سوق العقارات المصرية.. طفرة مبيعات مؤقتة واستعداد لمرحلة النمو الطبيعي
آخر تحديث: السبت 27 سبتمبر 2025 - 6:49 م بتوقيت القاهرة
عفاف عمار:
• قطاع الضيافة يقود أرباح المطورين مع انحسار موجة التحوط ضد الجنيه
يسير القطاع العقارى المصرى حسب تقرير حديث لشركة «سى آى كابيتال» نحو مرحلة من التهدئة بعد طفرة استثنائية فى المبيعات على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
أشار التقرير إلى أن مرحلة التهدئة المتوقعة فى المبيعات لا تعنى تراجع فرص النمو فى القطاع، بل تعكس انتقال السوق إلى دورة أكثر استدامة تعتمد على جودة المشروعات وقوة الملاءة المالية للشركات.
ومع استمرار الطلب الحقيقى فى المدن الجديدة، وتوسع المطورين إقليميًا، وتحسن العوائد الفندقية، يبقى القطاع العقارى المصرى مرشحًا للحفاظ على جاذبيته كمخزن آمن للقيمة واستثمار طويل الأجل، وإن كان بنسب نمو أكثر توازنًا عن السنوات الثلاث الماضية.
قفزة فى المبيعات
خلال النصف الأول من 2025، قفزت المبيعات المتعاقد عليها بنحو 80% على أساس سنوى، بدعم رئيسى من مشروعات الساحل الشمالى التى واصلت قيادة الطلب، لا سيما لدى مجموعة طلعت مصطفى التى استحوذ الساحل على 85% من مبيعاتها، بينما حققت «بالم هيلز» نموًا لافتًا مستفيدة من خطط سداد مرنة وحملات تسويقية قوية. كما استعادت «أوراسكوم للتنمية» جزءًا من نشاطها بعد مستويات ضعيفة فى الربع الأول.
لكن التقرير يتوقع أن تكون هذه القفزة مرحلية، إذ تبدأ دوافع التحوط من تراجع الجنيه فى الانحسار، لتعود المبيعات تدريجيًا إلى معدلات أكثر استقرارًا خلال 2026.
الفنادق.. المحرك الأقوى للأرباح
فى الوقت الذى قد تشهد فيه مبيعات الوحدات السكنية تراجعًا نسبيًا، يبرز قطاع الضيافة كرافعة أساسية لأرباح المطورين.
فقد سجلت فنادق «أوراسكوم للتنمية» فى الجونة ارتفاعًا فى معدلات الإشغال إلى 76% فى الربع الثانى مقابل 72% فى الربع الأول، وقفز متوسط العائد اليومى إلى نحو 6.2 ألف جنيه بزيادة سنوية تجاوزت 30%.
وحققت فنادق «طلعت مصطفى» نموًا مماثلًا، حيث ارتفعت إيرادات الضيافة بنسبة أكثر من 30% على أساس سنوى، مدفوعة بتوسع محفظة الفنادق وأعمال التجديد التى تشمل سبعة فنادق جديدة من المقرر اكتمالها بحلول 2026، بينها فنادق فورسيزونز الأقصر ومرسى علم ومدينتى.
التقرير توقع استمرار التحسن فى مؤشرات الأداء الفندقى بفضل الإدارة الاحترافية للعوائد وتحديث المرافق، وهو ما يوفر دخلًا متكررًا بالعملات الأجنبية يقلل من أثر تقلبات السوق المحلية.
ضغوط حكومية ورسوم جديدة
فى المقابل، تواجه الشركات تحديات تنظيمية جديدة مع تشدد الدولة فى إدارة مشروعات الساحل الشمالى.
أصدرت هيئة المجتمعات العمرانية إطارًا تنظيميًا يلزم المطورين الأجانب بسداد 20 دولارًا للمتر المربع مقابل الأراضى المخصصة للسياحة، على أن توجه حصيلة الرسوم لصندوق «تحيا مصر»، بينما تُفرض رسوم قدرها 1000 جنيه للمتر على المطورين المحليين.
وتتضمن القواعد الجديدة سداد 20% من الرسوم مقدمًا، مع تقسيط الباقى على خمس سنوات بسعر الإقراض بالبنك المركزى، إلى جانب إمكانية فرض غرامات أو سحب الأراضى فى حال التأخر عن نسب التنفيذ المحددة.
كما علقت الهيئة بيع الأراضى غرب رأس الحكمة لحين مراجعة الأسعار بعد تطوير شبكة الطرق فى المنطقة، وجرى إنهاء اتفاقات مع 50 مطورًا خالفوا شروط نقل ملكية الأراضى.
توسع إقليمى ودخل دولارى
أمام هذه التحديات الداخلية، تتحرك الشركات الكبرى لتعزيز التوسع الخارجى وتأمين تدفقات نقدية بالعملات الصعبة.
«طلعت مصطفى» تتبنى استراتيجية توسع فى السعودية والعراق وعُمان، إلى جانب تعزيز استثماراتها الفندقية عبر الاستحواذ على سلسلة فنادق «Legacy»، وتشير التقديرات إلى أن المبيعات الدولية قد تمثل نحو 27% من إجمالى مبيعات المجموعة بحلول 2026 مقابل 15% فقط فى 2025.
«إعمار مصر» تدرس إطلاق مشروع جديد فى السعودية خلال الفترة من الربع الرابع 2025 إلى الربع الأول 2026، مع خطط لإعلان توسعات إضافية فى دولة أو اثنتين.
«بالم هيلز» دخلت السوق الإماراتية عبر تطوير قطعة أرض مساحتها 1.87 مليون متر مربع فى أبوظبى.
«أوراسكوم للتنمية» تواصل استهداف المشترين الدوليين عبر جولات ترويجية فى بريطانيا والولايات المتحدة، لترتفع مساهمة العملاء الأجانب إلى 46% من إجمالى مبيعات النصف الأول مقابل 41% فى 2024.
فرص استثمارية وتقييمات
رغم التحديات، يرى التقرير أن السوق لا تزال تحمل فرصًا جاذبة، خصوصًا مع توجه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة.
فكل خفض بمقدار 100 نقطة أساس قد يخفض مصروفات الفائدة بنسبة 7% لشركة طلعت مصطفى و6% لأوراسكوم و5% لبالم هيلز و4% لإعمار ومصر الجديدة، ما يمنح الشركات مساحة أكبر للتوسع وإطلاق مشروعات جديدة.
ويرجح المحللون أسهم طلعت مصطفى بفضل استراتيجيتها التوسعية وعوائدها الدولارية، بينما يحظى سهم أوراسكوم للتنمية بتوصية إيجابية مع تداوله بخصم يقارب 20% عن أقرانه على أساس قيمة المنشآت للمتر المربع، إضافة إلى قدرتها على تسريع تسييل الأصول من خلال مبيعات الأراضى.
أما مصر الجديدة فتظل خيارًا مفضلًا للمستثمرين الباحثين عن توزيعات نقدية مرتفعة، إذ بلغ عائد التوزيع فى 2024 نحو 14%، مع خطط للحفاظ على نفس المستوى خلال السنوات المقبلة بدعم من اتفاقيات مشاركة الإيرادات التى توفر حدًا أدنى مضمونًا.