائيل وزيادة الضغوط عليها. وأشار لييل إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران كانت قد منحت إسرائيل نقاطًا دبلوماسية مؤقتة، لكن مع توقفها، عادت موجة الانتقادات والغضب الدولي للواجهة مجددًا.
واختتم زيسر بالتحذير من أن استمرار الحكومة الحالية في سياساتها المتطرفة قد يؤدي إلى موجة جديدة من ردود الفعل الدولية، مشيرًا إلى أن تدخل إسرائيل في سوريا مؤخرًا لم يكن له جدوى تُذكر، بل أسهم في زيادة الانتقادات، ما يعكس غياب قرارات استراتيجية حكيمة في إدارة الصراع.