الكوليرا تعود للواجهة بعد سنوات طويلة.. مرض القرن التاسع عشر يهدد ملايين البشر اليوم

آخر تحديث: الأحد 26 أكتوبر 2025 - 5:24 م بتوقيت القاهرة

سلمي محمد مراد

بعد أكثر من قرن على اختفائها من الدول الغنية، تعود الكوليرا لتتصدّر المشهد الصحي العالمي من جديد، مسببة آلاف الوفيات وموجات تفشٍ متسارعة في مناطق مختلفة من العالم.

انتشار متصاعد وأرقام مقلقة

وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، تم تسجيل أكثر من 6800 حالة وفاة بالكوليرا حتى الآن خلال هذا العام في 32 دولة، وهو رقم يفوق إجمالي وفيات العام الماضي التي بلغت نحو 6000 حالة، بزيادة تقدّر بنحو 50% مقارنة بعام 2023.

وكان آخر تفشٍ واسع للمرض في بريطانيا عام 1866، وفي الولايات المتحدة عام 1911، لكن المرض ما زال اليوم يضرب بقوة في أفريقيا وآسيا وأجزاء من الشرق الأوسط.

أفريقيا تدفع الثمن الأكبر

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن أفريقيا هي الأكثر تضررًا، إذ تسهم الصراعات المسلحة والنزوح الجماعي وضعف البنية التحتية في تسريع انتشار العدوى وتعقيد جهود السيطرة عليها.

ويصف مسؤولو المنظمة الكوليرا بأنها مرض ناتج عن الحرمان، مشيرين إلى أن استمرار تفشيه لا يعود إلى نقص العلم أو الحلول، بل إلى ضعف الإرادة السياسية في توفير المياه النظيفة والصرف الصحي في المناطق الفقيرة.

تحالف دولي لمكافحة الوباء

منذ عام 1992، يقود تحالف عالمي يضم أكثر من 50 شريكًا تحت مظلة منظمة الصحة العالمية ما يُعرف بـ "فرقة العمل العالمية لمكافحة الكوليرا"، بهدف تنسيق جهود الكشف والوقاية والعلاج.

وفي أغسطس 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض في أفريقيا (CDC Africa) عن خطة قارية للاستجابة الطارئة، بعد تزايد أعداد الإصابات في القارة.

لقاح فعال لكن الإمدادات محدودة

وتوضح منظمة الصحة العالمية أن الكوليرا تنتقل عبر تناول طعام أو مياه ملوثة ببراز المصابين، وأن الحل الجذري هو توفير مياه آمنة وصرف صحي سليم.

ورغم وجود لقاحات فعالة منذ الثمانينيات، فإن الإنتاج العالمي منها محدود، إذ يوجد حاليًا مُصنّع واحد فقط هو شركة EUBiologics الكورية الجنوبية، بحسب تقارير التحالف الدولي لتنسيق اللقاحات (ICG).

كما أنشأت منظمة الصحة العالمية عام 2013 مخزونًا عالميًا للقاحات الكوليرا لضمان توزيعها السريع في حالات الطوارئ، ومنذ ذلك الحين، تم توزيع أكثر من 255 مليون جرعة على 34 دولة، 75% منها منذ عام 2021 فقط.

لكن بسبب الطلب المتزايد، قررت المنظمة في عام 2022 استخدام جرعة واحدة بدلًا من جرعتين لكل شخص، استنادًا إلى دراسات تشير إلى أن الجرعة الواحدة توفر حماية قصيرة الأمد لكنها تتيح تغطية أوسع.

مبادرات جديدة في أفريقيا

وبحسب وزارة الصحة في زامبيا، في خطوة لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وقّعت زامبيا في أكتوبر 2024 مذكرة تفاهم مع شركة جيجيا الصينية للتكنولوجيا الطبية لإنشاء أول منشأة محلية لإنتاج لقاح الكوليرا في العاصمة لوساكا.

وسيخضع اللقاح لتجارب سريرية وضوابط جودة صارمة قبل أن تعتمد منظمة الصحة العالمية استخدامه في حملات التطعيم الجماعية.

الحل الحقيقي ليس طبيًا

ويشدد خبراء منظمة الصحة العالمية على أن الكوليرا ليست تحديًا طبيًا بقدر ما هي قضية سياسية وإنمائية، فالأمراض مثل الزهايمر أو السرطان قد يصعب الوقاية منها كليًا، لكن الكوليرا يمكن إيقافها تمامًا إذا توفرت البنية التحتية الأساسية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved