رفيق اللحن والصمت.. نصير شمة يودّع زياد رحباني بكلمات مؤثرة

آخر تحديث: السبت 26 يوليه 2025 - 8:12 م بتوقيت القاهرة

مصطفى الجداوي

قال الفنان العراقي نصير شمة إن رحيل الموسيقار زياد رحباني عن عالمنا "أمر لا يُحتمل"، مؤكدًا أن العلاقة التي جمعتهما كانت أعمق من مجرد صداقة، واصفًا إياه بأنه "رفيق لحنٍ، ونقاشٍ، وضحكةٍ خافتة، ولحظات صمتٍ طويلة، نعرف فيها كيف تتكلم الموسيقى حين تصمت الكلمات".

وأضاف شمة، في تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أن زياد لم يكن فنانًا عاديًا، بل "كان حالة فكرية، وموسيقية، ووجودية. يشبه هذا الشرق المتعب؛ يضحك وهو ينزف، يسخر وهو يحترق، ويعزف وهو يختنق بصوته الداخلي".

وتحدث شمة عن آخر لقاء جمعه برحباني في "بيت العود" بأبو ظبي، قائلًا: "كنت أشعر وكأن الزمن يوشك أن يتوقف قليلًا ليصغي إلى كل ذلك الإرهاق المختبئ خلف صوته، وإلى ما لم يقله، وهو كثير".

واعتبر أن توقيت رحيل زياد "ليس مجرد مصادفة"، مضيفًا: "إنه صوت يغادرنا وسط الضجيج اليومي للموت في غزة، وفلسطين، وخرائطنا التي تآكلت بالخذلان. كأن الأرض العربية تمارس حزنًا جماعيًا لا يتوقف، وكأن زياد، الذي لطالما عبّر عن سخطه وغضبه وألمه، أراد أن يرحل في عزّ هذا الصمت الدولي، ليُكمل صرخته بطريقة أبدية".

وتابع: "كان من القلائل الذين جدّدوا الأغنية اللبنانية المعاصرة، لا بمجرّد التوزيع الموسيقي أو الكلمة، بل بروحه المتمرّدة، وعينه الحادّة، وتلك المسافة الذكية التي وقف فيها دائمًا؛ لا على طرف السلطة، ولا على طرف الإنكار، بل في منتصف النزف".

وأشار إلى أن لزياد "مكانة لا تُمحى في مسيرة السيدة فيروز، لا فقط لأنه ابنها في الموسيقى، بل لأنه أحد الذين عبّروا عن وجدانها المعاصر، وجعلوا الصوت الفيروزي يتنفس أسئلة جديدة، حارقة، وحقيقية".

واختتم شمة حديثه قائلًا: "زياد لم يكن غريبًا عن كل هذا الوجع، لكنه هذه المرة غاب عنه. غاب جسده، أما صوته، فسيبقى مثل نغمة غير مكتملة، تسألنا كل يوم: لماذا ماتت قلوبنا قبل أن نموت؟".



هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved