فريق خبراء الأمم المتحدة يقدم 11 مقترحا لعلاج أزمة الدين العالمي وعدم تكرارها مستقبلا
آخر تحديث: السبت 28 يونيو 2025 - 1:09 م بتوقيت القاهرة
محيي الدين: أزمة الديون لا يمكن أن تستمر كأزمة صامتة
أصدرت مجموعة الخبراء المعنية بالديون، التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في ديسمبر الماضي ويرأسها محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، تقريرها الشامل الذي يتضمن ١١ مقترحًا عمليًا ومبتكرًا لمعالجة أزمة الديون المتفاقمة في بلدان الجنوب العالمي ومنع تكرارها، قبيل انطلاق مؤتمر التمويل من أجل التنمية التنمية الرابع (FfD4) المقرر انعقاده بمدينة إشبيلية الإسبانية في 30 يونيو الحالي.
وقال محيي الدين، إن إصدار هذا التقرير الذي تعاون فيه فريق الخبراء مع كبار الاقتصاديين والخبراء وصناع السياسات والمشرعين، يأتي في وقت حرج ليعلن أن أزمة الديون لا يمكن أن تستمر كأزمة صامتة، وينبغي على جميع المعنيين العمل على حلها؛ كي لا تتسبب في المزيد من إعاقة التعليم والصحة والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلدان المختلفة التي تعاني منها.
وأوضح محيي الدين، أن الفريق استمع لكل الاقتراحات، واختبرها من حيث جدواها العملية مع الاهتمام بالاعتبارات السياسية التنفيذية، بحيث يمكنه في النهاية الخروج بمقترحات عادلة قابلة للتفعيل الفوري من جميع الأطراف المعنية.
وأضاف أن المقترحات استهدفت ليس فقط تخفيف أعباء الديون الحالية، وإيجاد حلول فورية لها، بل وضع آليات تمنع تكرار أزمة الديون مستقبلًا.
أفاد بأن التقرير الذي جرى إعداده بدعم من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة والمفوضيات الاقتصادية الإقليمية للأمم المتحدة وإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية كأمانة فنية مشتركة، يقدم حلول براجماتية وعملية لمؤتمر إشبيلية لتمويل التنمية الذي يعقد يوم ٣٠ يونيو حتى ٣ يوليو.
وتعتبر هذه المقترحات تنفيذية مكملة "لتعهدات إشبيلية" الصادرة عن المؤتمر، وتهدف إلى كسر حلقة ضائقة الديون ووضع الأساس لتمويل طويل الأجل وميسور التكلفة لتحقيق التنمية المستدامة.
وقال محيي الدين، إن المقترحات الـ11 تركزت حول 3 محاور عمل رئيسية، أولها هو إصلاح نظام التمويل متعدد الأطراف، ويهدف هذا المحور إلى معالجة الاختلالات الهيكلية في هيكل التمويل والديون العالمية ويتطلب تعاونًا واسع النطاق على المستوى العالمي.
وتشمل المقترحات في هذا المجال:
1. إعادة توجيه وتجديد موارد الصناديق القائمة ببنوك التنمية متعددة الأطراف وصندوق النقد الدولي؛ لتعزيز السيولة وتبني سياسات لتمديد آجال الاستحقاق، وتمويل عمليات إعادة شراء القروض، وتخفيض خدمة الدين أثناء الأزمات.
2. تطبيق وقف خدمة الديون خلال الأزمات، بما في ذلك الكوارث المتعلقة بالمناخ أو الصدمات الخارجية الأخرى.
3. إصلاح الإطار المشترك لمجموعة العشرين ليشمل جميع البلدان متوسطة الدخل، وتطبيق الوقف التلقائي لخدمة الديون خلال المفاوضات، وتوسيع نطاق المفاوضات المتوازية مع لجان الدائنين، وتقصير الأطر الزمنية لاستكمال عملية إعادة الهيكلة.
4. إصلاح تحليلات القدرة على تحمل الديون (DSA) لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتعكس بشكل أفضل وضع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والتمييز بين قضايا السيولة والملاءة المالية، والأخذ في الاعتبار جميع أشكال الديون الخارجية والمحلية.
5. إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة (SDRs) من خلال صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف حيثما كان ذلك ممكنًا قانونًا؛ لزيادة رؤوس أموال بنوك التنمية وتوفير تمويل ميسور التكلفة.
وأشار محيي الدين، إلى أن ثاني محاور العمل الرئيسية هو تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، ويركز هذا المحور على السياسات والاستراتيجيات التي تعتمد على التنسيق بين مجموعة أصغر من البلدان، مثل تحالفات المقترضين أو برامج المساعدة الفنية وبناء القدرات، وتشمل المقترحات التي تندرج تحت هذا المحور
6. إنشاء مركز مشترك للمعلومات لتقديم المساعدة الفنية والإرشادات بشأن الأدوات المالية المبتكرة، بما في ذلك مبادلات الديون مقابل التنمية.
7. إنشاء منتدى أو تجمع للدول المقترضة لتبادل المعرفة والخبرات، وتقديم المشورة، وتعزيز فعالية تمثيلهم وصوتهم في المحافل الدولية.
8. توسيع نطاق المساعدة الفنية وتنمية القدرات لمكاتب إدارة الديون والوزارات والبنوك المركزية والجهات المعنية لتعزيز قدرة الدول على إدارة الديون بطريقة مستدامة وشفافة.
وأوضح محيي الدين، أن ثالث محاور العمل الرئيسية يتعلق بتشجيع الدول المقترضة على اعتماد سياسات وإصلاحات وطنية، وتهدف هذه التدابير إلى تعزيز المرونة الاقتصادية لدى الدول المقترضة، وتحسين إدارتها للديون، وتهيئة الظروف لديها لتمويل أكثر استدامة.
ويشمل هذا المحور مقترحات
9. تعزيز القدرات المؤسسية لمعالجة مخاطر السيولة، واختلالات العملات، والتعرض لأسعار الفائدة، وتحسين إدارة الديون.
10. تحسين جودة مجموعة مشروعات التنمية القابلة للاستثمار والتمويل ومنصات البلدان الوطنية لجذب تمويل جديد بشروط أفضل.
11. تخفيض تكاليف المعاملات وزيادة تأثير مبادلات الديون والأدوات المالية المبتكرة الأخرى من خلال التوسع والدمج والمواءمة مع استراتيجيات التنمية الوطنية.
وأكد محيي الدين، أن هذه المقترحات إذا تم تصميمها وتنفيذها بفعالية، فإنها توفر مسارًا واقعيًا وقابلًا للتطوير نحو تقدم ملموس للخروج من مأزق الديون، ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة، موضحًا أن المقترحات تمثل إطارًا عامًا لحل الأزمة لكن يبقى النظر في كيفية التعامل مع كل حالة من حالات الدول المدينة على حدة ضروريًا.
وقال إنه بالرغم من أن هذه المقترحات تمثل استجابة متعددة المستويات لأزمة الديون والتنمية، مشددًا على ضرورة وجود الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف المعنية لحل الأزمة، مع الإدراك التام بأنه لا يمكن لطرف واحد حل الأزمة بمفرده، وأن التقدم الهادف في هذا الإطار يتطلب عملًا وتعاونًا على جميع المستويات الدولي منها والإقليمي والوطني على حد سواء.