محمد أبو الغار يعرض ويناقش كتاب النازيون على ضفاف النيل.. الخبراء العسكريون الألمان 1949 - 1967 (2)
آخر تحديث: الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 6:49 م بتوقيت القاهرة
ناصر أقام معسكرًا جنوب بنى سويف لتدريب أول مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين
الألمان دربوا الإخوان على الهجمات الخاطفة.. ودربوا شباب هيئة التحرير لتكون الجناح الشعبى لمجلس قيادة الثورة لندن
قيادة الإخوان لم ترغب فى المشاركة بالقتال فى منطقة القناة وفضلوا تفاهم الحكومة المصرية مع بريطانيا
حضور العالم الكبير هانجر إلى مصر كان خطوة حقيقية لبدء برنامج الصواريخ.. والمشروع تعثر لغياب المال والعمالة المدربة
الخبراء الألمان عملوا مباشرة تحت إمرة نجيب ثم ناصر وغادروا مصر بعد حرب يونيو 1967
بعض علماء الصواريخ الألمان حضروا إلى مصر وتعاقدوا مع الحكومة مباشرة وأصبحوا جميعًا يعملون فى مشروعات سرية حول القاهرة
إنجل ثانى أهم عالم فى تصنيع الوقود للصواريخ حضر للقاهرة عام ١٩٥٢ وبنى مصنعًا للصواريخ بجوار مصر الجديدة ولكنه لم ينتج شيئًا
هذا كتاب يحمل أسرارًا وأحداثًا غريبة ومجهولة عند الأغلبية. يحمل عنوان «نازيون على النيل.. الخبراء العسكريون الألمان فى مصر من 1949 إلى 1967» الصادر عن دار النشر نوماد بابلشينج لمؤلفه الكاتب فيفيان كينروس الذي يتحدث عن خبراء تصنيع أسلحة وصواريخ ومعدات حربية وفنون الحرب والدعاية الألمان الذين كانوا جزءًا من جيش ألمانيا النازية الذى انفرط عقده بعد انتهاء الحرب.
الكتاب يحكى قصتهم فى مصر بالسنوات الأخيرة من عصر الملك فاروق وسنوات حكم محمد نجيب وعبد الناصر.
يتحدث الكاتب عن القاهرة وتاريخها القديم والحديث فى أجزاء مختلفة من الكتاب، ويتكلم بالتفصيل عن بناء مصر الجديدة والمعادى حيث عاش الخبراء الألمان.
غلاف الكتاب
بعد إلغاء معاهدة ١٩٣٦ بواسطة النحاس قررت حكومته سحب العمال المصريين فى المعسكرات البريطانية فى القنال، وأعلنت التطوع للعمل الفدائى فى منطقة القنال لعموم المصريين واشترك أفراد من الجيش المصرى فى العمل الفدائى وبدأت حرب الفدائيين المصريين من أكتوبر ١٩٥١ واستمرت طوال الوقت حتى اتفاقية الجلاء وعام ١٩٥٤.
وكان الجنود البريطانيون يعيشون فى خيام فى ظروف صعبة معرضين للأمراض وللهجوم من الفدائيين وكانت المسافة من السويس إلى بورسعيد طويلة ومن الصعب حمايتها، وقتل ٤٥٠ جنديا إنجليزيا فى حرب الفدائيين، وبدأ الهجوم فى البرلمان الإنجليزى على بقاء الجيش فى منطقة القناة.
وضع الإنجليز خطة للانسحاب بدون خسائر أو الهجوم إذا لزم الأمر. ولكن بالإضافة إلى الفدائيين من أغسطس ١٩٥٢ استعد الجيش المصرى فى كل الأماكن ليقاوم أى هجوم بريطانى من القنال على الدلتا والقاهرة.
وكان هناك الف مسلح من الإخوان المسلمين بقيادة ألمانية دخلوا متفرقين منطقة قناة السويس وقام الخبراء العسكريون الألمان الكبار ويمر وميرتنز وسكورزينى بزيارة لمنطقة القناة وتنظيم القوات المصرية والفدائيين وتحول سكورزينى إلى مستشار للحكومة المصرية فى شراء الأسلحة وتدريب قيادات الجيش ،وكان يسكن فى ١١ شارع عبد الواحد باشا فى مصر الجديدة ،وبدأ اثنان من الضباط الألمان فى تدريب كتيبة مظلات مصرية ودرب بعض الفلسطينيين ليعملوا من غزة. وأقام ناصر معسكرًا جنوب بنى سويف لتدريب أول مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين، وكتب اللواء عبد المنعم خليل مدرس المدفعية فى الكلية الحربية بين ١٩٤٧ و ١٩٥٤ أن الجميع استفادوا من التدريب الألمانى وأيضًا استفاد الفدائيون من ذلك وقام الألمان أيضًا بتدريب الإخوان على الهجمات الخاطفة وعلمت المخابرات البريطانية بذلك.
طفل مصري صغير بجوار دبابة بريطانية في بورسعيد خلال أزمة السويس عام 1956
الإخوان المسلمون
يتحدث بالتفصيل عن بدايتهم عام ١٩٢٨ بقيادة حسن البنا ليصلوا فى عام ١٩٤٩ إلى جمعية لها ٢٠٠٠ فرع، ويقول هى جماعة شديدة الترابط بقيادة رأسية محكمة وطريقة للانتشار أفقيًا ورأسيًا، وفى عام ١٩٣٧ أنشأوا الكتائب وهى مجموعات، كل مجموعة مقسمة إلى خلايا كل منها ١٠ أفراد وكل مجموعة يرأسها مندوب حيث يقسم أمامه أفراد المجموعة بالسمع والطاعة والولاء والسرية التامة. وتدريجيًا بدأت الجماعة تضغط لتحتل موقعًا سياسيًا منذ عام ١٩٥٣ وكان الإخوان يطالبون باستخدام الحرب مع بريطانيا كلما فشلت مفاوضات الجلاء.
وقرأ الكاتب تقريرا بريطانيا موثوقا به أن ثلاثين من قيادات الكتائب الإخوانية بصحبة خبير ألمانى قاموا بجولة فى منطقة قناة السويس أدت إلى دخول ألف من أعضاء الإخوان إلى منطقة القناة للقيام بالهجوم على الإنجليز والقيام بالاغتيالات وهناك ٦٠٠ آخرون كانوا يعملون بمفردهم.
وفى النهاية قدرت أعداد كتائب الإخوان المسلحة والمدربة فى مصر بين ٥٠٠٠ و ٦٠٠٠ يستعملون السلاح بكفاءة وقادرون على قطع الأسلاك الشائكة والهجوم المباغت وبالتأكيد كان التدريب الألمانى عاملًا هامًا.
ولكن بريطانيا علمت بصفة مؤكدة أن قيادة الإخوان لم ترغب فى أن تشترك كتائبهم فى القتال فى منطقة القناة، وفضلوا أن تصل الحكومة إلى تفاهم مع الحكومة البريطانية.
أما عن خطتهم وأفكارهم والرغبة فى طرد الإنجليز فقد تفوقت عليها الرغبة عندهم فى طرد الحكومة.
الجنرال أرتور شميت (هير جولدشتاين)
كان الإخوان قلقين من نوايا الحكومة ومن كفاءة الجيش البريطانى. ولذا قررت قيادة الإخوان عدم الاشتباك فى عمليات الفدائيين والانتظار. وهذه المعلومات الموثقة تؤكد استعداد الإخوان ولكن أيضًا تؤكد عدم مشاركتهم فى الأعمال الفدائية كما كان يظن الكثيرون. وراقب الإنجليز دخول وخروج أعداد من البشر اشتبهوا فيهم. وعلمت المخابرات البريطانية أن ضابطا ألمانيا كان يعطى محاضرة فى اجتماع للإخوان فى مارس ١٩٥٣ قائلًا إن الجيش المصرى ليس من المتوقع أن يستطيع منع الجيش البريطانى من الوصول إلى الدلتا أو القاهرة ولكن وضع خطة لتعطيل وضرب الجيش البريطانى من القرى والمزارع حول التل الكبير ووضع ألغام على طول الطريق ثم تقوم وحدات صغيرة مسلحة من الجيش المصرى بالهجوم على أطراف الجيش ومعسكراته وبالتالى يتوقف التقدم وتقطع خطوط الإمداد، ويفشل فى احتلال القاهرة أو الدلتا بعد أن تنهك قواه من الهجمات الصغيرة وليس باشتباك جيش أمام جيش.
وهناك ضابط ألمانى آخر كان يدرب الإخوان على العمليات الفدائية والانتحارية والتفجيرية التخريبية فى أول عام ١٩٥٣ على أن تبدأ هذه العمليات فور رفض بريطانيا الانسحاب من قناة السويس.
ووضع خطة من ثلاث مراحل الأولى هى اختراق المعسكرات والمبانى ثم الاغتيالات والتفجيرات فى هذه الأماكن والمرحلة الثالثة هى الهجوم بالفدائيين المتصلين مع بعض باللاسلكى من الدلتا للهجوم على مجموعات صغيرة من الجيش البريطانى وفى أول إبريل أعلن الضابط الألمانى ان المرحلة الأولى من التدريب قد انتهت وكان خوف الانجليز الكبير أن الألمان يعرفون أماكن كل شىء فى معسكراتهم فى قناة السويس وأبو سلطان وبحيرة التمساح التى بها مخازن الذخيرة ويمكن تفجيرها.
وفى إبريل ١٩٥٣ ضبط مع فنى ألمانى يعمل فى محطة كهرباء فى فايد صور للمنشآت العسكرية البريطانية فى قناة السويس وبعد التحقيق قرر أن ضابط مخابرات مصريا مع شخص ألمانى اتصلا به وعلى أثر ذلك تم طرد ١٦ فنيا ألمانيا يعملون فى منطقة قناة السويس.
واكتشفت بريطانيا وجود بعض كتائب الإخوان فى منطقة القناة وتأكدوا انه سوف تحدث تفجيرات واغتيالات بواسطة الكتائب الاخوانية حسب التخطيط الألمانى إذا قررت قيادتهم ذلك. وفى مايو تأكد الإنجليز من ازدياد عدد الكتائب وأن الخطة الألمانية فى طريقها للتنفيذ. وفى نفس الوقت الذى كان الألمان يدربون الإخوان كانوا يدربون شباب هيئة التحرير التى أسسها ناصر وكان الغرض منها أن تكون جناحا شعبيا لمجلس قيادة الثورة. وراقبوا دخول ضباط إلى منطقة القناة فى ملابس مدنية، وبين كتائب الإخوان والجيش وهيئة التحرير المسلحين اكتشف الإنجليز صعوبة حماية مسافة طولها ١٢٠ ميلًا.
وحين وصل وزير خارجية أمريكا دالاس لمصر لم يساند المصريين فى وجود حل. وتحت هذه الضغوط وتحت الظروف السياسية الداخلية فى لندن، تم الاتفاق فى ١٩ أكتوبر ١٩٥٤ على الانسحاب الكامل الذى ينتهى فى منتصف ١٩٥٥. بعد خروج الانجليز بدأ المصريون يبحثون عن زيادة عدد الخبراء لرفع مستوى الجيش المصرى بقيادة د. فوس واقتنع المصريون بالاتجاه للألمان لأن عندهم التكنولوجيا والفكر.
وخلال عامى ١٩٥٤ و ١٩٥٥ حدث هجوم من الفدائيين المصريين على إسرائيل وأحدثوا خسائر وحدث هجوم إسرائيلى على غزة قتل ٣٧ جنديًا مصريًا. وفى ذلك الوقت كانت هناك معسكرات للإخوان المسلمين للتدريب على وضع الألغام والاغتيالات وكانت هناك معسكرات من الجيش لتدريب مصريين على العمل العسكرى.
جنرال ألمانى فى غزة
كان استخدام الضباط والخبراء والعلماء الألمان مناسبًا لمصر لتواجدهم بدون عمل بعد هزيمة ألمانيا ولإيمان المصريين بالقدرة العسكرية والعلمية الألمانية. ولأن هناك تفاهما سابقا بين العثمانيين والألمان حين كانت مصر جزءا من الدولة العثمانية. فى فترة الخمسينيات كان الخبراء الألمان يعملون مباشرة تحت إمرة نجيب ثم ناصر ولم يكونوا تابعين لحكومة ألمانيا الغربية ولكنهم كانوا مستشارين ومخططين فقط ولم يتواجدوا فى مناطق القتال. وبعد العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ غادر معظم الخبراء الألمان مصر.
أوتو إرنست ريمر
صناعة السلاح بمساعدة الألمان
يشرح الكتاب بالتفصيل محاولات الملك فاروق وحيدر باشا وزير الحربية ووزارة الخارجية المصرية فى الحصول على أسلحة متقدمة من بريطانيا بعد هزيمة ١٩٤٨ ولكن بدون جدوى أو بأعداد بسيطة من الأسلحة وقد اعتمد الجيش المصرى على د. فوس رئيس الهيئة المركزية للمجموعة الألمانية المساعدة للقوات المسلحة المصرية منذ ١٩٥١ وكان مسئولًا عن الجيش وتدريبه من ناحية والتسليح وصناعته من ناحية أخرى، وكان رئيسًا لمصنع سكودا الجبار فى التشيك أثناء الحرب واكتسب خبرة هائلة فى التصنيع وطرق تصنيع الأسلحة وفى نفس الوقت كان عنده اتصال مباشر بأعلى السلطات المصرية. وفى عام ١٩٥٣ وقع عقودًا مع عدد من خبراء تصنيع الأسلحة والمتفجرات والمواد الكيميائية لبداية بناء مصنع فى القاهرة وتولى قيادته اندريا و٢٠ خبيرًا ألمانيًا فى تصنيع الأسلحة. وكان السؤال: كيف يقوم هؤلاء الخبراء ببناء صناعة أسلحة مصرية قوية فى مصر.
المشكلة الأولى أن الأموال لم تكن متوافرة. وكان فوس يعمل أيضًا مع منظمة أخرى «سيرفا» تدار بواسطة عالم الصواريخ الألمانى د. رولف انجل. بعد الحرب انتقل للعمل فى باريس فى مركز أبحاث الفضاء، ثم إلى القاهرة فى «سيرفا» حيث يقود ٤٠ من العلماء الألمان كلهم متخصصون فى الصواريخ ووقود الصواريخ واستمر يعمل من ١٩٥٢ – ١٩٥٧ فى برنامج الصواريخ المصرى، ثم غادر إلى إيطاليا.
الألمانى رجل البنوك شاخت الذى التحق بالحزب النازى عام ١٩٣٢ وكان المستشار الاقتصادى لهتلر ووزيرًا وقد استعاد أمواله بعد سنوات من الحرب وأصبح مديرًا لثلاثة بنوك ألمانية كبيرة وأصبح مستشارًا للحكومة المصرية وناصحًا ومساعدًا لها واستعان فوس بعدد آخر من رجال الصناعة الألمان وقام كذلك بالاتفاق مع موردين للأسلحة، وأبلغت المخابرات البريطانية أمريكا بالتطورات التى تحدث فى مصر وتجار الأسلحة ومنهم هنريش بلو مساعد رومل وبعض التجار الإيطاليين بالشراكة مع تاجر أسلحة من مصر.
وبدأ الخبراء الألمان فى بناء جسم طائرة نفاثة وكذلك الموتور ولكن عند التجربة لم تكن بالكفاءة المطلوبة فقرر استيراد ٢٠٠ موتور. وكانت تقارير السفارة البريطانية دقيقة ماعدا ما يخص صناعة الصواريخ التى لم يعلموا عنها شيئًا.
فى نهاية يناير ١٩٥٣ أبلغت أمريكا بريطانيا أنها سوف تبيع لمصر أسلحة بمبلغ ١١ مليون دولار وطمأنتها أنها لن تحتوى على شىء يضر بالانجليز فى القنال، وكانت تأمل فى ضم مصر إلى تحالف يضم أمريكا ولكن فى ١٩٥٥ عقد ناصر صفقة مع تشيكوسلوفاكيا ثم بعد ذلك مع روسيا مباشرة ثم اشترت مصر غواصات وقامت فرنسا بتسليح إسرائيل.
جهلن رجل مخابرات هتلر الذي عمل مع الجيش المصري منذ ١٩٥٣
عصر الصواريخ
استطاعت أمريكا أن تستولى على جزء كبير من العلماء الألمان للصواريخ واستولت روسيا على جزء والباقى وزع بين إسبانيا والأرجنتين وفرنسا. قام د. فوس باستقطاب البعض ولكن عددًا من علماء الصواريخ حضروا لمصر وحدهم وتعاقدوا مع الحكومة المصرية مباشرة. وأصبحوا جميعًا يعملون فى مشروعات سرية حول القاهرة.
إنجل ثانى أهم عالم فى تصنيع الوقود الجاف للصواريخ والأقمار الصناعية. عمل فى باريس وحضر إلى القاهرة عام ١٩٥٢ ليعمل فى مشروع منفصل وكان يتطلع لتوظيف ٤٠ عالما معه وبنى مصنع للصواريخ بجوار مصر الجديدة ولكنه لم ينتج شيئًا ووصلوا فقط لمرحلة التصميمات. وكان هناك نقص شديد فى العملة الأجنبية وفى عام ١٩٥٤ وأثناء حضوره مؤتمر خبراء الصواريخ العالمى تعرف على الملحق الجوى الأمريكى فى مصر وعندما عاد إلى مصر أعطى الملحق الجوى الأمريكى كل تفاصيل البرنامج المصرى للصواريخ وطلب منه أن يجد له وظيفة هو واثنين من زملائه فى شركة طيران أمريكية.
وكان جميع الخبراء يعيشون فى كومباوند كان أصله مصنعا اسمه ٣٣٣ وقام الجاسوس الإسرائيلى بول فرانك بجولة فى كومباوند ٣٣٣ بصحبة انجل شخصيًا ثم جولة أخرى فى مصنع الصواريخ وتعرف على الدرجة التى وصلوا لها والخطوات التالية. وبول فرانك هو الجاسوس الذى نظم تفجيرات عملية سوزانا.
وتم نقل مصنع الصواريخ إلى حلوان واستطاعوا تصنيع طائرة نفاثة ولكن تطوير المشروع توقف. وفى ٢١ يوليو ١٩٦٢ وبمناسبة احتفالات عيد الثورة أقيم عرض عسكرى ظهر فيه الصاروخ القاهر والظافر أمام ٣٠٠ دبلوماسى، وقال ناصر إنه قادر على الوصول إلى إسرائيل بهذه الصواريخ، وفى هذه اللحظة بدأ الموساد خطة لتعطيل تقدم بناء الصواريخ وإحداث الرعب فى العلماء الألمان. ولكن تقرير المخابرات الأمريكية فى فبراير ١٩٦٣ أكد أن كلا الصاروخين كانا لقياس الظروف الجوية فقط والمصريون يحاولون تحويل الصاروخ القاهر إلى صاروخ أرض أرض وللآن لم يفلحوا، والظافر يعد نسخة من الصاروخ الفرنسى فيرونيك وكلاهما من تصميم العالم وولفجانج بيلز.
وأفاد التقرير أن السوفيت أعطوا مصر زوارق بها صواريخ قصيرة المدى.
وكان حضور العالم الكبير هانجر إلى مصر ومعه بيلز خطوة حقيقية لبدء برنامج الصواريخ المصرى واستطاعوا أن يحضروا عددًا من العلماء والفنيين الألمان ولكن المشروع تعثر لغياب المال وعدم وجود العمالة المدربة الكافية. وقام الموساد بإرهاب العلماء الألمان فى مصر بالخطابات والقنابل وكتابة قصص عنهم فى الصحف الألمانية. وصارت الحياة فى القاهرة شديدة الصعوبة لانها كانت تحت الحراسة المشددة عليهم وعلى العائلات وغادر د. أنجل رئيس المجموعة الألمانية مصر فى مايو ١٩٥٧.
فون ليرز
تم تعيينه فى وزارة الإعلام المصرية وكان مقربًا من كبار المسئولين وبالذات على صبرى وأنور السادات وكان مسئولًا هامًا عن التخطيط للدعاية السياسية المصرية ،وهو كان عضوًا فى حملة الدعاية النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد خطط لعمل فيلم مصرى يتحدث بأكثر من لغة عن العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ فضح فيه تآمر بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بفيلم مبهر أحرج بريطانيا.
ويقول المؤلف إنه كان له يد فى برنامج الدعاية الكبير فى الفترة الناصرية والكتاب يشير إلى جزء كبير من الدعاية المصرية والصورة العظيمة لناصر التى كانت من تخطيط آلة البروباجاندا التى قادها وخططها فون ليرز.
فون ليرز كان يدرس اللغة الألمانية فى جامعة القاهرة كغطاء لعمله الأساسى فى الدعاية وكان شخصية متفتحة يتحدث مع الجميع ويعيش فى فيلا فاخرة فى المعادى وتحول إلى الإسلام وكان يتصرف كشخص عنده حماية من الحكومة.
فون ليد خبير البروباجاندا
الحفاظ على أمن الألمان
قال عبد الناصر فى حوار صحفى مع الصحفى البريطانى الشهير دافيد كروسمان أنه ليس لديه نية لتحطيم إسرائيل وأن إلقاء اليهود فى البحر هى بروباجاندا لم نقلها. فى ديسمبر ١٩٥٣ تعرف جاسوس إسرائيلى سمى نفسه بول فرانك وأنه ألمانى على جميع الخبراء العسكريين الالمان كبارًا وصغارًا وعرف كل التفاصيل وعرف أيضًا تفاصيل وزارة الداخلية ومباحث أمن الدولة وكذلك تنظيم السجون السياسية بواسطة ألمانى أعلن إسلامه وأطلق على نفسه اسم على النشار.
عبد الناصر وخروتشوف
الأطباء
هناك مجموعة من الأطباء النازيين استطاعوا الهروب والحضور إلى مصر وأخذوا رخصة لممارسة مهنة الطب وفتحوا عيادات وبعضهم أعلن إسلامه ومنهم من مات ودفن فى مصر.
الفصول الثلاثة الأخيرة تحكى عن حياة الالمان فى مصر، حيث كانوا يعيشون فى مصر الجديدة أو المعادى وبعضهم كان عمله يحتم التعامل مع المصريين والبعض كان يختلطون فى أجواء ألمانية، وتمتع الألمان بجو مصر وقاموا برحلات لمشاهدة الآثار.
هذا الكتاب يمثل صفحة مجهولة من التاريخ المصرى فيها حقائق غريبة ويوضح أنه كان هناك ظرف عالمى أتيح فيه لبعض الدول استخدام العلماء والضباط الألمان فى رفع مستوى الجيوش وتصنيع الطائرات والصواريخ والمفرقعات بجودة عالية.
وقد حاولت مصر فى نهاية العهد الملكى وفى السنوات الأولى لثورة يوليو استغلال هذه الفرصة ولكن ضعف البنية التحتية وضعف الاقتصاد وجواسيس إسرائيل ومحاولات أمريكا وبريطانيا أحبطت المحاولات المصرية.
صورة جماعية للضباط الأحرار عام 1952