زياد الرحباني.. نغمة المقاومة بوجه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان
آخر تحديث: السبت 26 يوليه 2025 - 7:05 م بتوقيت القاهرة
محمد حسين
توفي الموسيقار اللبناني الكبير زياد الرحباني، اليوم السبت، عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية استثنائية امتدت لنحو خمسة عقود، ترك خلالها بصمة لا تمحى في الموسيقى في لبنان والعالم العربي.
منذ بداياته، لم يكن زياد فنانًا يكتفي بالجماليات الموسيقية وحدها، بل اختار أن يكون الفن عنده أداة وعي وتحرر؛ فإلى جانب إبداعه الموسيقي، حملت أعماله رسائل سياسية وإنسانية واضحة، عبّرت عن انحياز للقضايا القومية العربية ومجابهة الاحتلال الإسرائيلي.
تمجيد تاريخ الصمود الفلسطيني
من أبرز ما قدّمه زياد في هذا السياق، تعاونه مع الفنان خالد الهبر في عام 1977 في توزيع أغنية أحمد الزعتر، المستوحاة من قصيدة محمود درويش التي تمجّد الصمود الفلسطيني في وجه الاجتياح.
وتم تسجيل هذا العمل النادر على شريط "كاسيت" ذُكر فيه أن زياد تولّى القيادة الموسيقية إلى جانب التوزيع.
لاحقًا، عاد ليتعاون مع الهبر مجددًا في "مديح الظل العالي" في سنة 1987، وهي أيضًا من قصائد درويش، ووزّعها زياد بمرافقة أوركسترا أثينا، لتخرج بشكل ملحمي عبّر عن شجون المنفى، وجراح الأرض المحتلة.
عائد إلى حيفا.. رواية كنفاني بموسيقى الرحباني
في عام 1982، قدّم زياد الرحباني موسيقى فيلم "عائد إلى حيفا" للمخرج العراقي قاسم حول، المأخوذ عن رواية غسان كنفاني التي تحمل الاسم نفسه. وقد شكّلت الموسيقى عنصرًا روحيًا ومكمّلًا للنص الروائي المؤلم، الذي يعرض حكاية عائلة فلسطينية هجّرت قسرًا من حيفا عام 1948، لتعود بعد عشرين عامًا وتجد ابنها، الذي تركته رضيعًا، قد أصبح مجنّدًا في الجيش الإسرائيلي.
عكست موسيقى زياد في الفيلم تلك المرارة التي حملتها الرواية، وساهمت في تعميق الإحساس بالفقد والانكسار، دون أن تتخلى عن لمسة الأمل المتوارية خلف الحزن، كما لو كانت تقول: ما زالت فلسطين تسكن في الوجدان، حتى لو غابت عن الواقع.
مواقفه من حزب الله وحق المقاومة في لبنان
في تصريحات لقناة الميادين ، كشف الموسيقار اللبناني زياد الرحباني عن رؤيته الخاصة لموضوع المقاومة في لبنان، مؤكدًا دعمه الثابت لمبدأ المقاومة المسلحة في وجه الاحتلال، مع إقراره بتراجع بعض القوى التقدمية عن هذا المسار لأسباب واقعية.
وفي حديثه عن الحزب الشيوعي اللبناني، الذي لطالما ارتبط به فكريًا، أقرّ بأن الحزب لم يعد قادرًا على التفرغ لمشروع المقاومة كما في السابق، مرجعًا ذلك إلى "ظروف داخلية صعبة، وضعف التمويل".
وفيما يتعلق بمشاركته في مهرجان الانتصار عام 2006، الذي أُقيم عقب انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، دافع الرحباني عن حضوره قائلًا:"كان لا بد من الاحتفال بهذا اليوم، لأن لبنان انتصر بالفعل، ولأن مثل هذه الأخبار لا تتكرر كثيرًا في التاريخ المعاصر، ولا تُمحى بسهولة."
وأضاف مؤكدًا اقتناعه بأن ما حدث في حرب تموز غيّر النظرة الإسرائيلية بشكل جذري، وأعاد ترتيب حسابات الردع.
الوعد الأجمل.. حسن نصر الله وقناعة هزيمة إسرائيل
أما عن مشاركته في مهرجان "الوعد الأجمل"، الذي نُظم بعد اكتمال إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، فقال:"ذهبت مع جمهور الناس، وكان الحضور ممثلًا من كل فئات الأجهزة الأمنية. سبب وجودي في المهرجان كان الاحتفاء بإعادة بناء الضاحية بهذه السرعة المذهلة، رغم الدمار الهائل والمجازر التي تعرضت لها."
وحين سُئل عن موقفه من حزب الله والسيد حسن نصرالله، رغم كونه مسيحيًا وعلمانيًا، أوضح الرحباني: "أنا لست من حزب الله، وإنما أنتمي إلى موقع الحزب الشيوعي، الذي يحتاج اليوم إلى إعادة تجديد."
لكنه أعرب في الوقت ذاته عن احترامه البالغ للسيد نصرالله، قائلًا:"السيد حسن نصرالله ليس خطيبًا دينيًا تقليديًا، بل هو أقل السياسيين استخدامًا للاستشهادات الدينية والآيات القرآنية، رغم طول خطاباته، بعكس كثير من النواب."
وأشار إلى أن السيد نصرالله منحه جرعة من الاطمئنان، وأعاد إحياء القناعة بأن إسرائيل ليست قوة لا تُقهر، بل يمكن مواجهتها حين تتوافر الإرادة والإيمان بالمقاومة.