الخرطوم.. عاصمة السودان التي صنعتها الجيوش وانتفضت ضد الاحتلال
آخر تحديث: الخميس 27 مارس 2025 - 10:26 ص بتوقيت القاهرة
أدهم السيد
تصدر اسم مدينة الخرطوم عناوين الأخبار بعد استعادة الجيش الحكومي السيطرة عليها وطرد المتمردين، عقب شهور طويلة من الدمار الذي عاشته المدينة العريقة، التي شهدت عبر تاريخها العديد من الأحداث والتضحيات للحفاظ على الأرض والاستقلال.
وتستعرض "الشروق" أهم المحطات التاريخية لمدينة الخرطوم، وذلك استنادًا إلى كتابي "تاريخ الخرطوم" و"أسماء الأماكن بالعالم"، بالإضافة إلى موقع دائرة المعارف البريطانية.
أسسها جيش محمد علي
كانت الخرطوم في الأصل أرضًا زراعية يسكنها بعض الصيادين والمزارعين من قبيلة محس النوبية، ولم تكن مدينة عامرة رغم قربها من سوبا عاصمة مملكة علوة، وكذلك مدينة سنار التي حكمتها المملكة الزرقاء للصوفيين القادريين.
لكن أثناء حملة جيش محمد علي بقيادة ابنه إسماعيل كامل باشا، أقام الجيش في ود مدني بالقرب من الخرطوم، إلا أن قسوة المناخ دفعتهم للانتقال إلى منطقة الخرطوم، بناءً على اقتراح عثمان جركس البرنجي، الذي أنشأ قلعة وحصنين، اعتبرا النواة الأولى لقيام المدينة.
الموقع الاستراتيجي وراء اسم الخرطوم
تمتعت الخرطوم بموقع استراتيجي مهم، اكتشفه عثمان باشا البرنجي عندما اختارها عاصمة جديدة للسودان عام 1824، نظرًا لوقوعها بين النيل الأزرق شرقًا والنيل الأبيض غربًا، بالإضافة إلى السهول الممتدة جنوبها، والتي أتاحت لها المزيد من التوسع.
أما عن اسم الخرطوم، فتشير الترجيحات إلى أن شكله يشبه خرطوم الفيل بسبب مرور المدينة بين نهري النيل الأزرق والأبيض، بينما يرى آخرون أن الاسم مشتق من نبات القرطوم، الذي كان يُستخدم في صناعة زيت إضاءة المصابيح، الذي شاع استعماله في مصر.
نهضة الخرطوم
شهدت الخرطوم تطورًا ملحوظًا في عهد أبناء محمد علي باشا، حيث تم تأسيس مدرسة الخرطوم، وحي الحكمدارية، الذي ضم المباني الحكومية، بالإضافة إلى مصنعين للبارود والورق.
وكان خورشيد باشا من أكثر الولاة اهتمامًا بتطوير المدينة، حيث ارتفع عدد سكانها في عهده إلى 60 ألف نسمة، شملوا سودانيين ومصريين وأتراكًا ويونانيين.
الثورة المهدية وغياب شمس الخرطوم
عاشت الخرطوم نصف قرن من الازدهار، باعتبارها العاصمة الرسمية للسودان، ومركزًا تجاريًا نشطًا بين إفريقيا والشرق الأوسط، لكن في 1885، زحفت قوات الثورة المهدية نحو المدينة، رافضة الحكم العثماني.
وبعد حصار طويل، دخل الثوار المدينة، ووقعت مذبحة كبيرة بين سكانها، أعقبها هدم واسع للمباني، وتم نقل لقب العاصمة إلى مدينة أم درمان، التي ظلت كذلك لمدة 14 عامًا، حتى هزيمة الثورة المهدية في 1898 بمعركة كرري، لتعود الخرطوم مرة أخرى عاصمةً للسودان، ويتم إعادة إعمارها.
الخرطوم تنتفض ضد الإنجليز
في 1924، أدى اغتيال الحاكم البريطاني السير لي ستاك في القاهرة إلى صدور قرار بريطاني بترحيل الجيش المصري من السودان، وهو ما قوبل برفض شعبي واسع، حيث خرج السودانيون في مظاهرات حاشدة عُرفت بـثورة 1924، بقيادة جمعية اللواء الأبيض.
لكن القوات البريطانية قمعت المظاهرات، ليدخل السودانيون مرحلة المقاومة المسلحة، بقيادة الملازم عبد الفضيل ألماظ، قائد الوحدة 11 بقوات دفاع السودان، الذي خاض معركة عنيفة يوم 28 نوفمبر 1924، انتهت بسيطرة القوات البريطانية.
دور الخرطوم بعد الاستقلال
بعد استقلال السودان عام 1955، لعبت الخرطوم دورًا سياسيًا بارزًا، حيث استضافت العديد من المؤتمرات السياسية والتنموية والرياضية، التي جمعت الدول العربية والإفريقية، وساهمت في تشكيل اتحادات وتحالفات عززت مكانة السودان في المنطقة.